انتقال السلطة في اليمن بيد السعودية
تشير التغيرات في المواقف الدولية والاقليمية بدعوة الولايات المتحدة لرحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وما تبعه من طرح لمبادرة وساطة بين الأطراف اليمنية، الى ان الايام المتبقية للرئيس اليمني في الرئاسة باتت معدودة. وقد حثت وزارة الدفاع الأميركية الحكومة اليمنية على التفاوض بشأن نقل السلطة بأسرع وقت ممكن، كما دعت بريطانيا وإيطاليا صالح بالتحرك العاجل لنقل السلطة والاستجابة لتطلعات الشعب اليمني. وجاء في تقرير نشره موقع "وطن" نقلا عن وكالات الانباء يوم الثلاثاء، أن السعودية هي التي ستحدد مصير الرئيس اليمني على الارجح، ولكنها لا تريد ان ترى سلطة الشعب تحدث تغييرا على حدودها، كما أنها المصدر الرئيس للدعم المالي لصالح لسنوات طويلة وربما لا يتنحى حتى تطلب منه الرياض ذلك. وأكدت المعارضة اليمنية الثلاثاء استعدادها للمشاركة في محادثات مع الرئيس علي عبدالله صالح برعاية الدول العربية في الخليج الفارسي في الرياض للبحث في "نقل السلطة". وقال المتحدث باسم المعارضة محمد قحطان: "نحن مع التفاهمات لنقل السلطة، رحبنا وقلنا سنحضر، ولكن لبحث نقل السلطة فقط". واضاف، ان البلد لا يحتمل تأخير نقل السلطة، كل يوم يمر تهرق دماء كثيرة. وشدد على ان المحادثات مع النظام اليمني لا تعني الحوار معه. وقال: "نحن مع اي خيارات او تفاهمات لنقل السلطة من الرئيس صالح بشكل آمن وسريع، اما بالنسبة للحوار الوطني، فهو لا يمكن ان يتم الا في ظل الوضع الجديد، اي مع رئيس جديد". وقال: "يجب ان يرحل الرئيس ويسلم السلطة لنائب من غير عائلته ونحن سنجلس ونتحاور مع هذا النائب"، مشيرا بذلك الى مبادرة المعارضة التي نصت على اطلاق حوار حول مرحلة انتقالية بعد تسليم صالح السلطة الى نائبه. في الوقت نفسه قال المحلل باراك بارفي من مؤسسة نيو اميركا: "لا اعتقد أن الولايات المتحدة تضطلع بدور. نفوذها اقل بكثير. الدولة الوحيدة التي تهم صالح هي السعودية". وأضاف: "اذا اوقفت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية فانها ستضار مثل صالح وهو يعلم ذلك، لذا يحتاج اليمنيون ضغطا من الرياض". وظلت الولايات المتحدة لفترة طويلة تعتبر صالح حليفا رئيسيا في الحرب ضد القاعدة اذ سمح بشن غارات جوية على مناطق يعتقد أنها تابعة للتنظيم في اليمن وتعهد بمحاربة التطرف مقابل مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات. وربما يدفع الاحباط جراء عناد صالح اليمنيين -وكثيرون منهم مدججون بالسلاح ولديهم خبرة بالحرب والقتال- نحو صراع عنيف على السلطة مما يعطي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مساحة أكبر للتحرك. وتثير كل هذه العوامل القلق بشأن الاستقرار في البلد المطل على ممر ملاحي يعبره أكثر من ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا. وقال تيودور كاراسيك وهو محلل أمني في مجموعة (انيجما) ومقرها دبي إن صالح يريد غرق السفينة بمن فيها، وهذا يعني ان تتزايد خطورة الوضع ويحتمل ان تتصاعد اعمال العنف على الجانبين. وأضاف "لا يريد الاميركيون ان ينزلق اليمن لنفس الوضع الليبي.. سيمنح ذلك القاعدة مجالا كبيرا لالتقاط الانفاس". وربما يكون الضغط السعودي من أجل التغيير في الطريق الان. وقاوم مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي جهود صنعاء لاغرائه بلعب دور الوسيط ولكن وزراء خارجية المجلس دعوا الحكومة اليمنية وممثلي المعارضة اول أمس الاثنين لاجراء محادثات في السعودية دون تحديد موعد. وقبل اليمن الدعوة اليوم الثلاثاء وقال أبو بكر القربي وزير الخارجية بحكومة تصريف الاعمال اليمنية: "نرحب بدعوة مجلس التعاون، والحكومة مستعدة لمناقشة أي أفكار يطرحها أشقاؤنا الخليجيون لحل الازمة". وقال مساعدون للواء علي محسن وهو أحد القادة العسكريين البارزين الذين ألقوا في الاونة الاخيرة بثقلهم وراء عشرات الالاف من المحتجين الداعين لرحيل الرئيس علي عبد الله صالح انه قبل أيضا الدعوة لاجراء محادثات في السعودية. ولمح بعض الدبلوماسيين في السعودية الى ان الرياض تدرس القاء ثقلها خلف محسن وهو قائد عسكري قوي يرجع لنفسه الفضل في وصول صالح للسلطة. وقال شادي حامد المحلل في مركز بروكينجز الدوحة في قطر "كلما زاد الضغط كلما بدا رد فعله عنيفا وعنيدا. راينا ذلك لاول مرة في 18 اذا/مارس حين وقعت واحدة من اعنف المجازر في الذاكرة العربية في الاونة الاخيرة" في اشارة لمقتل 52 شخصا على الاقل اثر اطلاق قناصة النار على المحتجين في صنعاء. وأضاف: "شهدنا مزيدا من العنف. اعتقد ان هذا يلمح فعليا لان ايامه معدودة. اعتقد ان استخدام العنف يوحي في بعض الاحيان بالقوة وفي احيان اخرى بالضعف... ونحن نتحدث عن الحالة الاخيرة هنا."
المصدر قناة العالم