الإمام الجواد (عليه السلام)
عندما كان طفل صغير يلعب مع الأطفال الذين من سنه وهم يلعبوا فجأة هرب الصبية نظر الإمام بأبي وأمي وإذا بالخليفة العباسي مع حاشيته وقف الإمام عليه السلام ولم يهرب كما هرب الصبية فقال له الخليفة يا غلام لماذا لا تهرب مني كما هرب الصبية فأجابه الإمام (عليه السلام ) بجواب فصيح أعجب به كثيراً قال له الإمام أنا لم أهرب لأنه ليس عليَّ ذنب عند الملك حتى أخاف منه وثانياً لم أضيِّق الطريق عليه (يقصد بالملك ) الخليفة العباسي
لمّأ سمع هذا الكلام الفصيح زاد إعجابه به اكثر قال: الملك من أنت أيها الغلام قال: الإمام (عليه السلام ) أنا محمد الجواد بن الإمام علي الرضا (عليه السلام) تركه الملك ومشا متجهاً إلى الصيد عاد الصبية إلى اللعب مع الإمام الجواد كما كانوا وبعد ساعتين أو أكثر رجع الملك العباسي إلى قصره عندما رأوا الصبية الملك قادم هربوا كما فعلوا في المرة الأولى وبقي الإمام بأبي وأمي واقفا لم يهرب أعاد عليه السؤال لماذا لا تهرب يا غلام أعاد عليه الجواب الإمام بأبي وأمي نفس الجواب ليس عليَّ ذنب عند الملك ولست مضيِّقاً عليه الطريق
هنا أراد الملك أن يختبر هذا الطفل هل هو حقاً إبن الإمام الرضا من أهل بيت العصمة عليهم السلام . أم غير ذلك
الملك:ـ كان يخفي شيئاً في يده قال: أتعلم ما في يدي أيها الصبي ؟؟؟
قال: بلا أيها الملك
صدق جدي رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم
حيث قال:
إنَّ بين السماء والأرض بحرٌ فيه سمك أخضر تلتقطه بازات الملوك !!!!
فتح الملك يده وإذ فيها سمك أخضر!!!
فتعجب الملك وتعجب من معه من هذا الكلام ومن حدة ذكاء هذا الغلام .
ومن شدة إعجابه به عندما بلغ السنة الثامنة من عمره أراد أن يزوجه إبنته فاعترض عليه القوم كيف تزوج إبنتك من غلام لم يبلغ الحلم .
قال :ـ الملك ما هو رأيكم إذاً؟؟؟
قالوا:ـ نريد ان نختبر هذا الغلام هل عند علم أم هو جاهل فاجتمع الرأي على ان يحاور ويناظر الإمام عليه السلام قاضي القضاة (يحيى بن اكثم ) واجتمع الناس والعلماء والفقهاء والإمام جالس بجوار الملك فتقدم يحيى أكثم قاضي القضاة وكان عمره آنذاك شيخ كبير
مناظرة الإمام الجواد ( عليه السلام ) مع ابن اكثم
عندما أراد الخليفة المأمون تزويج ابنته أم الفضل من الإمام الجواد ( عليه السلام ) بلغ ذلك العباسيين ، فاعترضوا على الخليفة ، وقالوا : يا أمير المؤمنين ، أتُزَوِّج ابنتك صبياً لم يَتَفَقَّه في دين الله ؟!! ، وإذا كنت مشغوفاً به فأمْهِلْه لِيتأَدَّبْ ، ويقرأ القرآن ، ويعرف الحلال والحرام .
فقال لهم المأمون : وَيْحَكم ، إِنِّي أَعْرَفُ بهذا الفتى منكم ، وإنَّه لأفْقَه منكم ، وأعلم بالله ورسوله وسُنَّتِه ، فإن شِئْتُم فامتحنوه .
فرضوا بامتحانه ، واجتمع رأيهم مع المأمون على قاضي القضاة يحيى بن أكثم أن يحضر لمسألته ، واتفقوا على يوم معلوم .
وجاء ابن أكثم وقال للإمام ( عليه السلام ) ، بحضور مجلس المأمون :
يا أبا جعفر ، أصلَحَك الله ، ما تقول في مُحرم قتل صيداً ؟
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) :
( قَتله في حِلٍّ أو حَرَم ؟ ، عَالِماً كان المُحرِم أم جاهلاً ؟ ، قَتَله عمداً أو خطأً ؟ ، حُرّاً كان المُحرِم أم عبداً ؟ ، كان صغيراً أو كبيراً ؟ ، مُبتدِئاً بالقتل أم مُعِيداً ؟ ، من ذَوَات الطير كان الصيدُ أم من غيرها ؟ ، من صِغَار الصيد كان أم من كباره ؟ ، مُصرّاً على ما فعل أو نادماً ؟ ، في اللَّيل كان قتله للصيد في أوكَارِها أم نهاراً وعَياناً ؟ ، مُحرِماً كان بالعُمرَة إذ قتله أو بالحج كان مُحرِماً ؟ ) .
فتحيَّر يحيى بن أكثم ، وانقطع انقطاعاً لم يُخفَ على أحد من أهل المجلس ، وبَان في وجهه العجز .
فتلجلج وانكشف أمره لأهل المجلس ، وتحيَّر الناس عجباً من جواب الإمام الجواد ( عليه السلام ) .
فقال المأمون لأهل بيته : أعرفتُم الآن ما كنتم تُنكِرونه ؟
ونظر إلى الإمام ( عليه السلام ) وقال : أنا مُزوِّجُك ابنتي أم الفضل .
فرضي ( عليه السلام ) بذلك ، وتمَّ التزويج .
ولمَّا تمَّ الزواج قال المأمون لأبي جعفر ( عليه السلام ) : إن رأيت - جُعلتُ فداك - أن تذكر الجواب ، فيما فَصَّلتَه من وجوه قتل المحرم الصيد ، لِنعلَمَه ونستفيدَه .
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) :
( إنَّ المُحرِمَ إذا قتلَ صيداً في الحِلِّ ، وكان الصيد من ذَوَات الطير ، وكان من كبارها فعليه شَاة .
فإنْ كانَ أصابه في الحرم ، فعليه الجزاء مضاعَفاً ، وإذا قتل فَرْخاً في الحلِّ ، فعليه حَمْل قد فُطِم من اللَّبن ، وإذا قتله في الحرم ، فعليه الحَمْل ، وقيمة الفرخ .
وإن كان من الوحش ، وكان حِمار وحش ، فعليه بقرة ، وإن كان نعامة فعليه بدنَة ، وإن كان ظبياً ، فعليه شاة .
فإن قتل شيئاً من ذلك في الحرم ، فعليه الجزاءُ مضاعفاً هَدْياً بَالِغ الكعبة ، وإذا أصاب المُحرِمُ ما يجب عليه الهدي فيه ، وكان إحرامه للحجِّ ، نَحَرَهُ بِمِنىً ، وإن كان إحرامه للعُمرة ، نَحَرَه بمَكَّة .
وجزاء الصيد على العالِم والجاهل سواء ، وفي العَمدِ له المأثم ، وهو موضوعٌ عنه في الخطأ ، والكفَّارة على الحُرِّ في نفسه ، وعلى السيِّد في عبده ، والصغير لا كفَّارة عليه ، وهي على الكبير واجبة .
والنادم يسقُط بِنَدمه عنه عقاب الآخرة ، والمُصرُّ يجب عليه العقاب في الآخرة ) .
فقال المأمون للإمام ( عليه السلام ) : أحسنتَ يا أبا جعفر .