ان الشفاعة مسألة ثابتة بالأدلة القطعية من الكتاب والسنة. لكن لا يخفى بأن
للمشفع اليهم شروط بحيث لا ينال الشفاعة الاّ الحائزين على هذه الشروط,
والتي منها أن لايكون الفرد من المشركين
(1), الكافرين
(2), الظالمين
(3), المنافقين
(4), النواصب
(5) والذين نسوا الدين
(6) والمكذبين بيوم القيامة
(7) والمستضعفين بدين الله عزوجل
( والمؤذين لاهل البيت (عليهم السلام)
(9), وقتلة الأئمة المعصومين
(10), والجاحدين بولاية أمير المؤمنين (عليهم السلام)
(11), والمكذبين بالشفاعة
(12), والعاصين لله المعاندين لأوامره
(13), و...
وأما
بالنسبة الى بيت الشعر المذكور فلايصح تفسير ((تسويد صحيفة الاعمال))
بمعنى ارتكاب الذنوب والمعاصي التي تسد طريق الشفاعة على صاحبها، لأنه لا
يصح للانسان الاستمرار على ارتكاب الذنوب وتوقع الشفاعة من الشفعاء يوم
القيامة لأنهم لايشفعون الأ لمن ارتضى الله عنه, قال تعالى:
(( إلَّا لمَن ارتَضَى )) (الانبياء:28), والله لا يرضى ولا يأذن بالشفاعة الأ لمن تحققت فيه الشروط المطلوبة.
قال
الامام الصادق (عليه السلام): ( اعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله أحد من
خلقه شيئاً, لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك فمن سّره أن تنفعه
شفاعة الشافعين عند الله فليطلب الى الله أن يرضى عنه ) (الكافي:1,11,
.
بل التفسير الصحيح لهذا البيت من الشعر هو: امكان الشفاعة لأهل الذنوب
(14) بشرط كونهم موحدين ومؤمنين بالرسول واهل بيته (عليهم السلام), واليوم
الآخر وعدم دخولهم في نطاق الممنوعين عن الشفاعة وهؤلاء هم الذين ينالون
الشفاعة, ولا يخفى بأن الشفاعة قد تكون بعد دخول المذهب في النار وبقائه
فيها لفترة حسب ذنوبه ومعاصيه, وقد اشارت الى هذه المسائل كثير من الروايات
(15).
الشفاعة يوم القيامة عامة لجميع أهل البيت (عليهم السلام)، بل ان المؤمن
ليشفع يوم القيامة حتى روي أن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين انسانا.
ومن
الروايات التي تشير الى شفاعة أهل البيت (عليهم السلام) ما روي عن النبي
(صلى الله عليه وآله) من قوله: (ألزموا مودتنا أهل البيت فانه من لقي الله
وهو يودنا أهل البيت دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد
بعمله الا بمعرفة حقنا).
الهوامش
-----------------
(1) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (شفاعتى نائلة إن شاء الله من مات ولا يشرك بالله شيئاً) (مسند احمد:426/2).
(2) قال تعالى: (( وَالَّذينَ كََفروا وَكَذَّبوا بآيَاتنَا أولَـئكَ أَصحَاب النَّار هم فيهَا خَالدونَ )) (البقرة:39).
(3) قال تعالى: (( ثمَّ قيلَ للَّذينَ ظَلَموا ذوقوا عَذَابَ الخلد هَل تجزَونَ إلاَّ بمَا كنتم تَكسبونَ )) (يونس:52).
(4)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (شفاعتي لمن شهد أن لااله الا
الله مخلصاً يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه) (مسند أحمد:518,307/2).
(5)
قال الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): (إن المؤمن ليشفع لحميمه,
إلا أن يكون ناصباً ولو أنّ ناصباً شفع له كل نبي مرسل وملك مقرّب ما
شفعوا) (ثواب الاعمال للشيخ الصدوق,251).
(6) قال تعالى: (( ... يَقول
الَّذينَ نَسوه من قَبل قَد جَاءت رسل رَبّنَا بالحَقّ َهَل لَّنَا من
شَفعَاء فيَشَعوا لَنَا أَو نرَدّ َنَعمَلَ غَيرَ الَّذي كنَّا نَعمَل قَد
خَسروا أَنفسَهم وَضَلَّ عَنهم مَّا كَانوا يَفتَرونَ )) (الاعراف:53).
(7) قال تعالى: (( وَكنَّا نكَذّب بيَوم الدّين * حَتَّى أَتَانَا اليَقين * فمَا تَنَفعهم شََفاعَة الشَّفاعينَ )) (المدثر:46-48).
(
قال تعالى: (( وَذَر الَّذينَ اتَّخَذوا دينَهم لَعبًا وَلَهوًا
وَغَرَّتهم الحَيَاة الدّنيَا وَذَكّر به أَن تبسَلَ نَفسٌ بمَا كَسَبَت
لَيسَ لَهَا من دون اللّه وَليٌّ وَلاَ شَفيعٌ... )) (الانعام:70), وقال
الامام موسى بن جعفر (عليه السلام): (لما حضر أبي الوفاة قال لي: يابني انه
لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة) (الكافي 270/3و401/6).
(9) قال
الامام علي (عليه السلام): (قال رسول الله (ص): اذا قمت المقام المحمود
تشفعت في أصحاب الكبائر من امتى فيشفعني الله فيهم, والله لا تشفعت فيمن
آذى ذريّتي) (أمالي الصدوق:177).
(10) عن الامام الحسين (عليهم السلام)
وهو ينقل كلام جده معه في منامه قائلاً: (حبيبي ياحسين كأني أراك عن قريب
مرملاً بدمائك مذبوحاً بأرض كربلاء على أيدي عصابة من امتي وأنت مع ذلك
عطشان لاتسقى, وظمآن لا تروى, وهم مع ذلك يرجون شفاعتي, لا أنالهم الله
شفاعتي يوم القيامة) (مكاتيب الائمة:41/2).
(11) قال الامام جعفر بن
محمد الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: (( لَا يَملكونَ
الشََّفاعَةَ إلَّا مَن اتَّخَذَ عندَ الرَّحمَن عَهدًا )) (مريم:87), (لا
يشفع ولا يشفّع لهم ولايشفعون الا من أذن له بولاية أمير المؤمنين والائمة
من ولده فهو العهد عند الله) (بحار الانوار:37,.
(12) قال الامام علي
بن موسى الرضا (عليه السلام) ناقلاً عن علي (عليه السلام): (من كذب بشفاعة
رسول الله لم تنله) (عيون أخبار الرضا:66,2)
(13) قال تعالى: (( ...وَمَن يَعص اللَّهَ وَرَسولَه فإنَّ لَه نَارَ جَهَنَّمَ خَالدينَ فيهَا أَبَدًا )) (الجن:23).
(14)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ان شفاعتي يوم القيامة لأهل
الكبائر من أمتي) (مسند أحمد:213,3-سنن ابن ماجه:1441,2), وقال الامام جعفر
بن محمد الصادق (عليه السلام) : (شفاعتنا لأهل الكبائر من الكبائر من
شيعتنا وأما التائبون فان الله يقول: (( مَا عَلَى الْمحْسنينَ من سَبيل ))
) (من لايحضره الفقيه:376,3)
(15) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم): (ليخرجن قوم من أمتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنميين) (سنن ابن
ماجه:1443,2), وقال الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): (مذنبوا أهل
التوحيد لا يخلّدون في النار ويخرجون منها والشفاعة جائزة لهم) (عيون اخبار
الرضا:125,2), وقال الامام جعفر بن محمد الصادق: (يا معشر الشيعة فلا
تعودون وتتوكلّون على شفاعتنا فو الله لاينال شفاعتنا اذا ركب الزنا حتى
يصيبه ألم العذاب ويرى هول جهنم) (الكافي:469,5)