في ذكر زيارة الحسين عليه السلام في اول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه وآخر ليلة منه
روينا ذلك باسناد إلى أبي المفضل الشيباني ، قال : حدثنا أبو محمد شعيب بن محمد بن مقاتل البلخي بنوقان طوس في مشهد الرضا عليه السلام ، قال : حدثني أبي ، عن أبي بصير الفتح بن عبد الرحمان القمي ، عن علي بن محمد بن فيض بن مختار
، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه سئل عن زيارة أبي عبد الله عليه السلام فقيل : هل في ذلك وقت هو أفضل من وقت ؟ فقال : زوروه صلى الله عليه في كل وقت وفي كل حين فان زيارته عليه السلام
خير موضوع ، فمن أكثر منها فقد استكثر من الخير ومن قلل قلل له ، وتحروا ( 1 ) بزيارتكم الأوقات الشريفة ، فان الأعمال الصالحة فيها مضاعفة ، وهي أوقات مهبط الملائكة لزيارته . قال : فسئل عن زيارته في شهر رمضان ؟ فقال :
من جاءه عليه السلام خاشعا محتسبا مستقيلا مستغفرا ، فشهد قبره في احدى ثلاث ليال من شهر رمضان : اول ليلة من الشهر أو ليلة النصف أو آخر ليلة منه ، تساقطت عنه ذنوبه وخطاياه التي اجترحها ( 2 ) ، كما يتساقط هشيم ( 3 ) الورق
بالريح العاصف ، حتى انه يكون من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امه ، وكان له مع ذلك من الأجر مثل أجر من حج في عامه ذلك واعتمر ، ويناديه ملكان يسمع نداءهما كل ذي روح الا الثقلين من الجن والإنس ، يقول أحدهما : يا عبد الله طهرت فاستأنف العمل ، ويقول الآخر : يا عبد الله أحسنت فابشر بمغفرة من الله وفضل ( 4 ) .
فصل ( 6 ) فيما نذكره من الاختلاف في ترتيب نافلة شهر رمضان
اعلم ان الظاهر في العمل في ترتيب نافلة شهر رمضان هو ما قد تضمنه مصباح جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله جل جلاله عليه ، انه قال : تصلي في العشرين ليلة من الشهر ، كل ليلة عشرين ركعة ، ثمان ركعات بين العشائين ، واثنتي
عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة ، وتصلي ليلة تسع عشرة منه مأة ركعة ، وكذلك ليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ، تسقط ما فيها من الزيادات ، وهي عشرون ركعة في ليلة تسع عشرة ، وثلاثون في ليلة احدى وعشرين ، وثلاثون في ليلة
* ( هامش ) *
1 - تحرى : طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن . 2 - الاجتراح : الاكتساب .
3 - الهشيم : نبت يابس متكسر . 4 - عنه البحار 101 : 99 . ( * )
لاث وعشرين ، الجميع ثمانون ركعة ، تفرقها في اربع جمع ، في كل جمعة عشر ركعات ، اربع منها صلاة امير المؤمنين عليه السلام ، ركعات صلاة فاطمة عليها السلام ، واربع ركعات صلاة جعفر عليه السلام ، وتصلي ليلة آخر جمعة من
الشهر عشرين ركعة صلاة امير المؤمنين عليه السلام ، وفي آخر ليلة سبت منه عشرين ركعة صلاة فاطمة عليها السلام ، فيكون ذلك تمام الف ركعة ، وتصلي ليلة النصف زيادة على هذه الألف مأة ( 1 ) .
وهذا الترتيب في نوافل شهر رمضان هو اختيار الشيخ المفيد في كتاب المقنعة ( 2 ) .
وقال المفيد في الرسالة العزية ما معناه : انه يصلي في العشرين ليلة الأولة ، كل ليلة عشرين ركعة ثماني بين العشائين ، واثنتي عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة ، ويصلي في العشر الآخر كل ليلة ثلاثين ركعة ، ويضيف الى هذا الترتيب في ليلة
تسع عشرة وليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين كل ليلة مأة ركعة وذلك تمام الالف ركعة . قال : وهو رواية محمد بن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان فيما اسنده عن علي بن مهزيار ( 3 ) ، عن مولانا الجواد عليه السلام ، يقتضي ترتيب الرسالة العزية ( 4 ) .
أقول : وقال الشيخ محمد بن احمد الصفواني في كتاب التعريف ، وهي رسالة منه الى ولده ، وقد زكاه اصحابنا عند ذكر اسمه واثنوا عليه في باب صلاة شهر رمضان : واعلم يا بني ان صلاة شهر رمضان تسعمأة مأة ركعة ،
وفي رواية اخرى الف ركعة ، وروي تسعة آلاف مرة ( قل هو الله احد ) ، وروي عشرة آلاف مرة ( قل هو الله احد ) في كل ركعة عشر مرات ، وروي انه يجوز مرة مرة ، فمنها في العشر الأول والثاني في كل ليلة عشرين ركعة ، يكون اربعمأة ركعة ، في كل ركعة عشر مرات ( قل هو الله احد ) ، فان
* ( هامش ) *
1 - لم نجده في المصباح ، ذكره مع اختلاف في المبسوط 1 : 133 .
2 - المقنعة : 28 . 3 - مهران ( خ ل ) . 4 - عنه الوسائل 8 : 36 . ( * )
لم يكن فمرة ، وفي العشر الأواخر ثلاثين ركعة في كل ليلة ، في كل ركعة عشر مرات ( قل هو الله أحد ) ، فان لم يكن فمرة الا في ليلة احدى وعشرين وثلاث وعشرين ، فان فيهما مأة في كل ركعة بعد فاتحة الكتاب عشر مرات ( قل هو الله
احد ) ، وقد روي ان في ليلة تاسع وعشرين ( 1 ) ايضا مأة ركعة ، وهو قول من قال بالالف ركعة ، الا ان المعول عليه في ليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين - هذا لفظه ( 2 ) . ولعل ناسخ كتابه غلط ، فأراد أن يكتب : ليلة تسع عشرة ، فكتب تاسع وعشرون ، الا اننا كذا وجدناه في نسختنا وهي عتيقة ، تاريخها ذو الحجة سنة اثنتي عشرة واربعمائة .
أقول : وذكر الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه فقال : وممن روى الزيادة في التطوع في شهر رمضان زرعة عن سماعة وهما واقفيان ، قال : سألته عليه السلام عن شهر رمضان كم يصلي فيه ؟ قال : كما يصلي في
غيره ، الا ان لشهر رمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي ان يزيد في تطوعه ، وان احب وقوي على ذلك ان
يزيد في اول الشهر الى عشرين ليلة ، كل ليلة عشرين ركعة ، سوى ما كان يصلي قبل ذلك ، يصلي من هذه العشرين اثنتي
عشرة ركعة بين المغرب والعتمة ، وثمان ركعات بعد العتمة ، فإذا بقي من شهر رمضان عشر ليال ، فليصل ثلاثين ركعة في كل ليلة - ثم قال : - وفي ليلة احدى وعشرين وثلاث وعشرين يصلي في كل واحدة منهما مأة ركعة . ثم قال : انما
اوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ، ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروي ومن رواه ، وليعلم من اعتقادي فيه اني لا أرى بأسا باستعماله . ( 3 )
أقول : وروى عبيدالله الحلبي في كتاب له وابن الوليد في جامعه ما معناه : ان النبي
* ( هامش ) *
1 - في الوسائل : تسع عشرة . 2 - عنه الوسائل 8 : 36 .
3 - الفقيه 2 : 138 ، رواه أيضا الشيخ في التهذيب 3 : 63 ، الاستبصار 1 : 462 ، عنهم الوسائل 8 : 31 . ( * )
صلى الله عليه وآله لم يصل نافلة شهر رمضان ( 1 ) . ولعل روايتهما لها تأويل من التقية ، أو غلط من الروات ، أو غير ذلك من البيان .
أقول : فمن الروايات في ان النبي صلى الله عليه وآله صلى نوافل شهر رمضان ، ما رويناه باسنادنا الى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري رضوان الله جل جلاله عليه قال : قال أبو علي بن همام ، قال : حدثنا علي بن سليمان الرازي ، قال :
حدثني أبو القاسم بن أبي خليس المدائني ، قال : حدثني أبو علي محمد بن احمد بن مطهر ( 2 ) ، قال : كتبت الى سيدي
أبي محمد صاحب العسكر عليه السلام : ان رجلا يقول ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يزد في صلاته في شهر
رمضان على ما كان يصلي في غيره . فكتب في الجواب : كذب ، فض الله الله فاه ، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي في عشرين ليلة من شهر رمضان عشرين ركعة في كل ليلة ، وفي ليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين مأة ركعة ، وفي العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثين ركعة . ( 3 )
أقول : وروي هذا الحديث بغير هذه الالفاظ علي بن عبد الواحد النهدي ، عن علي بن حاتم ، قال : حدثنا احمد بن علي ،
قال : حدثنا محمد بن أبي الصهبان ، عن محمد بن سليمان ، قال : ان عدة من اصحابنا اجتمعوا على هذا الحديث ، منهم :
يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ، وصباح الحذاء ، عن اسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن
، وسماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله عليه السلام . قال محمد : وسألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن هذا الحديث
فأخبرني به ، وقال هؤلاء جميعا : وسألنا عن الصلاة في الصلاة في شهر رمضان كيف هي وكيف فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقالوا جميعا :
* ( هامش ) *
1 - عنه الوسائل 8 : 44 . 2 - في التهذيب والوسائل : احمد بن محمد بن مطهر .
3 - عنه الوسائل 8 : 34 ، رواه الشيخ في التهذيب 3 : 67 ، الاستبصار 1 : 466 . ( * )