أويس القرني (رضي الله عنه)
اسمه ونسبه
أويس بن عامر بن جزء... بن قرن المذحجي المرادي.
زهده
كان أويس من الزهّاد الثمانية، معرضاً عن ملذّات الدنيا وزخارفها، وروي أنّه كان لديه رداء يلبسه، إذا جلس مسَّ الأرض، وكان يردد قول: (اللهم إنّي أعتذر إليك من كبد جائعة، وجسد عارٍ، وليس لي إلّا ما على ظهري وفي بطني).
وروي في زهده أنّ رجلاً من قبيلة مراد، جاء إليه وقال له: (كيف أنت يا أويس؟ قال: الحمد لله، ثمّ قال له: كيف الزمان عليكم؟ قال: لا تسأل الرجل إذا أمسى لم يرَ أنّه يصبح، وإذا أصبح لم يرَ أنّه يمسي.
يا أخا مراد، إنّ الموت لم يبقِ لمؤمن فرحاً.
يا أخا مراد، إنّ معرفة المؤمن بحقوق الله لم تبقِ له فضّة ولا ذهباً.
يا أخا مراد، إنّ قيام المؤمن بأمر الله لم يبقِِ له صديقاً.
والله إنّا لنأمرهم بالمعروف، وننهاهم عن المنكر، فيتخذوننا أعداء، ويجدون على ذلك من الفاسقين أعوانا، حتّى والله لقد يقذفوننا بالعظائم، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق)(2).
من أقوال الأئمّة(عليهم السلام) فيه
1ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ من خلقه الأصفياء الأتقياء، الشعثة رؤوسهم، المغبرة وجوههم، الخمصة بطونهم من كسب الحلال، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يُؤذن لهم، وإن خطبوا المتنعّمات لم ينكحوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن ماتوا لم يشهدوا.
قالوا: يا رسول الله، كيف لنا برجل منهم؟ قال: ذاك أويس القرني، قالوا: وما أويس القرني؟ قال: أشهل ذو صهوبة، بعيد ما بين المنكبين، معتدل القامة، آدم شديد الأدمة، ضارب بذقنه إلى صدره، رام ببصره إلى موضع سجوده، واضع يمينه على شماله، يتلو القرآن، يبكى على نفسه، ذو طمرين لا يؤبه له، متزر بإزار صوف، ورداء تحت منكبه لمعه بيضاء ألا وإنّه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد: ادخلوا الجنّة، ويُقال لأويس: قف لتشفع، فيشفّعه الله في مثل عدد ربيعة ومضر)(3).
2ـ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (ليشفعن رجل من أُمتي لأكثر من بني تميم ومن مضر، وإنّه أويس القرني)(4).
3ـ قال الإمام الكاظم(عليه السلام): (إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر، ثم يُنادى مناد: أين حواري عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وصي رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فيقوم عمرو بن الحمق، ومحمّد بن أبي بكر، وميثم بن يحيى التمّار ـ مولى بني أسد ـ، وأويس القرني.
قال: ثمّ يُنادى المنادى:... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأول المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين)(5).
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال الشيخ الكشّي(قدس سره) في رجاله: (كان أويس من خيار التابعين، ولم يرَ النبيّ(صلى الله عليه وآله) ولم يصحبه).
2ـ قال أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء: (سيّد العبّاد، وعلم الأصفياء من الزهّاد، بشّر النبيّ(صلى الله عليه وآله) به، وأوصى به أصحابه).
3ـ قال ابن عدي: (ليس لأويس من الرواية شيء، إنمّا له حكايات ونتف في زهده، وقد شكّ قومه فيه، ولا يجوز أن يشكّ فيه لشهرته، ولا يتهيأ أن يحكم عليه بالضعف، بل هو ثقة صدوق)(6).
من الراوين عنه
يسير بن عمرو، عبد الرحمن بن أبي ليلى، موسى بن يزيد، أبو عبد رب الدمشقي.
سبب شهادته
قاتل أويس القرني بين يدي الإمام عليّ(عليه السلام) في معركة صفّين حتّى استُشهد أمامه، فلمّا سقط نظروا إلى جسده الشريف، فإذا به أكثر من أربعين جرح، بين طعنة وضربة ورمية.
شهادته
استُشهد(رضي الله عنه) في الثامن من صفر 37ﻫ، ودُفن في منطقة صفّين.
ـــــــــ
1ـ اُنظر: أعيان الشيعة 3/512، معجم رجال الحديث 4/154.
2ـ مستدرك الحاكم 3/406.
3ـ تاريخ مدينة دمشق 9/425.
4ـ أعيان الشيعة 3/514.
5ـ الاختصاص: 61.
6ـ ميزان الاعتدال 1/279.