قال تعالى: (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك).. لم تسلم امرأة من الغيرة على زوجها ولو سلمت إحداهن منها لسلمت أمهات المؤمنين فها هو القرآن يحكي موقفا يعكس هذه الغيرة في بيت النبوة ويعلمنا الكثير من الدروس التي نستفيدها، والقصة باختصار كما رواها المفسرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فلما كان يوم حفصة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة أبيها فأذن لها، فلما خرجت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جاريته مارية القبطية فأدخلها بيت حفصة، فوقع عليها فلما رجعت حفصة وجدت الباب مغلقًا فجلست عند الباب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه يقطر عرقًا، وحفصة تبكي فقال: ما يبكيك؟ فقالت: إنما أذنت لي من أجل هذا أدخلت أَمَتَكَ بيتي، ثم وقعت عليها في يومي وعلى فراشي، أما رأيت لي حرمة وحقًا؟ ما كنت تصنع هذا بامرأةٍ منهنَّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليست هي جاريتي أحلها الله لي؟ اسكتي فهي حرام عليّ ألتمس بذاك رضاك، فلا تخبري بهذا امرأة منهن. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة فقالت: ألا أبشرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم عليه أمته مارية، وإن الله قد أراحنا منها وأخبرت عائشة بما رأت، وكانتا متصافيتين متظاهرتين على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فغضبت عائشة فلم تزل بنبي الله صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن لا يقربها فأنزل الله عز وجل "يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" يعني العسل ومارية "تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم" وأمره أن يكفِّر يمينه ويراجع أمته" ونستفيد كثيرا من هذه القصة منها أن مراعاة خاطر الزوجة وغيرتها أمر محمود تستمر به العشرة إلا في أن يحرم الإنسان على نفسه ما أحله الله ، ومنها أن الزوجة يجب أن تصون سر زوجها وتحافظ عليه ولا تفشيه ، ومنها أن الإنسان يجب عليه أن يتغافل عن بعض الأمور ولا يستقصيها كما قال سفيان "ما زال التغافل من فعل الكرام" وقال الحسن : ما استقصى كريم قط وما زاد على المطلوب بقلب العتاب إلى تقريع.
وقد اشتملت الآيات على كثير من الآداب والتوجيهات التي يستفيد منها المسلم ذكرت بعضها وأترك الباقي لنباهة القارئ وتدبره في الآيات.