قصدت صومعة قيل لي : ان فيها ناسكا ورعا ... فإذا انا أمام رجل ، ابيض الشعر واللحية والثياب ، وكأنه هالة من ضباب . فقلت له : " لعل الوحدة والانفراد ، أفضل طريق الى عبادة الله سبحانه وتعالى " .
اجابني بشرود :
" لا يا بني . عبادة الله لا تستلزم الوحدة والانفراد .فبإمكاني ان أعبده في بيتي ، وفي مكتبي ، وفي كل مكان . ولكنني هربتُ من الناس ، لأنني مللت مجاملة الخشن منهم ،الذي يظنُ اللطف ضعفا ، والتساهل خوفا ، والترفع غطرسة ، وسئمت الاحمق ، يتهم الناس بالخرس ، لأنهم لا يتكلمون بالنميمة ، وينعتهم بالعمى ، عندما يحولون انظارهم عن الخلاعة " ...
وسألته ثانية : " ولماذا لا تقف في الناس مبشرا بالفضيلة ، داعيا الى الصلاح " ؟
اجاب بألم : " وقفت فيهم مبشرا بالفضيلة ، فقالوا : " متكلم بارع لسانه يدفق كالبحر " . ودعوت الى الصلاح فأعلنوا : " خطيب مفوه لا يتعثر بالكلام " ولما سألتهم ان يطرحوا عن نفوسهم أوزارها ، ويطهروها بالالم ، ويسيروا انقياء القلوب ، لأن الصلاح والفضيلة لا يولدان ، الاعلى الجبين المكلل بالشوك ... ضحكوا ساخرين وهتفوا : " انه مجنون " ...
وغدا سأعلن ثورتي على مفاهيم الناس البالية ، وأسير ، وقد طهرتُ نفسي بالالم ، فخوراباكليل الشوك يتوج هامتي . وليقل الناس في ما يشاؤون . فحسبي فخرا ان أكون قد أزلت عن نفسي ما قد علق عليها من اوزار ،لتقف حقيقتها شامخة امام وجه الشمس ....
****************************************************
منقول
حبي واحترامي لكم