تعرف على طريق توجيه الدماغ ليعالج نفسه
يعرف العلماء منذ سنين ان تكوّن الخلايا العصبية في دماغ الثدييات خلال مرحلة البلوغ يحدث في منطقة قرن آمون، والان جاء علماء من جامعة كولومبيا ليكتشفوا انه تحت ظروف الاجهاد، تستطيع الخلايا الجذعية العصبية في منطقة قرن آمون في الحيوان البالغ ليس انتاج خلايا عصبية جديدة فقط، لكن ايضا خلايا جذعية جديدة، ويختزن الدماغ هذه الخلايا الجذعية، ليستفيد منها لاحقا في تكوين خلايا عصبية جديدة عندما يحتاج لذلك وتكون الظروف ملائمة، وهذه الاستجابة للظروف البيئية تمثل شكلا فريدا لمرونة الدماغ.
وتبعا لما يقوله أليكس درانوفسكي رئيس فريق البحث في تقرير عن النتائج نشر في مجلة Neuron، فانه من المعروف ان قرن آمون له علاقة بعمليات الذاكرة والتعلم والعواطف، وانه عمل ومساعديه في الدراسة على مقارنة تكوّن خلايا الدماغ الجذعية والخلايا العصبية في فئران عاشت في بيئة معزولة وفئران وضعت في بيئات غنية بالمثيرات، وتتبعوا الخلايا الجذعية من لحظة تكونها الى ان تمايزت الى خلايا متخصصة عدة، فلاحظوا ان دماغ الفئران المعزولة بيئيا كوّن خلايا جذعية لكن دون تكوين خلايا عصبية، بالمقابل كوّن دماغ الفئران في البيئة الغنية بالمثيرات خلايا عصبية كثيرة ولم يكون مزيدا من الخلايا الجذعية، ويقول درانوفسكي ان العلماء يعرفون ان البيئات الغنية بالمثيرات تحفز تكوين الخلايا العصبية، لكنها المرة الاولى التي نكتشف فيها بالتفصيل هذا التغير في اعداد الخلايا الجذعية والخلايا العصبية تبعا لظروف البيئة.
وجد العلماء ايضا ان البيئة المعزولة لم تتسبب في نقصان اعداد الخلايا العصبية، وان للعمر تأثيرا ايضا، فبعد ثلاثة شهور من بدء التجربة توقف دماغ الفئران في البيئة المعزولة عن مراكمة الخلايا الجذعية العصبية، في حين استمر دماغ فئران البيئة الغنية بانتاج الخلايا العصبية.
درانوفسكي وفريق البحث العامل معه يخططون الان لمعرفة ان كانت استجابة منطقة قرن آمون هذه مرتبطة فقط بالبيئة المعزولة، ام انها استجابة عامة لظروف الاجهاد. ومعرفة ان كانت جميع الخلايا الجذعية العصبية قادرة على تكوين خلايا عصبية جديدة وعلى المدى الطويل فان هدف العلماء معرفة كيفية توجيه الخلايا الجذعية العصبية لتكوين خلايا عصبية او المزيد من الخلايا الجذعية، الامر الذي سيكون له فوائد عدة في معالجة الامراض العصبية الانحلالية وغيرها من المشكلات الصحية المرتبطة بالدماغ.