عدم التفكير بالمعاصي
هناك نوع من الناس له قدرة كبيرة على تجنب المعاصي، والابتعاد
عن مهاوي الانحراف، بل هناك من لا يفكر فيها اصلا، لذا فإن شهر رمضان
المبارك فرصة نادرة لتعميق هذه الارادة الايمانية الكبيرة، لذا يقول
سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد: (إنّ هناك فريقاً من الناس لا
يتورّعون عن المعصية ويكفّون عنها وعن المحرّمات فحسب، بل يتورّعون عن
التفكير فيها أيضاً، فهم يصومون عن المفطرات العامة، وتصوم جوارحهم عن
ارتكاب الذنوب، كما تصوم جوارحهم عن التفكير فيها، وهذا صوم خاص الخاص،
وهو أعلى مراتب الصوم وأقسامه).
ولعل السبب الاهم الذي يتيح للانسان ان يتقرب الى الله تعالى
اكثر فأكثر، ويبتعد عن الشيطان، وألاعيبه، ومغرياته، أن الله تعالى
كبّل الشياطين في هذا الشهر وجعل تأثيرها على الانسان اقل بكثير من
تاثيرها عليه في الشهور الاخرى، لذا تقل المعاصي كثيرا، كما نلاحظ ذلك
في قول سماحة المرجع الشيرازي: (في شهر رمضان تُغلّ الشياطين، بيد أن
عمل بني آدم قد يفتح الغلّ من الشيطان فيتسلّط عليه من جديد، فلنكن
حذرين يقظين منتبهين جدا!).
ويتم ذلك من خلال ترويض النفس، كما يؤكد ذلك سماحته قائلا:
(نحن، جميعاً، بحاجة إلى ترويض وانتباه بحيث إذا دخل أحدنا شهر رمضان
وخرج منه يكون قد تغيّر ولو قليلاً، وملاك التغير هو العمل بالمستحبّات
وترك المكروهات، وهي السور الثاني أو القنطرة الثانية التي ينبغي
اجتيازها إذا اعتبرنا الواجبات والمحرّمات السور أو القنطرة الأولى).
ويضيف سماحة المرجع الشيرازي ناصحا: (ليخصّص المرء كل يوم من شهر رمضان
بعض وقته ويخلو فيه، ليراجع ما قد مضى منه خلال الساعات الماضية،
فينظر ما عمل وما قال وما سمع وما رأى وما أخذ وما أعطى، وكيف تصرّف مع
زوجته وأصدقائه وزملائه؟ وباختصار.. ليدقّق مع نفسه فيم صرف وقته؟
وليصمّم بعد ذلك على أن يزيد من حسناته ويقلّل من سيئاته).