النشاط المـــدرسي أهدافه ووسائله ومعوّقاته
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
النشاط المدرسي من أهم الممارسات التي يمكن من خلالها توظيف المواد المدرسية بما يخدم البيئة ويعزز بحق العملية التعليمية ويجعلها تخرج من حيز المعارف النظرية إلى حيز الحقائق والخبرات العملية ، ومن هنا ارتأيت من خلال ريادتي لأحد الأنشطة المدرسية أن أُلقي نظرة على الأنشطة المدرسية من خلال ما أريد منها وواقعها الفعليّ بموضوعية لاينقصها سوى تقدير القائمين على العملية التعليمية للعاملين في الميدان بدلاً من إلقاء هذه الورقات في الأدراج أو ينتهي بها الأمر إلى سلة مهملات!!!!!
تعريف النشاط المدرسي
هو البرنامج الذي تنظمه المدرسة متكاملا مع البرنامج التعليمي، والذي يقبل عليه الطالب برغبة، ويزاوله بشوق وميل تلقائي بحيث يحقق أهدافاً تربويةً معينةً ، سواء ارتبطت هذه الأهداف بتعليم المواد الدراسية أم باكتساب خبرة أو مهارة أو اتجاه علمي أو عملي في داخل الفصل أو خارجه، وفي أثناء اليوم الدراسي أو بعد انتهاء الدراسة على أن يؤدي ذلك إلى نمو في خبرة الناشئ ، وتنمية مواهبه وقدراته واهتماماته في الاتجاه المرغوب فيها .
وقد تعددت المصطلحات الدالة على النشاط ومنها :
1. الأنشطة المنهجية الأضافية
2. أنشطة الفصل الإضافية
3. أنشطة خارج الفصل
4.الأنشطة المنهجية المصاحبة
والمصطلحان الثالث والرابع أكثر تعبيراًعن النظرة السليمه للنشاط المدرسي ،إذ إن لكل من نوعي النشاط داخل الفصل وخارجه أهميته في تحقيق الأهداف التربوية .
وترى التربية الحديثة أن غاية النشاط المرجوة أن يقتصر على وجه واحد من وجوهه ،أي إذا أثار جانبا من الحاجات والميول وترك الجوانب الأُخرى. ومن هنا وجب أن يتجاوز النشاط ضروب النشاط العقلي إلى غيرها من الحاجات النفسية والإجتماعية. والمدرسة الحديثة لاتفرض على الطالب من الأعمال إلا ما يفسح المجال لميوله ومواهبه ووظائفه النفسية ، ولا تكون التربية فعالة منتجة إلا إذا قامت على أساس الحاجة ،الحاجة إلى المعرفة ،وإلى البحث ، وإلى النظر ، وإلى العمل ، فالحاجة هي التي تجعل من استجابة الطالب عملا حقيقيا وفعالا والطالب يكتسب صفات أخلاقية مهة عن طريق جهده الخاص من خلال الإشباع اليومي لحاجته الفردية ، لأن اقتناع الفرد واحترامه لذاته يوفر على المجتمع مشقة المشكلات الشخصية التي يستطيع الفرد أن يحلها بجهوده الذاتية ، وكلما استطاع الإنسان بقوته الذاتيه إرضاء حاجته الشخصية عرف كيف يقدر القيم المادية والفكرية التي يقدمها له المجتمع بشكل أفضل ، وفي الوقت نفسه يتعلم أهمية إنجازات الفرد فيما يتعلق بالجماعة والتأثير المتبادل بين الجماعة والفرد ، ويعيش الحقيقة الموضوعية المتمثلة في تطابق الحاجات الفردية والإجتماعية وعدم تعارضها .
ولما كان للنشاط دوره في بناء الفرد جسميا وعقليا ونفسيا واجتماعيا وإنسانيا ،فقد احتلت مناشط الطلبة في خارج أوقات الدوام الأهمية الكبرى في إبراز شخصيات الناشئين إبرازاً كاملاً ، وتربيتهم على الوعي وتحمل المسؤولية والتفكير المبدع ، وتشجيع الحياة المرحة والتفاؤل ،فمن خلال هذه المناشط تتشكل علاقة الطالب بالجماعة والعالم بالمحيط به بطريقه أكثر فاعلية من أجل تطوير الشخصية من جوانبها كافة .
أهداف النشاط المدرسي ووظائفه
يجمع المربون على أهمية النشاط المدرسي في رفد العملية التربوية والكشف عن ميول الطلاب وتنمية مهاراتهم وتفجير قدراتهم حتى أصبح هذا النشاط جزءاً مهما من المناهج الدراسية يخصص له ما يكفي من الوقت والإمكانات بتحقيق أهدافه التربوية والثقافية والعلمية والإجتماعية ويهدف النشاط المدرسي في مراحل التعليم المختلفة إلى:-
1.تهيئة مواقف تربوية محببة إلى نفس ا لتلميذ ، ويمكن من خلالها تزويده بالمعلومات والمهارات المراد استيعابها وتعلمها تحقيقا لأهداف المنهج المدرسي المقرر .
2.تعميق أثر الخبرات التعليمية في الحياة التعليمية .
3.اكتشاف المواهب والعمل على تنميتها وتوجيهها في الاتجاهات السليمة .
4.علاج بعض الحالات النفسية التي يعانيها بعض الطلاب مثل : الخجل والتردد والانطواءعلى النفس .
5.ربط الحياة المدرسية بالحياة الاجتماعية .
6.تدريب الطلاب على حب العمل واحترام العاملين ، وتقديرهم.
7.تدريب الطلاب على الانتفاع بوقت فراغهم فيما يفيدهم ،وفى ذلك وقاية لهم من التعرض للانحراف .
8.تنشئة التلاميذ على تخطيط العمل وتنظيمه وتحديد السؤولية .
9.تنشئة الطلاب على العمل التعاوني والروح الرياضية .
ويمكن أن تنضوي هذه الأهداف في مجالين اثنين :
أولهما يتعلق بالمدرسة، فالنشاط يثري عملية التربية التي تقوم بها المدرسة، ويفتح هذه المؤسسة الاجتماعية والثقافية على العالم المحيط بها فتؤثر في الواقع وتتأثر به ، كما أنه يساعد على اكتشاف الموهوبين والنابغين من الطلاب في مختلف الميادين.
وثانيهما يتعلق بالطالب نفسه،إذ إن النشاط المدرسي يسهم في بنائه من خلال المناشط بناء يتسم بالإبداع والإنتاج، كما أنه يتدرب على دراسة المشكلات المطروحة ، وعلى تحمل المسؤوليات والتعاون والتضامن ، فيزوَّد بالمهارات التي تعينه على التلاؤم مع الوسط المحيط والمجتمع.
وهكذا تهدف التربية الحديثة إلى تنمية جيل مدرك متفاعل مع البيئة التي يحيا فيها عندما تتخذ من فعاليات النشاط وسيلة من وسائل اكتشاف الميول والهوايات والإمكانيات الفردية والاجتماعية .
كما تهدف إلى تعويد الناشئين احترام وتقدير العاملين ، وتنمية روح الجماعة، وحل بعض المشكلات النفسية والاجتماعية عند كثير منهم.
وثمة وظيفتان أساسيتان للنشاط المدرسي :
1. جعل التعليم ملائماً لحاجات الطالب، ملبيا لميوله.
2. الجانب الثاني متداخل مع الأول ونتيجة له ، وهو أن يكون النشاط المدرسي وسيلة من وسائل التوجيه المدرسي، فيتم من خلاله توجيه الطلاب في المرحلة الثانوية نحو الدراسات المناسبة لهم ، وهنا تبرز أهمية النشاط لأنه يسساعد المعلمين على كشف القابليات الفعلية للطلاب، وخاصة إذا كان هذا النشاط متنوعا يشمل النشاط اليدوي والفني والاجتماعي والثقافي .
الوظيفة الثانية : هي وظيفة اجتماعية ، فضروب النشاط التي سيمارسها الطالب في المجتمع هي التي ينبغي أن يتعرف عليها في المدرسة ، بحيث تكون المدرسة مدرسة للحياة.
النشاط المدرسي لمادة اللغة العربية
مفهومه وأهدافه
لما كانت اللغة العربية هي الوسيلة التي تستخدم لنقل الأفكار والحقائق والمعلومات والخبرات التي تشتمل عليها مواد المنهاج ، كان النشاط المدرسي المتعلق بها يتسم بالسعة والغنى ، ويتغلغل في ضروب النشاط الأخرى .
ويعرف النشاط المدرسي للغة العربية بأنه مجموعة من الألوان المتنوعة من المحادثة والاستماع والقراءة والكتابة التي يمارسها الطالب داخل حجرة الدراسة وخارجهابرغبته ، على أن تكون ممارسته لها خارج الجدول الدراسي ، وأن تكون منظمة تنظيماً خالياً من الفيود التي تفرضها الحصص الدراسية.
والأهداف التي يتجه النشاط المدرسي إلى تحقيقها في المجال اللغوي تتمثل فيما يلي :
1. أن يستخدم الطلاب اللغة استخداما صحيحاً ناجحاً في مواقف الحياة العملية، وما تتطلبه هذه المواقف من فنون التعبير الوظيفي والإبداعي.
2. التعاون مع نشاط المواد الأخرى في تقوية شخصية الطالب وتربيته خلقيا واجتماعيا ووجدانيا، وإعداده للحياة العامة.
3. الاتصال بالتراث العربي وغيره من أنواع المترجم إلى اللغة العربية.
4. تربية الطلاب تربية قومية صحيحة في مجالات الحياة الواقعية.
5. ملء أوقات فراغ الطلاب بما يتفق وميولهم ، وبما يرفه عنهم ويدربهم على حسن الانتفاع به.
6. معالجة الخجل والارتباك والميا إلى العزلة والانحرافات التي قد تظهر على الناشئ.
7. الكشف عن المواهب والميول الخاصة باللغة العربية وإشباعها .
8. تبادل الخدمات بين الهيئة المحلية والمدرسة بما يعود بالنفع عليهما وتحقيق التعاون بينهما .
ومهما تعددت ألوان النشاط يجب أن تنبع من تلقائية ا لطالب وعفويته وحريته واعتماده على نفسه ضمن أجواء طبيعية واقعية ، بحيث تتكامل المناشط التي يقوم بها المنهج.
وبعد ، فهل بعد هذا الاستعراض تجد الأنشطة المدرسية الأرض الخصبة لاستنباتها واستثمارها ؟ أم ثمة ما يعوق نموها ويقف حائلا دون تحقيقها على الوجه الأكمل ثم ينتهي بها الأمر إلى مجرد تشكيل جماعات تتلاشى يوما بعد يوم مع مرور أيام العام الدراسي ؟
ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن بعض المعوقات خصوصا في المرحلة الثانوية تتمثل في :
· عدم تخصيص مساحة لممارسة الأنشطة مطلقاً مما جعل هذا الأمر حجر ثرة في سبيل الطالب الذي يسعى للنشاط أو المدرس المشرف عليه في تنفيذ خطةٍ لا مكان لها سوى الوريقة التي دوِّنت عليها.
· عدم تخصيص المبالغ اللازمة للقيام بهذه الأنشطة ، فيجد المدرس نفسه في النشاط الصحفي مثلا يعتمد على طلابه بأساليب تُخل من مكانته أو تقلل من مصداقيته ، هذا إذا أخذنا في الاعتبار النشرات السنوية التي تمنع تكليف الطلاب بأي تكاليف مادية ، وكأني بقول الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
· عدم مراعاة المدرس المشرف على نشاط ما في جدول الحصص أو في المناوبات أو في أعمال الريادة ، بحيث تجد غياب التنسيق بل والمنهجية في تنفيذ هذه الأنشطة.
· إلقاء تبعة الأنشطة على المدرسين المبرزين فقط ، دون النظر إلى مايبذلونه من جهد عند التييم السنوي لهم ولغيرهم مما يسبب- في أغلب الأحيان- إحباطاً وعدم جدية لهذه الأنشطة من القائمين على العملية التعليمية.
· وما يُقال عن المدرس في تقديره يُقال عن الطالب ، فغالبا ما يُشارك المبَّرز جداً من الطلاب وربما بإلحاح من مدرسه تحت مظلة الترغيب بزيادة درجات النشاط وغير النشاط أو الترهيب بالحرمان من هذه الدرجات إلى غير ذلك من الأساليب المعروفة … والمدرس والطالب كلاهما في الهم شرق!!!
· إن العلامات المخصصة للنشاط ضمن علامات المادة غير مفهومة أهي للأنشطة الخاصة بالمادة التي يدرسها المعلم وتخدم التحصيل الدراسي أم هي للنشاط المدرسي بشكل عام؟! فلو كانت للمادة فإن معظم الطلاب حقيقة لا يشتركون في أنشطة المادة ويتحصلون عليها أو على جزء منها مفروضا ، وعلى كل حال فإن النشاط المدرسي ليست له علامات تعززه وتسانده أو حتى تُغري بالانخراط فيه .
· إلزام الطالب بنشاط ذاتي بحثي في النصوص أو في القراءة وهذا في مادة اللغة العربية دون النظر إلى مدى ملاءمة ذلك لقدرات أو ميول الطالب والأصل أن يُترك له حرية الاختيار لموضوع متصل بمنهجه تحت إشراف مُدرِّسه.
(أ)محمود إبراهيم محمد علي