آكلي لحوم البشر
كلمة غالبا ما ترد على مسامعنا وخاصة في الحديث عن بعض افلام الرعب . ويتساءل المرء هل ان اشكال هذه الاشخاص التي تأكل الناس هي المرعبة ام طريقة اصطيادها "لفريستها" وتقطيع الاطراف والاعضاء وشرب الدماء؟ ام ان المخيف والمرعب معرفة ان لحمنا قابل للاكل من قبل آدمي آخر؟؟؟
ان مجرد رؤية جثة هامدة تبعث الرعب في قلوب البعض وربما الاشمئزاز والنفور حتى لو كانت المشاهدة عبر وسائل الاعلام فلدى العديد من الناس قلوب ضعيفة لا تقوى على رؤية مثل هذه المشاهد
فكيف اذا بمن مات اخاه وبدل ان يكفنه ويغسله قام ليسلخ جلده ويقتص من اطرافه وينتزع اعضاءه ليأكلها!!!!!!!!!!!!! ليس هذا فيلم رعب ولا من نسج الخيال انما تجسيد لما يقوله الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم
" ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه"
فهل هناك ابشع من هكذا تصوير لحالة الغيبة؟؟؟ وهل فكرت يوما ما ستكون ردة فعل الشخص الفلاني اذا مرّ صدفة وسمع منك ما لا يرضى ؟
و كيف يا ترى سيكون موقفك انت .. .. اذا فوجئت بأحد اصدقائك واقف خلفك يستمع اليك وانت تتكلم عنه ؟ هل ستخجل ؟ام انك ستجد حجة لتقنعه لم ابديت ما لا يحب ان يبديه؟
ام انك ستعتذر؟ وان كان من رحمك واقاربك فهل يمكنك ان تتصور مدى استيائه او خيبة امله عندما يعلم انك لطالما كنت موضع ثقته بصفتك رحمه والان يسمعك تتكلم عنه بطريقة يبغضها او بموضوع لا يحب طرحه على الملأ.... فهل ينفع الاعتذار في مواقف كهذه؟
وان كنت مطمئنا الى ان هذا الشخص بعيد ولا يمكنه ان يسمعك و لن يصل اليه كلامك فهل الله بعيد ام ان الملائكة التي وكّلت بنقل كل كبيرة وصغيرة عنك لا تسمعك ولاتسجل ما قلت ؟ وان كنت تستبعد ان يأتي ويباهتك وسط الحديث وتنفضح وتخجل...فمن يبعد عنك الخزي والحرج امام العالم اجمع يوم القيامة لا بل وامام الانس والجن والملائكة اجمعين عندما تقف امام هذا الشخص تنتظر ان يغفر لك ويسامحك ؟ ففي الحديث الشريف
عن محمد بن الحسن في المجالس والإخبار بإسناده عن ابي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وصية له قال : يا ابا ذر إياك والغيبة ، فإن الغيبة اشد من الزنا . قلت : ولِم ذاك يا رسول الله ؟ قال : لأن الرجل يزني فيتوب الى الله فيتوب الله عليه والغيبة لا تُغفر حتى يَغفرها صاحبها.
والسؤال هنا هل ان هذا المستغاب سيشفق عليك يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه وياتي اليك ليغفر لك ويسامحك ؟
وقد روي في حديث آخر عن رسول الله (ص) انه قال :
ما النار في اليبس بأسرع من الغيبة في حسنات العبد
وفي حديث آخر للنبي (ص) «يؤتى بأحد يوم القيامة يوقف بين يدي الرب عز وجل ويدفع اليه كتابه فلا يرى حسناته فيه فيقول الهي ليس هذا كتابي فإني لا ارى فيه حسناتي . فيقال له ان ربك لا يضل ولا ينسى ذهب عملك بإغتياب الناس . ثم يؤتى بآخر ويدفع اليه كتابه فيرى فيه
طاعات كثيرة فيقول : الهي ما هذا كتابي فإني ما عملت هذه الطاعات ، فيقال له : ان فلانا اغتابك فدفع حسناته اليك»
وهكذا تذهب عباداتنا واعمالنا الحسنة نتيجة عدم حفظنا لالسنتنا وعدم مراعاتنا لاحكام الله سبحانه
وهنا ادعوا الى وقفة تأمل في عناصر هذه المعادلة :الغيبة والايمان..
فكلما تمادينا في الغيبة كلما نقص من عملنا وعباداتنا بالتالي نقص ايماننا
وبالعكس كلما حفظنا السنتنا وتجنبنا الغيبة كان ثواب اعمالنا خالص لنا وبالتالي قوي ايماننا
فلا اعتقد ان منا من يسرّ اذا اخبر في نهاية اليوم ان صيامه في هذا اليوم_مع ما عاناه من جوع وتعب وعطش_ قد وهب لفلان او ان ذاك المبلغ الكبير الذي اقتصه من مصروفه الخاص وحرم نفسه من ما تشتهي من اجل ان يعطيه للفقراء قربة الى الله قد ذهب ثوابه الى ذاك الشخص الذي هو اصلا على عداوة معه ويكنّ له البغض
او ان حجته وما يرافقها من تكاليف ومصاعب ذهبت الى غيره وهكذا العديد والعديد من الاعمال التي يحسب الانسان انها تنفعه غدا او انها له وبيده فيكتشف انها انتقلت الى غيره او على العكس يرى سيئات غيره من عقوق الوالدين وسوء الخُلق او نميمة او سرقة قد كتبت في صحيفته
فلنتوقف هنيهة ولنفكر ما الاهم : اهو الحفاظ على اعمالنا مقابل رضى الله واجتناب ما نهى عنه
ام خسارة اعمالنا مقابل التشفي من الغير وارضاء النفس واتباع الشيطان ومعصية الله سبحانه بالتالي سخطه علينا؟
اذا كان الجواب هو الاول فلنعمل على ترك الغيبة بالعزم والارادة اولا ثم بمراقبة النفس ومحاسبتها وتطويعها ثانيا.. ولا ننسى الدعاء بالتوفيق من الله عزّ وجلّ ولنبدأ بمعاملة غيرنا كما نحب ان نعامل وليس كل حسب استحقاقه ولنكن مرآة تعكس العمل الخير والصالح الذي هو من اهم مبادىء الاسلام ولا نكن مرآة لتصرفات الغير مع ما نعي بها من شوائب واخطاء ....... ولنبقي في اذهاننا ان حفظ اللسان يحفظ الاعمال!!!!!!!
سلامي لكم