يعيش الجن في كل مكان تقريبا على الأرض، في الكهوف وفي المغارات، فضلا عن سطح الماء, ومنهم الذي يأوي الى جماعات, خصوصًا الشياطين، ولذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا نزلنا منزلا ما, أو بلد أن نقول: "أعوذُ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"... فالجن يعيشون بيننا ومعنا.. يروننا ونحن لانراهم .. منهم المسلمين ومنهم الكفار، ومنهم الأخيار ومنهم الأشرار.. عامتهم مسالمين، ولا يتعرضون لمن لا يتعرض لهم ولا يسئون إلا لمن أساء لهم.
يعيشون معنا.. ويتأثرون بنا. وفي الغالب يعيش الجن المسلم في منازل المسلمين.. والجن المؤمن منهم لا يؤذي البشر ويعبد الله ويدرك تبعة سوء استغلال القدرات الخارقة التي منحهم الله إياها, أما الجن الكافر فاعتادوا إيذاء البشر في حالة أن ألقوا عليهم بأمواس الحلاقة أو سكبوا عليهم الماء الساخن في الحمامات.
ويذهب البعض إلى أن هناك تشابه بين عادات وتقاليد الجن والإنس.. "مبعثه سلطوية الحركة والانتقال والتخفي التي يمارسها معشر الجن على الإنسان, فلا ضوابط لحركة الجن المكانية, كما أنهم يفضلون تناول اللحوم وشرب الدماء. والإيذاء والحب والكره, كما أن سلوكيات العبادة عندهم تختلف تبعا للكفر والإيمان."
وهناك من يشكك الاشتراك النفسي بين الجن والبشر في عادات وتقاليد غير حقيقي لاختلاف طبيعة المنشأ والتكوين فأحدها من النار والآخر من الطين.. والأخير يرجع الأمر كله يرجع لموروثات نفسية تتناقلها الأجيال بأشياء من الرهبة والتضخيم, مثل أن الجان يشرب الدماء أو يعيش بيننا ويسكن معنا وغيرها من الشواهد المشتركة لعادات أو سلوكيات لا علاقة لها بعالم الواقع.
فعالم الجن كله غير مرئي والجن مخلوقات نارية والإنس مخلوقات من طين، ومن ثم لهما طبيعتان مختلفتان تمامًا ولا تلتقيان على الإطلاق, وهم لا يظهرون أو يشاهدون ولا يمكن معاشرتهم مثل البشر.
الخلاصة أن الجن أمة من الأمم، لهم أماكن يسكنـون فيها أو مختصة بهم، وقد يشاركوننا في بعض الأماكن. يقول شيخ الاسلام ابن تيمية، "يأوي إلى كثير من هذه الأماكن التي هـي مأوى الشياطين، الشيوخ الذين تقترن بهم الشياطين، ويتواجدون في أماكن اللهو وفي الأسواق حيث يكثر تواجدهم لإضلال الناس وإفسادهم، وقد أوصى الرسول صلي الله عليه وسلم أحد أصحابه قائلا: "لا تكونن إن استطعت أول من تدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطـان، وبها ينصب رايته" (رواه مسلم في صحيحه).
والجن أيضا تعيش في منازلنا ومعنا ولكن لا نراهم، وقد يأكلون معنا ويشربون معنـا من حيث لا نراهم لاستتارهم عنا، لقوله عز وجل: (إنه يراكم هـو وقبيله من حيـث لا ترونهم). فالجن كافرهم ومسلمهم يعيشون معنا في أسواقنا في محلاتنا في مدارسنا، معنا في بيوتنا في الغرف والمطابخ والحمامات.