الحياة الزوجية و عدم توقع المثالية
مناقشة القضايا :
إن من المسائل الضرورية في الحياة الزوجية، مسألة تعيين ساعة من ليل أو نهار لمناقشة قضايا الأسرة، بشكل هادئ وهادف.. إذ من الملاحظ بأن العلاقة الأسرية علاقة في غالب الأوقات مبتنية على حالة من السطحية في التعامل، وترك القضايا -كما يقال- على عواهنها.. نلاحظ بأن الزوجين لا يرممان العلاقة الزوجية.. فالعش الزوجي مثله كمثل البناء.. وهذه الأيام الذي يبني عمارة على أفضل الأسس الهندسية، فإنه مع ذلك يحاول أن يقوم بعملية صيانة مستمرة للبناء الذي بُني.
إن العش الزوجي بناء مقدس، وهذا البناء المقدس يحتاج إلى حالة من حالات المتابعة والترميم، وتقوية الأواصر بين فترة وأخرى.. كما أن في عالم الطبيعة هنالك ما يسمى بعوامل التعرية التي تحط من البناء الشامخ كما في الجبال، ومن المعلوم أن السهول تتشكل بفعل الرياح التي تهب عليها.. كذلك الحياة الزوجية.. هب أن هذه الحياة عبارة عن جبل أشم.. هب أنه بناء محكم، ولكنه يتأثر مع تقادم الأيام -وخاصةً مع الاعتياد في التعامل-، فإن نفس مرور الزمن من موجبات التآكل من دون أي شيء، كما في الحديث الشريف: (الليل والنهار يبليان كل جديد).. إن طبيعة الأيام والليالي أنها تذيب أو تسلب بهجة الشيء، وكذلك الحياة الزوجية.
نلاحظ أن البعض منذ أول أيام زواجه إلى يوم وفاته، لعله ما جلس جلسة صيانة لعشه الزوجي، يدرس فيها السلبيات والإيجابيات؛ ولو في المناسبات المناسبة.. مثلاً: تاريخ الزواج من المحطات التي يمكن أن يجعلها الإنسان ذريعة لهذه الدراسة.. مثلاً: ولادة سيدتنا فاطمة (ص) -مناسبة مرتبطة بعنصر النساء-، من المناسب أن نجعل ذلك يوماً من أيام بحث العش الزوجي، ومتانة هذا البيت.. وميلاد أمير المؤمنين (ع) -يوم منسوب للرجال-، يمكن أن يجعل كذلك.. وكذلك في ليالي القدر، وفي شهر رمضان، وفي بداية السنة.. من المناسب أن تكون هنالك جلسات مصارحة.
ويمكن القول: أنه -بعد النفس الإنسانية- مِن أخبر الناس بحقيقة الإنسان هي الزوجة بالنسبة للزوج، والزوج بالنسبة إلى الزوجة؛ لأن الزوج والزوجة يتصرفان بكل فطرية وعفوية في الحياة الزوجية.. لأن إمام المسجد من الممكن أن يتكلف في مسجده، وأستاذ الجامعة من الممكن أن يتكلف في جامعته، والموظف يتكلف في دائرته؛ جلباً للمصالح، ودفعاً للمفاسد.. ولكن الإنسان في البيت الزوجي لا يرى تلك الاثنينية -وهذه أمر جيد-؛ أي الاندكاك وحالة الاتحاد بين الزوجين، تصل إلى درجة أن أحدهما لا يرى الآخر.. هذه من ناحية جيدة، أن الإنسان لا يتكلف، ولكن من ناحية أيضاً تجعله يتجاوز الحدود بذلك.. وبالتالي أيضاً يقال: إن من طرق كشف حقيقة الإنسان وماهيته: مراجعة الزوجة عن بعض الخصوصيات الخافية عن الآخرين.
وعليه، فإن عقد هذه الجلسات المباركة من الحركات الإيجابية والمباركة جداً، ومناقشة القضايا التي تتعلق بهما، وكذلك ما يتعلق بالأولاد.. فإن الملاحظ أنه لا يوجد تنسيقاً في هذا المجال بين الأبوين!.. فللأب مزاجه، وللأم مزاجها.. وإذا اكتشف الولد هذه الحالة من المزاجية بين الزوجين، من الممكن أن يسيء الاستفادة من ذلك.. فعندما يقسو الأب يلتجئ إلى حنان الأم، أو أن عندما تقسو الأم يلجأ إلى عقلانية الأب مثلاً؛ وبالتالي فإن الطفل يلعب على هذين الحبلين، ولو بشكل تلقائي من دون أي رغبة في المكر أو الخديعة مثلاً.. لذا فإننا نقترح عقد جلسات دورية بين الزوجين، لمناقشة قضايا الأسرة، وقضايا الأرحام، وعوائل الطرفين، وكذلك مسألة الأولاد.
دور الرجل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
إن من الملاحظ أن الزوج في بعض الأوقات يعفي نفسه من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحياة الزوجية.. مع أنه ينهى عن المنكر في مواطن كثيرة، ولكن عندما يصل المنكر إلى زوجته، فإنه يترك ذلك.. إما إهمالاً؛ لأنه لا يرى لزوجته وجوداً متميزاً، ولا يبالي بارتكابها للمنكر.. وهذه حالة خطيرة جداً!.. أو أنه يخشى من سلبيات الأمر.. فهو يحتاج إلى زوجته، ويحتاج إلى طبخها، ورضاها، وإلى غريزته؛ فبالتالي لا يحب أن يوتر العلاقة.. ومن هنا فقد ترتكب المرأة خطيئة، تغتاب مثلاً أهله أو أهلها أو الأخريات؛ فالرجل أو الزوج حتى يريح نفسه من المشاكل، يتغاضى عن سلبياتها.. وبالتالي هو بهذا التغاضي، أو بهذا الإهمال؛ ينبش في أساس بنائه.. فإن هذا بناء مترابط، بناء يجمع الزوجين في آن واحد، فهو عندما يهمل هذا الجانب، فإنه من الممكن أن يقعا جميعاً في بعض المنكرات.
إن خير ضمان لسلامة الحياة الزوجية، هو تحكيم الشريعة.. فالمرأة التي لا تسمح لزوجها بأن يذهب يميناً وشمالاً، والتي تنهى زوجها عن المنكر في الوقت المناسب، وإن أثار سخطه وغضبه؛ فهي بهذا العمل تحصن زوجها.. والزوج الذي لا يبالي بزوجته عندما تتبرج؛ فإنه قد يرتاح من مغبة بعض أنواع الملاسنة، ولكن هو بهذا العمل قد يعرض زوجته إلى الوقوع في الرذيلة.. ورأينا في بعض الحالات أن المرأة التي تخون زوجها، أو يتعدى عليها في السر، كثيراً ما يتفق أن يكون الزوج هو السبب في تعريفها على ذلك الشخص.. مثلاً: يضع زوجته في بيئة عمل، هو يعلم مسبقاً بأنها بيئة مفسدة، وبيئة غير صالحة، وإذا بها تقع في شباك الرجال من خلال تلك البيئة، وبالتالي يكون الرجل هو السبب في هذه المصيبة!..
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ضمانة لسلامة العش الزوجي، ولهذا لا ينبغي التفريط في هذا المجال.. ومن هنا نلاحظ في مسألة خصوص الصلاة أن القرآن الكريم يقول: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}.. أي أن هذا الأمر إذا لم تلق له أذناً صاغيةً، فإن عليك أن تأخذ موقفاً.
إن الزوج هذه الأيام -مع الأسف- قد يهجر زوجته أو يعاقبها لأمور تافهة: في مطعم، أو في مشرب، أو في بعض الأمور التافهة؛ ولكن عندما يصل الأمر للمنكر؛ فإنه لا يتخذ ذلك الموقف!.. فهو لذاته يأخذ المواقف الغليظة، ولكن لشريعته لا نرى فيه هذه الحساسية، وهذه الغيرة على دينه!..
تعامل الزوجة مع الانحراف الأخلاقي لدى الزوج :
إن الزوجة إذا رأت بعض بوادر الانحراف الأخلاقي لدى الزوج، فلتعلم أن هذه مقدمة لهدم هذا العش المبارك!.. إن الإنسان طبيعته طبيعة المقارنة.. أنت عندما تدخل منزلاً جميلاً؛ فمن دون أن تشعر فإنك تقيس منزلك المتواضع بذلك المنزل.. وإذا بك تحكم لا شعورياً بجمال هذا وقبح هذا، وبفخامة هذا وبساطة هذا.. فهذه حالة طبيعية!.. عندما يرى الإنسان (أ) و (ب)، ويرى أن (ب) أكثر تميزاً من (أ)؛ فإنه يحكم على (ب) بالتميز مع لوازمه.. ومن لوازمه الميل، ومن لوازمه احتقار (أ).. أنت عندما ترى أن (ب) مميز على (أ)؛ فإن (أ) شأنه دون (ب).. فإذا كانت (ب) أجنبية عنك، وكانت (أ) هي الرحم؛ فمن الأمور المتعارفة جداً أن تنظر بازدراء وباحتقار إلى الحلال الذي بين يديك، وهو الذي نجده.
إن الرجل عندما يرجع من السوق وقد رأى من الحسناوات ما رأى؛ فإنه عندما يدخل إلى البيت أول حركة طبيعة له هو أن ينظر إلى زوجته باحتقار باطني.. طبعاً، لا يتجرأ أن يتفوه، ولا يكشف عن أوراقه، فالرجل يحب أن يظهر بمظهر العفة أمام الزوجة!.. ولهذا نلاحظ أن بعض الزوجات الذكيات عندما ترى تصرفاً غريباً من الزوج: إعراضاً، وعدم تحمل لها، كما كان يتحمل سابقاً؛ فإن أول شيء تسأل عنه الزوج، بأن تقول له: لعلك تعرفت على أخرى غيري!.. هذا هو الأمر الطبيعي في هذا المجال.
ولهذا ليس المطلوب أن تتحول الزوجة إلى مراقبة وإلى متجسسة على شؤون الزوج، فالزوج يغاظ بذلك أيما غيظ!.. إن بعض النساء لا يعرفن كيف يصلن إلى الهدف.. فالهدف جيد: وهو تحصين الزوج؛ ولكن تراها بشكل مباشر وفاقع، تسأل الزوج: أين تذهب؟.. ومن أين أتيت؟.. ومن تحدث؟.. وقد تكشف عن أوراقه الخاصة، وقد تمد يدها في جيبه؛ وهي بذلك تزيده نفوراً منها.. هي أرادت بهذا العمل أن تجلب الرجل إليها، وإذا بها تزيده نفوراً ونفوراً!.. من الضروري أن تعلم الزوجة ما هو الأسلوب المحبذ إلى ذلك.. هنالك أمر باليد، وهنالك أمر ليس باليد.. فعليها أن تؤدي ما بوسعها في إنقاذ هذا الرجل -هذا الذي هو والد لأولادها-، وتحصنه قدر الإمكان؛ لأجل عدم ضياع المكاسب التي اكتسبها في هذه الحياة الزوجية.
عدم توقع المثالية :
إن من الحالات التي لا تطابق العقلانية في التصرف، هو ما يحدث بعض الأوقات من أحد الزوجين من عدم الرضى بالآخر، ودائماً يقيس الزوج الفعلي بالذي كان من الممكن أن يتزوجه!.. فلماذا هذه الحالة؟.. وهذه المسألة حاصلة تارة من الرجل، وتارة من المرأة..
الجواب: إما أن تكون هنالك صورة وهمية لامرأة مثالية.. أي الرجل ينام ليلاً، فيرسم في مخيلته امرأة بجمال متميز، وبعقل راجح، وبتخصص ملفت للنظر، وبأخلاق سامية -والإنسان له الحق أن يرسم في خياله ما يشاء.. وطبيعة الذهن البشري طبيعة سيالة وجوالة، تأخذ النقاط أو الصور المختلفة وتلفق بينها-؛ وثم يقيس هذه الزوجة المسكينة بهذه الصورة التي لا وجود لها في الخارج!.. وكما يقول العلماء: كلما كثرت القيود عز الوجود!.. فهو قد يرسم صورة لامرأة لا وجود لها في الخارج!..
وبعض الأوقات -مع الأسف- الزوج لعله كان على علاقة غير شرعية بامرأة، أو كان من المقدر له أن يخطب امرأة، وخطبها ولم تقدر له؛ فيظل في أثناء حياته الزوجية في سنوات متمادية، وهو يقيس المرأة إلى تلك المرأة المفروضة، إلى تلك المرأة المرشحة التي تزوجت وذهبت، ولعلها ذهبت من هذه الدنيا!.. وتتفاقم المشكلة عندما يصرح بذلك الرجل، ويقول: يا ليتني كنت قد تزوجت بتلك!.. وهذا الكلام -لا شك- سيبقى له أثر في نفس هذه المرأة، لا يمكن أن يُتصور!.. والزوجة كذلك، من الممكن أن تكون قد تعرفت خلال دراستها على رجال، أو أنها تتصور جماعة من الرجال الوهميين، أو قد تقدم إليها رجل ثم انصرف عنها؛ فتعيش هذه الحالة.
ومن هنا يجب على الإنسان أن يعمل مسحاً شاملاً لما في ذهنه؛ لأن صفحة الذهن هي منشأ المشاكل.. إن صفحة الذهن أشبه شيء بهذا اللب الذي في أجهزة الحاسوب هذه الأيام.. فهذا اللب هو الذي يعطي كل هذه الآثار، والصور، وما شابه ذلك.. ولهذا نلاحظ أن الإنسان في كل يوم أو في كل أسبوع، يبحث عن هذه الأمور التي يمكن أن توجد الارتباك في داخل جهازه الحاسوب.. والنفس كذلك: الذهن عبارة عن ملفات كبيرة ومفصلة، وهي ملفات تعمل بشكل تلقائي في الوجود البشري: إثارةً للحزن، وللقلق.. مثلاً: إنسان هو الآن في إجازة، في دولة سياحية، يتمشى على شاطئ البحر مع زوجته ومع أطفاله؛ وإذا به يسكت وتغلب عليه الكآبة؛ تسأله الزوجة عن السبب؛ فيقول: تذكرت حادثة في صغري.. فلان ظلمني، أو ضربني.. تذكرت والدتي.. قضايا وملفات قد نقلت إلى جانب المخازن في ذهن الإنسان، في المخازن المهملة التي لا يحب الإنسان أن يتذكرها، ولكن رغم أنفك تأتي هذه الملفات المزعجة!..
إن المسألة أولاً مشكلتها أنها غير مرئية.. تصور أن لديك حاسوباً في دولة أخرى، وأنت تسيطر عليه بجهاز المراقبة من بعيد.. كم من الصعب أن تنظف هذا الجهاز!.. كذلك بالنسبة إلى عالم الذهن وعالم الروح.. فلب المشكلة وعمدة المشكلة: أن الإنسان يتعامل مع جهاز غير مرئي -ما وراء الطبيعة-: لا يرى ذهنه، ولا يرى روحه، ولا يشم ريحها، ولا ينظر إليها، ولا يتحكم بها لمساً، ولا يمكن أن يقتطع منها قطعة ليرميها خارجاً.. ومن هنا لابد للإنسان أن يستكشف نفسه، بالغور فيها، والاستمداد من عالم الغيب من الله سبحانه وتعالى، لذا علينا أن ندعو ونقول: (اللهم!.. عرفني نفسي؛ فإنك إن لم تعرفني نفسي، لم أعرف ربي) قبل أن نقول: (اللهم!.. عرفني نفسك؛ فإنك إن لم تعرفني نفسك، لم أعرف نبيك.. اللهم!.. عرفني رسولك؛ فإنك إن لم تعرفني رسولك، لم أعرف حجتك.. اللهم!.. عرفني حجتك؛ فإنك إن لم تعرفني حجتك، ضللت عن ديني)؛ لأن معرفة النفس طريق لمعرفة الله تعالى.. حتى القرآن الكريم أبهم هذه المسألة، حيث قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}.. البعض جعل (الأمر) بمعنى من المعاني.. ولكن البعض يقول: إنه من باب عدم الإجابة على هذا السؤال؛ لأن هذا السؤال لا يمكن أن يفهم جوابه من قبل كل أحد، ولهذا أبهمه القرآن الكريم مبالغة في تعظيمه، ودفعاً للناس للبحث في أنفسهم.. لأن القرآن الكريم لو عرف الروح أو النفس في آية أو آيتين؛ ثم ماذا؟.. فالأمر يحتاج إلى تفصيل وإلى متابعة وإلى رياضة، وإلى جهد حثيث ليلاً ونهاراً؛ لكشف أسرار هذه الروح.
س1/ هل تشجعون مصارحة الخطيبة قبل الزواج، وبماذا يصارحها، وما حدود ذلك؟..
لا نخفي سراً عندما نقول: إن هنالك إحصائيات مروعة -إن هنالك نسبة كبيرة- من الانفصال في عالم الخاطبين والمخطوبات.. أي قبل أن تنتقل القضية إلى عالم المعركة الحياتية والمحك الزوجي العملي، وفي الأيام الأولى؛ حيث الغرام، والحب، وإبداء بعض المشاعر الحقة والباطلة؛ نلاحظ أنه يتم الانفصال.. ومن هنا ننصح بأنه في أيام العقد الأولى، وقبل أن تتعلق القلوب بعضها ببعض -قبل التعلق العاطفي-؛ لو أمكن التجرد النفسي بين الزوجين المستقبليين، ولنسميها المتعاقدين..
يا أخي المؤمن، لا تعلق قلبك بامرأة مجهولة في باطنها!.. أنت لم تر إلا جمالاً، لم تر إلا ابتسامة مغرية، ولهدف ما.. فإن من الطبيعي أن المرأة التي ترغب في الزوج، أن تبتسم تلك الابتسامات القاتلة!..
ويا أختي المؤمنة، لتعلمي أن الرجل إذا أراد أن يوقع المرأة في شباكه، فلابد أن يقوم بتلك الحركات.. ومن الملاحظ أن هذه الحركات موجودة حتى في عالم الحيوان.. الإنسان عندما ينظر إلى بعض الأفلام المتعلقة بالحيوانات، يكاد يضحك: عندما يرى ثعباناً مثلاً يستعرض نفسه، أو طاووساً ينشر جناحه، وفي عالم القردة: القرد الذي يريد أن يحظى برضا الأنثى فإنه يظهر بحركات بهلوانية معينة.. فالإنسان أيضاً في هذا الفلك، يقوم بأمور معينة؛ جلباً للأنثى.. بعض هذه الأمور حركات، وبعضها أقوال؛ قسم منها حق، وقسم منها باطل، وقسم منها جائز، وقسم منها غير جائز.. فلا ينبغي أن نغش بظواهر الأمور، لابد وأن نعيش باطن الأمر.
وعليه، أيتها الأخت، إذا رأيت زوجاً في أعلى درجات التخصص العلمي، وذا وجه وسيم، وذا عائلة شريفة؛ ولكنه أثناء المناقشة نهيتيه عن غيبة؛ فكان قوله: أنه دعني عن هذا الكلام!.. أو من قال لك بأن هذا حرام؟!.. أو أنا لا أعتقد بهذه الأمور!.. فلا شك أن هذا الرجل ينبغي أن يدرس من جديد، ولا ينبغي الاقتراب من إنسان لا يعتقد بهذا الجو، بجو التعبد بين يدي الله سبحانه وتعالى.
وهنا اقتراح مهم جداً: من الضروري للأخوة أو الأخوات عندما يرشحون لأنفسهم، أو يرشح لهم الأهالي عنصراً في هذا المجال؛ الإكثار من الدعاء.. ليكثر الرجل ولتكثر المرأة من التوسل بالله عزوجل، وبهذا الدعاء: (اللهم أرني الأشياء كما هي)!.. إن المرأة تحتاج إلى هذا التوسل في هذه الفترة؛ لأنه قرار في أيام، حيث يأتي أهل الزوج إلى أهل الزوجة، والأبوان يطرحان عليها الاسم، ويُطلب من المرأة أن تأخذ قرارها في أيام.. فالقرار في أيام، والسعادة والشقاء مدى العمر!.. لا مدى العمر في الدنيا، ولا في البرزخ، ولا في عرصات القيامة، بل في الجنة أو في النار!.. حياة تحدد مصير الإنسان، المصير الذي لا نهاية له.. إن تصور الأمر يرهق الفكر: الحياة الأبدية!.. فكيف يتم اختيار امرأة، أو الولد يختار زوجة، أو الزوجة تختار زوجاً؛ في قرار في أسبوع، وبعض الأوقات الأمر في سويعات -إذا كان الأبوان بعيدين عن أجواء الثقافة الإسلامية والتربوية، ينتقل الأمر إلى الفرض والإلزام في بعض الحالات-؟!.. فمن المناسب جداً الانقطاع إلى الله عزوجل والابتهال.. وعادةً هذا الابتهال يأتي لو أن الإنسان أراد.. أي عاش جو الاضطرار والحيرة.. كما أن الاضطرار والمرض من موجبات الانقطاع إلى الله عزوجل؛ بعض الأوقات الحيرة والوقوف على مفارق الطرق من موجبات الالتجاء أيضاً.. فمن المناسب أن يكثر الزوجان من الالتجاء.
وهنا ملاحظة مهمة جداً أيضاً: إننا نلاحظ أن الزوجين يصلان إلى نقطة القناعة بالانفصال قبل الزواج، ولكن خوفاً من بعض الأمور، ومن كلام الناس، ومن الفضيحة، ومن العتاب؛ فإنهما يفضلان العيش والاستمرارية في تجربة فاشلة.. وهذا بلا شك لا يرضي الشارع المقدس.. لتكن هنالك دراسة شجاعة في هذه النقطة، وخاصة قبل الزواج، وقبل أن تخرج البنت عن حالتها الطبيعية.. صحيح، أن الأمر ثقيل جداً، ولكن هنالك ما هو أثقل، فعلى الإنسان أن يتجنب ذلك بشدة.
س2/ لدي أربعة أولاد، ويرفض زوجي أن أنجب غيرهم بحجة أنه في الخمسين ومريض؛ ولكنني أنا صغيرة في السن وأريد المزيد من الأولاد، فما رأيكم في ذلك؟..
إن مسالة الإنجاب ليس فيها إلزام شرعي لكلا الزوجين: فليس من واجبات الزوجة أن تنجب، وليس من واجبات الزوج أن يُوجب الإنجاب.. فلابد من الاتفاق في هذا المجال.. وبشكل عام، رفض الزوج لأمر، والزوجة لأمر؛ ليس هذا رفضاً سماوياً.. رفض الله تعالى لشيء يبتني على أسس قوية ولا تتبدل، بينما رفض البشر رفض بشري ويمكن أن يتغير.. فهذا الزوج -حفظه الله وشافاه من مرضه- مقتنع بهذا الأمر، ولكن لو دخلت عليه بذكر بعض الروايات التي تحث على الإنجاب: (تناكحوا تناسلوا!.. فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة).. وقصة مريم (ع) وكيف أن زكريا عندما رأى مريم (ع)، تمنى الذرية: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء}.. وهكذا، ممكن أن تتلطف الزوجة، وإذا بهذا الرجل الذي أخذ هذا القرار الاستراتيجي المهم، وإذا به في جلسة من الجلسات العاطفية يرجع عن قراره.
وبشكل عام، كل قرار بشري قابل للنقض والإبرام.. القرار الذي لا ينتفض، هو قرار الشرع.. نحن لا نسمع أن نبياً أو إماماً رفع اليد عن واجب شرعي، إلا مؤقتاً لاضطرار أو ما شابه ذلك.. ولكن كما نعلم أن حلال النبي حلال إلى يوم القيامة وكذلك حرامه.
س3/ ما هي الأمور التي يأمر بها الزوج الزوجة، ويجب أن تطيع أمره؟..
إن حقوق الزوج تتلخص في أمرين :
أولاً: التمكين الزوجي.. بمعنى إتاحة الزوج لأن يمارس حقه بشكل مريح، ومن دون وجود ما ينفر.
وثانياً: إذنه في الخروج من المنزل.. والخروج من المنزل على أقسام: فبعض الرجال يرى بأن الخروج من المنزل ممنوع مطلقاً، ولكن الأمر فيه تفصيل، وينبغي مراجعة الفقيه.. مثلاً: الزوج الآن هو خارج المنزل، وخروج الزوجة لمدة قصيرة -مثلاً- لا ينافي حقه؛ لأنه هو الآن ليس موجوداً حتى تعطي الزوجة حقه الشرعي.. ففي هذه الحالة من الممكن أن بعض الفقهاء لا يلزمها بذلك.. أي أن الممنوع هو الخروج من المنزل إذا كان ينافي الحق.. وعليه، لابد للزوجين أن لا يطلقا القول في هذه المسألة، ومراجعة مقلدهم في هذا المجال.
س4/ متى ينبغي أن يكون الإنسان صريحاً مع الزوجة؟..
لابد من انتخاب الزمان المناسب؛ كما ورد في الحديث عن الرسول الأكرم (ص): (الأمور مرهونة بأوقاتها).. فمن الملاحظ أن المرأة إذا كانت لها مسألة مهمة ومقلقة، ومما يشغل البال، أنها لا تتقن اختيار الفرص لطرح المسألة.. فمثلاً: عندما يأتي الزوج من العمل -وخاصة إذا كان اليوم يوماً عصيباً، وهنالك مشادة في مجال العمل، وجسمه قذر ومتعرق ولا يطيق نفسه، وجائع، ومرهق يحتاج إلى استراحة-؛ وإذا بها على الباب تريد أن تعقد معه محكمة في مجال من المجالات!.. من الطبيعي أن يكون الجواب جواباً خشناً، وبما لا يريح.
ومن هنا دعوة لكلا الزوجين أن يدرس كل منهما نفسية الآخر.. إن المرأة عليها أن تكون متخصصة نفسياً في أمور الزوج، وكذلك الزوج على الأقل أن يعرف نفسية زوجته: متى تقبل، ومتى تدبر، وما الذي يعجبها في هذه الحياة، وما هي ساعات الاسترخاء لديها؟.. وتميل إلى من الأخوات؛ لعله هنالك بعض الأمور يمكن أن يؤثر عليها من خلال صديقاتها!.. فإذن، من الضروري معرفة الوضع الجغرافي: أن يعلم الإنسان نقاط ميلها وبغضها، وأشخاص بغضها وحبها.. ولهذا نلاحظ أن الإنسان يطلب من زوجته شيئاً، فترفض في ساعة، وتقبل في ساعة.. فمن المعلوم أن النفوس متقلبة.. ولهذا يقال بأن القلب سمي قلباً، لشدة تقلبه.
س5/ زوجي يشعر بالنقص لإحساسه بتفوقي عليه من جميع الجهات؛ فما هو الحل؟..
إذا كان التفوق في الأمور الدنيوية، كأن تكون -مثلاً- متفوقة مادياً أو أكاديمياً؛ فلا قيمة لهذا التفوق؛ لأن هذه الأمور لا وزن لها عند الله عزوجل.. وأما إذا كانت متفوقة معنوياً: تؤدي صلاة الليل والنوافل، وعلى مستوى تكاملي متميز؛ فإن هذا هو حقيقة مقياس التفاضل، كما يشير إليه قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
منقول