خواص أواخر سورة الحشر
نصت أحاديث كثيرة على ما في آيات القرآن المجيد من آثار جمة في معالجة الأمراض الجسدية .
منها ما ذكره آية الله تقي النجفي الاصفهاني في كتاب (خواص الآيات و السور القرآنية) .. إذ كتب يقول :
روي عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال : من قرأ سورة (الحشر) اربعين يوماً ، كل يوم مرة و إذا فاته يوم أعاد اربعينة من جديد – كفاه الله ما يهمه . أي : إذا كان له ما يهمه من حاجات فإن الله (تعالى ) يتفضل عليه بما أراد.
و نقل أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه و آله ) أنه قال لأمير المؤمنين علي ابن ابي طالب (عليه السلام) : اقرأ سورة سورة الحشر كل ليلة يكفيك الله تعالى شر الدنيا و الآخرة.
و خلاصة القول .. إن روايات عديدة وردت في خواص سورة الحشر – و خاصة آياتها الأربع الأخيرة – لا يسعنا المجال هنا لذكرها.
لكن الحادثة التي نذكرها الآن تعلمنا أن هذه الآيات نافعة في معالجة كافة الأمراض و الالآم ؛ ذلك أن عمل الامام المعصوم (عليه السلام ) حجة ، مثل قوله.
جاء في كتاب (مسجد جمكران) أن رجلاً اسمه حسين السائق ، تحدث عن نفسه ، فقال :
توفيت أمي و أنا صبي .. فتزوج أبي بامرأة أخرى ، فأوذيتُ من هذا الزواج كثيراً . و ما كان مني بعدئذ إلا الفرار من مسقط راسي (مدينة أراك) . و في مفري : اشتغلت سائق سيارة .. ثم أني بدأت أتعلم مهنة الميكانيك حتى أتقنتها ، و اشتغلت ميكانيكياً في مصنع يمكله يهود.
و في هذه المدة أصبت بالآم شديدة في ظهري برحت بي و شقت عليّ . راجعت كثيراً من الأطباء للمعالجة ، و صوّرت ظهري عدة مرات بالتصوير الشعاعي . ثم سافرت إلى الخارج حيث أُجريت لي عملية جراحية . بيد أن آلام الظهر ظلت شديدة مبـّرحة ، و ما جنيت من أنواع العلاج فائدة . و قال لي الاطباء : لقد ضعف العصب الذي في موضع الألم ، و لا علاج له .
لم أجد سبيلاً – و الحالة هذه – إلا أن أقصد مسجد جمكران ، أتوسل بالامام بقية الله (روحي فداه) و هناك مكثت عدة أيام في مقهى مسجد جمكران ، لكني لم أظفر بشيئ . فرجعت عائداً إلى قم . و في إحدى الليالي رأيت في الرؤيا قائلاً يقول لي : لا تجني شيئاً من المكوث في المقهى ، و عليك أن تبيت داخل المسجد لتحصل على ما تريد .
عدت كرة أخرى إلى جمكران ، و عزمت أن أقوم بالأعمال العبادية المعروفة و عمل أم داود ، في الليالي البيض (1) من شهر رجب في هذا المسجد . و في ليلة منها كنت بمفردي ما معي من أحد لما أديت أعمال المسجد . و في لحظة من اللحظات شد انتباهي سيد جليل القدر يجلس في وسط المسجد إلى جواري . ثيابه خضر .. و هالة من النور كانت تحيط بخضرة ثيابه . و في تلك الأثناء كانت آلام ظهري على أشدها ، و أنا في غاية الأذى .
نظر هذا السيد إليّ و قال لي : ما يؤلمك ؟
قلت : منذ مدة . . و ظهري يؤلمني بشدة .
عندها دنا السيد مني ، و أمر يده على فقرات ظهري . أخذ يتحسس بيده الفقرات واحدة واحدة . حتى إذا وصلت كفه إلى فقرة الألم .. مرسها و دعكها ، وقرأ آخر سورة الحشر : (( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ، و تلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون . هو الله الذي لا إله إلا هو عالم
الغيب و الشهادة هو الرحمن الرحيم . هوالله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون . هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السموات و الأرض و هو العزيز الحكيم ))
ثم قال لي : لقد شفيت.
حركت بدني .. فلم أشعر بألم في ظهري .. ثم ميلت جسمي ذات اليمين و ذات الشمال .. فما ثمة من ألم .. نهضت من مكاني ، فكان نهوضي بسهولة و يسر .. في حين لم يكن في وسعي قبل هذا أن أتحرك مجرد حركة . ثم مشيت خطوات ، و هرولت قليلاً في إيوان مسجد جمكران .. فما كان للألم في ظهري أي أثر .
و كان خارج المسجد حجر ثقيل . انحنيت عليه ، و رفعته بيدي دون أدنى معاناة . و هكذا جربت كل وسيلة فأيقنت بالشفاء الكامل.
عندئذ .. رجعت إلى داخل المسجد ، لأقدم شكري و امتناني إلى الامام بقية الله (روحي فداه ) ، فلم أجده في المسجد ، و لا في أي موضع منه . حتى البرية المحيطة بمسجد جمكران ما كان فيها – لما خرجت إليها – من أحد سواي .
____الهوامش _____
1- هي الليالي التي يملؤها نور القمر أكثر من سواها . هي الليلة الثالثة عشرة و الرابعة عشرة و الخامسة عشر من كل شهر قمري ، و للتعبد فيها مزية عن سواها من الليالي و أم داود هي المرأة الصالحة المعروفة بـ أم خالد البربرية أم داود بن الحسن بن الحسن بن علي ابن ابي طالب امير المؤمنين (عليه السلام ) و إليها يعزي دعاء ام داود . و قد كان المنصور العباسي قد حبس ولدها داود مع العديد من الحسنيين و قتل طائفة منهم .. فعلمها الامام الصادق (عليه السلام ) عملاً عبادياً تقوم به ليفرج الله عنها و يطلق ولدها ، فعملت بما علمها الامام (عليه السلام ) و لم تمضي إلا ساعات حتى خلي سبيل داود بطريقة غير متوقعة . للتفصيل ينظر كتاب (إقبال الاعمال) للسيد ابن طاووس / اعمال شهر رجب و قد أورد هذا العمل مؤلف (مفاتيح الجنان) أيضاً – ( المترجم ) .