وسائل الاعلام العربية وتغطيتها للانتفاضات حسب اهواء مالكيها
راقبتُ معظم وسائل الاعلام العربية وتلك الاجنبية الناطقة باللغة العربية· لم اكن سعيدا او مقتنعا بما شاهدته ولمسته من الطريقة التي تعاطت بها هذه الفضائيات في الدول التي شهدت انتفاضات· بدا واضحا أن لكل محطة اخبارية اولوياتها الخاضعة لأجندة سياسية·
فغابت المهنية وتحوّلت كل فضائية من تلك الفضائيات إلى اشبه بوسيلة اعلام حزبية يغيب عنها الحدث ويحضر بحسب الارتباطات التي تحكم هذه القنوات·
لا نختلف على اهمية هذه الفضائيات في تحفيز المواطنين على الثورة والخروج للاصلاح والتغيير· لكننا نلاحظ في عمل هذه الفضائيات <صيفا وشتاء فوق سقف واحد>، فلا نعرف على اي صيغة مهنية يجري بناء الخبر وتحريره وبثه ومنحه الاولوية!!
كل ما يجري في العالم العربي متشابه فلماذا نراه على تلك الفضائيات بأكثر من لغة وصورة ومنطق؟ وعلى اي اساس يحضر حدث ما بقوة على إحدى تلك القناة ويغيب عن اخرى التي بدورها تهتم بحدث آخر بنفس الاهمية؟؟ هل هو توزيع للجهد والهواء على الثورات العربية؟ ام انها سياسات مرسومة تهدف الى توجيه العقول والمشاهدين باتجاه دون آخر؟
انا شخصيا اميل الى الجواب الثاني الذي في مضمونه يتهم الفضائيات الاخبارية العربية بالخضوع لارتباطات المموّل مع غياب تام للمبادىء والمواثيق والاخلاقيات الاعلامية·
وحتى لا نظلم الجميع، بدت قناة <العالم> الايرانية الناطقة بالعربية وقنوات اخرى مثل فرنسا 24، وروسيا اليوم، والقناة التركية·· اقرب الفضائيات الى العمل المهني بعيدا عن التوجيه والتواطؤ· فقد غطّت جميع التحركات بشكل متوازن ومهني، حتى في تلك الدول التي تربطها علاقات جيدة مع طهران· لا نتكلم هنا في السياسة، بقدر ما نتكلّم في اصول المهنة والتزام الاعلام العربي بهذه الاصول في اخطر مرحلة تاريخية (فعلا) تمر بها الامة العربية منذ نصف قرن ونيف·
لقد استطاعت هذه القنوات بناء رصيد مهني ممتاز في طريقة مواكبتها للثورات والانتفاضات العربية·· وعليه فهي تستحق التحية·
غسان جواد
المصدر قناة العالم الاخبارية