معاول الوهابية على خطى الجرافات الصهيونية في تدمير الاثار الاسلامية في الحجاز
إن
ثمة شبهاً واضحاً بين الجرافات الإسرائيلية ونظيرتها السعودية، فالوظيفة
واحدة، والغاية أيضاً واحدة، فالهدم دالة على تلك الجرافات المجنونة التي
تقتلع كل ماهو راسخ في تربة الآباء والأجداد، وبقع مشى عليها الأنبياء
والصالحون، تختفي فجأة فتحيل الوجود التراثي الممتد في عمق الأرض إلى مجرد
غبار يتطاير وأحجار تتبعثر لا تلبث أن تتكوّم في شاحنات أعدّت لنقلها
بعيداً تمهيداً لغيابها النهائي عن الأنظار.
لقد
كان تدمير تمثال بوذا في مدينة باميان الافغانية في 2002 قد سلط الاضواء
على هذه الظاهرة التي تهدف للقضاء على كل ما يعتبر وسيلة من وسائل الشرك.
وقبلها قام بضعة أشخاص بتدمير قبر هاشم بن عبد مناف، جد الرسول الاكرم (ص)
بمدينة غزة الفلسطيني،واتهم مدير دائرة التوثيق في وزارة الاوقاف
الفلسطينية "عبد اللطيف ابو هاشم" جهات تتحرك "بايعاز من بلاد اخرى"
بالوقوف وراء هذه الجريمة، موضحا ان هذه الجماعات اقدمت على هذا الفعل
اعتقادا منها ان من يهدم المقامات والمزارات والمعالم الاسلامية "يؤجر عند
رب العالمين"، ويعتبر القبر واحدا من اهم المعالم الاسلامية في فلسطين
المحتلة،و منذ مدة قامت مجموعة من المتشددين بهدم عشرات القبور و الزوايا
بليبيا و حتى تونس شهدت بعد 14 جانفي بعض الحالات من هذا القبيل وعلى مدى
المائتي عام الاخيرة قام المحسوبون على هذا التيار بهدم عدد كبير من الآثار
والقبور الاسلامية في أكثر من بلد، الامر الذي أثار ضجة كبيرة في اوساط
المسلمين لعدد من الاسباب، أهمها ان محو الآثار الاسلامية يعني القضاء على
تراث معماري وفني وثقافي لا يمكن تعويضه بشيء.
فبعد ظهور
الحركة الوهابية في الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر التي أسست للطرح
السلفي الذي ازداد انتشارات في السنوات الاخيرة،فعلى مدى المائتي عاما
الماضية سعى اتباعها لتطبيق تعليمات مؤسسها حرفيا، وحيث انه اعتبر التوسل
بالأولياء والصالحين او زيارة قبورهم من الشرك، فقد تصاعدت الاعتداءات على
المساجد التي تقام حول قبور بعض الصالحين، الامر الذي يلقي بآثاره السلبية
على العلاقات بين اتباع المذاهب الاسلامية المختلفة، وأصبحت الجزيرة
العربية مسرحا لهذا الصراع الديني الذي اتخذ ابعادا سياسية واسعة. ويمكن
القول بان ما يقرب من 90 بالمائة من الآثار الاسلامية في الحجاز قد تم
تدميره
معاول الوهابية تبيد تراث المسلمين
في
مكة المكرمة في العام 1924 أزيلت مقبرة "المعلى" التي تضم قبر السيدة
خديجة زوجة الرسول وقبر عمه، أبي طالب. وبعد عامين (1926) في المدينة
المنورة، هدمت مقبرة البقيع التي تضم قبور عدد من أهل بيت رسول الله ومنهم
ابنته فاطمة الزهراء وحفيده الحسن بن علي،كما هدمت المساجد السبعة في
المدينة: مسجد الفتح (او الاحزاب) ومسجد سلمان الفارسي ومسجد أبي بكر ومسجد
عمر ومسجد فاطمة ومسجد علي ومسجد القبلتين، وحول بعضها الى صرافات
الكترونية، وقاموا بهدم قبة قبر الحمزة بن عبد المطلب، وازالوا مقبرة شهداء
أحد، وأزالوا طريقي بدر وأحد، وثمة نقاش محتدم في الفترة الاخيرة حول
التوجه لهدم غار حراء الذي كان الرسول يتعبد فيه قبيل نزول الوحي عليه. هذا
الغار ليس سوى تجويف صخري في الجبل، ولا يحتوي على شيء بشري، سوى انه يرمز
الى الرسول وتعبده الى الله قبل البعثة،وقبل اربعة اعوام تم إزالة أحد
المعالم الدينية والمراكز الإسلامية الأثرية في المدينة المنورة بالسعودية.
وذكرت المصادر القريبة من الحدث بأن جرافات ومعدات عديدة قامت في صباح يوم
الاثنين الموافق 12/8/2002م بالتجهيز لهدم مقام السيد علي العريضي
(766-825م) وهو ابن الإمام جعفر الصادق سادس أئمة الطائفة الشيعية الإمامية
والذي يعد من أبرز علماء المسلمين وفقهائهم. وهناك الآن اجازة بهدم قبر
الصحابي رفاعة بن رافع الزرقي وهو ممن شهد بدراً، وأحداً، والخندق، والبيعة
، والمسجد القريب منه المعروف باسم "الكاتبية"، ويتوقع هدم المبنيين
قريبا.
موضع مولد النبي الشريف يتحول الى مكتبة و قبره في الطر يق
منذ
عهد الملك عبد العزيز دار نقاش حول مكان مولد النبي، واتخذ قرار بازالته،
ولكن الخشية من ردة فعل عارمة دفعتهم لبناء مكتبة عليه، وفي الاسابيع
الاخيرة أزيل الموقع تماما،وهناك ايضا خطة لفصل قبر النبي عن المسجد
النبوي، وقد بدأوا بتهيئة الاجواء لذلك، بغلق بعض الابواب بين المكانين،اما
الكعبة الشريفة فهي الأخرى لم تسلم من العبث، فقبل بضعة أسابيع تمت مصادرة
ما بداخلها من آثار تاريخية لا تقدر بثمن، ومنها الستائر والكتابات
المنقوشة بالحرير، وهدم قبر الرسول.. نعم هدمه شغل ذهن المؤسسة الدينية
الرسمية، فمنذ بدء تهديم الآثار الاسلامية بعد اجتياح المدينتين المقدّستين
عام 1804 وحتى الآن كان موضوع هدم قبر المصطفى (صلى الله عليه وسلم) في
قائمة الاولويات الدينية في الأجندة الوهابية، حيث ظلّت النيّة منعقدة على
تهديم قبة المسجد وإخراج قبره الشريف من المسجد ومنع الناس من الزيارة، فقد
ذكر الجبرتي في تاريخه بأن الوهابيين (حاولوا أن يهدموا قبة النبي (صلى
الله عليه وسلم). وأكد الباحث الانجليزي دونادلسون بأن (علماء الدين
الوهابيين كانوا تواقين على تهديم القبة التي على مسجد الرسول، وإعادة بناء
الحرم الشريف من دون إدخال القبر فيه).
دار ولادة الرسول تتحول الى سوق للبهائم ودار ضيافته الى مراحيض
إستياء
المسلمين عامّة من الوهابيين فكراً وممارسة ليس محصوراً في سكان الأراضي
المقدسة، ولا في سكان ما يعتبر اليوم المملكة العربية السعودية، بل يشمل
الغالبية العظمى من المسلمين، فأينما اتجهت ستجد الوهابية تزرع وتحمي وترعى
بذور الشقاق بين المسلمين. وستجد أن الفكر السلفي المتطرف القادم من صحارى
نجد لم يتقصد المسلمين في عقائدهم بالتكفير بل شمل حتى الآثار الإسلامية
التي عززت على مدى قرون مديدة الإسلام ورسّخته في نفوس أتباعه. الدكتور
محمد سعيد رمضان البوطي، شأنه شأن الكثير من علماء المسلمين الذين تألموا
لما يحدث في الأماكن المقدسة، كتب: ما أعلم أن العالم الإسلامي أجمع في
استيائه من أمرٍ من الأمور في عصر من العصور كاستيائه من هذا الذي يقدم
عليه الأخوة مسؤولو المملكة وعلماؤها اليوم من إخلاء مكة والمدينة وما
حولهما من سائر الآثار المتصلة بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشخصية
والنبوية، وما يتبع ذلك من الإقدام على أمور تناقض الشرع وتناقض المنهج
الذي كان عليه السلف الصالح، كمنع المسلمين من زيارة البقيع ومنع الدفن
فيه، وتكفير سواد هذه الأمة بحجة كونهم أشاعرة أو مرتدين!
ويمضي
الشيخ البوطي متسائلاً حول جنوح الوهابية المتطرفة: ولا نشك في أنهم
يعلمون كما نعلم أن عصور السلف الثلاثة مرت شاهدة بإجماع على تبرك أولئك
السلف بالبقايا التي تذكرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، من دار ولادته،
وبيت خديجة رضي الله عنها، ودار أبي أيوب الأنصاري التي استقبلته فنزل
فيها، وغيرها من الآثار كبئر أريس وبئر ذي طوى ودار الأرقم.. ثم إن الأجيال
التي جاءت فمرت على أعقاب ذلك كانت خير حارس لها وشاهد أمين على ذلك
الإجماع، ثم إن العالم الإسلامي كله يفاجأ اليوم بهذه البدعة التي يمزق بها
مشايخ نجد إجماع سلف المسلمين وخلفهم الى يومنا هذا، فدار ولادة رسول الله
تهدم وتُحول الى سوق للبهائم، ودار ضيافة رسول الله صلى الله عليه وسلم
تحول الى مراحيض!. وتمرّ أيدي المحو والتدمير على كل الآثار التي تناوبت
أجيال المسلمين كلهم شرف رعايتها والمحافظة عليها!!
الامر
الذي ادى الى تدمير اكثر من 90 بالمائة من الآثار التاريخية القيمة في هذه
الارض. انه منطلق ديني أصبح يضغط على العلاقات بين الأقاليم المنضوية تحت
الحكم السعودي، فالحجازيون هم الخاسر الاكبر دينيا وسياسيا من عمليات الهدم
هذه، فأغلب الآثار الاسلامية كانت موجودة في اقليمهم، ويرون في تدميرها
محاولة لازالة تراثهم التاريخي الديني، على ايدي النجديين. ويلاحظ
الحجازيون ان منطقتين وحيدتين لم تطالهما ايادي الهدم. فمنطقة خيبر ما تزال
تحتوي على آثار مرتبطة بتاريخ اليهود، وهي منطقة يؤمها اليهود حتى اليوم
لزيارة تلك الآثار.. ولا يستبعد ان تكون مساجد اخرى على قائمة الهدم،فما
أشبه الليلة بالبارحة.
معالم في مهب الدمار
- هدم بيت السيدة خديجة زوج الرسول
- هدم البقيع و هي اول مقبرة في عهد النبؤة
- الراية الذي قام النبي صلى الله عليه وسلم صلى بوركز رايته حين فتح مكة بقربه.
- مسجد المختبأ في سوق الليل وكان النبي صلى الله عليه وسلم كان يختبئ فيه من الكفار وقد ازيل.
- أثر
(مبرك الناقة) ناقة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم في مسجد (قباء) يوم
قدومه مهاجراً إلى المدينة في مكان نزل فيه قوله تعالى: (لمسجد أسس على
التقوى.. الآية)
- بستان الصحابي سلمان الفارسي - رضي الله عنه- حيث كانت هناك نخلة غرسها النبي صلي الله عليه وسلم
- ردم بئر (العين الزرقاء) قرب قباء
- هدم
مسجد الفضيخ وهو من المساجد التي هدمها الوهابية هدانا الله واياهم في 25
سنة الماضية تقريبا ، فقد كانت هناك صخرة في محراب مسجد الفضيخ الواقع في
منطقة العوالي بين شارع الحزام ، وبين نهاية شارع العوالي على بعد ما يقارب
200 مترا من مشربة ام ابراهيم التي سورها ال سعود ايضا ومنعوا الناس من
الدخول اليها ، وكان في محراب ذلك المسجد - الفضيخ - صخرة عليها آثار اقدام
النبي صلى الله عليه وسلم ، فأُزيلت الصخرة من المحراب
- طمس بئر عثمان : وهو من الآثار التي طمسها الوهابية هدانا الله واياهم ، وهي بئر اريس التي تعرف ببئر الخاتم
براثا