منتديات أحلى السلوات
سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 065sv9
اهلا اهلا اهلا زوارنا الكرام ssaaxcf
مرحبا بكم في منتداكم وبيتكم الثاني zzaswqer
نتشرف بتسجيلكم معناvvgtfryujk vvgtfryujk vvgtfryujk
أخوانكم ادارة المنتدى mil
منتديات أحلى السلوات
سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 065sv9
اهلا اهلا اهلا زوارنا الكرام ssaaxcf
مرحبا بكم في منتداكم وبيتكم الثاني zzaswqer
نتشرف بتسجيلكم معناvvgtfryujk vvgtfryujk vvgtfryujk
أخوانكم ادارة المنتدى mil
منتديات أحلى السلوات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أحلى السلوات


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نرحب بكم جميعا واهلا وسهلا بالاعضاء الجدد نتمنى لكم طيب الاقامه
نرحب بالاخت العزيزة (لمياء ) من دولة مصر ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معنا اختي الغالية ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز (ابو مصطفى) من العراق ونتمنى له اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بتواجدك معنا سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت الغالية ( ابتسام) من العراق ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( الدمعة الحزين ) من السعودية ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معناسيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة (طیبه) من ايران ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معناسيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز (شيخ الوادي ) من العراق ونتمنى له طيب الاقامة معنا ... سعداء بتواجدك معناسيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة (نور كربلاء) من السعودية  ونتمنى لها اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك  يا غالية سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798          ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( وديان) من فلسطين المحتلة ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... نور المنتدى بيك ياغالية سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز ( الخيانة صعبة) من مصر ونتمنى له اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك ياغالي سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة  (رحيق الورد) من دولة العراق ونتمنى لها اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك ياغالية سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798          ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة (منة الله على) من دولة مصر ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معناسيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز ( علاء المياحي ) من العراق ونتمنى له اقامة طيبة معنا ... المنتدى نور بوجودك سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( هدوره العراقيه) من العراق ونتمنى لها اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك يا غالية سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( ساره رضا) من دولة مصر ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معناسيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( حبي لاهل البيت لا ينتهي ) من العراق ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معناسيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز ( أبو وسام ) من دولة العراق ونتمنى له اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك يا غالي سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( هند السعيد) من مصر ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... نور المنتدى بيك سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز ( احمد طه) من مصر ونتمنى له اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة (عاشقه الليل )من الامارات العربية ونتمنى لها اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 103798 ادارة المنتدى

 

 سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 15:59

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام


ولادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)

اسمه ونسبه (عليه السلام):

الإمام جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

كنيته (عليه السلام):

أبو عبد الله، أبو إسماعيل، أبو موسى، والأُولى أشهرها.

ألقابه (عليه السلام):

الصادق، الصابر، الطاهر، الفاضل، الكامل، الكافل، المنجي، و...، وأشهرها الصادق.

لقبه (عليه السلام) بالصادق:

لقد جاء لقب الإمام (عليه السلام) بالصادق من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حيث قال: (يخرج الله من صُلبه ـ أي صُلب محمّد الباقر ـ كلمة الحق، ولسان الصدق)، فقال له ابن مسعود: فما اسمه يا رسول الله؟

قال: (يقال له: جعفر، صادق في قوله وفعله، الطاعن عليه كالطاعن عليّ، والرادّ عليه كالرادّ عليَّ ...) (1).

تاريخ ولادته (عليه السلام) ومكانها:

17 ربيع الأوّل 83 هـ، المدينة المنوّرة / الأبواء.

أُمُّه (عليه السلام) وزوجته:

أُمّه: السيّدة أُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، وزوجته: السيّدة حميدة البربرية أُم الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، وهي جارية، وله زوجات أخرى.

مدّة عمره (عليه السلام) وإمامته:

عمره: 65 سنة، وإمامته: 34 سنة.

المراسيم الشرعية:

لقد استقبل الإمام علي زين العابدين (عليه السلام) حفيده بحفاوة، قبّله وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية، من أذان في أُذنه اليمنى، ومن إقامة في أُذنه اليسرى، وغير ذلك.

رواياته (عليه السلام):

وردت عن الإمام الصادق (عليه السلام) روايات كثيرة جدّاً، وفي مختلف العلوم والمعارف، فقد روي أنّ الناس نقلوا عنه (عليه السلام) من العلوم ما لم ينقل عن أحدٍ من أهل بيته (عليهم السلام)، فقد عدّ علماء علم الرجال أسماء الراوين عنه (عليه السلام) من الثقات، فكانوا أربعة آلاف راوي (2).

فقد روى عنه راوٍ واحد ـ وهو أبان بن تغلب ـ ثلاثين ألف حديث (3).

قال الحسن بن علي الوشّاء من أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام): (أدركت في هذا المسجد ـ يعني مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ، كلّ يقول: حدّثني جعفر بن محمّد (عليه السلام)) (4).

والسبب في أخذ حديث الإمام الصادق (عليه السلام) هو لأنّ حديثه حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما قال: (حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحديث رسول الله قول الله عزّ وجل) (5).

أقوال العلماء فيه: نذكر منهم ما يلي:

1ـ قال الشيخ المفيد (قدس سره): (ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتَشَر ذِكرُه في البُلدان، ولم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء ما نقل عنه) (6).

2ـ قال الشيخ محمَّد بن طلحة الشافعي (ت 652 هـ): (هو من عُظماء أهل البيت، ذو علوم جَمَّة، وعبادة موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بيِّنة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن الكريم، ويستخرج من بحره جواهره، ويستنتج عجائبه ...) (7).

3ـ قال مالك بن أنس إمام المالكية: (وما رأتْ عَينٌ، ولا سمعت أذنٌ، ولا خَطَر على قلب بشرٍ، أفضل من جعفر بن محمّد الصادق، علماً، وعِبادة، وَوَرَعاً) (Cool.

وفي عبارة أخرى قال: (ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمّد فضلاً وعلماً وورعاً، وكان لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إمّا صائماً، وأمّا قائماً، وإمّا ذاكراً، وكان من عظماء البلاد، وأكابر الزهّاد الذين يخشون ربّهم، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد) (9).

4ـ قال ابن الصبّاغ المالكي: (كان جعفر الصادق (عليه السلام) من بين أخوته خليفةَ أبيه، ووصيَّه، والقائمَ بالإمامة بعده، برز على جماعة بالفضل، وكان أنبهَهُم ذِكراً، وأجلَّهُم قدراً ...) (10).

5ـ قال حسن بن زياد: (سمعت أبا حنيفة وسئل من أفقه من رأيت؟ فقال: ما رأيت أحداً أفقه من جعفر بن محمّد) (11).

من وصاياه (عليه السلام):

1ـ قال (عليه السلام): (إيّاكم والخصومة في الدين، فإنّها تشغل القلب عن ذكر الله عز وجل، وتورث النفاق، وتكسب الضغائن، وتستجيز الكذب) (12).

2ـ قال (عليه السلام): (لا يتمّ المعروف إلاّ بثلاثة: بتعجيله وتصغيره وسرّه) (13).

3ـ قال (عليه السلام): (مَن أُعطِيَ ثَلاثاً لم يُمنَع ثلاثاً، مَن أُعطِيَ الدعاءَ أُعطِيَ الإِجَابة، ومَن أُعطِيَ الشكرَ أُعطِيَ الزيادة، ومَن أُعطِيَ التوكُّلَ أُعطِيَ الكفاية).

ثمّ قال (عليه السلام): (أَتَلَوْتَ كتاب الله عزَّ وجلَّ: (وَمَنْ يَتَوَكَّلُ عَلى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ)، وقال: (وَلَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيْدَنَّكُمْ)، وقال: (ادْعُونِي أَستَجِبْ لَكُمْ)) (14).

4ـ قال (عليه السلام): (إِذَا أرادَ أحدُكُم ألاَّ يَسأَل ربّه شيئاً إِلاّ أَعطَاهُ فَلْيَيأَس مِن الناسِ كُلِّهِم، وَلا يَكُون لَهُ رجاءً إِلاّ عِند الله، فَإِذا عَلِمَ اللهُ عزَّ وجلَّ ذلك مِن قَلبِهِ لم يَسأل اللهَ شيئاً إِلاّ أَعطَاهُ) (15).

5ـ قال (عليه السلام): (لا تَمزحْ فيذهبُ نُورُك، ولا تَكذِب فَيذهبُ بَهاؤُك، وَإِيَّاك وخِصلتين: الضَّجَر، والكَسَل، فإنَّك إِن ضجرتَ لا تَصبِرُ على حَقٍّ، وَإِن كَسلتَ لم تُؤَدِّ حَقاً) (16).

6ـ قال (عليه السلام): (إِذا هَمَمْتَ بشيءٍ من الخير فلا تُؤَخِّره، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ رُبَّما اطَّلَعَ على العبد وهو على شيء من الطاعة فيقول: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لا أُعَذِّبُكَ بعدهَا أبداً، وإذا هممت بسيئة فلا تعملها، فإنّه ربما أطلع الله على العبد وهو على شيء من المعصية فيقول: وعزّتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا) (17).

ـــــــــ

1ـ بحار الأنوار 36/313.

2و3و4ـ أعيان الشيعة 1/661.

5ـ الكافي 1/53.

6ـ الإرشاد 2/179.

7ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 436.

8ـ الخلاف 1/33.

9ـ مناقب آل أبي طالب 3/396.

10ـ شرح إحقاق الحق 33/817.

11ـ الكامل لابن عدي 2/132، تهذيب الكمال 5/79.

12ـ الأمالي للشيخ الصدوق: 503.

13ـ كشف الغمّة 2/419.

14ـ الكافي 2/65.

15ـ المصدر السابق 2/148.

16ـ الأمالي للشيخ الصدوق: 636.

17ـ الكافي 2/143.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:02

كنى الإمام الصادق ( عليه السلام ) وألقابه

كان ( عليه السلام ) يُكنَّى بأبي عبد الله ، وأبي إِسماعيل ، وأبي موسى ، وأوّلها أشهرها ، ويُلقَّب بالصادق ، والفاضل ، والقائم ، والكافل ، والمنجي ، وغيرها ، وأوّلها أيضاً أشهرها .

لقَّبه بالصادق جدّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، حيث قال : ( ويخرج الله من صُلبه - أي صُلب محمّد الباقر - كلمة الحق ، ولسان الصدق ) ، فقال له ابن مسعود : فما اسمه يا نبي الله ؟

قال : ( يقال له : جعفر ، صادق في قوله وفعله ، الطاعن عليه كالطاعن عليّ ، والرادّ عليه كالرادّ عليَّ ... ) .

وبلغ من شهرته بهذا اللقب أنّه صار كالاسم له ، حتّى أنّه ليُستغنى به عن ذكر اسمه ، ويُعرف به إذا أُطلق ، وكذلك كنيته بأبي عبد الله ، صارت كالاسم له يُستغنى بها عن اسمه ولقبه ، لا سيّما في الأحاديث الشريفة .










عِلم الإمام الصادق ( عليه السلام )





إنَّ الأئمة من أهل
البيت ( عليه السلام ) مخلوقون من نُورٍ وَاحِد ، وهُم أكمَلُ أهلِ زَمَانِهِم في
كُلِّ صِفَة فاضلة .



ولمَّا كانَت مُقتضَيات
الزمان ومظاهر تلك الصفات فيهم متفاوتة بحسب الأزمان ، كان ظُهور آثارها منهم متفاوتاً
بحسب الظروف .



فمثلاً آثارُ الشجاعة
عند الإمامين علي وابنه الحسين ( عليهما السلام ) كانت ظاهرة فيهما ، لِمتَطلَّبات
الدور الذي كانا عليهما أن يؤدِّيانه .



أما الإمام الصادق ( عليه
السلام ) فقد ظَهَرَت عليه إمارات العلم ، ولا يَعني هذا أنَّه ( عليه السلام ) لم
يَكنْ شَجاعاً ، لأنَّ الدور الذي أُمِرَ به هو التقيَّة والمُدَاراة .



فكلُّهم ( عليهم
السلام ) مشتركون في الشجاعة ، وكلهم مشتركون في العلم ، وفي باقي الصفات الكمالية
.



فتلقَّى الإمام
الصادق ( عليه السلام ) العلوم والمعارف عن آبائه ، عن جَدِّهم رسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) ، وقام بِمَهَامِّهِ الشرعية كَإمَامٍ مسؤولٍ عن نشر الشريعة وحِفْظِ
أصَالَتِها ، عن طَريق تأسيسِ جَامِعة أهل البيت في المسجد النبوي الشريف .



فأخذ الإمام الصادق (
عليه السلام ) ينشر العلم والمعرفة ، بين الفقهاء ، والمفسرين ، والمحدِّثين ، ورُوَّاد
العُلوم المُختَلِفة ، فَتَتَلْمَذَ عَليه أئِمَة الفقه ، وعنهم أخذَ رُوَاة الحَديثِ
.



لذلك نجدُ العلماءَ ،
والفقهاءَ ، والمحدِّثينَ ، والفلاسفَةَ ، والمتكلِّمينَ ، وعُلمَاءَ الطبيعةِ ،
وغيرهم ، يشهَدونَ بِمَجْدِ الإمامِ الصادق ( عليه السلام ) العِلمي ، ويشيدُونَ بِمَقَامِه
.



فقال الشيخ المفيد : ونقل
الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتَشَر ذِكرُه في البُلدان .



فإنَّ أصحابَ الحَديثِ
قد جمعوا أسمَاءَ الرُوَاة عنه من الثُقَاتِ على اختلافهم في الآراء والمقالات ، فَكَانوا
أربعَةَ آلافِ رَجُل .



ويقولُ أحدُ الرُوَاة
: أدركْتُ في هَذا المَسجِد [ مسجد الكوفة ] تِسعمِائةَ شيخٍ ، كلٌّ يَقول : حَدَّثني
جَعفَر بن مُحمَّد ( عليهما السلام ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:04

فضائل الإمام الصادق ( عليه السلام )


قال محمَّد بن طلحة في الإمام الصادق ( عليه السلام ) : هو من عُظمَاء
أهل البيت وساداتهم ، ذو علوم جَمَّة ، وعبادة موفورة ، وزهادة بيِّنة ،
وتلاوة كثيرة ، يتبع معاني القرآن الكريم ، ويستخرج من بحره جواهره ،
ويستنتج عجائبه .

ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات ، بحيث يحاسب عليها نفسه ، رؤيته تذكِّر
بالآخرة ، واستماع كلامه يُزهد في الدنيا ، والاقتداء بِهُداه يورِث الجنة
.

نور قَسَمَاتِهِ شاهدٌ أنه من سُلالة النبوة ، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذريَّة الرسالة .

نُقل عنه الحديث ، واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمَّة وأعلامهم ،
مثل : يحيى بن سعيد الأنصاري ، وابن جريح ، ومالك بن أنس ، والثوري ، وابن
عيينة ، وأبو حنيفة ، وشعبة وأبو أيُّوب السجستاني ، وغيرهم ، وعدُّوا
أخذهم عنه منقبة شُرِّفوا بها ، وفضيلة اكتسبوها .


وذكر أبو القاسم البغار في مسند أبي حنيفة : قال الحسن بن زياد : سمعت أبا حنيفة وقد سئل : من أفقه مَن رأيت ؟

قال : جعفر بن محمد ، لمَّا أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال : يا أبا
حنيفة ، إنَّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد ، فهيِّئ لي من مَسَائِلك
الشداد .


فهيَّأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إليَّ أبو جعفر ، وهو بالحيرة فأتيتُه .

فدخلتُ عليه ، وجعفر جالس عن يمينه ، فلمَّا بصرت به ، دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر .

فسلَّمتُ عليه ، فأومأ إليَّ فجلستُ ، ثم التفت إليه ، فقال : يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة .

قال ( عليه السلام ) : ( نَعَمْ ، أعرفُهُ ) .

ثم التفتَ إليَّ فقال : يا أبا حنيفة ، ألقِ على أبي عبد الله من مسائلك ، فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول : ( أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ) ، فربمَّا تابعنا وربَّما تابعهم ، وربَّما خالفنا جميعاً .

حتى أتيت على الأربعين مسألة ، فما أدخل منها بشيء ، ثم قال أبو حنيفة : أليس أنَّ أعلم الناس أعلمُهم باختلاف الناس .

وعن مالك بن أنس : جعفر بن محمَّدٍ اختلفتُ إليه زماناً ، فما كنت أراه
إلا على إحدى ثلاث خصال : إما مُصَلٍّ ، وإمَّا صائم ، وإمَّا يقرأ القرآن .


وما رأتْ عَينٌ ، ولا سمعت أذنٌ ، ولا خَطَر على قلب بشرٍ ، أفضل من جعفر بن محمد الصادق ، علماً ، وعِبادة ، وَوَرَعاً .

وعن أبي بحر الجاحظ - مع عِدائه لأهل البيت ( عليهم السلام ) - : جعفر
بن محمَّد الذي ملأ الدُنيا علمُهُ وفقهُه ، ويقال : إنَّ أبا حنيفة من
تلامذته ، وكذلك سفيان الثوري ، وحسبك بهما في هذا الباب .


وأمَّا مناقبه وصفاته تفوق عدد الحاصر ، ويُحَار في أنواعها فهمُ اليقظ
الباصر ، حتى أن من كثرة علومه المُفاضَة على قلبه من سجال التقوى ، صارت
الأحكام التي لا تدرك عِلَلُها ، والعلوم التي تقصر الأفهام عن الإحاطة
بحُكمِها ، تُضاف إليه ، وتروى عنه .


وقال ابن الصبّاغ المالكي : كان جعفر الصادق ( عليه السلام ) من بين
أخوته ، خليفةَ أبيه ، ووصيَّه ، والقائمَ بالإمامة بعده ، برز على جماعة
بالفضل ، وكان أنبهَهُم ذِكراً ، وأجلَّهُم قدراً .


نقل الناس عنه من العلوم ما سَارَتْ به الركبان ، وانتشر صِيته وذكره في
البلدان ، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقلوا عنه من الحديث .


فإذا تتبَّعت كتب التاريخ ، والتراجم ، والسير ، تقف على نَظيرِ هذه
الكلمات وأشباها ، كلها تُعرِب عن اتِّفاق الأمَّة على إمامته في العلم
والقيادة الروحية ، وإنِ اختلفوا في كونه إماماً منصوصاً من قِبَل الله
عزَّ وجلَّ ، فذهبت الشيعة إلى الثاني ، نظراً إلى النصوص المتواترة
المذكورة في مَظانِّها
.







كرامات الإمام الصادق ( عليه السلام )


يتميّز الأئمّة ( عليهم السلام ) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم
الغيب ، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة ، ولَهُم - مثل الأنبياء - معاجزٌ
وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى ، وكونَهم أئمّة .


وللإمام الصادق ( عليه السلام ) معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ ، سجَّلَتْها كتبُ التاريخ ، ونذكر هنا بعضاً منها :

الكرامة الأولى :


عن المفضّل بن عمر ، قال : كنت أمشي مع أبي عبد الله جعفر ( عليه السلام
) بمكّة ، إذ مررنا بامرأة بين يديها بقرة ميّتة ، وهي مع صبية لها تبكيان
، فقال ( عليه السلام ) لها : ( ما شأنك ؟ ) .


قالت : كنت أنا وصبياني نعيش من هذه البقرة ، وقد ماتت ، لقد تحيّرت في أمري ، قال ( عليه السلام ) : ( أفتحبين أن يحييها الله لك ؟ ) قالت : أو تسخر منّي مع مصيبتي ؟

قال : ( كلا ، ما أردت ذلك ) ، ثمّ دعا بدعاء ، ثمّ
ركضها برجله ، وصاح بها ، فقامت البقرة مسرعة سوية ، فقالت : عيسى ابن مريم
وربّ الكعبة ، فدخل الصادق ( عليه السلام ) بين الناس ، فلم تعرفه المرأة .


الكرامة الثانية :


قال صفوان بن يحيى : قال لي العبدي : قالت أهلي لي قد طال عهدنا بالصادق
( عليه السلام ) ، فلو حججنا وجدّدنا به العهد ، فقلت لها : والله ما عندي
شيء أحج به ، فقالت : عندنا كسوة وحلي فبع ذلك ، وتجهّز به ، ففعلت ،
فلمّا صرنا بقرب المدينة مرضت مرضاً شديداً حتّى أشرفت على الموت ، فلمّا
دخلنا المدينة خرجت من عندها ، وأنا آيس منها ، فأتيت الصادق ( عليه السلام
) ، وعليه ثوبان ممصران ، فسلّمت عليه ، فأجابني وسألني عنها ، فعرّفته
خبرها ، وقلت : إنّي خرجت وقد أيست منها ، فأطرق ملياً ، ثمّ قال : ( يا عبدي أنت حزين بسببها ؟ ) ، قلت : نعم .


قال : ( لا بأس عليها ، فقد دعوت الله لها بالعافية ، فارجع إليها ، فإنّك تجدها قد فاقت ، وهي قاعدة ، والخادمة تلقمها الطبرزد ) ،
قال : فرجعت إليها مبادراً ، فوجدتها قد أفاقت ، وهي قاعدة ، والخادمة
تلقمها الطبرزد ، فقلت : ما حالك ؟ قالت : قد صبّ الله عليّ العافية صبّاً ،
وقد اشتهيت هذا السكّر ، فقلت : خرجت من عندك آيساً ، فسألني الصادق (
عليه السلام ) عنك ، فأخبرته بحالك ، فقال : ( لا بأس عليها ، ارجع إليها ، فهي تأكل السكّر ) .


قالت : خرجت من عندي وأنا أجود بنفسي ، فدخل عليّ رجل عليه ثوبان ممصران
، قال : ما لك ؟ قلت : أنا ميّتة ، وهذا ملك الموت قد جاء لقبض روحي ،
فقال : ( يا ملك الموت ) ، قال : لبيك أيها الإمام ، قال : ( ألست أمرت بالسمع والطاعة لنا ؟ ) قال : بلى ، قال : ( فإنّي آمرك أن تؤخّر أمرها عشرين سنة ) ، قال : السمع والطاعة ، قالت : فخرج هو وملك الموت من عندي ، فأفقت من ساعتي .


الكرامة الثالثة :


قال علي بن أبي حمزة : حججت مع الصادق ( عليه السلام ) ، فجلسنا في بعض
الطريق تحت نخلة يابسة ، فحرّك شفتيه بدعاء لم أفهمه ، ثمّ قال : ( يا نخلة أطعمينا ممّا جعل الله فيك من رزق عباده ) ، قال : فنظرت إلى النخلة وقد تمايلت نحو الصادق ( عليه السلام ) ، وعليها أعذاقها وفيها الرطب .


قال : ( أدن ، فسم وكل ) ، فأكلنا منها رطباً أعذب رطب وأطيبه ، فإذا نحن بأعرابي يقول : ما رأيت كاليوم سحراً أعظم من هذا ؟ فقال الصادق ( عليه السلام ) : (
نحن ورثة الأنبياء ، ليس فينا ساحر ولا كاهن ، بل ندعو الله فيجيب ، وإن
أحببت أن أدعو الله فيمسخك كلباً تهتدي إلى منزلك ، وتدخل عليهم وتبصبص
لأهلك فعلت )
.


قال الأعرابي بجهله : بلى ، فدعا الله فصار كلباً في وقته ، ومضى على وجهه ، فقال لي الصادق ( عليه السلام ) : ( اتبعه )
، فاتبعته حتّى صار إلى حيّه ، فدخل إلى منزله ، فجعل يبصبص لأهله وولده ،
فأخذوا له العصا حتّى أخرجوه ، فانصرفت إلى الصادق ( عليه السلام )
فأخبرته بما كان منه ، فبينا نحن في حديثه إذ أقبل حتّى وقف بين يدي الصادق
( عليه السلام ) ، وجعلت دموعه تسيل على خديه ، وأقبل يتمرّغ في التراب
ويعوي ، فرحمه فدعا الله له ، فعاد أعرابياً ، فقال له الصادق ( عليه
السلام ) : ( هل آمنت يا أعرابي ؟ ) قال : نعم ألفاً وألفاً .


الكرامة الرابعة :


قال يونس بن ظبيان : كنت عند الصادق ( عليه السلام ) مع جماعة ، فقلت : قول الله تعالى لإبراهيم : ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ ) ، أو كانت أربعة من أجناس مختلفة ؟ أو من جنس واحد ؟ فقال : ( أتحبّون أن أريكم مثله ؟ ) قلنا : بلى ، قال : ( يا طاووس ) ، فإذا طاووس طار إلى حضرته ، ثمّ قال : ( يا غراب ) ، فإذا غراب بين يديه ، ثمّ قال : ( يا بازي ) ، فإذا بازي بين يديه ، ثمّ قال : ( يا حمامة ) ، فإذا حمامة بين يديه .

ثمّ أمر بذبحها كلّها وتقطيعها ، ونتف ريشها ، وأن يخلط ذلك كلّه بعضه ببعض ، ثمّ أخذ برأس الطاووس فقال : ( يا طاووس )
، فرأينا لحمه وعظامه وريشه يتميّز من غيره حتّى التزق ذلك كلّه برأسه ،
وقام الطاووس بين يديه حيّاً ، ثمّ صاح بالغراب كذلك ، وبالبازي والحمامة
مثل ذلك ، فقامت كلّها أحياء بين يديه .


الكرامة الخامسة :


روى أبو الصلت الهروي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أنّه قال : ( قال لي أبي موسى ( عليه السلام ) : كنت جالساً عند أبي ( عليه السلام ) ، إذ دخل عليه بعض أوليائنا ) ، فقال : بالباب ركب كثير يريدون الدخول عليك ، فقال لي : ( أنظر من بالباب ؟ فنظرت إلى جمال كثيرة عليها صناديق ، ورجل راكب فرساً ، فقلت من الرجل ؟ ) .

فقال : رجل من السند والهند أردت الإمام جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ، ( فأعلمت والدي بذلك ، فقال : لا تأذن للنجس الخائن )
، فأقام بالباب مدّة مديدة ، فلا يؤذن له حتّى شفع يزيد بن سليمان ،
ومحمّد بن سليمان ، فأذن له ، فدخل الهندي وجثا بين يديه ، فقال : أصلح
الله الإمام أنا رجل من بلد الهند ، من قبل ملكها بعثني إليك بكتاب مختوم ،
ولي بالباب حول لم تأذن لي فما ذنبي ؟ أهكذا يفعل الأنبياء ؟ قال : فطأطأ
رأسه ، ثمّ قال : ( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) ، وليس مثلك من يطأ مجالس الأنبياء .


قال موسى ( عليه السلام ) : ( فأمرني أبي بأخذ الكتاب وفكّه ) ، فكان فيه : بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد الصادق الطاهر من كل نجس من ملك الهند ، أمّا بعد :

فقد هداني الله على يديك ، وإنّه أهدي إليّ جارية لم أر أحسن منها ، ولم
أجد أحداً يستأهلها غيرك ، فبعثتها إليك مع شيء من الحلي والجواهر والطيب ،
ثمّ جمعت وزرائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للأمانة ، واخترت من الألف
مائة ، واخترت من المائة عشرة ، واخترت من العشرة واحداً ، وهو ميزاب بن
حباب ، لم أر أوثق منه ، فبعثت على يده هذه الجارية والهدية .


فقال جعفر ( عليه السلام ) : ( ارجع أيها الخائن ، ما كنت بالذي أقبلها ، لأنّك خائن فيما أؤتمنت عليه ) ، فحلف أنّه ما خان ، فقال ( عليه السلام ) : ( إن شهد عليك بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ) قال : أو تعفيني من ذلك ، قال : ( اكتب إلى صاحبك بما فعلت ) .

قال الهندي : إن علمت شيئاً فأكتب ، وكان عليه فروة ، فأمره بخلعها ،
ثمّ قام الإمام ، فركع ركعتين ، ثمّ سجد ، قال موسى ( عليه السلام ) : (
فسمعته في سجوده يقول : اللهم إنّي أسألك بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى
الرحمة من كتابك ، أن تصلّي على محمّد عبدك ورسولك ، وأمينك في خلقك وآله ،
وأن تأذن لفرو هذا الهندي أن يتكلّم بلسان عربي مبين يسمعه من في المجلس
من أوليائنا ، ليكون ذلك عندهم آية من آيات أهل البيت ، فيزدادوا إيماناً
مع إيمانهم )
.


ثمّ رفع رأسه ، فقال : ( أيّها الفرو تكلّم بما تعلم من هذا الهندي ) ، قال موسى ( عليه السلام ) : (
فانتفضت الفروة وصارت كالكبش ، وقالت : يا ابن رسول الله ائتمنه الملك على
هذه الجارية وما معها ، وأوصاه بحفظها حتّى صرنا إلى بعض الصحاري أصابنا
المطر ، وابتل جميع ما معنا ، ثمّ احتبس المطر وطلعت الشمس ، فنادى خادماً
كان مع الجارية يخدمها ، يقال له : بشر ، وقال له : لو دخلت هذه المدينة
فأتيتنا بما فيها من الطعام ، ودفع إليه دراهم ، ودخل الخادم المدينة ،
فأمر الميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبّتها إلى مضرب ، قد نصب لها في
الشمس فخرجت ، وكشفت عن ساقيها ، إذ كان في الأرض وحل ، ونظر هذا الخائن
إليها فراودها عن نفسها ، فأجابته وفجر بها وخانك )
.


فخرّ الهندي على الأرض ، فقال : ارحمني فقد أخطأت وأقرّ بذلك ، ثمّ صار
فروة كما كانت ، وأمره أن يلبسها ، فلمّا لبسها انضمت في حلقه وخنقته حتّى
أسود وجهه ، فقال الصادق ( عليه السلام ) : ( أيها الفرو خل عنه حتّى يرجع إلى صاحبه ، فيكون هو أولى به منّا ) ، فانحل الفرو ، وقال ( عليه السلام ) : ( خذ هديتك وارجع إلى صاحبك ) .


فقال الهندي : الله الله يا مولاي فيّ ، فإنّك إن رددت الهدية خشيت أن ينكر ذلك عليّ ، فإنّه شديد العقوبة ، فقال : ( أسلم أعطك الجارية )
، فأبى ، فقبل الهدية وردّ الجارية ، فلمّا رجع إلى الملك ، رجع الجواب
إلى أبي بعد أشهر فيه مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمّد
الإمام ( عليه السلام ) من ملك الهند ، أمّا بعد :


فقد كنت أهديت إليك جارية ، فقبلت منّي ما لا قيمة له ، ورددت الجارية ،
فأنكر ذلك قلبي ، وعلمت أنّ الأنبياء وأولاد الأنبياء معهم فراسة ، فنظرت
إلى الرسول بعين الخيانة ، فاخترعت كتاباً وأعلمته أنّه جاءني منك بخيانة ،
وحلفت أنّه لا ينجيه إلاّ الصدق ، فأقرّ بما فعل ، وأقرّت الجارية بمثل
ذلك ، وأخبرت بما كان من أمر الفرو ، فتعجّبت من ذلك ، وضربت عنقها وعنقه ،
وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمّداً عبده
ورسوله ، واعلم أنّي واصل على أثر الكتاب ، فما أقام إلاّ مدّة يسيرة حتّى
ترك ملك الهند وأسلم ، وحسن إسلامه .


الكرامة السادسة :


عن هشام بن الحكم : أنّ رجلاً من الجبل أتى أبا عبد الله ( عليه السلام )
، ومعه عشرة آلاف درهم ، وقال : اشتر لي بها داراً أنزلها إذا قدمت وعيالي
معي ، ثمّ مضى إلى مكّة ، فلمّا حج وانصرف أنزله الصادق ( عليه السلام )
في داره ، وقال له : ( اشتريت لك داراً في الفردوس الأعلى ، حدّها
الأوّل إلى دار رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والثاني إلى علي ( عليه
السلام ) ، والثالث إلى الحسن ( عليه السلام ) ، والرابع إلى الحسين (
عليه السلام ) ، وكتبت لك هذا الصك به )
.


فقال الرجل لما سمع ذلك : رضيت ، ففرّق الصادق ( عليه السلام ) تلك
الدراهم على أولاد الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، وانصرف الرجل ، فلمّا
وصل إلى المنزل اعتل علّة الموت ، فلمّا حضرته الوفاة جمع أهل بيته
وحلّفهم أن يجعلوا الصك معه في قبره ، ففعلوا ذلك ، فلمّا أصبح وغدوا إلى
قبره ، وجدوا الصك على ظهر القبر ، وعلى ظهر الصك مكتوب : وفى لي ولي الله
جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) بما وعدني .


الكرامة السابعة :


إنّ حماد بن عيسى سأل الإمام الصادق ( عليه السلام ) : أن يدعو له
ليرزقه الله ما يحج به كثيراً ، وأن يرزقه ضياعاً حسنة ، وداراً حسناً ،
وزوجة من أهل البيوتات صالحة ، وأولاداً أبراراً ، فقال الإمام الصادق (
عليه السلام ) : ( اللهم ارزق حماد بن عيسى ما يحج به خمسين حجّة ،
وارزقه ضياعاً حسنة ، وداراً حسناً ، وزوجة صالحة من قوم كرام ، وأولاداً
أبراراً )
.


قال بعض من حضره : دخلت بعد سنين على حماد بن عيسى في داره بالبصرة ،
فقال لي : أتذكر دعاء الصادق ( عليه السلام ) لي ؟ قلت : نعم ، قال : هذه
داري ، وليس في البلد مثلها ، وضياعي أحسن الضياع ، وزوجتي من تعرفها من
كرام الناس ، وأولادي هم من تعرفهم من الأبرار ، وقد حججت ثمانية وأربعين
حجّة .


قال : فحجّ حماد حجّتين بعد ذلك ، فلمّا خرج في الحجّة الحادية والخمسين
، ووصل إلى الجحفة ، وأراد أن يحرم دخل وادياً ليغتسل ، فأخذه السيل ومر
به ، فتبعه غلمانه فأخرجوه من الماء ميّتاً ، فسمّي حماد غريق الجحفة .


الكرامة الثامنة :


عن أبي الصامت الحلاوني ، قال : قلت للصادق ( عليه السلام ) : أعطني شيئاً ينفي الشك عن قلبي ؟ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( هات المفتاح الذي في كمّك ) ، فناولته ، فإذا المفتاح شبّه أسد فخفت ، قال : ( خذ ولا تخف ) ، فأخذته ، فعاد مفتاحاً كما كان .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:06

مدرسة الإمام الصادق ( عليه السلام ) العلمية


شهد القاصي والداني ، والمُؤالف والمخالف ، أنَّ الإمام الصادق ( عليه
السلام ) هو صاحب المقام العلميِّ الرفيع ، الذي لا ينازعه فيه أحد


حتى توافدت كلمات الثناء ، والإكبار ، والإعجاب عليه ( عليه السلام ) ،
من قِبَل الحكَّام ، وأئمَّة المذاهب ، والعلماء ، والمؤرِّخين ، وأصحاب
السِيَر ، وتراجم الرجال ، ما تزدحم ، فلا يجمعها إلاَّ كتاب .


نكتفي من تلك الكلمات بإشارات :

يقول أبو حنيفة : ما رأيت أفقهَ مِن جعفر بن محمَّد ، لمَّا أقدمه
المنصور بعث إليَّ فقال : يا أبا حنيفة ، إنَّ الناس قد افتُتِنُوا بجعفر ،
فهيِّئ له من المسائل الشِداد .


فهيَّأتُ له أربعين مسألة ، فلمَّا أبصرتُ به دخلَتْني من الهيبة لجعفر ( الصادق ) ما لم يدخلني لأبي جعفر ( المنصور ) .

فجعلتُ أُلقي عليه فيُجيبني فيقول : ( أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربَّما تابعناهم ، وربَّما خالفنا جميعاً ) .

حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ثم قال : ( ألَسْنا رَوينا أنَّ أعلم الناس ، أعلمُهم باختلاف الناس ) ؟ .

واعترف أبو جعفر المنصور ، وأقرَّ بفضله حين قال : إنَّ جعفراً كان ممَّن قال اللهُ فيه : (
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا
فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ
بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ )
فاطر : 32 .


وكان ممَّن اصطفاه الله ، وكان من السابقين في الخيرات .

ورغم اعترافه بفضل الإمام الصادق ( عليه السلام ) في قوله : سيِّدُ أهل
البيت ، وعالِمُهم ، وبقيَّة الأخيار منهم ، إلا أنه كان يضيِّق على الإمام
( عليه السلام ) ، ويكيد له ، حتى اغتاله بعد أن قال : هذا الشجا
المعترِضُ في حَلْقي مِن أعلم الناس في زمانه .


وقد امتازت الفترة التي عاشها الإمام الصادق ( عليه السلام ) بأنها مرحلة نمو العلوم ، وتزاحم الثقافات المتنوِّعة .

وذلك لانفتاح البلاد الإسلاميَّة على الأمم الأخرى ، ولانتشار الترجمة التي ساعدت على نقل الفلسفات الغربيَّة إلى العرب .

فبدأ الغزو الفكري باتجاهاته المنحرفة ، وعاداته الهجينة ، ونشأت على
أثره تيَّارات الإلحاد ، وفِرَق الكلام ، والآراء الغريبة ، والعقائد
الضالَّة .


وقد تطلَّبت تلك الظروف أن ينهض رجل ، عالِم ، شجاع ، يردُّ عادِيَة الضلال عن حصون الرسالة الإسلاميَّة .

فكان أن قيَّض الله جلَّ وعلا وليَّه الإمام الصادق ( عليه السلام )
الذي فاضت حياته بالعطاء ، والعلوم الغزيرة المتعدِّدة ، من : الحديث ،
والتفسير ، والعقيدة ، وسائر أبواب الفقه ، والشريعة .


ونَقلَها ( عليه السلام ) نقلاً أميناً ، عن معارف النبوَّة
المُحمَّديَّة الخاتمة ، ونقلاً نزيهاً عن منابع التشريع ، والرسالة ، حتى
لُقِّب ( عليه السلام ) بـ( المحقِّق ) ، و( كاشف الحقائق ) .


لأنه ( عليه السلام ) كان مَرجِعَ الأمَّة بِحَقٍّ ، وإمامَها الذي
تتلمذ على يديه مئات الأعلام من الفقهاء ، والمشايخ ، بعد أن فتح لهم باب
التخصص العلمي في العلوم العقلية ، والطبيعيَّة ، كالكلام ، والكيمياء ،
والرياضيات ، إضافةً إلى أبواب الشريعة الإسلاميَّة .


كما وضع ( عليه السلام ) القواعد الواضحة لمسائل الأصول ، والفقه ،
ليُربِّي في تلامذته مَلَكةَ الاجتهاد ، والاستنباط ، كقاعدة الاستصحاب ،
والبراءة ، والضمان ، والتخيير ، وغيرها .


وبما أنَّ الغزو الفكري الغربي قد رافقَتْه حريَّة غير موجَّهة ، وانفتاح في إبداء الآراء ، هيَّأتهما السلطة الحاكمة .

لذا أحدث ذلك الغزو ارتباكاً في عقائد المسلمين ، فجنَّد الإمام الصادق (
عليه السلام ) جهوده العلمية الهائلة لمواجهة الانحراف والتحريف ، بمواقف
علميَّةٍ ، وعقائدية .


وذلك كان من خلال إجابته ( عليه السلام ) على كلِّ المسائل ، وردِّ كل
الشبهات ، وإفحام كلِّ التشكيكات ، والأضاليل ، وبيان كلِّ أمرٍ من أمور
الدين ، والدنيا ، ممَّا يُتساءَل عنه .


حتى استطاع ( عليه السلام ) بذلك الجهاد العلمي المؤيَّد برعاية الله
وعنايته ، أن يوقف الزحف الضلالي على العالم الإسلامي ، ويكشف زيفه ، ويبين
أباطيله .


تأسيس المدرسة :


كان الإمام الصادق ( عليه السلام ) قد ساهم مع أبيه الإمام محمَّد
الباقر ( عليه السلام ) ، في تأسيس مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) في
المدينة المنورة .


وقد اتخذا من الحرم النبوي المنور مركزاً لإلقاء الدروس ، حتى تحوّل إلى أكبر معهدٍ من المعاهد الإسلامية في زمانه .

فربّى جيلاً عالماً انتشر في أنحاء البلاد ، يبث حقائقَ الدين ، ويُبيِّن معالمه .

وقد أجمع العلماء ، مثل : الشيخ المفيد ، والشيخ الطبرسي ، والفتَّال
النيسابوري ، والشهيد الثاني ، وابن شهر آشوب وغيرهم ، أنّه نُقل عن
الإمام الصادق ( عليه السلام ) من العلوم ما لم يُنقَل عن أحد .


حتى أن أصحاب الحديث جمعوا أسماء الرواة الذين رووا عن الإمام الصادق (
عليه السلام ) - على اختلاف آرائهم - ، فكانوا أربعةَ آلاف راوٍ .


وهكذا كانت جهوده المباركة ( عليه السلام ) جهاداً علميّاً كبيراً ، أرسى من خلاله قواعدَ الدين ، وثبَّت أصوله ، وفروعه ، وعقائده .

واليوم ، وبعد مُضِيِّ ما يقرب من ثلاثة عشر قرناً على تأسيس مدرسة
الإمام الصادق ( عليه السلام ) لا تزال العلوم الإسلاميَّة ، من : فقهٍ ،
أو حديثٍ ، أو تفسير ، أو فلسفة ، أو أخلاق ، وغيرها من العلوم الإسلامية ،
عيالاً على مدرسة الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) .


تستمد من آراء مؤسسها الحكيمة ، وتوجيهاته القَيِّمَة .

وليست العلوم الإسلاميّة وحدها عيالاً على مدرسة الإمام الصادق ( عليه
السلام ) ، بل إنَّ كثيراً من العلوم الحديثة كان له ( عليه السلام ) اليدُ
الطُّولَى في تأسيسها ، وإنمائها
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:08

مواعظ الإمام الصادق ( عليه السلام )


هناك مجموعة كبيرة من المواعظ والحكم للإمام الصادق ( عليه السلام ) ، نذكر بعضاً منها :

1ـ قال ( عليه السلام ) : ( إِن كان الله قد تَكَفَّل بالرزق
فاهتمامك لماذا ؟‍‌‍ وإِن كان الرزق مَقسُوماً فالحِرصُ لماذا ؟ وإِن كان
الحِسَاب حقاً فالجَمْعُ لماذا ؟ وإِن كان الثواب عند الله حقاً فالكسَل
لماذا ؟ وإِن كان الخلف من الله عزَّ وجلَّ حقاً فالبُخل لماذا ؟ وإِن كان
العقوبة من الله عزَّ وجلَّ النار فالمعصية لماذا ؟


وإِن كان الموت حقّاً فالفرح لماذا ؟ وإِن كان العرض على الله حقّاً
فالمكر لماذا ؟ وإِن كان الشيطان عدوّاً فالغفلة لماذا ؟ وإِن كان
المَمَرُّ على الصراط حقّاً فالعجب لماذا ؟ وإِن كان كل شيء بقضاء وقدر
فالحزن لماذا ؟ وإِن كانت الدنيا فانية فالطمأنِينَة إليها لماذا )
؟


2ـ قال ( عليه السلام ) : ( إِنَّكم في آجال مَقبوضَة ، وَأيَّام
معدودة ، والموت يأتي بَغتةً ، من يزرعُ خيراً يحصد غِبطَةً ، ومن يزرعُ
شَرّاً يحصد نَدامَة ، ولِكُلِّ زارعٍ زرعٌ ، لا يسبق البطيءُ منكم حَظَّهُ
، ولا يدرك حريصٌ ما لم يُقَدَّرُ لَهُ ، من أُعطِي خيراً فاللهُ أعطاه ،
ومن وُقِي شراً فاللهُ وَقَاه )
.


3ـ قال ( عليه السلام ) : ( تأخِيرُ التوبةِ اغترار ، وطُول
التَسويفِ حِيرَة ، والاعِتِلال على اللهِ هَلَكَة ، والإصرار على الذنبِ
أمْنٌ لِمَكر الله ، ولا يَأمَنُ مَكرَ الله إِلاّ القوم الخَاسِرُون )
.


4ـ قال ( عليه السلام ) : ( مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ ، وَمَن شَكَرهُ زَادَه ، ومن أَقرضَهُ جَزَاه ) .

5ـ قال ( عليه السلام ) لأبي بصير : ( أَما تَحزن ؟ أمَا تَهتَم ؟ أما تَتَأَلَّم ) ؟ قال : بلى .

قال ( عليه السلام ) : ( إِذَا كان ذلك منكَ ، فاذكُرِ المَوتَ
وَوِحْدَتَك في قَبرِك ، وَسَيَلان عينيكَ عَلى خَدَّيك ، وَتَقَطُّعَ
أوصالِك ، وأكلَ الدُّودِ من لحمِك ، وبلاك وانقطاعَكَ عن الدنيا ، فإن ذلك
يحثُّك على العَمَل ، ويَردَعُك عن كثيرٍ من الحِرصِ عَلى الدنيا )
.


6ـ قال ( عليه السلام ) : ( لَيسَ من أحدٍ وإِن ساعَدَتْهُ الأُمورُ
بِمُستَخْلص غضارة عيش إِلاّ من خِلال مكروه ، وَمن انتظر بمعاجَلةِ
الفرصةِ مُؤَاجَلَة الاستقصاء سَلَبَتْهُ الأيامُ فرصتَهَ ، لأنَّ من شأن
الأيام السلب ، وَسَبيل الزمن الفَوتُ )
.


7ـ قال ( عليه السلام ) : ( إِنَّ المُنَافِقَ لا يرغبُ فيما سُعدَ به المؤمنون ، فالسعِيد يَتَّعِظُ بموعظة التقوَى ، وإِن كانَ يُرادُ بالمَوعِظَةِ غَيره ) .

8ـ قال ( عليه السلام ) : ( ليس منّا ولا كرامة من كان في مصر فيه مائة ألف أو يزيدون ، وفيهم من هو أورع منه ) .

9ـ قال ( عليه السلام ) : ( أيّما أهل بيت أعطوا حظّهم من الرفق ،
فقد وسّع الله عليهم في الرزق ، والرفق في تقدير المعيشة خير من السعة في
المال ، والرفق لا يعجز عنه شيء ، والتبذير لا يبقى معه شيء ، إنّ الله عزّ
وجل رفيق يحب الرفق )
.


10ـ قال ( عليه السلام ) : ( لرجل : أوصيك إذا أنت هممت بأمر فتدبّر عاقبته ، فإنّ يك رشداً فأمضه ، وإن يك غيّاً فانته عنه ) .

11ـ قال ( عليه السلام ) : ( ليس من عِرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلاّ بذنب ، وما يعفو الله أكثر ) .

12ـ قال ( عليه السلام ) : ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان على من أمكنه ذلك ، ولم يخف على نفسه ولا على أصحابه ) .

13ـ قال ( عليه السلام ) : ( من شهد أمراً فكرهه ، كان كمن غاب عنه ، ومن غاب عن أمر فرضيه ، كان كمن شهده ) .

14ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه ، قيل : كيف يذل نفسه ؟ قال : يتعرّض لما لا يطيق ) .

15ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا يتكلّم الرجل بكلمة حق فيؤخذ بها
إلاّ كان له مثل أجر من أخذ بها ، ولا يتكلّم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلاّ كان
عليه مثل وزر من أخذ بها )
.


16ـ قال ( عليه السلام ) : ( كونوا دُعاةً إلى أنفُسِكُم بِغَير أَلسِنَتِكُم ، وكونوا زَيْناً ولا تكونوا شَيْناً ) .

17ـ قال ( عليه السلام ) : ( إِنَّ الله ارتَضَى لَكُم الإسلام ديناً ، فَأَحسِنُوا صُحبَتُهُ بالسَّخَاء وَحُسن الخُلق ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:09

مواجهة الإمام الصادق ( عليه السلام ) للأفكارِ المُنحرِفة


اتَّسم العصرُ الذي عاشَهُ الإمام الصادق ( عليه السلام ) بظهور الحركات
الفِكريَّة ، ووُفُورِ الآراءِ الاعتقاديَّة الغريبة إلى المجتمع الإسلامي
.


وأهمُّها عنده هي حركة الغُلاة الهدَّامة ، الذين تطلَّعَتْ رؤوسهم في تلك العاصفة الهوجاء إلى بَثِّ روح التفرِقَة بين المسلمين .

وترعْرَعَتْ بناتُ أفكارهم في ذلك العصر ليقوموا بمهمَّة الانتصار لِمَبادِئِهم التي قضى عليها الإسلام .

فقدِ اغتَنَموا الفُرصَة في بَثِّ تلك الآراء الفاسدة في المجتمع
الإسلامي ، فكانوا يبثُّونَ الأحاديثَ الكاذبة ، ويسندونها إلى حَمَلَةِ
العِلم من آل مُحمَّدٍ ، ليغرِّروا به العامَّة .


فكان المغيرة بن سعيد يدَّعي الاتِّصال بأبي جعفر الباقر ، ويروي عنه
الأحاديث المكذوبة ، فأعلَن الإمامُ ‌الصادق ( عليه السلام ) كذبَه
والبراءةَ منه .


وأعطى الإمام ( عليه السلام ) لأصحابه قاعدةً في الأحاديث التي تروى عنه ، فقال ( عليه السلام ) : (
لا تَقبَلوا عَليْنا حَديثاً إِلاَّ مَا وَافَقَ القُرآنَ وَالسُّنَّةَ ،
أوْ تَجِدُونَ مَعَه شَاهِداً مِنَ أحَادِيثِنَا المُتقدِّمَة )
.


ثم إن الإمام ( عليه السلام ) قام بهداية الأمَّة إلى النهج الصواب ، في
عصرٍ تضارَبَتْ فيه الآراء والأفكار واشتَعَلَتْ فيه نار الحرب بين
الأمويِّين ومُعارِضيهم من العباسيِّين .


ففي ‌تلك الظروف الصعبة و القاسية استغلَّ الإمام ( عليه السلام )
الفرصة ، فنشر من أحاديثِ جَدِّه المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) ، وعلوم
آبائه ( عليهم السلام ) ما سارت به الرُكبان ، وتربَّى على يَديه آلافُ من
المحدِّثين والفقهاء .


ولقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقاة - على اختلافِ آرائهم
ومقالاتهم - فكانوا أربعة آلاف رَجُل ، وهذِه سِمَة امتاز بها الإمام
الصادق ‌عن غَيرِه من الأئمَّة ( عليهم السلام ) .


شرع الإمام ( عليه السلام ) بالرواية عن جدِّه و آبائه ( عليهم السلام )
عندما اندفع المسلمون إلى تدوين أحاديث ‌النبي ( صلى الله عليه وآله )
بعد الغفلة التي استمرَّت إلى عام ( 143 هـ ) .


حيث اختلط آنذاك ‌الحديث الصحيح بالضعيف ، وتسرَّبت إلى السُنَّة العديد
من الروايات الإسرائيلية ‌الموضوعة من قبل أعداء الإسلام ، من الصليبيِّين
والمجوس ، بالإضافة إلى ‌المختَلَقَات والمجعولات على يد علماء السلطة ،
ومرتزقة البلاط الأموي .


ومِن هنا فقد وجد الإمام ( عليه السلام ) أنَّ أمر السنَّة النبوية قد بدأ يأخذ اتِّجاهات خطيرة ، ‌وانحرافات واضحة .

فعمد ( عليه السلام ) للتصدِّي لهذه الظاهرة الخطيرة ، وتفنيد الآراء
الدخيلة على الإسلام ، والتي تسرَّب الكثير منها نتيجة الاحتكاك الفكري
والعقائدي بين المسلمين وغيرهم .


إن تلك الفترة شكَّلتْ تحدِّياً خطيراً لوجود السنة النبوية ، وخلطاً
فاضحاً في كثير من ‌المعتقدات ، لذا فإنَّ الإمام ( عليه السلام ) كان
بحقٍّ سَفينَة النجاة من هذا المُعتَرَك العَسِر .


إن علوم أهل البيت ( عليهم السلام ) متوارثة عن جَدِّهم المصطفى ( صلى
الله عليه وآله ) ، الذي أخذها عن الله تعالى بواسطة الأمين جبرائيل ( عليه
السلام ) ، فلا غرو أن تجدَ الأمَّة ضالَّتها فيهم ( عليهم السلام ) ،
وتجدُ مَرْفأ الأمان في هذه اللُّجَجِ العظيمة .


ففي ذلك الوقت ، حيث أخذ كلٌّ يحدِّث عن مجاهيل ونكرات ، ورموز ضعيفة
ومطعونة ، أو أسانيد مشوَّشة ، تجد أنَّ الإمام الصادق ( عليه السلام )
يقول : ( حَديثِي حَديثُ أبِي ( عليه السلام ) ، وحَديثُ أبي حَديثُ
جَدِّي ( عليه السلام ) ، وحَدِيثُ جَدِّي حَديثُ عَليِّ بن أبي طَالِب (
عليه السلام ) ، وحَديثُ عَليٍّ حَديثُ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله )
، وحَديثُ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) قولُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ )
.


بَيْدَ أنَّ ما يثير العجب أن تجدَ من يُعرض عن دَوحَةِ النُبوَّة إلى
رجالٍ قَدْ كانوا وبالاً على الإسلام وأهلِه ، وتلك وَصْمَةُ عارٍ وتقصيرٍ
لا عُذرَ فيه ، خُصُوصاً في صَحيح البُخاري
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:11

مواقف الإمام الصادق ( عليه السلام ) مع حكام الجور


عايش الإمام الصادق ( عليه السلام ) الحكَّام الأمويين ، من عبد الملك بن مروان ، حتى سقوط الحكم الأموي سنة ( 132 هـ )


ثم آلَتْ الخلافة بعد ذلك إلى بني العباس ، فعاصر من خلفائهم أبا العباس
السفاح ، وشطراً من خلافة أبي جعفر المنصور ، بحوالي عشر سنوات .


وقد شاهد بنفسه خلال مُدَّة إمامته مِحنة آل البيت ( عليهم السلام ) ،
وآلام الأمة ، وشكواها ، إلاَّ أنه لم يكن يملك القدرة على التحرك .


لذلك نجد الإمام ( عليه السلام ) انصرف عن الصراع السياسي المكشوف إلى
بناء المقاومة بناءً علمياً ، وفكرياً ، وسلوكياً ، يحمل روح الثورة .


وبهذه الطريقة راحَ الإمام ( عليه السلام ) يربِّي العلماء ، وجماهير
الأمة ، على مقاطعة الحُكَّام الظلمة ، ومقاومتهم ، عن طريق نشر الوعي
العقائدي ، والسياسي ، والتفَقُّه في أحكام الشريعة .


ونورد الآن بعض ما كان من الإمام الصادق ( عليه السلام ) مع أبي جعفر
المنصور ، وَوُلاتِه ، من المواقف التي يُعلِنُ ( عليه السلام ) فيها
بالحقِّ ، غير مكترثٍ بما له من سطوة ، ولولاته من قسوة :



بعض مواقفه ( عليه السلام ) من المنصور :




الموقف الأول :



سأل المنصورُ الإمامَ ( عليه السلام ) يوماً عن الذُّباب ، وهو يَتَطايح
على وجهه ، حتَّى أضجره ، قائلاً : يا أبا عبد الله ، لِم خلق اللهُ
الذباب ؟


فقال ( عليه السلام ) : ( لِيُذلَّ به الجبابرة ) .

فسَكَت المنصور علماً منه أنه لو ردَّ عليه لوخزه بما هو أمضُّ جرحاً ، وأنفذ طعناً .


الموقف الثاني :



كتب المنصور إلى الإمام ( عليه السلام ) في إحدى المرَّات : لِم لا تغشانا كما تغشانا الناس ؟

فأجابه ( عليه السلام ) : ( لَيسَ لنا ما نخافك من أجله ، ولا عندك
من أمر الآخرة ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمة فَنُهنِّيك ، ولا تَراها نقمة
فَنُعزِّيك ، فما نصنع عندك )
.


فكتب المنصور إليه ( عليه السلام ) : تصحبنا لتنصحنا .

فأجابه ( عليه السلام ) : ( مَنْ أرادَ الدُّنيا لا ينصحك ، ومَنْ أرادَ الآخِرَة لا يَصحبُك ) .

فقال المنصور : والله لقد مَيَّز عندي منازل من يريد الدنيا مِمَّن يريد الآخرة ، وإنه ممَّن يريد الآخرة لا الدنيا .


الموقف الثالث :



استقدم المنصور الإمام الصادق ( عليه السلام ) مرَّة ، وهو - المنصور - غضبان عليه .

فلما دخل الإمام ( عليه السلام ) على المنصور قال المنصور له : زعم
أوغاد الحِجاز ورعاع الناس أنك حَبْر الدهر ، وناموسه ، وحُجَّة المعبود
وترجمانه ، وعَيبةَ عِلمه ، وميزان قسطه ، ومصباحه الذي يقطع به الطالب عرض
الظلمة إلى ضياء النور .


وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدَّك في الدنيا عملاً ، ولا يرفع له يوم القيامة وزناً ، فنسبوك إِلى غير حدِّك .

وقالوا فيك ما ليس فيك ، فقل ، فإنَّ أوَّل من قال الحقَّ جدُّك ،
وأوَّل من صدَّقه عليه أبوك ، وأنت حريٌّ أن تقتصَّ آثارهما ، وتسلك
سبيلهما .


فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( أنا فرع من فروع الزَّيتُونة ،
وقِنديل من قناديل بيت النبوة ، وأديب السفرة ، وربيب الكرام البررة ،
ومِصباح من مصبايح المِشكاة ، التي فيها نور النور ، وصفوة الكلمة الباقية
في عقب المصطفين إلى يوم الحشر )
.


فالتفت المنصور إلى جلسائه فقال : هذا قد حَالَني على بحر مَوَّاج ، لا
يُدرَك طرفه ، ولا يبلغ عمقه ، تُحارُ فيه العلماء ، ويغرقُ فيه السُبَحاء ،
ويضيق بالسابح عرض الفضاء .


هذا الشجى المعترض في حلوق الخلفاء ، الذي لا يجوز نفيه ، ولا يحلُّ
قتله ، ولولا ما تجمعني وإِيَّاه شجرة طاب أصلها ، وبسق فرعها ، وعَذِب
ثمرها ، وبُورِكت في الذَر ، وقُدِّست في الزُبُر ، لكان مِنِّي ما لا
يُحمَد في العواقب ، لِمَا يبلغني عنه من شِدَّة عَيبهِ لنا ، وسوء القول
فينا .


فقال ( عليه السلام ) : ( لا تُقبلُ في ذي رَحمك ، وأهل الرعاية من
أهل بيتك ، قولُ من حرَّم الله عليه الجنة ، وجعل مأواه النار ، فإن
النمَّام شاهدُ زور ، وشريك إبليس في الإغراء بين الناس .


فقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا
قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )
الحجرات 6 .


ونحن لك أنصار وأعوان ، ولملكك دعائم وأركان ، ما أمرت بالمعروف
والإحسان ، وأمضيت في الرعيَّة أحكام القرآن ، وأرغمت بطاعَتِك لله أنف
الشيطان ، وإِن كان يجب عليك في سِعَة فهمك ، وكثرة علمك ، ومعرفتك بآداب
الله ، أن تَصِلَ من قطعك ، وتعطي من حَرَمك ، وتَعفو عَمَّن ظلمك ) .


فقال المنصور : قد صَفَحتُ عنك لقدرك ، وتجاوزتُ عنك لِصِدقك ، فَحدثني
عن نفسك بحديثٍ أتَّعِظُ به ، ويكون لي زاجر صِدقٍ عن الموبقات .


فقال ( عليه السلام ) : ( عليك بالحِلم ، فإنَّه رُكن العلم ،
واملك نفسك عند أسباب القدرة ، فإنك إِن تفعلْ ما تقدر عليه كُنتَ كَمَن
شفى غيظاً ، أو تداوى حقداً ، أو يحبُّ أن يذكر بالصولة ،
واعلم بأنَّك إن عاقبت مستحقّاً لم تكن غاية ما توصف به إِلا العدل ، والحال التي توجب الشكر ، أفضل من الحال التي توجب الصبر ) .


فقال المنصور : وعظتَ فأحسنتَ ، وقلتَ فأوجَزْت .

نقول : إِن أمثال هذه المواقف تعطينا دروساً وافيه عمَّا كان عليه أهل
ذلك العصر ، من سياسة ، وعلم ، واعتقاد ، وغيرها ، وهنا نستطيع أن نتعرَّف
عِدَّة اُمور :



الأمر الأول :



إِن المنصور يريد ألا يظهر الإمام الصادق ( عليه السلام ) بمظهر الإمامة ، فحاوَلَ أن يخدعه أمام الناس بتلك الكلمات الليِّنة .

وهنا تعرف دَهَاء المنصور ، لأن العبَّاسيِّين إِنما تربَّعوا على العرش
باسم الإمامة والخلافة ، فلو كان هناك إِمام آخر يَرى شَطر من الأمة أنه -
الإمام الآخر - صاحب المنبر والتاج لا يتم لهم - للعباسيِّين - أمرٌ .


ويريد المنصور ألا يعارضه أحدٌ في سلطانه ، فكان يدافع عن عرشه بالشدَّة مرَّةً ، وباللِّين أخرى .

فكان من سياسته أن جَابَه الإمام ( عليه السلام ) أمام المَلأ بهذا
القول ، وحسب أنَّ الإمام ( عليه السلام ) سوف يبطل ما يقوله الناس فيه ،
وبه يحصل ما يريد ، وهو يعلم أنَّ الإمام ( عليه السلام ) لا يجابهه
بالردِّ ، وذلك حذراً من سطوته .



الأمر الثاني :



إنَّ الإمام ( عليه السلام ) إمامٌ بجعل إِلهي ، والإمامة في أهل البيت (
عليهم السلام ) وفي الإمام الصادق ( عليه السلام ) ليست وليدة عصر المنصور
، وإنما هي من عهد صاحب الرسالة ( صلى الله عليه وآله ) .


فالإمام الصادق ( عليه السلام ) وقَع بين أمرين : إِن جارى ( عليه
السلام ) المنصور فقد أبطل إِمامة إِلهية ، وإِن عارضه ( عليه السلام ) لا
يأمن من شرِّه .


ومن ثَمَّ أجاب الإمامُ ( عليه السلام ) المنصورَ بكلماتٍ مُجمَلة ، لا تصرِّح بالإمامة ، ولا تبطل قول الناس فيه .

ولذا قال المنصور : هذا قد حَالَني على بَحرٍ مَوَّاج ، لا يُدرَكُ طرفُه .. .


الأمر الثالث :



إن قولنا - نحن الشيعة - في الإمام ( عليه السلام ) من ذلك اليوم على ما
هو عليه اليوم ، لأن هذا ما تقتضيه أصول المذهب ، وتدلُّ عليه أخبار أهل
البيت ( عليهم السلام ) وآثارهم .



الأمر الرابع :



إِن سكوت الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وعدم إبطاله لأن يكون كما
يقول الناس ، برهان على أن حقيقة الإمامة ، كما يحكيها المنصور عن الناس .


ولو كانت حقيقتها غير هذا لقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : إِن هذا
الرأي والقول باطل ، بل لوجب عليه إِعلام الناس بِبُطلانه ، ورَدْعهم عن
هذا المُعتَقَد .



الأمر الخامس :



إِن القائل بإمامة الصادق ( عليه السلام ) خَلقٌ كثير من الناس ، ممَّا
جعل المنصور يفكِّر فيه ، ويخشى من اتِّساعه ، ومن عقباه ، فحاوَلَ أن
يتذرَّع بالإمام الصادق ( عليه السلام ) لمكافحته .



الأمر السادس :



إِن المرء بأصغريه ، فالإمام الصادق ( عليه السلام ) لو لم تسبق الأخبار
والآثار عن منزلته ، لكان في مثل كلامه ، ومثل موقفه ، هذا دلالة على ما
له ( عليه السلام ) من مقام .


أتراه ( عليه السلام ) كيف حَادَ عن جواب المنصور بما حَيَّره ، ومن دون
أن يصرِّح بخلاف ما حكاه عن الشيعة ، ودون أن يصرِّح بصحَّة ما يرون ؟ .


وكيف وعيت ذلك البيان منه عن نفسه ، ببليغ من القول ، وجليل من المعنى ،
وكيف وعظَ ( عليه السلام ) المنصور بما يوافق شأن الملوك ، وما يتَّفق
وابتلاءهم كثيراً ؟ .


وهذا بعض ما يمكن استنباطه من هذا الموقف ، وفهم حال الناس ذلك اليوم ، وكفى به عن سواه .


من مواقفه ( عليه السلام ) من وُلاة المنصور :



للإمام الصادق ( عليه السلام ) مواقف كثيرة مع وُلاة المنصور ، نذكر من تلك المواقف الموقف الآتي :

جاء إِلى المدينة والياً من قبل المنصور ، رجل يقال له شَيبة بن عفال ،
يقول عبد الله بن سليمان التميمي : فلما حضرت الجمعة صار شيبة إلى مسجد
الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، فرقى المنبر ، وحمد الله ، وأثنى عليه ،
ثم قال : أما بعد ، فإن علي بن أبي طالب شقَّ عصا المسلمين ، وحارب
المؤمنين ، وأراد الأمر لنفسه ، ومنعه أهله .


فحرَّمه الله عليه ، وأماته بغصَّته ، وهؤلاء وُلده يتبعون أثره في
الفساد ، وطلب الأمر بغير استحقاق له ، فهم في نواحي الأرض مقتولون ،
وبالدماء مضرّجون .


فعظُم هذا الكلام منه على الناس ، ولم يجسر أحد منهم أن ينطق بحرف ،
فقام إليه رجل فقال : ونحمد الله ، ونُصلِّي على محمَّدٍ ( صلى الله عليه
وآله ) خاتم النبيين ، وسيد المرسلين ،وعلى رُسُل الله وأنبيائه ( عليهم
السلام ) أجمعين .


أمَّا ما قلت من خير فنحن أهله ، وأمَّا ما قلت من سوء فأنت وصاحبُك به
أولى ، فاختبر يا من ركب غير راحلته ، وأكَلَ غير زاده ، اِرجع مأزوراً .


ثم أقبل على الناس فقال : ألا أنبئكم بأخلى الناس ميزاناً يوم القيامة ،
وأبيَنَهم خسراناً ، من باع آخرته بدنيا غيره ، وهو هذا الفاسق .


فأسكت الناس ، وخرج الوالي من المسجد ولم ينطق بحرف ، فسألت عن الرجل ،
فقيل لي : هذا جعفر ، بن محمد ، بن علي ، بن الحسين ، بن علي ، بن أبي طالب
( عليهم السلام ) .


نقول : هذا موقف من مواقفه ( عليه السلام ) من رجال المنصور ، دعاه إلى
الشدَّة فيها الغضب للحق ، حين وجد أنَّ الكلام أولى من السكوت ، وإن أبدى
فيها صفحته للسيف .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:12

مناظرة الإمام الصادق ( عليه السلام ) مع ابن أبي العوجاء


للإمام الصادق ( عليه السلام ) مناظرات جمّة مع ابن أبي العوجاء ، وكان
بعضها في التوحيد ، وكان ابن أبي العوجاء واسمه عبد الكريم من الملاحدة
المشهورين ، واعترف بدسّه الأحاديث الكاذبة في أحاديث النبي ( صلى الله
عليه وآله ) ، وكفى في معرفة حاله هذه المناظرات ، وقد قُتِل على الإلحاد
كما قُتِل صاحبه ابن المقفّع .


فمن تلك المناظرات : أنّه كان يوماً هو وعبد الله بن المقفّع في المسجد
الحرام ، فقال ابن المقفّع : ترون هذا الخلق - وأومأ بيده إلى موضع الطواف -
ما منهم أحد أوجب له اِسم الإنسانية إِلاّ ذلك الشيخ الجالس - يعني أبا
عبد الله جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) - وأمّا الباقون فرعاع وبهائم .


فقال له ابن أبي العوجاء : وكيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء ؟
فقال : لأنّي رأيت عنده ما لم أره عندهم ، فقال ابن أبي العوجاء : لا بدّ
من اختبار ما قلت فيه منه ، فقال له ابن المقفّع : لا تفعل فإنّي أخاف أن
يفسد عليك ما في يدك .


فقال : ليس ذا رأيك ، لكن تخاف أن يضعف رأيك عندي في إِحلالك إِيّاه هذا
المحلّ الذي وصفت ، فقال ابن المقفّع : أمّا إذا توسّمت عليّ فقم إليه ،
وتحفّظ من الزلل ، ولا تثن عنانك إلى استرسال فيسلّمك إلى عقال ، وسمة ما
لك وعليك ، فقام ابن أبي العوجاء ، فلمّا رجع قال : ويلك يا ابن المقفّع ما
هذا ببشر ، وإِن كان في الدنيا روحاني يتجسّد إذا شاء ظاهراً ، ويتروّح
إذا شاء باطناً فهو هذا .


فقال له : كيف ذلك ؟ فقال : جلست إليه فلمّا لم يبق عنده أحد غيري ابتدأني فقال : ( إِن يكن الأمر على ما يقول هؤلاء ، وهو على ما يقولون - يعني أهل الطواف - فقد سلموا وعطبتم ، وإِن يكن الأمر كما تقولون ، وليس كما تقولون ، فقد استويتم وهم ) ، فقلت : يرحمك الله وأيّ شيء نقول ؟ وأيّ شيء يقولون ؟ ما قولي وقولهم إِلاّ واحد .

فقال : ( وكيف يكون قولك وقولهم واحداً ، وهم يقولون : إِنّ لهم
معاداً وثواباً وعقاباً ، ويدينون بأنّ للسماء إِلهاً ، وأنّها عمران ،
وأنتم تزعمون أنّ السماء خراب ليس فيها أحد )
، قال : فاغتنمتها
منه ، فقلت له : ما منعه إِن كان الأمر كما يقولون : أن يظهر لخلقه يدعوهم
إلى عبادته ، حتّى لا يختلف فيه اثنان ؟ لِمَ احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل
؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به .


فقال لي : ( ويلك كيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك ؟ نشوَّك
ولم تكن ، وكبرك بعد صغرك ، وقوَّتك بعد ضعفك ، وضعفك بعد قوَّتك ، وسقمك
بعد صحّتك ، وصحّتك بعد سقمك ، ورضاك بعد غضبك ، وغضبك بعد رضاك ، وحزنك
بعد فرحك ، وفرحك بعد حزنك ، وحبّك بعد بغضك ، وبغضك بعد حبّك ، وعزمك بعد
إِنابتك ، وإِنابتك بعد عزمك ، وشهوتك بعد كراهتك ، وكراهتك بعد شهوتك ،
ورغبتك بعد رهبتك ، ورهبتك بعد رغبتك ، ورجاءك بعد يأسك ، ويأسك بعد رجائك ،
وخاطرك لما لم يكن في وهمك ، وغروب ما أنت معتقده عن ذهنك )
.


وما زال يعد عليّ قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها ، حتّى ظننت أنّه سيظهر فيما بيني وبينه .

ودخل على الإمام الصادق ( عليه السلام ) يوماً ، فقال : أليس تزعم أنّ الله تعالى خالق كلّ شيء ؟ فقال ( عليه السلام ) : ( بلى ) ، فقال : أنا أخلق ، فقال له ( عليه السلام ) : ( كيف تخلق ؟ ) فقال : أحدث في الموضع ، ثمّ ألبث عنه فيصير دواباً ، فكنت أنا الذي خلقتها .

فقال ( عليه السلام ) : ( أليس خالق الشيء يعرف كم خلقه ؟ ) قال : بلى ، قال ( عليه السلام ) : ( فتعرف الذكر من الأنثى ؟ وتعرف عمرها ؟ ) فسكت .

وللإمام لصادق ( عليه السلام ) نظير ذلك مع الجعد بن درهم ، وكان من أهل
الضلال والبدع ، وقتله والي الكوفة يوم النحر لذلك ، قال ابن شهراشوب :
قيل إِنّ الجعد بن درهم جعل في قارورة ماءً وتراباً فاستحال دوداً وهواماً ،
فقال لأصحابه : أنا خلقت ذلك لأنّي كنت سبب كونه ، فبلغ ذلك جعفر بن محمّد
( عليهما السلام ) .


فقال : ( ليقل كم هي ؟ وكم الذكران منه والإناث إِن كان خلقه ، وكم وزن كلّ واحدة منهنّ ، وليأمر الذي سعى إلى هذا الوجه أن يرجع إلى غيره ) ، فانقطع وهرب .

ثمّ أنّ ابن أبي العوجاء عاد إليه في اليوم الثاني ، فجلس وهو ساكت لا ينطق ، فقال ( عليه السلام ) : ( كأنّك جئت تعيد بعض ما كنّا فيه ) ، فقال : أردت ذلك يا ابن رسول الله ، فقال ( عليه السلام ) : ( ما أعجب هذا تنكر الله ، وتشهد أنّي ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ! ) فقال : العادة تحملني على ذلك .

فقال له ( عليه السلام ) : ( فما يمنعك من الكلام ؟ )
قال : إِجلال لك ومهابة ، ما ينطق لساني بين يديك ، فإنّي شاهدت العلماء ،
وناظرت المتكلّمين فما تداخلني هيبة قط مثلما تداخلني من هيبتك ، قال (
عليه السلام ) : ( يكون ذلك ، ولكن أفتح عليك سؤالاً ) ، وأقبل عليه .


فقال له : ( أمصنوع أنت أم غير مصنوع ؟ ) ، فقال له ابن أبي العوجاء : أنا غير مصنوع ، فقال له ( عليه السلام ) : ( فصف لي لو كنت مصنوعاً كيف كنت تكون ؟ )
فبقي عبد الكريم مليّاً لا يحير جواباً ، وولع بخشبة كانت بين يديه ، وهو
يقول : طويل عريض عميق قصير متحرّك ساكن ، كلّ ذلك من صفة خلقه .


فقال له ( عليه السلام ) : ( فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة من غيرها فاجعل نفسك مصنوعاً لما تجد في نفسك ، ممّا يحدث من هذه الأُمور ) ، فقال له عبد الكريم : سألتني عن مسألة لم يسألني أحد عنها قبلك ، ولا يسألني أحد بعدك عن مثلها .

فقال له ( عليه السلام ) : ( هبك علمت أنّك لم تُسأل فيما مضى
فما علمك إِنّك لم تُسأل فيما بعد ؟ على أنّك يا عبد الكريم نقضت قولك ،
لأنّك تزعم أنّ الأشياء من الأوّل سواء ، فكيف قدّمت وأخّرت ؟ يا عبد
الكريم : أنزيدك وضوحاً ؟ أرأيت لو كان معك كيس فيه جواهر ، فقال لك قائل :
هل في الكيس دينار ، فنفيت كون الدينار في الكيس ، فقال لك قائل : صف لي
الدينار ؟ وكنت غير عالم بصفته ، هل لك أن تنفي كون الدينار في الكيس وأنت
لا تعلم ؟ )
.


قال : لا ، فقال ( عليه السلام ) : ( فالعالَم أكبر وأطول وأعرض من الكيس ، فلعلّ في العالَم صنعة من حيث لا تعلم ، لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة ) ، فانقطع عبد الكريم ، وأجاب إِلى الإِسلام بعض أصحابه ، وبقي معه بعض .

فعاد في اليوم الثالث ، فقال : أقلب السؤال ، فقال ( عليه السلام ) : ( سل عمّا شئت ) ، فقال : ما الدليل على حدوث الأجسام ؟

فقال : ( إِنّي ما وجدت صغيراً ولا كبيراً إِلاّ وإذا ضمّ إليه
مثله صار أكبر ، وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الأولى ، ولو كان قديماً
ما زال ولا حال ، لأنّ الذي يزول ويحول يجوز أن يجود ويبطل ، فيكون بوجوده
بعد عدمه دخول في الحدث ، وفي كونه في الأُولى دخوله في العدم ، ولن يجتمع
صفة الأزل والعدم في شيء واحد )
.


فقال عبد الكريم : هبك علمت في جري الحالين والزمانين على ما ذكرت
واستدللت على حدوثها ، فلو بقيّت الأشياء على صغرها من أين كان لك أن
تستدلّ على حدوثها ؟


فقال ( عليه السلام ) : ( إِنّما نتكلّم على هذا العالَم الموضوع
، فلو رفعناه ووضعنا عالماً آخر كان لا شيء أدلّ على الحدث من رفعنا
إِيّاه ووضعنا غيره ، ولكن أجبت من حيث قدرت إِنّك تلزمنا وتقول : إِنّ
الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنّه متى ما ضمّ شيء منه إلى مثله
كان أكبر ، وفي جواز التغيّر عليه خروجه من القدم كما بان في تغيير دخوله
في الحدث ، ليس وراءه شيء يا عبد الكريم )
، فانقطع وخزي .


أقول : إِنّ خلاصة كلام الإمام الصادق ( عليه السلام ) : أنّ هذا
العالَم إِذا ضمّ شيء منه إِلى شيء آخر حدث شيء أكبر ، وفي ذلك زوال عن
الحالة الأُولى وانتقال إلى حال أُخرى ، والقديم لا تطرأ عليه هذه
التحوّلات ، ولو كان ذلك التأليف بالفرض والوهم ، كما لو كانت الأشياء حسب
فرض ابن أبي العوجاء باقية على صغرها لا تكبر ، لأنّه من الأُمور البديهية ،
بل أبده البديهيّات أنّه بضمّ شيء إِلى شيء تحصل زيادة على كلّ من الشيئين
، وهذه إِحدى بديهيّات أربع هي أساس العلوم الرياضية كلّها .


فقد أرجع الإمام الدليل على حدوث العالَم إلى أوضح بديهيّة في العقول
التي لا يختلف فيها اثنان ، على أنّه ( عليه السلام ) مع ذلك أجاب على
تقدير هذا الفرض المحال ، وهو أنّ الأشياء تبقى على ما هي عليه بضمّ بعضها
إلى بعض ، أجاب بأنّ هذا الفرض نفسه هو فرض جواز التغيير عليه ، وخروجه من
القِدم ودخوله في الحدث ، لأنّ المفروض أنّ العالَم تقبل الأشياء فيه
الزيادة بضمّ بعضها إلى بعض ، فلو فرضناه عالماً آخر لا يقبل ذلك فقد فرضنا
رفع هذا العالَم وتغييره ، فيتحقّق فيه الاستدلال على المطلوب .


ما أدقّ هذا الدليل وأبدعه ، ولذلك انقطع به ابن أبي العوجاء وخزي .

ولمّا كان في العام القابل التقى معه في الحرم ، فقال له بعض شيعته : إِنّ ابن أبي العوجاء قد أسلم ، فقال ( عليه السلام ) : ( هو أعمى من ذلك لا يسلم ) ، فلمّا بصر بالصادق ( عليه السلام ) قال : سيّدي ومولاي ، فقال له : ( ما جاء بك إلى هذا الموضع ؟ ) .

فقال : عادة الجسد وسنّة البلد ، ولنبصر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة ، فقال له ( عليه السلام ) : ( أنت بعدُ على عتوّك وضلالك يا عبد الكريم ) ، فذهب يتكلّم .

وناظر الإمام الصادق ( عليه السلام ) يوماً في تبديل الجلود في النار ، فقال : ما تقول في هذه الآية : ( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا ) ، هب هذه الجلود عصت فعذّبت ، فما بال الغير يعذّب ؟

قال ( عليه السلام ) : ( ويحَك هي هي ، وهي غيرها ) ، قال : اعقلني هذا القول ، فقال له ( عليه السلام ) : (
أرأيت لو أنّ رجلاً عهد إلى لبنة فكسرها ، ثمّ صبّ عليها الماء وجبلها ،
ثم ردّها إلى هيئتها الأولى ، ألم تكن هي هي ، وهي غيرها ؟ )
فقال : بلى ، أمتع الله بك
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:13

مناظرة الإمام الصادق ( عليه السلام ) مع رؤساء المعتزلة


دخل على الإمام الصادق ( عليه السلام ) أُناس من رؤساء المعتزلة ،
وفيهم عمرو بن عبيد ، وواصل بن عطاء ، وحفص بن سالم ، وذلك حين قتل الوليد ،
واختلف أهل الشام بينهم ، فتكلّموا وأكثروا ، وخطبوا فأطالوا .


فقال لهم الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إِنّكم قد أكثرتم عليّ فأطلتم ، فأسندوا أمركم إلى رجل منكم ، فليتكلّم بحجّتكم وليوجز ) ، فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال .

فكان فيما قال : قتَل أهلُ الشام خليفتهم ، وضرب الله بعضهم ببعض ،
وتشتّت أمرهم ، فنظرنا فوجدنا رجلاً له دين وعقل ومروّة ومعدن للخلافة ،
وهو محمّد بن عبد الله بن الحسن ، فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه ، ثمّ نظهر
أمرنا معه ، وندعو الناس إليه ، فمن بايعه كنّا معه وكان معنا ، ومن
اعتزلنا كففنا عنه ، ومن نصب لنا جاهدناه ، ونصبنا له على بغيه ، ونردّه
إلى الحق وأهله ، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك ، فإنّه لا غناء لنا عن مثلك
، لفضلك وكثرة شيعتك .


فلمّا فرغ ، قال ( عليه السلام ) : ( أكلّكم على مثل ما قال عمرو ؟ ) قالوا : نعم ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ثمّ قال : (
إِنّما نسخط إذا عُصي الله ، فإذا أُطيع الله رضينا ، أخبرني يا عمرو : لو
أنّ الأمّة قلّدتك أمرها ، فملكته بغير قتال ولا مؤونة ، فقيل لك : ولّها
من شئت ، مَن تولّي ؟ )
.


قال : كنت أجعلها شورى بين المسلمين ، قال ( عليه السلام ) : ( بين كلّهم ؟ ) قال : نعم ، قال ( عليه السلام ) : ( بين فقهائهم وخيارهم ؟ ) قال : نعم ، قال ( عليه السلام ) : ( قريش وغيرهم ؟ ) قال : العَرب والعجم ، قال ( عليه السلام ) : ( يا عمرو أتتولّى أبا بكر وعمر أو تتبرّأ منهما ؟ ) قال : أتولاهما .

قال ( عليه السلام ) : ( يا عمرو إِن كنت رجلاً تتبرّأ منهما ،
فإنّه يجوز لك الخلاف عليهما ، وإِن كنت تتولاهما فقد خالفتهما ، قد عهد
عمر إلى أبي بكر فبايعه ، ولم يشاور أحداً ، ثمّ ردّها أبو بكر عليه ، ولم
يشاور أحداً ، ثمّ جعلها عمر شورى بين ستة ، فأخرج منها الأنصار غير أولئك
الستة من قريش ، ثمّ أوصى الناس فيهم بشيء ، ما أراك ترضى به أنت ولا
أصحابك )
.


قال : وما صنع ؟ قال ( عليه السلام ) : ( أمر صهيباً أن يصلّي
بالناس ثلاثة أيّام ، وأن يتشاور أولئك الستة ليس فيهم أحد سواهم ، إِلاّ
ابن عمر يشاورونه ، وليس له من الأمر شيء ، وأوصى مَن بحضرته من المهاجرين
والأنصار إِن مضت الثلاثة أيّام ولم يفرغوا ويبايعوا أن يضرب أعناق الستة
جميعاً ، وإِن اجتمع أربعة قبل أن يمضي ثلاثة أيّام وخالف اثنان ، أن يضرب
أعناق الاثنين ، أفترضون بذا فيما تجعلون من الشورى في المسلمين ؟ )
.


قالوا : لا ، قال ( عليه السلام ) : ( يا عمرو دع ذا ، أرأيت لو
بايعت صاحبك هذا الذي تدعو إِليه ، ثمّ اجتمعت لكم الأُمّة ولم يختلف عليكم
منهم رجلان ، فأفضيتم إلى المشركين ؟ )
، قالوا : نعم .


قال ( عليه السلام ) : ( فتصنعون ماذا ؟ ) ، قال : ندعوهم إلى الإسلام ، فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية ، قال ( عليه السلام ) : ( فإن كانوا مجوساً وعبدة النار والبهائم ، وليسوا بأهل كتاب ؟ ) قال : سواء .

قال ( عليه السلام ) : ( فأخبرني عن القرآن أتقرؤونه ؟ ) قال : نعم ، قال ( عليه السلام ) : (
اقرأ : قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ
الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ
يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى
يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )
.


قال : فاستثنى عزّ وجل واشترط من الذين أوتوا الكتاب فيهم والذين لم يؤمنوا سواء ، قال ( عليه السلام ) : ( عمّن أخذت هذا ؟ ) قال : سمعت الناس يقولونه ، قال ( عليه السلام ) : ( فدع ذا ، فإنّهم إِن أبوا الجزية فقاتلتهم فظهرت عليهم ، كيف تصنع بالغنيمة ؟ ) قال : أخرج الخمس وأقسّم أربعة أخماس بين مَن قاتل عليها ، قال ( عليه السلام ) : ( تقسّمه بين جميع من قاتل عليها ؟ ) قال : نعم .

قال ( عليه السلام ) : ( فقد خالفت رسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) في فعله وسيرته ، وبيني وبينك فقهاء المدينة ومشيختهم فسلهم ،
فإنّهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
إِنّما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم ، وألاّ يهاجروا على أنّه إِن
دهمه من عدوّه دهم فسيتنفرهم ، فيقاتل بهم وليس لهم من الغنيمة نصيب ، وأنت
تقول بين جميعهم ، فقد خالفت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في سيرته
في المشركين ، دع ذا ، ما تقول في الصدقة ؟ )
.


قال : فقرأ الآية : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ
وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
قال ( عليه السلام ) : ( نعم ، فكيف تقسّم بينهم ؟ ) قال : أقسّمها على ثمانية أجزاء ، فأعطي كل جزءٍ من الثمانية جزءاً .


فقال ( عليه السلام ) : ( إِنّ كان صنف منهم عشرة آلاف ، وصنف رجلاً واحداً أو رجلين أو ثلاثة ، جعلت لهذا الواحد مثلما جعلت لعشرة آلاف ؟ ) قال : نعم ، قال ( عليه السلام ) : ( وتصنع بين صدقات أهل الحضر والبوادي فتجعلهم سواء ؟ ) قال : نعم .

قال ( عليه السلام ) : ( فخالفت رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
في كلّ ما به قلت في سيرته ، كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقسّم
صدقة البوادي في أهل البوادي ، وصدقة الحضر في أهل الحضر ، ولا يقسّمها
بينهم بالسوية ، إِنّما يقسّمها قدر ما يحضره منهم ، وعلى ما يرى وعلى ما
يحضره ، فإنّ كان في نفسك شيء ممّا قلت ، فإنّ فقهاء أهل المدينة ومشيختهم
كلّهم لا يختلفون في أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كذا كان يصنع )
.


ثمّ أقبل ( عليه السلام ) على عمرو ، وقال : ( اتّقِ الله يا
عمرو ، وأنتم أيّها الرهط ، فاتّقوا الله ، فإنّ أبي حدّثني وكان خير أهل
الأرض ، وأعلمهم بكتاب الله وسنّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّ
رسول الله قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه ، وفي المسلمين من هو
أعلم منه فهو ضالّ متكلّف )
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:14

مناظرة الإمام الصادق ( عليه السلام ) مع الزنديق حول التوحيد


عن هشام بن الحكم ، قال : كان بمصر زنديق يبلغه عن أبي عبد الله الصادق (
عليه السلام ) أشياء ، فخرج إلى المدينة ليناظره ، فلم يصادفه بها ، وقيل :
إِنّه خارج بمكّة ، فخرج إلى مكّة ونحن مع أبي عبد الله ( عليه السلام ) ،
فصادفنا ونحن في الطواف ، وكان اسمه عبد الملك ، وكنيته أبو عبد الله .


فضرب كتفه كتف الإمام ( عليه السلام ) ، فقال له : ( ما اسمك ؟ ) قال : عبد الملك ، قال : ( فما كنيتك ؟ ) قال : أبو عبد الله ، فقال ( عليه السلام ) : (
فمن هذا الملك الذي أنت عبده ؟ أمن ملوك الأرض أم ملوك السماء ؟ وأخبرني
عن ابنك عبد إِله السماء أم عبد إِله الأرض ؟ قل ما شئت تخصم )
، فلم يحر جواباً .


ثمّ أنّ الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال له : ( إذا فرغت من الطواف فأتنا ) ، فلمّا فرغ ( عليه السلام ) أتاه الزنديق ، فقعد بين يديه ونحن مجتمعون عنده ( عليه السلام ) ، فقال أبو عبد الله للزنديق : ( أتعلم أنّ للأرض تحتاً وفوقاً ؟ ) .

قال : نعم ، قال : ( فدخلت تحتها ؟ ) قال : لا ، قال : ( فما يدريك ما تحتها ؟ ) قال : لا أدري إِلاّ أنّي أظن أن ليس تحتها شيء ، فقال ( عليه السلام ) : ( فالظنّ عجز فلِم لا تستيقن ) ، ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( أفصعدت إلى السماء ؟ ) قال : لا ، قال : ( أفتدري ما فيها ؟ ) قال : لا .

قال : ( عجباً لك لم تبلغ المشرق ، ولم تبلغ المغرب ، ولم تنزل
إلى الأرض ، ولم تصعد إلى السماء ، ولم تجز هناك فتعرف ما خلفهنّ ، وأنت
جاحد بما فيهنّ ، فهل يجحد العاقل ما لا يعرف ؟ )
، قال الزنديق : ما كلّمني بها أحد غيرك ، فقال ( عليه السلام ) : ( فأنت من ذلك في شكّ فلعلّه هو ، ولعلّه ليس هو ) ، فقال الزنديق : ولعلّ ذلك .


فقال ( عليه السلام ) : ( أيّها الرجل ليس لمن لا يعلم حجّة على
من يعلم ، ولا حجّة للجاهل ، يا أخا أهل مصر تفهم عنّي ، فإنّا لا نشكّ في
الله أبداً ، أمّا ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان فلا يشتبهان
ويرجعان ، قد اضطرّا ليس لهما مكان إِلاّ مكانهما ، فإنّ كانا يقدران على
أن يذهبا فلِم يرجعان ؟ وإن كانا غير مضطرّين ، فلِم لا يصير الليل نهاراً
والنهار ليلاً ؟ اضطرّا والله يا أخا أهل مصر إلى دوامهما ، والذي اضطرّهما
أحكم منهما وأكبر )
.


فقال الزنديق : صدقت ، ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( يا أخا أهل
مصر إِنّ الذي تذهبون إليه وتظنّون أنّه الدهر ، إِن كان الدهر يذهب بهم
فلِم لا يردّهم ؟ وإِن كان يردّهم لِم لا يذهب بهم ؟ القوم مضطرّون يا أخا
أهل مصر ، لِم السماء مرفوعة والأرض موضوعة ؟ لِم لا تنحدر السماء على
الأرض ؟ لِم لا تنحدر الأرض فوق طباقها ؟ ولا يتماسكان ولا يتماسك مَن
عليها ؟ )
.


قال الزنديق : أمسكهما الله ربّهما سيّدهما ، قال : فآمن الزنديق على
يدي الإمام ( عليه السلام ) ، فقال حمران بن أعين : جعلت فداك إِن آمنت
الزنادقة على يدك فقد آمن الكفّار على يد أبيك ، فقال المؤمن الذي آمن على
يدي الإمام ( عليه السلام ) : اجعلني من تلامذتك .


فقال ( عليه السلام ) : ( يا هشام بن الحكم خذه إليك ) ، فعلّمه هشام ، وكان معلّم أهل الشام وأهل مصر الإيمان ، وحسنت طهارته حتّى رضي بها ( عليه السلام ) .

وجاء إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) زنديق آخر ، وسأله عن أشياء
نقتطف منها ما يلي : قال له : كيف يعبد الله الخلق ولم يروه ؟ قال ( عليه
السلام ) : ( رأته القلوب بنور الإيمان ، وأثبتته العقول بيقظتها
إِثبات العيان ، وأبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب وإِحكام التأليف ،
ثمّ الرسل وآياتها ، والكتب ومحكماتها ، واقتصرت العلماء على ما رأت من
عظمته دون رؤيته )
.


قال : أليس هو قادر أن يظهر لهم حتّى يروه فيعرفونه فيُعبد على يقين ؟ قال ( عليه السلام ) : ( ليس للمحال جواب ) .

أقول : إِنّما الرؤية تثبت للأجسام ، وإِذا لم يكن تعالى جسماً استحالت
رؤيته ، والمحال غير مقدور لا من جهة النقص في القدرة بل النقص في المقدور .


قال الزنديق : فمن أين أثبت أنبياءً ورسلاً ؟ قال ( عليه السلام ) : (
إِنّا لمّا أثبتنا أنَّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا ، وعن جميع ما
خلق ، وكان ذلك الصانع حكيماً لم يجز أن يشاهده خلقه ، ولا أن يلامسوه ،
ولا أن يباشرهم ويباشروه ، ويحاجّهم ويحاجّوه ، ثبت أنّ له سفراء في خلقه
وعباده ، يدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم ، وما به بقاؤهم ، وفي تركه فناؤهم
.


فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه ، وثبت عند ذلك
أنّ لهم معبّرين ، وهم الأنبياء وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدّبين بالحكمة ،
مبعوثين عنه ، مشاركين للناس في أحوالهم على مشاركتهم لهم في الخلق
والتركيب ، مؤيّدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدلائل والبراهين
والشواهد ، من إِحياء الموتى ، وإِبراء الأكمة والأبرص )
.


ثمّ قال الزنديق : من أيّ شيء خلق الأشياء ؟ قال ( عليه السلام ) : ( من لا شيء ) ، فقال : كيف يجيء شيء من لا شيء ؟

قال ( عليه السلام ) : ( إِنّ الأشياء لا تخلو : إِمّا أن تكون
خلقت من شيء ، أو من غير شيء ، فإن كانت خلقت من شيء كان معه ، فإنّ ذلك
الشيء قديم ، والقديم لا يكون حديثاً ، ولا يتغيّر ، ولا يخلو ذلك الشيء من
أن يكون جوهراً واحداً ولوناً واحداً ، فمن أين جاءت هذه الألوان المختلفة
، والجواهر الكثيرة الموجودة في هذا العالم من ضروب شتّى ؟


ومن أين جاء الموت إِن كان الشيء الذي أُنشئت منه الأشياء حيّاً ؟
أو من أين جاءت الحياة إِن كان ذلك الشيء ميّتاً ؟ ولا يجوز أن يكون من
حيّ وميّت قديمين لم يزالا ، لأنّ الحيّ لا يجيء منه ميّت ، وهو لم يزل
حيّاً ، ولا يجوز أيضاً أن يكون الميّت قديماً لم يزل لما هو به من الموت ،
لأنّ الميّت لا قدرة به ولا بقاء )
.


أقول : إِنّ هذا الأمر على دقّته قد أوضحه الإمام بأحسن بيان ، وردّده
بين أُمور لا يجد العقل سلواها عند الترديد ، وحقّاً إِن كان الشيء الذي
خلقت الأشياء منه قديماً لزم أن يكون مع الله تعالى شيء قديم غير مخلوق له ،
ولو فرض أنّه مخلوق له عاد الكلام الأوّل ، أنّه من أيّ شيء كان مخلوقاً ؟
هذا غير أنّ القديم لا يكون حادثاً ، والميّت لا يكون منه الحي ، والحي لا
يكون منه الميّت ، والحياة والممات لا يتركّبان ، ولو تركّبا عاد الكلام
السابق .


فإنّ الموت لا يصلح أن يكون في الأشياء الحيّة ، ولا بقاء ولا دوام
ليكون باقياً إِلى أن خلق الله منه الأشياء الحيّة ، فلا بدّ إِذن من أن
يكون تعالى قد خلق الأشياء من لا شيء .


ثمّ قال الزنديق : من أين قالوا : إِنّ الأشياء أزلية ؟ قال : ( عليه السلام ) : (
هذه مقالة قوم جحدوا مدبّر الأشياء فكذّبوا الرسل ومقالتهم ، والأنبياء
وما أنبأوا عنه ، وسمّوا كتبهم أساطير ، ووضعوا لأنفسهم ديناً بآرائهم
واستحسانهم ، وإِنّ الأشياء تدلّ على حدوثها من دوران الفلك بما فيه ، وهي
سبعة أفلاك ، وتحرّك الأرض ومن عليها ، وانقلاب الأزمنة ، واختلاف الحوادث
التي تحدث في العالم من زيادة ونقصان ، وموت وبلى ، واضطرار الأنفس إلى
الإقرار بأنّ لها صانعاً ومدبّراً ، ألا ترى الحلو يصير حامضاً ، والعذاب
مرّاً ، والجديد بالياً ، وكلّ إلى تغيّر وفناء )
.


أقول : إِنّ الاستدلال بانقلاب الأزمنة ودوران الفلك من أدقّ الأدلّة
العلمية على حدوث العالم ، الذي قصرت عنه إفهام كثير من الفلاسفة العظام ،
كما أنّه جعل الفلك الدائر فلكاً واحداً ، ثمّ تفسيره بالأفلاك السبعة ، لا
ينطبق إِلاّ على نظرية الهيئة الحديثة ، إِذ يراد به النظام الشمسي ،
ومثله تصريحه بحركة الأرض التي لم يكن يحلم بها أحد من السابقين ، وهي من
مكتشفات العلم الحديث .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:16

مناظرة الإمام الصادق ( عليه السلام ) مع طبيب هندي


حضر الإمام الصادق ( عليه السلام ) مجلس المنصور يوماً ، وعنده رجل من
الهند يقرأ كتب الطب ، فجعل ( عليه السلام ) ينصت لقراءته ، فلمّا فرغ
الهندي قال له : يا أبا عبد الله أتريد ممّا معي شيئاً ؟ قال ( عليه السلام
) : ( لا ، فإنّ معي ما هو خير ممّا معك ) ، قال : وما هو ؟


قال ( عليه السلام ) : ( أداوي الحار بالبارد ، والبارد بالحار ،
والرطب باليابس ، واليابس بالرطب ، وأردّ الأمر كلّه إلى الله عزّ وجل ،
وأستعمل ممّا قاله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأعلم أنّ المعدة
بيت الداء ، وأنّ الحمية هي الدواء ، وأعوّد البدن ما اعتاد )
.


فقال الهندي : وهل الطبّ إِلاّ هذا ؟ فقال ( عليه السلام ) : ( أفتراني عن كتب الطبّ أخذت ؟ ) قال : نعم ، قال ( عليه السلام ) : ( لا والله ، ما أخذت إِلاّ عن الله سبحانه ، فأخبرني أنا أعلم بالطبّ أم أنت ؟ ) فقال الهندي : لا ، بل أنا ، فقال ( عليه السلام ) : ( فأسألك شيئاً ) ، قال : سل .

قال ( عليه السلام ) : ( أخبرني يا هندي : لِمَ كان في الرأس شؤن ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ جعل الشعر عليه من فوقه ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ خلت الجبهة من الشعر ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ كان لها تخطيط وأسارير ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ كان الحاجبان من فوق العينين ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ جعل العينان كاللوزتين ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ جعل الأنف فيما بينهما ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فَلِمَ كان ثقب الأنف في أسفله ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فَلِمَ جعلت الشفّة والشارب من فوق الفم ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فَلِمَ احتدَّ السنّ وعرض الضرس وطال الناب ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ جعلت اللحية للرجال ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ خلت الكفّان من الشعر ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ خلا الظفر والشعر من الحياة ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ كان القلب كحبّ الصنوبر ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ كانت الرئة قطعتين ؟ وجعل حركتها في موضعها ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ كانت الكبد حدباء ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ كانت الكلية كحبّ اللوبياء ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ جعل طيّ الركبتين إلى خلف ؟ ) قال : لا أعلم .

قال ( عليه السلام ) : ( فلِمَ تخصّرت القدم ؟ ) قال : لا أعلم .

فقال ( عليه السلام ) : ( لكنّي أعلم ) ، قال : فأجب .

قال ( عليه السلام ) : ( كان في الرأس شؤن لأنّ المجوّف إِذا كان
بلا فصل أسرع إليه الصداع ، فإذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد ، وجعل
الشعر من فوقه لتوصل بوصوله الأدهان إلى الدماغ ، ويخرج بأطرافه البخار منه
، ويردّ الحرّ والبرد عليه ، وخلت الجبهة من الشعر لأنّها مصبّ النور إلى
العينين .


وجعل فيها التخطيط والأسارير ليحتبس العرق الوارد من الرأس إلى
العين ، قدر ما يميطه الإنسان عن نفسه ، وهو كالأنهار في الأرض التي تحبس
المياه ، وجعل الحاجبان من فوق العينين ليردّا عليهما من النور قدر الكفاية
، ألا ترى يا هندي أنّ من غلبه النور جعل يده على عينيه ، ليردّ عليهما
قدر كفايتهما منه ، وجعل الأنف فيما بينهما ليقسّم النور قسّمين إلى كل عين
سواء .


وكانت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء ، ويخرج منها
الداء ، ولو كانت مربّعة أو مدوّرة ما جرى فيها الميل ، وما وصل إليها دواء
، ولا خرج منها داء ، وجعل ثقب الأنف في أسفله لتنزل منه الأدواء
المتحدّرة من الدماغ ، ويصعد فيه الأراييح إلى المشام ، ولو كان في أعلاه
لما نزل منه داء ، ولا وجد رائحة .


وجعل الشارب والشفّة فوق الفم ، لحبس ما ينزل من الدماغ إلى الفم
، لئلا يتنغّص على الإنسان طعامه وشرابه ، فيميطه عن نفسه ، وجُعلت اللحية
للرجال ليستغنى بها عن الكشف في المنظر ، ويعلم بها الذكر من الأُنثى ،
وجعل السنّ حادّاً لأنّه به يقع العض ، وجعل الضرس عريضاً لأنّه به يقع
الطحن والمضغ ، وكان الناب طويلاً ليسند الأضراس والأسنان ، كالاسطوانة في
البناء .


وخلا الكفّان من الشعر لأنّ بهما يقع اللمس ، فلو كان فيهما شعر
ما درى الإنسان ما يقابله ويلمسه ، وخلا الشعر والظفر من الحياة لأنّ
طولهما سمج يقبح وقصّهما حسن ، فلو كانت فيهما حياة لألم الإنسان قصّهما ،
وكان القلب كحبّ الصنوبر لأنّه منكس ، فجعل رأسه دقيقاً ليدخل في الرئة
فيتروّح عنه ببردها ، لئلا يشيط الدماغ بحرّه .


وجُعلت الرئة قطعتين ليدخل بين مضاغطها ، فيتروّح عنه بحركتها ،
وكانت الكبد حدباء لتثقل المعدة ، ويقع جميعها عليها فيعصرها ، ليخرج ما
فيها من البخار ، وجعلت الكلية كحبّ اللوبياء ، لأنّ عليها مصبّ المني نقطة
بعد نقطة ، فلو كانت مربّعة أو مدوّرة احتبست النقطة الأُولى إلى الثانية ،
فلا يلتذّ بخروجها الحي ، إِذ المني ينزل من فقار الظهر إلى الكلية ، فهي
كالدودة تنقبض وتنبسط ترميه أوّلاً ، فأوّلاً إلى المثانة كالبندقة من
القوس .


وجعل طيّ الركبة إلى خلف ، لأنّ الإنسان يمشي إلى ما بين يديه ،
فتعتدل الحركتان ، ولولا ذلك لسقط في المشي ، وجُعلت القدم مخصّرة ، لأنّ
المشي إذا وقع على الأرض جميعه ثَقل ثُقل حجر الرحى ، فإذا كان على طرقه
دفعه الصبي ، وإذا وقع على وجهه صعب نقله على الرجل )
.


فقال له الهندي : من أين لك هذا العلم ؟

فقال ( عليه السلام ) : ( أخذته عن آبائي ( عليهم السلام ) عن
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن جبرائيل عن ربّ العالمين جلّ جلاله ،
الذي خلق الأبدان والأرواح )
.


فقال الهندي : صدقت ، وأنا أشهد أن لا إِله إِلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله وعبده ، وأنّك أعلم أهل زمانه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:18

كلام الإمام الصادق ( عليه السلام ) في معرفة الله


معرفة الله تعالى أول الواجبات ، وأساس الفضائل والأعمال ، بل هي غاية
الغايات ، ومنتهى كمال الإنسان ، فعلى قدر التفاضل فيها يكون التفاضل بين
الناس .


وكفى من كلامه ( عليه السلام ) فيها أن نورد هذه الشذَرَات الآتية التي
يدعو فيها إلى المعرفة ، ويحثُّ عليها كاشفاً عن جليل آثارها وعظيم
لَذَّتِها .

فقال ( عليه السلام ) : ( لَو يعلم الناسُ ما
في فَضلِ مَعرفةِ اللهِ عزَّ وجلَّ ما مَدُّوا أعينهم إلى ما متَّع الله به
الأعداء من زَهرَة هذه الحياة الدنيا ونعيمها ، وكانت دُنيَاهم أَقَلَّ
عندهُم مِمَّا يَطؤُونَهُ بأرجُلِهِم ، وَلَنعموا بمعرفة الله عزَّ وجلَّ ،
وتلذَّذُوا به تَلَذُّذ من لم يَزَل في روضات الجنَّات مع أولياء الله .


إِن معرفة الله عزَّ وجلَّ أُنْسٌ مِن كُلِّ وَحشةٍ ، وصَاحِبٌ مِن
كُلِّ وِحدَة ، وَنُورٌ من كُلِّ ظُلمة ، وقوَّةٌ مِن كُلِّ ضَعف ،
وشِفَاءٌ مِن كُلَّ سَقم )
.

ثم قال ( عليه السلام ) : ( قَد كان قبلَكُم
قومٌ يَقتلون ويَحرقون ويَنشرون بالمَنَاشير ، وتَضيقُ عليهم الأرض
بِرَحبِهَا ، فما يَردُّهُم عما عليه شيء مِمَّا هُم فيه ، من غير ترة
وتروا من فعل ذلك بِهم وَلا أَذى ، بل ما نَقِمُوا منهم إِلا أن يُؤمنوا
باللهِ العزيزِ الحميد ، فَاسْألوا درجاتهم ، واصبِرُوا على نَوائِبِ
دَهرِكُم ، تُدرِكُوا سَعيَهُم )
.





أمالي الإمام الصادق ( عليه السلام )


أملى الإمام الصادق ( عليه السلام ) على أحد أصحابه ، وهو المفضل بن عمر ، حيث قال ( عليه السلام ) : (
يَا مُفضل ، أوَّلُ العِبَرِ والدَّلالةِ عَلى الباري جَلَّ قُدسُه تهيئةُ
هذا العالم ، وتأليفُ أجْزائِهِ ونظمُهَا على ما هي عليه .


فإنَّك إذا تأمَّلت العالَم بِفِكرِكَ وخبرته بِعَقْلِك ، وجدتَهُ كالبيت المبني ، المُعَدُّ فيه جميع مَا يَحتاجُ إليهِ عِبادُه .

فالسَّمَاء مَرفوعَةٌ كالسَّقفِ ، والأرضُ مَمْدودَةٌ كالبِسَاط ،
والنُّجُوم مُضيئَة كالمَصَابِيح ، والجواهر مَخزونَة كالذخائِر ، وكُل
شَيءٍ فيهِ لشأنِهِ مُعَدٌّ .


والإنْسَانُ كالمَالِك ذَلكَ البَيت ، والمخوّل جَميع مَا فِيه ،
وضُروب النَّباتِ مُهيَّأة لِمَآرِبِهِ ، وصنوف الحيوان مَصرُوفَة في
مَصَالِحِه ومَنَافِعِه .


ففي هَذا دَلالَة واضِحَة عَلى أنَّ العَالِمَ مَخلوقٌ بتَقديرٍ ،
وحِكْمَة ، ونظام ، ومُلاءَمَة ، وأنَّ الخَالِق لَهُ واحِدٌ ، وهو الذي
ألَّفَهُ ونظَّمَهُ بَعضاً إلى بَعضٍ .


جَلَّ قُدْسُهُ وتعالى جده وَكَرَم وجْهِهِ ، ولا إلَهَ غَيرَه
تَعَالى عَمَّا يَقولُ الجَاحِدونَ ، وجَلَّ وعَظُمَ عَمَّا ينتَحِلُهُ
المُلحِدُونَ .


نَبْدأ يَا مُفضل بِذِكْرِ خَلْقِ الإنْسَانِ فاعتَبِرْ بِه ،
فأوَّل ذَلِكَ مَا يُدبّرُ بِهِ الجَنين في الرَّحِمِ ، وهو مَحْجوبٌ في
ظُلُمَاتٍ ثَلاث : ظُلْمَةُ البَطْنِ ، وظُلْمَةُ الرَّحِمِ ، وظُلْمَةِ
المَشِيمَةِ ، حَيثُ لا حِيلَةَ عِندَهُ في طَلَبِ غِذاءٍ ، وَلا دَفْعِ
أذىً ، ولا استِجْلابِ مَنْفعَةٍ ، ولا دَفعِ مَضَرَّةٍ ، فإنَّه يَجري
إليهِ مِن دَمِ الحَيضِ مَا يغذوه المَاءُ والنَّبَاتُ ، فَلا يزالُ ذَلِكَ
غِذاؤُه .


حتَّى إذا كَملَ خَلقُهُ ، واسْتَحْكَمَ بَدَنُهُ ، وقَويَ
أدِيمُهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الهَوَاءِ ، وبَصَرُهُ على مُلاقَاةِ
الضِّيَاءِ ، هَاجَ الطَّلقُ بأمِّهِ ، فأزْعَجَهُ أشَدَّ إِزْعَاجٍ
وأعْنَفَهُ ، حَتَّى يُولَدَ .


فَإذا وُلِدَ صُرِفَ ذَلِك الدَّمِ الَّذي كَانَ يَغذُوهُ مِن
دَمِ أمِّه إلى ثَدْيِهَا ، وانقَلَبَ الطَّعمُ واللَّونُ إلى ضَرْبٍ آخَرٍ
مِنَ الغِذَاءِ ، وهوَ أشَدُّ مُوافَقَةً لِلمَولُودِ مِن الدَّمِ ،
فَيُوَافِيهِ في وَقتِ حَاجَتِهِ إِلَيه .


فَحينَ يُولَدُ قد تَلَمَّظَ ، وحَرَّكَ شَفَتَيهِ طَلَباً
للرِّضَاعِ ، فَهو يَجِدُ ثَدي أمِّهِ كالأداوَتَينِ المُعلَّقَتَينِ
لِحَاجَتِه ، فَلا يَزَالُ يَتَغذَّى باللَّبَنِ ، مَا دَام رَطِبُ
البَدَنِ رَقِيقُ الأمْعَاءِ ، لَيِّنُ الأعْضَاءِ .


حتَّى إِذَا تَحرَّكَ واحتاجَ إلى غِذاءٍ فِيهِ صَلابَة
لِيشتَدَّ ويقْوَى بَدَنُه ، طَلَعَتْ لَهُ الطَّوَاحِنُ مِن الأسْنَانِ
والأضْرَاسِ ، لِيَمضغَ بها الطَّعَام ، فَيَلينَ عَلَيه ، ويسهل لَهُ
إِسَاغَتَهُ .


فَلا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتى يُدركَ ، فإِذا أدْرَكَ وَكانَ
ذَكَراً طَلَع الشَّعرُ فِي وَجْهِهِ ، فَكَان ذَلكَ علامَةَ الذَّكَر ،
وعِزَّ الرَّجلِ ، الَّذي يَخرُجُ بِهِ مِن جدَّةِ الصِّبَا ، وَشبهِ
النِّسَاءِ ، وإنْ كَانَتْ أُنثىً يَبْقَى وَجْهُهَا نَقيّاً مِنَ
الشَّعْرِ ، لِتَبقَى لَهَا البَهْجَة والنَّضَارَة الَّتي تُحَرِّك
الرَّجُلُ لِمَا فِيهِ دَوام النَّسْلِ وَبَقاؤهُ .


اِعتَبِرْ يَا مُفضَّل فِيما يُدبرُ بِهِ الإِنسان فِي هَذِهِ
الأحوالِ المُختَلِفَةِ ، هَلْ تَرى مثلهُ يُمكِنُ أنْ يَكونَ بالإهْمَالِ ؟


أفَرَأيْتَ لَو لَمْ يَجْرِ إِليهِ ذلكَ الدَّم وَهوَ في
الرَّحِمِ ألَمْ يَكُنْ سَيَذْوِي وَيَجفُّ كَمَا يَجفُّ النَّباتُ إذَا
فَقَدَ المَاءُ ، وَلو لَمْ يُزعِجْه المَخَاضُ عِندَ استِحْكَامِهِ ألَمْ
يَكُنْ سَيَبقَى في الرَّحِمِ كالمَؤودِ فِي الأرْضِ ؟


وَلو لَمْ يُوافِقْهُ اللَّبَنُ مَع ولادَتِهِ ألَمْ يَكُنْ
سَيمُوتُ جُوعاً ، أوْ يَغْتَذِي بِغداءٍ لا يُلائِمُهُ ، وَلا يَصْلُحُ
عَلَيهِ بَدَنُهُ ؟


وَلو لَم تَطْلَعْ لَهُ الأسنَانُ فِي وَقْتِهَا ألم يَكُنْ
سَيَمْتَنِعُ عَليهِ مَضْغَ الطَّعَامِ وَإِسَاغَتِهِ ، أوْ يُقيمُهُ عَلَى
الرِّضَاعِ فَلا يَشتَدُّ بَدَنُه ، وَلا يَصْلُحُ لِعَمَلٍ ؟ ، ثُمَّ
كَانَ يشغلُ أمَّهُ بِنَفسِهِ عَنْ تَربِيَةِ غَيرِهِ مِنَ الأوْلادِ )
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:19

الإمام الصادق ( عليه السلام ) مع هشام بن الحكم


كان عند الإمام الصادق ( عليه السلام ) جماعة من أصحابه ، فيهم هشام بن الحكم وهو شاب ، فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( يا هشام )


قال : لبيك يا ابن رسول الله .

قال ( عليه السلام ) : ( ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته ) ؟

قال هشام : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إني أُجِلُّكَ واستحييك ، ولا يعمل لساني بين يديك .

فقال ( عليه السلام ) : ( إذا أمرتكم بشيء فافعلوه ) .

قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، فعظم ذلك عليَّ فخرجت إليه ، ودخلت البصرة يوم الجمعة .

وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة ، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها من صوف وشملة مرتدٍ بها ، والناس يسألونه .

فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت : أيها العالم ! أنا رجل غريب ، أتأذن لي فأسألك عن مسألة ؟

قال عمرو بن عبيد : سَلْ .

قلت له : أَلَكَ عين ؟ قال عمرو : يا بني أي سؤال هذا ؟!!

فقلت : هذه مسألتي . فقال عمرو : يا بني ، سَلْ ، وإن كانت مسألتك حمقاء .

قلت : أجبني فيها . قال : نعم .

قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص .

قلت : أَلَكَ أنف ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع به ؟ قال : أَشَمُّ به الرائحة .

قلت : أَلَكَ لسان ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع به ؟ قال : أتكلم به .

قلت : أَلَكَ أذن ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الأصوات .

قلت : أَلَكَ يدان ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أبطش بهما ، وأعرف بهما اللَّيِّن من الخشن .

قلت : أَلَكَ رجلان ؟ قال : نعم .

قلت فما تصنع بهما ؟ قال : انتقل بهما من مكان إلى آخر .

قلت : أَلَكَ فَم ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع به ؟ قال : أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها .

قلت : أَلَكَ قلب ؟ قال : نعم .

قلت : فما تصنع به ؟ قال : أُميِّز به كلما ورد على هذه الجوارح .

قلت : أفليسَ في هذه الجوارح غنىً عن القلب ؟ قال : لا .

قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بني ، إن الجوارح إذا شكَّت
في شيء شمَّتهُ أو رأتهُ أو ذاقَتْهُ ، ردَّته إلى القلب فَتَيَقَّنَ لها
اليقينُ وأُبطِلَ الشك .


فقلت : فإنما أقام الله عزَّ وجلَّ القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم .

قلت : لا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح ؟ قال : نعم .

قلت : يا أبا مروان ، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها
إماماً يصحح لها الصحيح وينفي ما شكَّت فيه ، ويترك هذا الخلق كله في
حيرتهم وشكِّهم واختلافهم ، لا يقيم لهم إماماً يردُّون إليه شكَّهم
وحيرتهم ويقيم لك إماماً لجوارحك تَرِدُّ إليه حيرتك وشكك ؟!!


فسكت عمرو ولم يقل لي شيئاً ، ثم التفت إليَّ فقال لي : أنت هشام بن الحكم ؟

فقلت : لا . فقال لي : أَجَالَسْتَهُ ؟

فقلت : لا . قال عمرو : فمن أين أنت ؟

قلت : من أهل الكوفة . قال عمرو : فأنت إذاً هو ، ثمَّ ضمني إليه
وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتَّى قمتُ ، فضحك الإمام الصادق ( عليه السلام
) ثم قال : ( يا هشام ، من علَّمَك هذا ) ؟!


قلت : يا ابن رسول الله ، جرى على لساني .

قال ( عليه السلام ) : ( يا هشام ؟! هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:20

إِعلام الإمام الصادق ( عليه السلام ) عما في النفس


إِن نفس المؤمن إذا زكت من درن الرذائل عادت كالمرآة الصافية ، ينطبع
فيها كل ما يكون أمامها ، ولذا قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( اتَّقوا فَراسَةِ المُؤمن ، فإنهُ ينظرُ بنورِ الله ) ، هذا شأن المؤمن فكيف بإمام المؤمنين ( عليه السلام ) ؟


وهذا الخضر ( عليه السلام ) أعاب السفينة ، وأقام الجدار ، وقتل الغلام ، وما كان ذلك منه إِلا علماً منحه به العليم سبحانه .

فلا عجب إِذن لو أعلم الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن أشياء تتلجلج في النفوس عند إِظهار الكرامة .

فقد دخل عمر بن يزيد على الإمام الصادق ( عليه السلام ) وهو وجع ، وقد
ولاه ظهره ووجهه للحائط ، وقد قال عمر في نفسه : ما أدري ما يصيبه في مرضه
لو سألته عن الإمام بعده .


فبينا يفكر في ذلك إِذ حوَّل ( عليه السلام ) إليه وجهه ، فقال : ( الأمر ليس كما تظنُّ ، ليس عليَّ من وجعي هذا بأس ) .

ودخل عليه الحسن بن موسى الحنَّاط ، وجميل بن دَرَّاج ، وعائذ الأحمسي ، وكان عائذ يقول : إِن لي حاجة أريد أن أسأله عنها .

فلما سلّموا وجلسوا أقبل بوجهه على عائذ فقال ( عليه السلام ) : ( من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك ) .

فغمزهم فقاموا ، فلمّا خرجوا قالوا له : ما كانت حاجتك ؟

قال : الذي سمعتم ، لأني رجل لا أطيق القيام بالليل ، فخفت أن أكون مأخوذاً به فأهلك .

ودخل عليه شهاب بن عبد ربه وهو يريد أن يسأله عن الجنب يغرف الماء من الحِبِّ ؟

فلما صار عنده أنسي المسألة ، فنظر إليه ( عليه السلام ) فقال : ( يا شهاب ، لا بأس أن يغرف الجنب من الحِبِّ ) .

وكان جعفر بن هارون الزَيَّات يطوف بالكعبة ، والإمام ( عليه السلام )
في الطواف ، فنظر إليه الزَيَّات وحدَّثَتْهُ نفسه فقال : هذا حجة الله ،
وهذا الذي لا يقبل الله شيئاً إِلا بمعرفته .


فبينا هو في هذا التفكير إِذ جاءه ( عليه السلام ) من خلفه ، فضرب بيده على منكبه ثم قال : ( أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتبَعُهُ إِنَّا إِذَن لَفِي ضَلالٍ وَسُعُر ) القمر : 24 ، ثم جازه .

ودخل عليه خالد بن نجيح الجواز وعنده ناس ، فقنع رأسه وجلس ناحية وقال
في نفسه : ويحَكم ما أغفلكم عند مَن تتكلمون ، عند رب العالمين ، فناداه (
عليه السلام ) : ( ويحَك يا خالد ، إِني والله عبد مخلوق ولي رب أعبده ، إِن لم أعبده والله عذّبني بالنار ) .


فقال خالد : لا والله ، لا أقول فيك أبداً إِلا قولك في نفسك .

وهذا قليل من كثير مما روته الكتب الجليلة من الكرامات والمناقب الإمام
الصادق ( عليه السلام ) ، ولا غرابة لو ذكرت له الكتب أضعاف ما استطردناه
بعد أن أوضحنا في صدر البحث أمر الكرامة .


أجل بعد أن فاتتنا المشاهدة فلا طريق لنا لإثبات الكرامة غير النقل ،
وإِن المشاهدة لا تكون إِلا لأفراد من معاصري النبي ( صلى الله عليه وآله )
أو الإمام ( عليه السلام ) ، فكيف حال الناس مع الكرامة من أهل الأجيال
المتأخرة .


هذا سوى الناس من أهل زمانه ممن لم يحضر الكرامة ، فهل طريق إِذن لإثباتها غير النقل .

فالنقل إِن صحَّ لاعتبار المؤلف والراوي فذلك المطلوب ، وإِلا فاعتباره
إذا بلغ التواتر لقضية خاصة ، أو لقضايا يحصل من جميعها الاعتقاد بصدور
الكرامة من النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو الوصي ( عليه السلام ) ، وإِن
لم يحصل الاعتقاد بواحدة منها خاصة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:23

بيان الإمام الصادق ( عليه السلام ) لعظمة الله تعالى


دخل أبو شاكر الديصاني – وهو زنديق ملحد – على الإمام الصادق ( عليه السلام ) وقال : يا جعفر بن محمّد دلِّني على معبودي


فقال له ( عليه السلام ) : ( إجلس ) ، فإذا غلام صغير في كفِّه بيضة ، فقال ( عليه السلام ) : ( ناولني يا غلام البيضة ) ، فناوله إياها .

فقال ( عليه السلام ) : ( يا ديصاني ، هذا حصن مكنون ، له جلد غليظ ،
وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق ، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مايعة ، وفضّة ذائبة
، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضَّة الذائبة ، ولا الفضَّة الذائبة تختلط
بالذهبة المائعة ، فهي على حالها ، لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن
إصلاحها ، ولم يدخل فيها داخل مفسد فيخبر عن إفسادها .


لا يُدرى للذكر خلقت أم للأُنْثى ، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ، أترى له مدبِّراً ) ؟

فأطرق الديصاني مليّاً ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لاشريك
له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وأنك إمام وحجَّة من الله على خلقه ،
وأنا تائب إلى الله تعالى ممَّا كنت فيه .





تعليم الإمام الصادق ( عليه السلام ) جابرا علم الكيمياء


توجّه الإنسان في عصرنا الحاضر إلى ميدان العمل ، مصمِّماً على اجتياز
المراحل العسيرة للوصول إلى رحاب المعرفة ، التي تجرِّدُه من الأوهام
المضلِّلة ، والأفكار الرديئة ، وتنقله إلى الواقعية المجردة والحقيقة
الناصعة .


فما أحرى بنا أن ننضم إلى ركب هذا الإنسان المتطوّر ، السائر بخُطى
سريعة نحو الحياة الأفضل ، للتغلب على استبداد الأقدار ، واستعباد الأفكار ،
وإبعاد الخرافات ، والرجوع إلى أصدق الروايات ، لنأخذ منها الدروس والعبر ،
مُتَجنِّبين الانزلاق في المهاوي السحيقة ، التي طالما أهلكت الحرث والنسل
.


فنحن في عالم تغلي مراجله بالحقد والكراهية ، والانقسام والتعصب ،
وعلينا أن نقلع عن كل ما يُبعدنا عن المحبة ، والصدق ، والتعاون ، والسلام .


هذه الكلمات الموجزة نستوحيها من تعاليم الإمام جعفر الصادق ( عليه
السلام ) الذي يستحق إحياء ذكراه ، والانتقال إلى عصره المتقلِّب المتجهم ،
لنشاهد الأحداث والوقائع .


ونشهد ببراءة على العباسيين كيف سرقوا الخلافة من أبناء عمومتهم ، ثم
قبضوا على ناصيتها بالقوة ، وقتلوا كل من تصدَّى للخلافة ، حتى ولو كان من
أحفاد الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله ) .


أما الإمام الصادق ( عليه السلام ) فساعدَهُ حِسّه ، وشعوره ، وعقله
الراجح ، في تلك الفترة الحاسمة ، على اجتياز أقسى مرحلةٍ تاريخية .


مدرسة الإمام الصادق ( عليه السلام ) :


يُعتبر الإمام الصادق ( عليه السلام ) صاحب مدرسة فكرية كبرى ، كان لها وجود عالمي ، وفضل كبير على الإسلام .

فالإمام الصادق ( عليه السلام ) صاحب حكمة وعلم ومعرفة ، فأخذ بيد الإنسان وقاده إلى مناهل المعرفة ، بكلِّ ما فيها من عمق وشمول .

تطبّع الإمام الصادق ( عليه السلام ) بصفات الفضل ، ومحبة العلم ،
وتعلَّم من جَدِّه ( صلى الله عليه وآله ) أن يُطعِم حتى لا يبقى لعياله
طعاماً ، وأن يكسو حتى لا تبقى لهم كسوة .


وإن إحصاء فضله ( عليه السلام ) ، وسعة علمه ، وآفاق فكره ، وعبقريته ،
ضَرْبٌ من المستحيل ، كما أنَّ الإحاطة بتاريخ حياته ( عليه السلام ) من
الصعوبة بمكان .


علم الكيمياء :


لا بُدَّ لنا ونحن في رحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) من الوقوف
قليلاً لإلقاء نظرة عابرة على علم الكيمياء ، ودور تلميذه جابر بن حيَّان .


الذي أخذ عنه هذا العلم ، وسعى إلى تطويره ، وإخراجه من الجمود ، والسحر
، والشعوذة ، والتدجيل ، والخرافات ، إلى علم يقوم على البحث والاختبار ،
ويقود إلى خير الإنسانية ، وسعادتها .


يقول ابن النديم في الفهرست رداً على بعض المصادر المغرضة التي شكّكت في وجود جابر واعتبرته أسطورة وهمية :

الرجل له حقيقة ، وأمره أظهر وأشهر ، وتصنيفاته أعظم وأكثر ، ولهذا الرجل عدداً من الكتب في مذهب الشيعة .

وتؤكد المصادر أنَّ جابراً كان حقيقة وليس أسطورة ، وأنه عاش في النصف الأول من القرن الثامن للميلاد .

وهناك إجماع وتأكيد على اتصاله بـ( البرامكة ) ، الذين كانوا يحافظون على ( التقية ) ، في علاقاتهم بالإمام الصادق ( عليه السلام ) .

ويقول ابن النديم أيضاً : كان جابر بن حيَّان رياضياً ، وفيلسوفاً ،
وكيميائياً ، وعالماً بالفلك ، وطبيباً ، له مؤلفات في المنطق ، والفلسفة ،
وعلم الباطن ، وغَالى بعضهم فَنَسب إليه اختراع الجبر .


إن هذه الثقافة الموسوعية يصفها جابر في أنه تلقَّاها من سيده الإمام
جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، ويردُّها جميعها إلى مُلهِمِه الذي يطلق
عليه اسم ( معدن الحكمة ) .


ونقول : إنَّ لجابر مؤلفات عديدة في مختلف العلوم ، وقد تكون رسالته في التربية ، وبيان العلاقة بين المعلم والمتعلم أهم ما كتبه .

وتعتبر من روائع الآثار التربوية ، ففيها فصَّل جابر واجبات وحقوق كل من
المدرِّس والتلميذ ، ويلتقي فيها مع أحدث الأساليب للدول الحضارية
المتقدمة ، صاحبة الأولية في الثقافة ، والعلوم ، والآداب .


ومن الواضح أنَّ جابر ين حيَّان لم يكن الوحيد الذي تَتَلمذ على يد
الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، فهناك العديد من العلماء ، والفقهاء ،
وأصحاب المذاهب ، انتسبوا إلى مدرسته ( عليه السلام ) ، ودرسوا على يده
الفقه ، والحديث ، وعلم الكلام ، والمنطق ، والفلسفة ، واللغة ، والآداب .


والفضل كل الفضل لهذا المُعلِّم الحكيم ، الذي كرَّس حياته لخدمة الإسلام دون تمييزٍ بين فِرَقِه ، وطوائفه ، ومذاهبه .

كيمياء ابن حيَّان :


لا بُدَّ لنا من عودة إلى كيمياء جابر ، وأقواله عن المعادن وطبيعتها ،
وأجناسها ، وأصلها ، وكيفية صهرها ، وإذابتها ، وتحليلها ، وتحويلها .


وقد أيَّد ابن سينا ما ذكره جابر ، ولكنَّه ذهب إلى العمق في تأويلها ،
وأفصح عن وجهها وجوهرها ، في كتابه ( الشفاء ) قائلاً : إن المعادن كالنفوس
، فمنها الغث والثمين ، والنافع والضار ، والنفيس والخسيس ، ويأتي (
الإكسير ) معها .


وقد بالغوا بالحديث عنه ، ووصفوه أنه يحوِّل المعادن كلياً ، وينقلها من الخسيس إلى النفيس .

ويروي لنا جابر أنَّه استعمله في الطب ، وشفى به أمراضاً مستعصية مزمنة ،
وهنا يقول ابن سينا في كتابه المذكور : من المستحيل تحويل المعادن الخسيسة
إلى معادن نفيسة بواسطة ( الإكسير ) ، ولكن بالإمكان بواسطته إدخال
التحسينات على بعض المعادن ، وإعطائها البريق ، واللمعان ، لكي تصبح في
مستوى المعادن الأصيلة .


وابن سينا هنا يؤيد أقوال الشيعة ، ويتفق مع جابر في تشبيه ( الإكسير ) بالعلوم الإمامية ، الصادرة إلى المستجيب .

فإنها تصقل نفسه ، وتغيِّر واقعه ، وتجعله كالجوهرة النقيَّة الصافية ،
المتطلعة أبداً إلى الحُبِّ ، والخير ، والجمال ، ولعلَّ التأويل والرمز ،
والمثل والمَمثول ، تدخل في موضوع ( الإكسير ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:24

وصايا الإمام الصادق ( عليه السلام )


ما أكثر الغالي من نصائحه والثمين من وصاياه ، فإنّه ( عليه السلام ) لم
يترك نهجاً للنصح إِلاّ سلكه ، ولا باباً للإرشاد إِلاّ ولَجه ، وفي هذا
المضمار نذكر بعض وصاياه ( عليه السلام ) .


1ـ قال ( عليه السلام ) : ( مَن أُعطِيَ ثَلاثاً لم يُمنَع
ثلاثاً ، مَن أُعطِيَ الدعاءَ أُعطِيَ الإِجَابة ، ومَن أُعطِيَ الشكرَ
أُعطِيَ الزيادة ، ومَن أُعطِيَ التوكُّلَ أُعطِيَ الكفاية )
.


ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( أَتَلَوْتَ كتاب الله عزَّ وجلَّ : (
ادْعُونِي أَستَجِبْ لَكُمْ ) ، وقال : ( وَلَئِنْ شَكَرْتُمْ
لأَزِيْدَنَّكُمْ ) ، وقال : ( وَمَنْ يَتَوَكَّلُ عَلى اللهِ فَهُوَ
حَسبُهُ )
.


2ـ قال ( عليه السلام ) : ( إِذَا أرادَ أحدُكُم ألاَّ يَسأَل
اللهَ شيئاً إِلا أَعطَاهُ فَلْيَيأَس مِن النَّاسِ كُلِّهِم ، وَلا يَكُون
لَهُ رجاءً إِلاّ عِند الله ، فَإِذا عَلِمَ اللهُ عزَّ وجلَّ ذلك مِن
قَلبِهِ لم يَسأل اللهَ شيئاً إِلاّ أَعطَاهُ )
.


3ـ قال ( عليه السلام ) : ( اِسمَعوا مِنِّي كَلاماً هُوَ خَير
مِن الدُهم المُوَقَّفة ، لا يتكلّمُ أَحَدُكم بِمَا لا يَعنِيه ،
وَلْيَدَع كَثيراً مِن الكلامِ فِيما يَعنِيه ، حَتّى يَجِدَ له موضعاً ،
فَرُبَّ مُتكلِّمٍ في غير موضِعِه جَنَى على نفسِه بكلامه ، ولا
يُمارِيَنَّ أحدكم سَفيهاً ولا حليماً ، فإنَّ مَن مَارَى حَليماً أقصَاه ،
ومَن مَارَى سَفِيهاً أرداه ، واذكُروا أخَاكم إِذَا غاب عنكم بِأَحسَنِ
مَا تُحبُّونَ أن تُذكروا بِهِ إِذا غِبتُم ، واعمَلُوا عمل من يَعلمُ
أَنَّه مُجازَى بِالإِحسَان )
.


4ـ قال ( عليه السلام ) : ( إِذا خَالطتَ النَّاسَ فَإنِ استطعتَ
ألاَّ تُخالطَ أحداً مِنهُم إِلاَّ كَانت يَدَك العُليَا عليه فافعل ،
فإنَّ العبدَ يكون فيه بعضُ التقصيرِ مِن العِبادة ، وَيَكون له حُسن
الخُلق ، فَيُبلِغُهُ اللهُ بِخُلقهِ درجةَ الصائمِ القائم )
.


5ـ قال ( عليه السلام ) للمفضَّل بن عمر الجعفي : ( أوصيك بِسِتِّ خِصالٍ تُبَلِّغُهُنَّ شيعتي ) .

قال : وما هي يا سيّدي ؟

فقال ( عليه السلام ) : ( أَداءُ الأمانةِ إِلَى من ائْتَمَنَكَ ،
وَأَن تَرضى لأَخِيكَ مَا تَرضَى لِنَفسِكَ ، واعلَم أنَّ للأُمُور
أَوَاخِر ، فَاحذَرِ العَواقِبَ ، وأنَّ للأُمُور بَغتَاتٌ ، فَكُن عَلَى
حَذَرٍ ، وَإِيَّاكَ وَمُرتَقَى جَبَلٍ سَهلٍ إِذا كَانَ المُنحَدَرُ
وَعراً ، وَلا تَعِدنَّ أخَاكَ وَعداً ليس في يَدِك وَفَاؤُهُ )
.


6ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا تَمزحْ فيذهبُ نُورُك ، ولا
تَكذِب فَيذهبُ بَهاؤُك ، وَإِيَّاك وخِصلتين : الضَّجَر ، والكَسَل ،
فإنَّك إِن ضجرتَ لا تَصبِرُ على حَقٍّ ، وَإِن كَسلتَ لم تُؤَدِّ حَقاً )
.


7ـ قال ( عليه السلام ) : ( وَكان المَسيحُ ( عليه السلام )
يقولُ : مَن كَثُرَ هَمُّه سَقم بَدنُه ، ومَن سَاء خُلقه عذَّب نفسَه ،
وَمَن كَثُر كلامه كَثُر سقطه ، وَمَن كَثُر كَذِبُهُ ذهبَ بهاؤه ، وَمَن
لاحَى الرِّجَال ذَهبَتْ مرُوَّتُه )
.


8ـ قال ( عليه السلام ) : ( تَزَاوَرُوا ، فإنَّ في زيارَتِكُم
إِحياءً لِقُلوبِكُم ، وَذِكراً لأحَادِيثِنَا ، وأحاديثُنا تعطفُ بعضَكم
عَلى بعضٍ ، فإن أَخذتُم بِها رُشِدتُم وَنَجَوتُم ، وإِن تَرَكتُمُوهَا
ظَلَلتُم وهَلَكتُم ، فَخُذُوا بِها وأنَا بِنَجَاتِكُم زَعِيم )
.


9ـ قال ( عليه السلام ) : ( اِجعَلُوا أمرَكُم هذا للهِ ولا
تجعلوهُ للنَّاس ، فإنَّه ما كان لله فَهُوَ لله ، وَما كان للنَّاس فَلا
يَصعدُ إِلَى السَّمَاء ، ولا تخاصمُوا بِدِينِكُم ، فإنّ المُخَاصَمَة
مُمرضَةٌ للقلب ، إِنَّ الله عزَّ وجلَّ قال لنبيِّه ( صلى الله عليه وآله )
: ( إِنَّكَ لا تَهدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهدِي مَنْ
يَشَاءُ ) ، وقال : ( أَفَأَنْتَ تُكرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا
مُؤْمِنِينَ )
.


ذَرُوا الناس فإنّ الناسَ قد أخذوا عن الناسِ ، وإِنّكم أخذتُم
عن رسولِ الله ( صلَّى الله عليه وآله ) وَعَن عَليٍّ ( عليه السلام ) وَلا
سَوَاء ، وَأنِّي سمعتُ أبي يقولُ : إذا كَتبَ الله عَلى عبدٍ أن يُدخلَهُ
في هذا الأمرِ كَان أسرعُ إِليه مِن الطيرِ إِلى وَكْرِهِ )
.


10ـ قال ( عليه السلام ) : ( اِصبِرُوا على الدنيا فإنَّما هيَ
سَاعةٌ ، فما مضى منها فلا تجد له ألماً ولا سُروراً ، وما لم يجئ فلا تدري
مَا هُو ، وَإِنّما هي ساعتُك التي أنت فِيها ، فَاصبِر فِيها على طَاعة
اللهِ ، واصبِر فيها عن معصيةِ الله )
.


11ـ قال ( عليه السلام ) : ( اِجعل قَلبَكَ قريباً بِرّاً ،
وولداً مواصلاً ، واجعلْ عَمَلَك والداً تتبعُهُ ، واجعلْ نفسك عَدوّاً
تُجَاهِدُهُ ، واجعل مَالَكَ عَارِيةٌ تَرُدُّهَا )
.


12ـ قال ( عليه السلام ) : ( إِن قَدرتَ ألا تُعرَف فَافعل ، ما
عليك ألا يُثنِي عليك النَّاس ، وما عليك أن تكون مَذمُوماً عند الناس إذا
كُنتَ مَحمُوداً عِندَ الله )
.


13ـ قال ( عليه السلام ) : ( الدعاء يردُّ القَضَاء ما أُبرِمَ
إِبرَاماً ، فَأَكثِرْ مِن الدعاء فإنّه مفتاحُ كلِّ رَحمة ، وَنجاحُ كلِّ
حاجة ، ولا يُنَالُ ما عند الله عزَّ وجلَّ إِلاّ بالدعاء ، وأنَّه ليس
باباً يكثرُ قرعه إِلاّ ويوشَكُ أن يُفتحَ لصاحِبِه )
.


14ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا تَطعنوا في عيوبِ مَن أقبلَ
إِليكم بمودَّته ، ولا تُوقفُوه على سَيِّئَة يخضع لها ، فإنَّها لَيست مِن
أخلاقِ رسولِ الله ( صَلَّى الله عليه وآله ) وَلا مِن أخلاق أوليائه )
.


15ـ قال ( عليه السلام ) : ( أَحسِنُوا النَّظر فيما لا
يَسَعُكُم جَهلُه ، وانصحُوا لأنفُسِكُم ، وجاهدوا في طلب ما لا عُذر لكم
في جَهلِه ، فإنَّ لِدِينِ الله أركاناً لا تنفعُ من جَهِلَهَا شدَّة
اجتهاده في طلب ظَاهرِ عِبَادتِهِ ، ولا يَضرُّ من عرفها فَدَانَ بها حُسن
اقتِصَاده ، ولا سبيلَ إلى أحدٍ إلى ذلك إِلاّ بِعَوْنٍ مِنَ الله عزَّ
وجلَّ )
.


16ـ قال ( عليه السلام ) : ( إِيَّاكم وعِشرة الملوك وأبناءِ
الدنيا ، فَفِي ذلكَ ذِهابُ دِينِكم ، وَيُعقِّبُكُم نِفَاقاً ، وذلك دَاء
رَدِيٌّ لا شِفَاءَ له ، وَيُورثُ قَسَاوَة القلبِ ، وَيسلبكم الخُشُوع .


وعليكم بالإشكال من النَّاس والأوساط من النَّاس ، فَعِندهُم
تَجِدُون مَعَادنَ الجواهر ، وَإِيَّاكُم أن تمدُّوا أطرافكم إِلَى ما في
أيدي أبناء الدنيا ، فَمَن مَدَّ طرفه إلى ذلك طَال حُزنُهُ ، ولم يُشفِ
غَيظَه ، واستَصغَرَ نِعمَةَ الله عنده ، فَيَقِلُّ شُكرُه لله ، وَانظُرْ
إِلى مَن هُوَ دُونَكَ فَتَكونَ لأَِنْعُمِ الله شَاكراً ، وَلِمَزِيدِهِ
مُستَوجِباً ، وَلِجُودِهِ سَاكناً )
.


17ـ قال ( عليه السلام ) : ( إِذا هَمَمْتَ بشيءٍ من الخير فلا
تُؤَخِّره ، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ رُبَّما اطَّلَعَ على العبد وهو على شيء
من الطاعة فيقول : وَعِزَّتِي وَجَلالِي لا أُعَذِّبُكَ بعدهَا أبداً )
.


وقال ( عليه السلام ) أيضاً : ( وإذا هَمَمْتَ بِسيِّئَةٍ فَلا
تعمَلها فَإِنَّهُ رُبَّمَا اطَّلعَ عَلى العبدِ وهو على شيءٍ من المَعصِية
، فيقول : وعِزَّتي وَجَلالِي لا أغفر لك بعدها أبداً )
.


18ـ قال ( عليه السلام ) لابنه الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : (
يا بُني اِقبل وصيَّتي ، واحفظ مقالتي ، فإنّك إِن حفظتها تعِش سعيداً ،
وتمُت حميداً ، يا بُني إِنَّ من قنعَ استغنى ، ومن مدَّ عينيه إِلى ما في
يد غيره مات فقيراً ، ومن لم يرضَ بما قسمَه الله لهُ اتَّهم الله في قضائه
، ومَن استصغر زلّة نفسه استكبر زلّة غيره .


يا بُني من كشف حِجاب غيره انكشف عورته ، ومن سلَّ سيف البغي
قُتل به ، ومن احتفر لأخيه بئراً سقط فيها ، ومن داخَل السُفهاء حُقّر ،
ومن خالط العُلماء وُقّر ، ومن دخلَ مداخِل السوء اتُّهم ، يا بُني قُل
الحقّ لك أو عليك ، وإِيّاك والنميمة فإنَّها تزرع الشحناء في قُلوب الرجال
.


يا بُني إِذا طلبت الجُود فعليكَ بمعادنه ، فإنّ للجود معادِن ،
وللمعادِن أُصولاً ، وللأُصول فروعاً ، وللفروع ثمراً ، ولا يطيبُ ثمر
إِلاّ بفرع ، ولا أصل ثابت إِلاّ بمعدن طيّب ، يا بُني إِذا زرت فزُر
الأخيار ، ولا تزُر الأشرار ، فإنَّهم صخرة صمّاء لا ينفجر ماؤها ، وشجرة
لا يخضّر ورقها ، وأرض لا يظهر عشبها )
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي المرشدي
 
المدير العام

     المدير العام
علي المرشدي


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810
رقم العضوية : 3
العمر : 41
ذكر
عدد المساهمات : 1965
الدولة : العراق
المهنة : 12
مزاجي : مكيف
اللهم عجل لوليك الفرج و النصر والعافية برحمتك يا ارحم الراحمين
صورة mms : يافاطمة الزهراء

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالجمعة 23 سبتمبر 2011 - 16:26

شهادة الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)



اسمه ونسبه(عليه السلام)



الإمام جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).

كنيته(عليه السلام)



أبو عبد الله، أبو إسماعيل، أبو موسى، والأُولى أشهرها.

ألقابه(عليه السلام)



الصادق، الصابر، الطاهر، الفاضل، الكامل، الكافل، المنجي... وأشهرها الصادق.

تلقيبه(عليه السلام) بالصادق



لقد جاء لقب الإمام(عليه السلام) بالصادق من قبل رسول الله(صلى الله
عليه وآله)، حيث قال: «يخرج الله من صُلبه ـ أي صُلب محمّد الباقر ـ كلمة
الحقّ، ولسان الصدق»، فقال له ابن مسعود: فما اسمه يا رسول الله؟

قال: «يقال له: جعفر، صادق في قوله وفعله، الطاعن عليه كالطاعن عليّ، والرادّ عليه كالرادّ عليّ...»(1).

تاريخ ولادته(عليه السلام) ومكانها



17 ربيع الأوّل 83ﻫ، المدينة المنوّرة، الأبواء.

أُمّه(عليه السلام) وزوجته



أُمّه السيّدة أُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، وزوجته
السيّدة حميدة البربرية أُمّ الإمام موسى الكاظم(عليه السلام)، وهي جارية،
وله زوجات أُخر.

مدّة عمره(عليه السلام) وإمامته



عمره 65 سنة، وإمامته 34 سنة.

حكّام عصره(عليه السلام) في سني إمامته



فمن الأُمويين خمسة: هشام بن عبد الملك، الوليد بن يزيد بن عبد
الملك، يزيد بن الوليد بن عبد الملك، إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك،
مروان بن محمّد المعروف بالحمار.

ومن العبّاسيين اثنان: أبو العباس عبد الله المعروف بالسفّاح؛ لفرط
جوره وظلمه، وكثرة ما سفح من دم وقتل من الناس الكثيرين، أبو جعفر المنصور،
المعروف بالدوانيقي، لأنّه كان ولفرط شحه وبخله وحبّه للمال يحاسب حتّى
على الدوانيق، والدوانيق جمع دانق، وهو أصغر جزء من النقود في عهده.

تضييق المنصور له(عليه السلام)



لقد ازداد تضييق المنصور العبّاسي على الإمام الصادق(عليه السلام)،
وأخذ يمهّد لقتله، فقد روى الفضل بن الربيع عن أبيه قال: دعاني المنصور
فقال: إنّ جعفر بن محمّد يلحد في سلطاني، قتلني الله إن لم أقتله، فأتيته
فقلت: أجب أمير المؤمنين.

فتطهّر(عليه السلام) ولبس ثياباً جدداً، فأقبلت به فاستأذنت له،
فقال: أدخله، قتلني الله إن لم أقتله، فلمّا نظر إليه مقبلاً قام من مجلسه
فتلقّاه وقال: مرحباً بالنقي الساحة، البريء من الدغل والخيانة، أخي وابن
عمّي. فأقعده على سريره وأقبل عليه بوجهه وسأله عن حاله، ثمّ قال: سلني
حاجتك.

فقال(عليه السلام): «أهل مكّة والمدينة قد تأخّر عطاؤهم، فتأمر لهم
به»، قال: أفعل، ثمّ قال: «يا جارية، ائتني بالتحفة»، فأتته بمدهن زجاج،
فيه غالية، فغلفه بيده وانصرف، فاتبعته فقلت: يابن رسول الله، أتيت بك ولا
أشك أنّه قاتلك، فكان منه ما رأيت، وقد رأيتك تحرّك شفتيك بشيء عند الدخول،
فما هو؟

قال: «قلت: اللّهمّ، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واحفظني بقدرتك عليّ، ولا تهلكني وأنت رجائي...»(2).

سبب شهادته(عليه السلام)



قُتل(عليه السلام) مسموماً في زمن الخليفة العبّاسي المنصور الدوانيقي.

تاريخ شهادته(عليه السلام) ومكانها



25 شوال 148ﻫ، المدينة المنوّرة.

مكان دفنه(عليه السلام)



دُفن بجوار أبيه الإمام محمّد الباقر، وجدّه الإمام علي زين
العابدين، والإمام الحسن المجتبى(عليهم السلام) في مقبرة البقيع بالمدينة
المنوّرة.

من أقوال الشعراء فيه



1ـ قال السيّد محسن الأمين(قدس سره):

تبكي العيون بدمعها المتورِّد ** حزناً لثاوٍ في بقيع الغرقد

تبكي العيون دماً لفقد مبرّزٍ ** من آل أحمد مثله لم يُـفقد

أيُّ النواظر لا تفيضُ دموعُها ** حزنا لمأتم جعفر بن محمّد

الصادق الصدِّق بحر العلم مصـ ** باح الهدى والعالم المتهجّد

رزءٌ له أركان دين محمّدٍ ** هدّت وناب الحزن قلب محمّد

رزءٌ له تبكي شريعةُ أحمدٍ ** وتنوح معولةً بقلب مكمد

رزءٌ بقلب الدين أثبت سهمه ** ورمى حُشاشة قلب كلِّ موحِّد

ماذا جنت آل الطليق وما الذي ** جرّت على الإسلام من صنعٍ ردي

كم أنزلت مرّ البلاء بجعفر ** نجم الهدى مأمون شرعة أحمد

كم شرّدته عن مدينة جدِّه ** ظلماً تـجشِّمُه السرى في فدفد

كم رأى المنصور منه عجائباً ** ورأى الهدى لكنّه لم يهتدِ

لم يحفظوا المختار في أولاده ** وسواهم من أحمد لم يُولَد

لم يكف ما صنعت بهم أعداؤهم ** زمن الحياة وما اعتداه المعتدي

حتّى غدت بعد الممات خوارج ** في الظلم بالماضين منهم تقتدي

هدّمت ضرائح فوقهم قد شيّدت ** معقودة من فوق أشرف مرقد(3).
2ـ قال الشاعر الأُستاذ جابر الكاظمي:

قتلوا أصدق مَنْ فوق الثرى ** بذعافِ السُّمّ في الأحشاء سارا

صَدَق الحزنُ بفقدِ الصادق ** فقدُهُ أورى شِغافَ القلبِ نارا

لهفَ نفسي كيف يُعفى قبرُه ** وهو حصنٌ وبه الكونُ استجارا

قَذِيَت عينٌ إذا لم تبكِهِ ** بَدَلَ الدمع دماً ليلَ نهارا

إننا نرتقبُ اليوم الذي ** يطلب الموعودُ للصادق ثارا

ثمّ يدعو يا لثارات الحسين ** لدماءٍ سُفكتْ منه جُبارا

ناحروه وبه لم يحفظوا ** لرسولِ الله قَدراً ووقارا(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــ

1. بحار الأنوار 36/313.

2. سير أعلام النبلاء 6/266.

3. المجالس السنية 5/516.

4. اُنظر: مواقع الإنترنت.


بقلم : محمد أمين نجف



اسالكم الدعاء لي ولوالدي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
إيمان القلوب
 
الإدارة

     الإدارة
إيمان القلوب


سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام 13270810


رقم العضوية : 1
العمر : 99
انثى
عدد المساهمات : 5368
الدولة : البمن
المهنة : 5
مزاجي : حزين
غايب طول الغيبة
عزيز و انقطعت اخباره
يارب يكون بالف خير

صورة mms : ابكيك دما سيدي الحسين

سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام   سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام I_icon_minitimeالسبت 24 سبتمبر 2011 - 16:42

بارك الله فيك
شكرا لك على المحهود الاكثر من رائع
وعن المعلومات القيمه
اسال الله لك ولأهلك الجنة وأن يحشرك مع محمد وآل محمد
عظم الله لنا ولكم الأجر بإستشهاد الامام الصادق عليه السلام

تحياتي
سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام Images?q=tbn:ANd9GcSYwB1K2cQrpvVCp-mHBBi-Tcdr91su4YaFm0rvrKl49fLvHrzz_GS6_cI
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سيرة حياة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سيرة حياة موسى بن جعفر الامام الكاظم عليه السلام
»  لماذا خالف أئمة المذاهب الأربعة الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) ؟
» دعاء العبرات مروي عن الامام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام
» سيرة حياة الامام الحسين بن الامام علي بن ابي طالب عليهما السلام
» سيرة حياة ام البنين زوجة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أحلى السلوات  :: المنتدى الاسلامي :: التاريخ الاسلامي-
انتقل الى:  
حقوق النشر
الساعة الأن بتوقيت (العراق)
جميع الحقوق محفوظة لـمنتديات أحلى السلوات
 Powered by ahlaalsalawat ®https://ahlaalsalawat.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2012 - 2011