قطفات من حياة فاطمة بنت محمد رسول الله ص أغفلها التاريخ في الخلافة :
1 ـ فمن خطبة لها حينما عدنها نساء المهاجرين والانصار ، قالت : ويحهم أنَّى زحزحوها ـ أي الخلافة ـ عن رواسي الرسالة ؟! وقواعد النبوّة ، ومهبط الروح الامين ، الطبن بأمور الدنيا والدين ، ألا ذلك الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن ؟ نقموا والله نكير سيفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله ، وتالله لو تكافأوا على زمام نبذه إليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لاعتقله وسار بهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشه ، ولا يتتعتع راكبه ، ولاوردهم منهلاً رويّا فضفاضا تطفح ضفتاه ، ولا يترنم جانباه ، ولاصدرهم بطانة ونصح لهم سرا وإعلانا ، غير متحلّ منهم بطائل إلاّ بغمر الناهل ، وردعة سورة الساغب ، ولفُتحت عليهم بركات من السماء والارض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون ، ألا هلمّ واستمع وما عشت أراك الدهرُ عجبا ، وإن تعجب ، فقد أعجبك الحادث ، إلى أي لجأ لجأوا ؟ وبأي عروة تمسكوا ، لبئس المولى ولبئس العشير ، بئس للظالمين بدلاً ، استبدلوا والله الذنابا بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، ويحهم ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يُتبَع أمن لا يَهدّي إلا أن يُهدى فما لكم كيف تحكمُـونَ ) (1)... إلى آخر الخطبة (2).
2 ـ ومن خطبة لها ـ عليها السلام ـ لما منعوها فدكاً قالت :
فلما اختار الله لنبيّه دار أنبيائه ، ومأوى أصفيائه ، ظهر فيكم حسكة النّفاق ، وسمُل جلباب الدين ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الاقلين ، وهدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفا بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللعزة فيه ملاحظين ، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا ، وأحمشكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير مشربكم ، هذا والعهد قريب والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، والرسول لمّا يقبر ، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة (3) ( ألا في الفتنة سقطوا وإنَّ جهنم لمحيطة بالكافرين ) (4) فهيهات منكم ، وكيف بكم ، وأنى تؤفكون ! وكتاب الله بين أظهركم ، أموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، وقد خلّفتموه وراء ظهوركم أرغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون ؟ بئس للظالمين بدلاً ، ( ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخـرة مـن الخاسرين ) (5)... إلى آخر الخطبة (6).
هوامش
--------------------------------------
(1) سورة يونس : الاية 35.
(2) راجع : بلاغات النساء لابن أبي طيفور المتوفى سنة 280 هـ ص12 ـ 19 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16 ص233 ـ 234 ، أعلام النساء لعمر رضا كحالة ج3 ص208 ـ ، الاحتجاج للطبرسي ج1 ص108 ـ 109.
(3) اشارة الى قول أبي بكر ـ وذلك لمّا بويع ـ قال له أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : أفسدت علينا أمورنا ، ولم تستشر ، ولم ترع لنا حقاً ، فقال أبو بكر : بلى ، ولكني خشيت الفتنة. انظر : مروج الذهب للمسعودي ج2 ص307.
(4) سورة التوبة : الاية 49.
(5) سورة آل عمران : الاية 85.
(6) راجع : الاحتجاج للطبرسي ج1 ص101 ، بلاغات النساء لابن أبي طيفور ص19 ـ 20 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16 ص251 بتفاوت ، أعلام النساء لكحالة ج3 ص219.
تحياتي الزلزال