هناك الكثيرون ممن يفرطون إفراطا شديدا من عدم النجاة من عذاب القبر
وأمثال هؤلاء إما أن يكون هذا دافعاً لهم نحو العمل أم على العكس
، فإن كان الأول فهذا ممدوح بلا شك، وإن كان الثاني، فلهؤلاء نقول:
الخوف والرجاء كجناحي طائر، فلا يتم طيرانه بالشكل الصحيح إلا بسلامتهما وتوازنهما، فلا يكفي أن يكون أحدهما قويًا، بل لا بد من أن يكون الاثنان قويين، بل على العكس فإذا كان أحدهما قويًا والآخر ضعيفًا فسيكون الطائر عرضة للسقوط أكثر مما لو كانا ضعيفين. وهكذا يجب أن يكون المسلم مع ربه، فما بين خوف من الله وعقابه، ورغبة في عفوه ونجاته، فلو غلب أحد هذين العنصرين في قلب المؤمن فهذا نذير خطر ومؤشر تغير سلبي، فغلبة الخوف تؤدي إلى القنوط من رحمة الله –والعياذ بالله-، كما أن غلبة الرجاء تؤدي إلى الإكثار من الوقوع في المعاصي مع عدم التوبة أو تأخيرها إلى إشعار آخر، والكثير ممن ضل عن سواء السبيل كان أحد أهم أسباب ذلك هو طغيان أحد هذين العنصرين في قلبه على الآخر.