«هل الجن يتناسلون ويتكاثرون؟»، سؤال يتبادر في ذهن الكثيرين وأجاب عنه القرآن ، وفسره العلماء .
فثبت أن الجن يتزوجون ويتكاثرون، واستدل بعض العلماء على ذلك بقول الله تعالى عن أزواج أهل الجنة في: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) (سورة الرحمن)، بقوله تعالى: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي)
(سورة الكهف: 50)، والدلالة من ذلك ظاهرة، وجاء في الأثر أن الجن يتوالدون كما يتوالد بنوا آدم وهم أكثر عددا.
وهناك من أنكر ذلك واستدل بأن الله تعالى أخبر أن الجان خلق من نار، وفي النار من اليبوسة والخفة ما يمنع معه التوالد.. والجواب أن أصلهم من النار كما أن أصل الآدمي من التراب، وكما أن الآدمي ليس طيناً حقيقة كذلك الجني ليس ناراً حقيقة، وقد وقع في الصحيح في قصة تعرض الشيطان للنبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (فأخذته فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على ظهر كفي)
(حديث رواه ابن حبان في صحيحه برقم.. وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن).
ونسأل: هل يموت الجن؟ فمن المؤكد أن الجن يموتون، لقول الله تعالى في سورة الرحمن: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَام"، وأخرج البخاري عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ربه، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُمَا) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ".
(البخاري ومسلم).. ومما يدّل على أنهم يموتون أن خالد بن الوليد قتل شيطانة العزى، (الشجرة التي كانت تعبدها العرب).. وقصة هدم العزى رواها عدد من الحفاظ (رحمهم الله) فعن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مكة، بعث خالد بن الوليد (رضي الله عنه) إلى نخلة ، وكانت بها العزى فأتاها خالد (رضي الله عنه)وكانت على ثلاث سمرات ، فقطع السمرات ، وهدم البيت الذي كان عليها. ثم أتى النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فأخبره.
فقال:"ارجع فإنك لم تصنع شيئا". فرجع خالد ؛ فلما أبصرت به السدنة وهمحجبتها ؛ أمعنوا في الجبل، وهم يقولون : يا عزى، فأتاها خالد (رضي الله عنه) فإذا هي امرأة عريانة ، ناشرة شعرها ، تحتفن التراب على رأسها ، فعممها بالسيف حتى قتلها ، ثم رجع إلى النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فأخبره، فقال: "تلك العزى". (البيهقي في السنن الكبرى، وأبو يعلى في مسنده والنسائي وأبو عوانة، كما نقله السيوطي عنهما في الدرالمنثور، ورواه الشيخ أبو عبدالله المقدسي في الأحاديث المختارة، وقال : إسناده صحيح بالمتابعة).