قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
*الأَمانَةُ إِيْمانٌ والْبَشاشَةُ إِحْسانٌ*
المراد بالفقرة الاُولى
انّ الأمانة تشتمل على الإيمان، لأنّ حقيقة الأمانة اجتناب الخيانة في
حقِّ الآخرين وأداء ذلك الحقّ. ومن الظاهر انّ من لم يؤمن بالله ورسوله قد
خان حقّهما ولم يؤدّه. فمن كان أميناً في كلّ باب كان له بطبيعة الحال كمال
الإيمان بالله ورسوله.
والغرض من هذا الكلام مدح صفة الأمانة وإظهار انّ الإيمان هو من شُعب
الأمانة وأقسامها. ويمكن أن يكون المراد انّ الأمانة وعدم الخيانة في
الحقوق المالية إيمان، أي الجزء المهمّ من الإيمان، لأنّ الأمانة وعدم
الخيانة في الحقوق المالية أصعب بكثير لدى أكثر الناس من سائر التكاليف
الشرعية كما هو معلوم من التجربة، وقد ورد ذلك في الأحاديث.
ومن هنا فإذا كان العمل معتبراً في الإيمان ـ كما هو مذهب البعض وكما هو
الظاهر من كثير من الأحاديث ـ فإنّ الأمانة ستكون الجزء الأعظم الأصلي
للإيمان. وإذا لم يكن العمل معتبراً في الإيمان بل الإيمان هو مجرّد
التصديق بالله ورسوله ـ ولو اقترن بالعصيان ـ وكانت الأعمال معتبرة من كمال
الإيمان، وعلى هذا تُحمل الأحاديث الواردة ـ كما هو المذهب المشهور ـ
فيكون الإيمان هنا محمولا على الإيمان الكامل. أي انّ الأمانة هو الجزء
الأساس من الإيمان الكامل.
والمراد بالفقرة الثانية
هو انّ طلاقة الوجه والبشاشة في الفرد عمل للإحسان، لأنّ أكثر الناس
يميلون إلى البشاشة وطلاقة الوجه أكثر من ميلهم إلى سائر أنواع الإحسان، بل
لا يتوقّعون إحساناً بغير البشاشة.
وقد يكون المراد انّ الإحسان هو المقرون بالبشاشة وطلاقة الوجه، فيكون الإحسان المقرون بالعبوس والانقباض ليس إحساناً في الحقيقة.
شرح غرر الحكم ودرر الكلم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
منقول