الإشاعة هي نشر الأخبار الكاذبة من غير تثبت وتحرٍ للصواب، سواء كان النشر بحسن نية أم بغرض سيئ كالإضرار بفرد أو مجتمع من المجتمعات أو بدولة أو بمؤسسة.
الإشاعات أمرها خطير، فقد تؤدي لهدم عائلات ومجتمعات بل دول أيضا، وكثير من الناس يسارع في نشرها في الفضائيات والصحف والمنتديات والإنترنت والمجالس، ولا يدرون الخطورة المترتبة على ذلك.
وهي من أعظم الجرائم التي حذر الإسلام، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (سورة الحجرات: 6). وقال تعالى عن الكاذبين الذين يروجون للأكاذيب: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُم الْكَاذِبُونَ) (سورة النحل : 105) وقال تعالى فيمن يرمون المؤمنين بالأكاذيب والاتهامات دون دليل بغرض الإضرار بهم: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدْ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (سورة الأحزاب : 58).
وإن الواجب على المسلم الحذر والتحري قبل نقل الأخبار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع". وقال أيضا: "إنَّ أَرْبَى الرِّبا الاستطالة في عِرْضِ مُسْلِم بِغَيْر حَقٍّ" رواه أبو داود. وقال: "أَيُّمَا رَجُل أَشَاعَ على رَجل مسلم بكلمة هو منها بَرئ يُشينه بها في الدنيا كان حقًّا على الله أن يُذيبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاذ ما قال" رواه الطبراني بإسناد جيد.
وكما سمى الله سبحانه صاحب الخبر الكاذب فاسقًا فقد سمَّاه شيطانًا، فقال عن نُعيم بن مسعود الأشجعي قبل أن يُسْلِم وأراد أن يخذل جيش المسلمين في غزوة بدر الصغرى: (إِنَّمَا ذَلَكَ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلَياءَهُ فَلا تَخَافُوهُم) (سورة آل عمران:175).
وللإشاعة آثارها الضارة، من تضليل الرأي العام، ونشر الكراهية والفتن، وتشويه العرض، والشائعات دائما كانت ولا تزال مصدرا لكل وقيعة وفتنة.
ومن أسباب الإشاعة الحقد أو الكبت أو إسقاط الشخصية المقصودة بالإشاعة اجتماعيا، لمن يُشاع عنه، أو حُب الظهور بسبق الإخبار ويحدث هذا في وسائل الإعلام كثيرا، أو التسلية أو التنفيس عن النفس فيما حُرِمَتْ منه، وتكثر الإشاعات أيام الأزمات السياسية والاقتصادية والحربية حيث يكون الجو ملائمًا لذلك.
ومن أشد الشائعات في تاريخ الإسلام ما أطلقه المنافقون على السيدة عائشة رضي الله عنها حين رموها في عرضها مع صفوان بن المعطل، وهو ما سمي بحادثة الإفك، فأدت لفتنة كبيرة أحدثت جرحا عميقا في نفوس الصحابة والنبي، وقد نزل قوله تعالى محذرا من نقل الإشاعات: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. وقال تعالى: {يَعِظُكُمُ اللهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ}.
ومن أساليب مقاومة الشائعات، رد الأمر إلى المسؤولين قبل أن ينتشر، حتى يتحققوا منه، قال تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه}.
ومن الأساليب أيضا: التثبت والتبين، لقوله تعالى: {فتبينوا}، ومنها عدم النقل ممن يعرف بالكذب وعدم التحري، وعدم اتباع الظن قال تعالى: {إن بعض الظن إثم}، وعدم ترديد الإشاعة وحصرها في نطاق ضيق، ومقاومة الإشاعة بترديد الحق ونشره ووضع عقوبة لصاحبها ومروجها.
نسأل الله أن يعافينا من ضرر الشائعات وان يحافظ على وحدة الأمة والمجتمع.