اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدليل من الكتاب و السنة على شفاعة اهل البيت
وبعد، أن القول بالشفاعة لم يختص بالشيعة وحدهم بل اشترك في ذلك جميع المسلمين
، ودليل ذلك القرآن الكريم والسنة الشريفة .
أما من
القرآن الكريم فقوله تعالى : ولا يشفعون إلاّ لمن ارتضى . الأنبياء :28.
وقوله تعالى : (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا) . الأعراف : 53.
وقوله تعالى : (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) . المدثر : 48.
وقوله تعالى : (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) . غافر : 18 .
إلى غيرها من الآيات الكريمة التي تؤكد شفاعة المقربين عند الله تعالى
ومن يرتضيهم من شفعاء .
أما السنة
وقد ذكر الشيخ محمّد بن عبد الوهاب نفسه في كتاب (كشف الشبهات):
(أن
الشفاعة أُعطيها غير النبي (صلى الله عليه وآله)
.فصح أن الملائكة يشفعون،
والأفراط يشفعون،
الأفراط: المتقدّمون إلى الشفاعة، راجع لسان العرب مادة فرط.
والأولياء يشفعون)
راجع كشف الشبهات: 70
استناداً إلى أحاديث أوردها
البخاري في صحيحه
ومسلم في صحيحه أيضاً، وأحمد في مسنده بهذا المعنى كما
يلي:
(... فاقرأُوا إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنةً يضاعفها
فيشفع النبيّون والملائكة والمؤمنون..
صحيح البخاري: 9/798 ـ 800، كتاب التوحيد، باب وجوه يومئذ ناظرة، ح 2239، ط دار القلم.
عن أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال:
(قد أعطى كل نبيّ
عطية، فكل قد تعجلها، وإني أخّرت عطيتي شفاعة لأُمّتي،
وإن الرجل من
أُمّتي ليشفع لفئام من الناس فيدخلون الجنة،
وإن الرجل ليشفع لقبيلة، وإن
الرجل ليشفع للعصبة، وإن الرجل ليشفع للثلاثة، وللرجلين، وللرجل)).
مسند أحمد بن حنبل: 3/397، مسند أبي سعيد الخدري، ح 10764
وكان
أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرأُوا إن شئتم:
(إنّ
الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً)،
فيقول الله عزّ وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون...)(21).
صحيح مسلم: 1/116، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، ذيل الحديث.
ورأي جمهور المسلمين أن الشفاعة لأهل المعصية من المسلمين، دون الكفار
والمشركين
لقوله (صلى الله عليه وآله): (ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من
أُمتي)).
مجمع البيان: 1 / 104
فلا يصح قول البعض بان الشفاعه للمؤمنين لاتجوز
بل هي لاتجوز على الكفار والمشركين
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة إن النبي "صلى الله عليه وآله
وسلّم" قال :
تعلموا أن الله يشفّع المؤمنين يوم القيامة بعضهم في بعض .
راجع الدر المنثور للسيوطي .
قد اتضح مما تقدم أن الله هو الذي جعل الشفاعة وأذن بها لمن شاء.
فالشفاعة
ليست مبادرة يقوم بها الشفيع بنحو مستقل عن الإرادة الإلهية ،
وإنّما هي
باب فتحه الله وحدد شروطه وأشخاصه ليفيض رحمته على عباده عبر الشفعاء،
فشفقة الشفعاء شعاع مستعار من تلك الشمس.
إنّ الشفاعة رحمة يفيضها الله على عباده عبر وسائط يختارها
ويعيّنها سبحانه
وتعالى لأهل التوحيد
، كما نصّ على ذلك كتاب الله تعالى ونصوص السنّة
النبوية الشريفة.
وليس فيها شيء من الشرك،
بل هي شاهد آخر على إرادة
الله المطلقة وقدرته الفائقة ورحمته الواسعة
ولطفه العميم الذي جعله لمن
كان قابلاً لذلك
وقال النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" :
إن في أمتي رجلاً ليدخلن الله
الجنة بشفاعته أكثر من بني تميم .
راجع الدر المنثور للسيوطي في تفسير
الآية .
والشيعة الإمامية تروي هذا الحديث كذلك في علي بن أبي طالب "عليه السلام"
حيث بشفاعته يدخل أكثر من بني تميم بل مثل ربيعة ومضر .
كيف لا وقد روى
السيوطي أيضاً أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته .
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن مسعود قال
: يعذب الله قوماً من أهل الإيمان
ثم يخرجهم بشفاعة محمّد "صلى الله عليه وآله وسلّم"
حتى لا يبقى إلاّ من
ذكر الله " ما سللكم في سقر" إلى قوله " شفاعة الشافعين " .
وروى البيهقي في الاعتقاد عن أنس بن مالك قال
قال رسول الله "صلى الله عليه
وآله وسلّم"
: أنا أول شفيعٍ يوم القيامة ، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم
القيامة ،
أن من الأنبياء لمن يأتي يوم القيامة ما معه مصدق غير واحد .
وروى عن جابر بن عبد الله أن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" :
قال : أنا
قائد المرسلين ولا فخر وأنا خاتم النبيين ولا فخر
وأنا أول شافع ومشفع ولا
فخر .
راجع هذه الأحاديث كتاب الاعتقاد على مذهب السلف أهل السنة والجماعة
للبيهقي ص 105 وما بعدها.
هذه هي الآيات والروايات الشريفة التي تثبت شفاعة أهل البيت
، فالآيات
القرآنية تؤكد أصل وجود الشفاعة ، وهي خاصة بمن ارتضاهم الله
وفضّلهم
وأكرمهم ، ومنها فقد أمكننا إثبات أصل الشفاعة .
أما الروايات الشريفة فتؤكد أن الله يشفّع للنبي "صلى الله عليه وآله
وسلّم"
ولجميع المؤمنين وللشهداء أيضاً ، كما إنها أكدت أن رجلاً في أمة
محمّد
"صلى الله عليه وآله وسلّم" يشفع لمثل ربيعة ومضر أو أكثر من بني
تميم
والشيعة تروي أن هذا الرجل الذي يشفع لمثل ربيعة ومضر
هو علي بن أبي
طالب "عليه السلام"
، وقد روى ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 127 ط ـ مكتبة
القاهرة
: ما رواه السماك أن أبا بكر قال : سمعت رسول الله "صلى الله عليه
وآله وسلّم" يقول
: لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب له علي الجواز .
وإذا ضمننا إلى هذا الحديث أحاديث أن المؤمن يشفع لسبعين مؤمناً
وأن الشهيد
يشفع كذلك للمؤمنين ،
فان علي "عليه السلام" وأولاده يشفعون بما شاء الله
فانهم شهداء فضلاً عن كونهم أفضل المؤمنين وعليٌ أمير المؤمنين
، هذا إذا
أردنا الاستدلال بروايات أهل السنة على شفاعة أهل البيت "عليه السلام" ،
أما روايات الشيعة فهي أكثر من أن تحصى تؤكد نفس المعنى تماماً .
فلا شفاعة لاحد الا بإذن الله ..
فالشفاعة العظمى هي للنبي صلى الله عليه واله وسلم ..
وهناك شفاعات أخرى لغير النبي صلى الله عليه واله وسلم
مثل شفاعة الملائكة والشهداء والاطفال الرضع لآباءهم وشفاعة اويس القرني ...... الخ ،
وغيرهم ممن علمناهم وممن لم نعلمهم ..
ويوضح ذلك قوله تعالى : ( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) ..
ـ الشهداء بالحق: قال تعالى: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة
إلا من شهد بالحق وهم يعلمون)(13).
الزخرف 86
والشهداء بالحق هم طائفة من المؤمنين لابد وأن يكونوا أقلّ منزلة من
الأنبياء،
وأعلى درجة من سائر أفراد الأُمة،
ولاشك أنّ أهل البيت (عليهم
السلام) يأتون في طليعة هؤلاء
بوصفهم أبرز مصداق لمن شهد بالحق وعمل به
وجاهد من أجله،
فضلاً عن كونهم ممّن نصّ القرآن الكريم على عصمتهم(14).
إذا طالعنا الأحاديث النبوية الشريفة وجدنا فيها تفسير ذلك:
قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (يشفع يوم القيامة الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء)
- سنن ابن ماجة: 2 / 3 144 / 4313
وقال(صلى الله عليه وآله):
(الشفعاء خمسة: القرآن، والرحم، والأمانة، ونبيّكم وأهل بيته(عليهم السلام))(16)
كنز العمال: 1 / 390.
أسألكم الدعاء لي ولوالدي
تحيتي لكم