فيتضح مما ذُكر أعلاه، بأن الإمام عليه السلام
لم يحرك ساكنا بعد ذلك لكي يحافظ على الإسلام، فأي أمر يكون بعد وفاة رسول الله صلوات الله عليه وآله من الشقاق سوف يكون الكفر لا محال،
ولذلك صبر على ذلك سيدي ومولاي، كماصبر نبي الله هارون عليه السلام في
القصة القرآنية المشهورة، قال تعالى في سورة طه آية 92/94: قَالَ
يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلاَّتَتَّبِعَنِي؟
أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي؟، يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا
بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي
إِسْرَائِيلَوَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي...آية 94 من سورة طـه!
والكلمة (َلاَّتَتَّبِعَنِي؟ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي؟) والكلمة (وَلَمْ
تَرْقُبْ قَوْلِي) تدلان على أنه كان موصى من قبل نبي الله موسى عليه
السلام، ولذلك لم يجاهدهم على أنهم قدأشركوا وعبدوا العجل!
الخلاصة نقول بأنه من اللامعقول بأن لا يرفع السيف حينما ضربوا الزهراء عليها السلام، وقد قاوم ذلك الظلم بما يستطيع حتى أخذوه كتافا!
وسؤال أسأله لكل مؤمن،
أيهما أعظم ضرب الزهراء عليها السلام أم أن يرتد الناس على أدبارهم.؟؟
ما دام أمير المؤمنين عليه السلام يقول لو جاهد بالسيف لارتد الناس كلهم
(فأيهما أفضل، أن يرتد كل الناس، أم أن يبقى ثلة مؤمنة صابرة تنشرالإسلام،
وهذا ما حصل فعلاً..؟؟)
وصبر
الإمام عليه السلام، لا يقاس بصبرالناس، فهو إمام معصوم مربوط على قلبه،
أنا وأنت لا نتحمل هذا الأمور فتكون ردة فعلنا ليس كما يريدها الله سبحانه
وتعالى، فصبر مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وصل إلى مراحل عظيمة
لا يدانيه فيها أحدٌ أبداً، وكل ذلك لله وفي سبيل الله!
وبجدر بنا الإشارة إلى أن هناك أموراً أخرى، لم تكن في حدود الوصية، كنبش
القبور التي علم عليها أمير المؤمنين صلوات الله عليه لكي لا يعلمون مكان
دفن الزهراء صلوات الله عليها،،
فجاء في بحارالأنوار ج : 43 ص : 171: قال محمد بن همام و روي أنها قبضت
لعشر بقين من جمادى الآخرة و قد كمل عمرها يوم قبضت ثماني عشرة سنة و خمسا و
ثمانين يوما بعد وفاة أبيها فغسلها أمير المؤمنين ع ولم يحضرها غيره و
الحسن و الحسين و زينب و أم كلثوم و فضة جاريتها و أسماء بنت عميس أخرجها
إلى البقيع في الليل و معه الحسن و الحسين و صلى عليها و لم يعلم بها و
لاحضر وفاتها و لا صلى عليها أحد من سائر الناس غيرهم و دفنها بالروضة و
عمي موضع قبرها و أصبح البقيع ليلة دفنت و فيه أربعون قبرا جددا و
إن المسلمين لما علموا وفاتها جاءوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا
فأشكل عليهم! قبرها من سائرالقبور فضج الناس و لام بعضهم بعضا و قالوا لم
يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت وتدفن و لم تحضروا وفاتها و الصلاة
عليها و لا تعرفوا قبرها ثم قال ولاة الأمر منهم هاتم من نساء المسلمين من
ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها و نزور قبرها فبلغ ذلك أمير
المؤمنين صلوات الله عليه فخرج مغضبا قد احمرت عيناه و درت أوداجه وعليه
قباه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة و هو متوكئ على سيفه ذي الفقار
حتى ورد البقيع فسار إلى الناس النذير و قالوا هذا علي بن أبي طالب قد
أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف على
غابر الآخر فتلقاه عمر و من معه من أصحابه و قال له ما لك يا أبا الحسن و
الله لننبشن قبرها و لنصلين عليها فضرب علي عليه السلام بيده إلى جوامع
ثوبه فهزه ثم ضرب به الأرض و قال له يا ابن السوداء أماحقي
فقد تركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم و أما قبر فاطمة فو الذي نفس
علي بيده لئن رمت و أصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم فإن شئت
فأعرض يا عمر فتلقاه أبو بكر فقال يا أبا الحسن بحق رسول الله و
بحق من فوق العرش إلا خليت عنه فإنا غير فاعلين شيئا تكرهه قال فخلى عنه و
تفرق الناس و لم يعودوا إلىذلك..
ويقول بن أبي الحديد : روى أنه عفى قبرها و علم عليه و رش أربعين قبرا في
البقيع و لم يرش قبرها حتى لا يهتدى إليه و أنهما عاتباه على ترك إعلامهما
بشأنها و إحضارهما الصلاة عليها فمن هاهنا احتججنا بالدفن ليلا و لو كان
ليس غير الدفن بالليل من غير ما تقدم عليه و ما تأخر عنه لم يكن فيه حجة.
وهذا في حد ذاته دليل على أن الإمام صلوات الله عليه كان موصىً من قبل رسول
الله صلوات الله عليه وآله، وإلا لجاهدهم في مثل تلك المواقف السابقة!
الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه إمامٌ معصوم
حكيم ذو علم، فإذا رأى الحكمة والمصلحة في السكوت، فيجب التسليم له بهذا
الأمر على أنه هو الحق وهو الأمر الذي يرضي الله عزّ وجل حتى وإن لم يكن
موصى، يقول الله عزّوجل في قصة يعقوب وبعد أن أمرهم أن يدخلوا من عدة
أبواب متفرقة، في سورة يوسف عليه السلام الآية 68: وَلَمَّا دَخَلُواْ
مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ
مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُو بَقَضَاهَا وَإِنَّهُ
لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِلاَ
يَعْلَمُونَ!
وأمير المؤمنين صلوات الله عليه ينطبق عليه هذا أيضاً، وَإِنَّهُ لَذُو
عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَيَعْلَمُونَ!
أللهم ألعن أول ظالم ظلم حق محمد وأل محمد وأخر تابع له على ذلك أللهم ألعنهم جميعا من ألاولين والآخرين حتى قيام يوم ألدين .. وأنت ألذي
تسأل لماذا علي لم يدافع عن فاطمة عليهما ألسلام .. نحن نقول لك أقرأ
جيدا أعلاه وتمعن وتفهم ماذا تقول ألادلة .. حسبنا ألله ونعم ألوكيل
ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم...