علاقة الإكتئاب بزيادة الوزن
يؤثر الإكتئاب على ما نأكله وعلى مستوى هرمونات جسمنا والتي بدورها تؤثر على سلوكنا في تناول الغذاء. وتتسم هذه الممارسة بكونها حلقة مستدامة تغذي فيه كآبتنا حالة اللجوء إلى أغذية معينة أو إتباع سلوك معين قد يتسم بالإمتناع عن الغذاء لفترة ما، أو العكس من خلال إتهام قدر كبير من الغذاء.
وتشير الدراسات إلى أن قدرتنا على التعامل مع الإكتئاب تنخفض مع تناول المزيد من السكريات والكافيين إذ يمكن للكآبة أن تولد حالة من الشراهة في تناول الأغذية والمشروبات الغنية بالكافيين والسكريات، فكلما اعتدلنا في تناول السكر والكافيين، نصبح أكثر قدرة على التعامل مع حالات الكآبة.
وتشير دراسات أخرى بأن تناول الحمية الغذائية الصحية تساعد في تخفيف أعباء الإكتئاب على أجهزة ووظائف جسمنا المختلفة. وتتضمن الحمية الغذائية الصحية نسب متنوعة من الفاكهة والخضار والحبوب الكاملة والحليب ومنتجاته موزعة بكميات قليلة كل 2-4 ساعات على مدار اليوم مع مراعاة تناول مصادر مختلفة من البروتين الحيواني والنباتي خلال الأسبوع (مثل اللحم والدجاج والسمك والتونا والسردين والبقوليات كالعدس والفاصوليا). إضافة إلى شرب كمية كافية من الماء لا تقل عن لتر في اليوم.
وتكشف الدراسات بأن هذه الحمية تضمن تناولنا للفيتامينات والأملاح المعدنية والعناصر النادرة التي تساعد في تخفيف الضغط العصبي المتغير في حالات الإكتئاب، مثل فيتامينات ألف وباء وجيم ودال وهاء وكاف، الأملاح المعدنية كالكالسيوم، والكلور، والفوسفور، والمغنيسيوم، والبوتاسيوم، والصوديوم، والعناصر النادرة كالكروم، والحديد، الفلور، اليود، المنغنيز، النحاس، الزنك، والكبريت.
ويعرف الإكتئاب بأنه عملية نتجاوب فيها مع ظروفنا المحيطة، وقد تكون ردات فعل لمتطلبات حياتنا التي نخضع لها بشكل يومي. وقد تأتي هذه الظروف المحيطة أو ردات الفعل إما بشكل مفاجيء وحاد (مثل موت شخص عزيز، تقرير من العمل، ملابسة أو مشادة مع زوج أو صديق) أو بشكل متواصل ومتكرر وعلى فترات طويلة (مثل الضائقة المالية، والرسوب المتكرر أو التعرض للعنف بشكل دوري).
وعادة ما يصاحب نوبات الإكتئاب زيادة في الوزن نظير ما يتم تناوله من غذاء ومن دواء على حد سواء، إذ يقترن وزن الجسم بوجود فائض من الطاقة في جسمنا، وتظهر صورة هذا الفائض على شكل زيادة الوزن أو السمنة. وحتى يتم السيطرة على هذا الفائض من الطاقة، ينبغي علينا معرفة السبب وراءه، فقد يكمن السبب في إختلال توازن الطاقة في جسمنا نتيجة لمزيج من عدة عوامل، من ضمنها حالتنا الفسيولوجية والنفسية والطبية، تناولنا لبعض الأدوية (مثل الهرمونات، وأدوية العلاج النفسي)، سلوكياتنا الفردية، العوامل البيئية المحيطة، والوراثة.
ويلعب جهازنا العصبي وهرمونات جسمنا دورا مهما في توازن الطاقة وتنظيم الوزن في جسمنا، بينما تؤثر بيئتنا المحيطة ومفاهيم أسرتنا ومجتمعنا وثقافتنا على تنمية أسس ما نتناوله من طاقة متمثلة بصورة وزن صحي أو بصورة زيادة الوزن. فالعديد منا لديهم مشاكل مع اختيار الكمية المناسبة من الطعام، والبعض الآخر لديه مشاكل في إختيار نوعية الغذاء المناسبة في حالة الإكتئاب، فيأتي حل هذه المشاكل بغرس مفاهيم تبدأ بالأساس في بيئتنا الأسرية. ويشير واقع الحال إلى عكس ذلك إذ أن العديد من وجباتنا تؤكل في بيئة معزولة في المنزل أو في بيئة بعيدة عن المنزل والأسرة، أو تؤكل في أوقات عدم تواجد أي أحد في المنزل. ويفتقر العديد منا إلى المعرفة اللازمة لاتخاذ القرارات السليمة في صحة أوزاننا فهنالك من يتمنى المرض لتحقيق النحافة بعد إكتساب وزن إضافي خلال فترة الإكتئاب، فيولد بالتالي مشاعر سلبية نحو الجسم وقدرة النفس على تحقيق الوزن الصحي وكسب الصحة معا.
وينبغي أن تكون إدارتنا لوزن جسمنا ضمن برنامج شامل ومتغير يحتوي على إستراتيجيات متعددة ومرنة لعلاج سلوكنا الغذائي من أجل تحقيق أقصى استفادة. ويأتي من ضمن هذه الإستراتيجيات: تحليل وضعنا الحالي لمعرفة المشاكل والمسببات لحالة الإكتئاب، كسب تأييد ودعم البيئة الأسرية بصورة إيجابية مع إشراكها في خلق العادات الصحية والتوجيه والقدوة، التعلم على مباديء الرقابة الذاتية، وكيفية التعامل مع نوبات الإكتئاب، والسيطرة على العوامل المحفزة لسلوكيات معينة، وتوفير الدعم الاجتماعي الإيجابي.
ويعتقد العديد منا بأنهم يمتلكون الحق في التحكم بسلوكنا وتأديبنا لسلوكنا الغذائي. ومرارة الأمر بأننا لا ندرك مدى تأثير تعليقاتنا، ومعتقداتنا لأن إتباعنا لسياسة تعاليق أو نظرات سلبية هي بمثابة الحكم على عرض وليس مساندة معرفة التشخيص الرئيسي، مما يجعل نجاح التعليقات والتدخل في بعض الأحيان نجاح مؤقت غير دائم، بل في بعض الأحيان مدمر لما يخلق معه من شعور بالفشل والإحباط والعدائية لوزن الجسم فإدراكنا السلوكي لحالة الإكتئاب هو خط الأساس الذي يحول دون العودة الى الفائض من الطاقة والزيادة في الوزن.