منتديات أحلى السلوات
بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 065sv9
اهلا اهلا اهلا زوارنا الكرام ssaaxcf
مرحبا بكم في منتداكم وبيتكم الثاني zzaswqer
نتشرف بتسجيلكم معناvvgtfryujk vvgtfryujk vvgtfryujk
أخوانكم ادارة المنتدى mil
منتديات أحلى السلوات
بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 065sv9
اهلا اهلا اهلا زوارنا الكرام ssaaxcf
مرحبا بكم في منتداكم وبيتكم الثاني zzaswqer
نتشرف بتسجيلكم معناvvgtfryujk vvgtfryujk vvgtfryujk
أخوانكم ادارة المنتدى mil
منتديات أحلى السلوات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أحلى السلوات


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نرحب بكم جميعا واهلا وسهلا بالاعضاء الجدد نتمنى لكم طيب الاقامه
نرحب بالاخت العزيزة (لمياء ) من دولة مصر ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معنا اختي الغالية ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز (ابو مصطفى) من العراق ونتمنى له اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بتواجدك معنا بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت الغالية ( ابتسام) من العراق ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( الدمعة الحزين ) من السعودية ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معنابحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة (طیبه) من ايران ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معنابحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز (شيخ الوادي ) من العراق ونتمنى له طيب الاقامة معنا ... سعداء بتواجدك معنابحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة (نور كربلاء) من السعودية  ونتمنى لها اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك  يا غالية بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798          ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( وديان) من فلسطين المحتلة ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... نور المنتدى بيك ياغالية بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز ( الخيانة صعبة) من مصر ونتمنى له اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك ياغالي بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة  (رحيق الورد) من دولة العراق ونتمنى لها اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك ياغالية بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798          ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة (منة الله على) من دولة مصر ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معنابحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز ( علاء المياحي ) من العراق ونتمنى له اقامة طيبة معنا ... المنتدى نور بوجودك بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( هدوره العراقيه) من العراق ونتمنى لها اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك يا غالية بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( ساره رضا) من دولة مصر ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معنابحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( حبي لاهل البيت لا ينتهي ) من العراق ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... اهلا وسهلا بك معنابحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز ( أبو وسام ) من دولة العراق ونتمنى له اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك يا غالي بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة ( هند السعيد) من مصر ونتمنى لها طيب الاقامة معنا ... نور المنتدى بيك بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخ العزيز ( احمد طه) من مصر ونتمنى له اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى
نرحب بالاخت العزيزة (عاشقه الليل )من الامارات العربية ونتمنى لها اقامه طيبه معنا ... نور المنتدى بيك بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 103798 ادارة المنتدى

 

 بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:16

ولكي نكون أكثر وضوحاً، يجب اعطاء فكرة مبسطة عن آراء
(بافلوف)، وطريقته في تفسير الفكر، تفكيراً فسيولوجياً: فإن هذا العالم
الشهير، استطاع أن يدلل بالتجربة، على أن شيئاً معيناً إذا ارتبط بمنبه طبيعي،
اكتسب نفس فعاليته، وأخذ يقوم بدوره، ويحدث نفس الاستجابة التي يحدثها
المنبه الطبيعي. فتقديم الطعام إلى الكلب مثلاُ_ منبه طبيعي، يحدث فيه
استجابة معينة: إذ يسيل لعابه، أول ما يرى الاناء الذي يحتوي على الطعام.
وقد لاحظ ذلك (بافلوف)، فأخذ يدق جرساً عند تقديم الطعام إلى الكلب.
و كرر هذا عدة مرأت. أخذ يدق الجرس من دون تقديم الطعام. فوجد
أن لعاب الكلب يسيل. واستنتج من هذه التجربة: أن دق الجرس أصبح
يحدث نفس الاستجابة، التي كان المنبه الطبيعي (تقديم الطعام) يحدثها،
ويؤدي نفس دوره، بسبب اقترانه واشتراطه به عدة مرات ولهذا أطلق
على دق الجرس أسمSadألمنبه الشرطي) وسمي تحلب اللعاب وسيلانه،
الذي يحدث بسبب دق الجرس: (استجابة شرطية).
وعلى هذا الأساس حاول جماعة، أن يفسروا الفكر الإنساني كله،
تفسيراً فسيولوجياً، كما يفسر تحلب اللعاب عند الكلب تماماً. فأفكار الإنسان
كلها استجابات لمختلف أنواع المنبهات. وكما أن تقديم الطعام إلى الكلب،
منبه طبيعي، يستثير استجابة طبيعية وهي سيلان اللعاب، كذلك توجد بالنسبة
إلى الإنسان منبهات طبيعية، تطلق استجابات معينة، اعتدنا أن نعتبرها ألواناً
من الإدراك. وتلك المنبهات، التي تطلق هذه الاستجابات، هي الإحساسات
الداخلية والخارجية. وكما أن دق الجرس، اكتسب نفس الاستجابة، التي
يحدثها تقديم الطعام إلى الكلب، بالاقتران والاشتراط، كذلك توجد أشياء
كثيرة، اقترنت بتلك المنبهات الطبيعية للإنسان، فأصبحت منبهات شرطية
له ومن تلك المنبهات الشرطية: كل أدوات اللغة. فلفظة الماء_ مثلاً_
تطلق نفس الاستجابة، التي يطلقها الإحساس بالماء. بسبب اقترانها واشتراطها
به. فالإحساس بالماء، أو الماء المحسوس: منبه طبيعي، ولفظ.(الماء):
منبه شرطي، وكلاهما يطلقان في الذهن، استجابة من نوع خاص.
وقد افترض بافلوف لأجل ذلك نظامين أشاريين.
أحدهما: النظام الاشاري، الذي يتكون من مجموعة المنبهات الطبيعية،
والمنبهات الشرطية، التي لا تتدخل فيها الألفاظ.
والآخر: النظام الاشاري المشتمل على الألفاظ والأدوات اللغوية،
بصفتها منبهات شرطية ثانوية: فهي منبهات ثانوية، أشرطت بمنبهات
النظام الاشاري الأول، واكتسبت بسبب ذلك، قدرتها على إثارة استجابات
شرطية معينة.
والنتيجة التي تنتهي إليها آراء (بافلوف) هي: أن الإنسان لا يمكنه
أن يفكر بدون منبه، لأن الفكر ليس إلا استجابة من نوع خاص للمنبهات.
كما أنه لا يتاح له الفكر العقلي المجرد، إلا إذا وجدت بالنسبة إليه منبهات
شرطية، اكتسبت عن طريق اقترانها بالاحساسات، نفس الاستجابات التي
تطلقها تلك الأحاسيس. وأما إذا بقي الإنسان رهن إحساساته، فلا يستطيع
أن يفكر تفكيراً مجرداً، أي أن يفكر في شيء غائب عن حسه. فلكي يكون
الإنسان كائناً مفكراً، لا بد من أن توجد له منبهات، وراء نطاق الإحساسات
نطاق المنبهات الطبيعية.
* * *
ولنفترض أن هذا كله صحيح. فهل يعني ذلك أن اللغة هي أساس
وجود الفكر في الحياة الإنسانية؟. كلا فإن إشراط شيء معين بالمنبه الطبيعي،
لكي يكون منبهاً شرطياً، يحصل تارة، بصورة طبيعية. كما إذا اتفق أن
اقترنت رؤية الماء بصوت معين، أو بحالة نفسية معينة، مرات عديدة،
حتى أصبح ذلك الصوت أو هذه الحالة، منبهاً شرطياً، يطلق نفس
الاستجابة التي كان يطلقها الإحساس بالماء. فالاشراط في هذه الحالات
إشراط طبيعي. ويحصل هذا الاشراط، تارة أخرى، نتيجة لقصد معين،
كما في سلوكنا مع الطفل، إذ نقدم له شيئاً كالحليب، ونكرر له إسمه،
حتى يربط بين الكلمة والشيء. ويصبح الاسم منبهاً شرطياً للطفل، نتيجة
للطريقة التي اتبعناها معه.
ولا شك في أن عدة من الأصوات والأحداث، قد اقترنت بمنبهات
طبيعية، عبر حياة الإنسان، وأشرطت بها إشراطاً طبيعياً. وأصبحت بذلك
تطلق استجابات معينة، في ذهن الإنسان. وأما أدوات اللغة_ على وجه
العموم_ وألفاظها، التي تم إشراطها خلال عملية اجتماعية، فهي إنما
أشرطت نتيجة لحاجة الإنسان، إلى التعبير عن أفكاره ونقلها إلى الآخرين
أي أنها وجدت في حياة الإنسان، لأنه كائن مفكر، يريد التعبير عن
أفكاره. إلا أن الإنسان أصبح كائناً مفكراً، بسبب أن اللغة وجدت في
حياته. وإلا فلماذا وجدت في حياته خاصة، ولم توجد في حياة سائر أنواع
الحيوان؟!. فاللغة ليست أساس الفكر، وإنما هي أسلوب خاص للتعبير
عنه، اتخذه الإنسان منذ أبعد العصور، حين وجد نفسه_ وهو يخوض
معركة الحياة، مع أفراد آخرين_ بحاجة ملحة إلى التعبير عن أفكاره،
وتفهم أفكار الآخرين، في سبيل تيسير العمليات التي يقومون بها،
وتحديد الموقف المشترك أمام الطبيعة، وضد القوى المعادية.
______ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:17

وإنما تعلم الإنسان أن يتخذ هذا الأسلوب_ أسلوب اللغة_ بالذات،
للتعبير عن أفكاره في ضوء ما تم بفعل الطبيعة، أو المصادفة، من إشراط
بعض الأصوات ببعض المنبهات الطبيعية، عن طريق اقترانها بها مراراً.
فقد استطاع الإنسان أن ينتفع بذلك، في نطاق أوسع، فوجدت اللغة في
حياته.
وهكذا نعرف، أن اللغة بوصفها ظاهرة اجتماعية، إنما نجمت عن
إحساس الإنسان، خلال العمل الاجتماعي المشترك، بالحاجة إلى ترجمة
أفكاره، والإعلان عنها، وليست هي التي خلقت من الإنسان كائناً مفكراً.
وعلى هذا الاساس، نستطيع أن نعرف: لماذا ظهرت اللغة في حياة
الإنسان، دون غيره من أنواع الحيوان، كما ألمحنا سابقاً؟. بل أن نعرف
أكثر من ذلك: لماذا وجد المجتمع الإنساني، ولم يوجد مجتمع كهذا، لأي
كائن حي آخر؟. فإن الإنسان، لما كان قادراً على التفكير، فقد أتيح له
وحده، أن يتخطى حدود الإحساس، فيغير من الواقع الذي يحسه، وبالتالي
يغير من إحساساته نفسها، تبعاً لتغيير الواقع المحسوس. ولم يتح هذا لأي
حيوان آخر، لا يملك قدرة على التفكير، لأنه لا يستطيع أن يدرك ويفكر
في شيء، سوى الواقع المحسوس، بأشكاله الخاصة، فلا يمكنه أن يغير
الواقع إلى شيء آخر.
وهكذا كان التفكير،هو الذي خص الإنسان بالقدرة، على تغيير
الواقع المحسوس، تغييراً حاسماً.
ولما كانت عملية تغيير الواقع هذه، تتطلب في كثير من الأحايين،
جهوداً متنوعة وكثيرة، فهي تتخذ لأجل ذلك طابعاً اجتماعياً، إذ يقوم
بها أفراد متعددون، وفقاً لنوعية العملية ومدى الجهود التي تتطلبها، وبذلك
توجد علاقة اجتماعية بينهم، لم يكن من الممكن أن توجد علاقة من لونها.
بين أفراد نوع آخر من الحيوان. لأن الحيوانات الأخرى، حيث أنها
ليست كائنات مفكرة، فهي عاجزة عن القيام بعمليات تغيير حاسم للواقع
المحسوس، وبالتالي لا توجد فيما بينها علاقة اجتماعية، من ذلك اللون.
ومنذ يدخل الناس في عمليات مشتركة، لتغيير الواقع المحسوس،
يصبحون بحاجة إلى لغة. لأن الإشارات الحسية إنما تعبر عن الواقع
المحسوس، ولا تستطيع أن تعبر عن فكرة تغييره، وعن الروابط الخاصة
بين الأشياء المحسوسة، التي يراد تعديلها أو تغييرها. فتوجد اللغة في حياة
الإنسان، إشباعاً لهذه الحاجة، وإنما وجدت في حياته وحده، لأن الحيوان
لم يشعر بمثل هذه الحاجة الإنسانية التي كانت وليدة العمل الاجتماعي،
القائم على أساس التفكير، لتغيير الواقع المحسوس، وإيجاد تعديلات
حاسمة فيه.
___________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:17

ﺟ _ الدليل العلمي:
يسير التفسير العلمي لظواهر الكون المتنوعة، في خط متدرج. فهو
يبدأ بوصفه فرضية، أي تفسيراً افتراضياً للواقع، الذي يعالجه العالم
وحاول استكشاف أسراره وأسبابه. ولا يصل هذا التفسير الافتراضي،
إلى الدرجة العلمية، إلا إذا استطاع الدليل العلمي، أن يبرهن، وينفي
إمكان أي تفسير آخر، للظاهرة موضوعة البحث، عداه. فما لم يقم الدليل
على ذلك، لا يصل التفسير المفترض إلى درجة اليقين العلمي، ولا يوجد
مبرر لقبوله، دون سواه من الافتراضات والتفاسير. فمثلاً قد نجد شخصاً
معيناً، يلتزم في ساعة معينة، بالعبور من شارع خاص. وقد نفترض
لتفسير هذه الظاهرة: أن هذا الشخص يسلك هذا الطريق بالذات، في كل
يوم، لأن له عملاً يومياً في معمل، يقع في منتهى الشارع. وهذا الافتراض
وإن كان يصلح لتفسير الواقع، غير أن ذلك لا يعني قبوله، ما دام من
الممكن أن نفسر سلوك هذا الشخص، في ضوء آخر: كما إذا افترضنا أنه
يزور صديقاً له، يسكن بيتاً في ذلك الشارع. أو يراجع طبيباً يقطن في
تلك المنطقة، ليستشيره في حالة مرضية. أو يقصد مدرسة معينة، تلقى
فيها المحاضرات بصورة رتيبة.
وهكذا الأمر في التفسير الماركسي للتاريخ (المادية التاريخية)، فإنه
لا يمكن _ حتى إذا افترضنا كفاءته لتفسير الواقع التاريخي_ أن يكتسب
الدرجة العلمية أو الوثوق العلمي، ما لم يخرج عن كونه افتراضاً، ويحصل
على دليل علمي، يدحض كل افتراض عداه، في تفسير التاريخ.
ولنأخذ تفسير المادية التاريخية للدولة مثالاً لذلك. فهي تفسر نشوء
الدولة ووجودها في حياة الإنسان، على أساس العامل الاقتصادي، والتناقض
الطبقي، فالمجتمع المتناقض طبقياً، يلتهب فيه الصراع، بين الطبقة القوية
المالكة لوسائل الإنتاج، والطبقة الضعيفة التي لا تملك شيئاً، فتقوم الطبقة
الغالبة، بإنشاء أداة سياسية لحماية مصالحها الاقتصادية، والحفاظ على
مركزها الرئيسي. وهذه الأداة السياسية هي الحكومة، بمختلف أشكالها
التاريخية.
وهذا التفسير الماركسي للدولة أو الحكومة، لا يكتسب قيمة علمية
مؤكدة، إلا إذا أفلست كل التفاسير، التي يمكن أن يبرر بها نشوء الدولة
في المجتمع البشري، سوى كونها أداة سياسية للاستغلال الطبقي. وأما
إذا استطعنا، أن نفسر هذه الظاهرة الاجتماعية على أساس آخر،
ولم يدحض الدليل العلمي ذلك، فليس التفسير الماركسي عندئذ، إلا
افتراضاً من عدة افتراضات.
فلن يكون التفسير الماركسي، تفسيراً علمياً، إذا أمكن_ مثلاً_
أن نفسر نشوء الدولة، على أساس تعقيد الحياة المدنية. ونبرر بذلك قيام
الدولة في كثير من المجتمعات البشرية. ففي مصر القديمة_ مثلاً_ لم
تكن الحياة الاجتماعية فيها ممكنة، بدون جهود معقدة جسمية، وعمل
واسع شامل، لتنظيم جريان وفيضان الأنهر الكبيرة، وتنظيم شؤون الري.
فظهرت الدولة لتسيير الحياة الاجتماعية، والإشراف على العمليات المعقدة،
التي تتوقف الحياة العامة عليها. ولأجل هذا نجد أن طائفة الاكليروس
المصريين، كانوا يتمتعون بمكانة عليا في جهاز الدولة المصرية القديمة،
لا على أساس طبقي، وإنما على أساس الدور الخطير، الذي لعبته معارفهم
العلمية، في نظام الزراعة المصرية. وكذلك أيضاُ نجد أن رجال الكنسية،
تمتعوا بمركز كبير في جهاز الدولة الرومانية، عندما دخل الجرمان في
الدولة الرومانية، أفوجاً متبربرة تلو أفواج. إذ بدت الكنيسة_ على إثر
ما أدى إليه الغزو الجرماني، من انهيار التعليم والثقافة_ صاحبة الصدارة
الفكرية في البلاد، حيث صار الرجل من رجال الدين الكنيسي، هو
الوحيد الذي يعرف القراءة والكتابة، والتكلم باللاتينية. وهو الذي يفهم
دون غيره_ حساب الشهور، ويستطيع أن يمارس العمل الرتيب، لتصريف
شؤون الإدارة الحكومية، بينما انصرف ملوك الجرمان، والقادة العسكريون
منهم، إلى صيد الخنازير والإبل والغزال، وخوض معارك الغزو والتخريب
فكان من الطبيعي، أن يسيطر رجال الكنيسة على الإدارة الحكومية في
البلاد، ويكون لهم أثر كبير في الجهاز السياسي الحاكم، الأمر الذي
جلب لهم من المغانم والمكاسب، ما جعلهم _ في رأي الماركسية_ طبقة
ذات مصالح اقتصادية معينة. فالنفوذ الاقتصادي أو المصالح الاقتصادية،
إنما حصلت عن طريق الوجود السياسي. وأما وجودهم السياسي في جهاز
الحكم، فلم يكن قائماً على أساس ذلك النفوذ الاقتصادي، الذي اكتسبوه
بعد ذلك، وإنما قام على أساس امتيازاتهم الفكرية والإدارية
____ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:21

ولن يكون التفسير الماركسي للدولة، تفسيراً علمياً، إذا أمكن أن
نفترض: أن للعقيدة الدينية، تأثيراً في تكوين كثير من الدول والسلطات
السياسية، التي كانت ترتكز على أساس ديني، وتتمثل في جماعات
لا تشترك في مصلحة طبقية، وإنما تشترك في طابع ديني واحد.
وكذلك إذا أمكن أن نفترض: أن نشوء الدولة في المجتمع الإنساني،
كان إشباعاً لنزعة أصيلة في النفس الإنسانية، التي تملك استعداداً كامناً
للميل إلى السيطرة والتفوق على الآخرين. فكانت الحكومة من وحي هذا
الميل، وتعبيراً عملياً عنه.
ولا أريد أن أستقصي كل الفرضيات، التي يمكن تفسير الدولة على
أساسها، وإنما أرمي من وراء هذا، على القول بأن تفسير الماركسية للدولة،
لا يمكن أن يكتسب طابعاً علمياً، ما لم يستطع أن يدحض سائر تلك
الافتراضات، ويقدم الدليل من الواقع على زيفها.
وقد سقنا تفسير الماركسية للدولة، كنموذج لسائر مفاهيمها وفرضياتها
التاريخية، التي تفسر المجتمع الإنساني على أساسها. فإن جميع تلك
الفرضيات تتطلب من الماركسية_ لكي تصبح نظريات علمية جديرة
بالقبول_ أن تقدم الدليل على كذب كل فرضية سواها. ولا يكفي لقبولها
أن تكون فرضيات ممكنة صالحة للانطباق على الواقع وتفسيره
فلنرى_ إذن_ ماذا يمكن للماركسية أن تقدمه من دليل علمي بهذا
الصدد؟. أن أول وأهم عقبة تواجه الماركسية في هذا المجال، هي العقبة
التي تضعها في طريقها، طبيعة البحث التاريخي. ذلك أن البحث في المجال
التاريخي، (نشوء المجتمع، وتطوره، والعوامل الأساسية فيه). يختلف
عن البحوث العلمية في مجالات العلوم الطبيعية، التي يستخلصها العالم
الفيزيائي_ مثلاً_ من تجاربه العملية في المختبر.
فالباحث التاريخي، والعالم الفيزيائي، وإن كانا يلتقيان عند نقطة
واحدة، وهي: أن كلاً منهما يتناول مجموعة من الظواهر_ ظواهر
المجتمع البشري كالدولة والأفكار والملكية. أو ظواهر الطبيعة كالحرارة
والصوت والنور_ ويحاولان تنظيم تلك الظواهر، بصفتها مواداً للبحث،
واستكشاف أسبابها، والعوامل الأساسية فيها... غير أنهما يختلفان في
موقفهما العلمي، من تلك الظواهر موضوعة الدرس ومرد اختلافهما إلى
سببين: فان الباحث التاريخي، الذي يريد أن يفسر المجتمع البشري،
ونشوءه وتطوره ومراحله، في ضوء الظواهر التاريخية والاجتماعية،
لا يستطيع أن يتبين هذه الظواهر بصورة مباشرة، كما يتبين العالم الفيزيائي
ٍظواهر الطبيعة، التي يدرسها في مختبره الخاص، وإنما هو مضطر إلى
تكوين فكرة عنها، ترتكز على النقل والرواية، وشتى المخلوقات العمرانية
وغيرها من الآثار، ذات الدلالة الناقصة. فالفرق إذن كبير جداً، بين الظواهر
الطبيعية، التي يرتكز عليها البحث العلمي، في العلوم الطبيعية، بصفتها
المواد الرئيسية له، وبين الظواهر التاريخية، التي يقوم على أساسها البحث
التاريخي، بصفتها مواداً أولية له. فالمواد في العلوم الطبيعية، ظواهر
معاصرة للعالم الطبيعي، موجودة في مختبره، يستطيع مشاهدتها، وتسليط
الضوء العلمي عليها، وبالتالي وضع تفسير كامل لها.. وعلى العكس من
ذلك تماماً، المواد التي يملكها الباحث التاريخي. فإنه لدى محاولة استكشاف
العوامل الأساسية في المجتمع، وكيفية نشوئه وتطوره، مضطر على الإعتماد
في تكوين مواد البحث، وفي الاستنتاج والتفسير، على كثير من الظواهر
التاريخية للمجتمع، التي لا يستطيع الباحث مشاهدتها، إلا من خلال النقل
والرواية، أو من خلال بعض الآثار التاريخية الباقية ونذكر على سبيل المثال
انجلز، بوصفه باحثاً تاريخياً، حاول في كتابه (أصل العائلة) تفسير الظواهر
الاجتماعية علمياً، فاضطر إلى الاعتماد_ بصورة رئيسية_ في استنتاجاته،
على روايات ومزاعم مؤرخ أو رحالة معين، هو مورغان
وهكذا يختلف البحث التاريخي، عن البحث الطبيعي من ناحية المادة
(الظواهر)، التي يملكها الباحث، ويقيم عليها تفسيره واستنتاجه. ولا
يقف اختلافهما عند هذا الحد. فإنهما كما يختلفان من ناحية المادة، كذلك
يوجد سبب آخر لاختلافهما، من ناحية الدليل الذي يمكن للباحث استخدامه،
في سبيل تدعيم هذا التفسير العلمي أو ذاك.
____ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:23

فإن الباحث التاريخي حين يحصل على مجموعة من الظواهر والأحداث
التاريخية، لا يملك تجاهها تلك الإمكانيات، التي يملكها الفيزيائي مثلاً،
تجاه الذرة وظواهرها، ونواتها وكهاربها وإشعاعاتها. لأن الباحث التاريخي،
مضطر لأخذ الظواهر والأحداث التاريخية كما هي، ولا يمكنه أن يطور
أو يغير شيئاً منها، عن طريق التجربة. وأما العالم الفيزيائي، فهو يستطيع
أن يجري تجاربه المختلفة على المادة التي يعالجها. ويستبعد منها ما يشاء،
ويضم إليها ما يشاء. وحتى في المجال الذي لا تخضع المادة المدروسة فيه
للتغيير، كعلم الفلك، يمكن للعالم الفلكي أن يغير من علاقاته بتلك المادة،
بواسطة التلسكوب، ومن موقعه واتجاهاته.
وعجز الباحث التاريخي عن القيام بتجارب على الظواهر التاريخية
والاجتماعية يعني عدم تمكنه من تقديم دليل تجريبي على نظرياته، التي
يفسر بها التاريخ، ويستكشف أسراره.
فلا يستطيع_ مثلاً لدى محاولة الكشف عن العامل الأساسي لظاهرة
تاريخية معينة_ أن يستعمل الأساليب العلمية الأساسية، التي يقررها المنطق
التجريبي، ويستعملها العلماء الطبيعيون، كطريقتي:الاتفاق والاختلاف،
الطريقتين الرئيسيتين في الاستدلال التجريبي. لأن هاتين الطريقتين تتوقفان
كلاهما، على إضافة عامل بأسره، أو حذف عامل بأسره، لنرى مدى
ارتباطه مع عامل آخر. فلكي يثبت علمياً، أن (ب) هي سبب (أ) يجمع
بينهما في ظروف مختلفة. وهذه هي طريقة الاتفاق. ثم يعزل (ب)،
ليرى هل يزول (أ) تبعاً لذلك. وهذه هي طريقة الاختلاف. ومن
الواضح أن الباحث التاريخي، لا يتمكن من تغيير الواقع التاريخي للإنسانية،
ولا يقدر على شيء من ذلك.
ولنأخذ_مثلاً على ذلك_ الدولة بوصفها ظاهرة تاريخية، والحرارة
بوصفها ظاهرة طبيعية. فإن العالم الطبيعي إذا حاول أن يفسر الحرارة،
تفسيراً علمياً ويستكشف السبب الرئيسي لها، أمكنه أن يفترض: أن
الحركة هي سبب الحرارة، إذا أدرك اقترانهما في حالات عديدة. ولكي
يتأكد من صحة هذا الافتراض، يستعمل طريقة الاتفاق، فيقوم بعدة
تجارب، يحاول في كل واحدة منها، إبعاد شيء من الأشياء، التي تقترن
بالحركة والحرارة، ليتأكد من أن الحرارة توجد بدونه، وأنه ليس سبباً
لها. ويستعمل أيضاً طريقة الاختلاف، فيحاول أن يقوم بتجربة: يفصل
فيها الحركة عن الحرارة، ليتبين ما إذا كان من الممكن إن توجد حرارة
بدون حركة، فإذا كشفت التجربة: إن الحرارة توجد متى ما وجدت
الحركة، مهما كانت الظروف والأحداث الأخرى وأنها تختفي في الحالات
التي لا توجد فيها حركة.. ثبت علمياً إن الحركة هي سبب الحرارة.
وأما الباحث التاريخي، حين يتناول الدولة بصفتها ظاهرة تاريخية في
حياة الإنسان، فهو قد يفترض أنها نتاج مصلحة اقتصادية، لفئة معينة من
المجتمع، ولكنه لا يستطيع أن يدحض الافتراضات الأخرى بالتجربة.
فلا يمكنه_ مثلاً أن يبرهن تجريبياً، على أن الدولة ليست نتاجاً لنزعة
سياسية في نفس الإنسان أو لحالة تعقيد معينة في الحياة المدنية والاجتماعية.
لأن غاية ما يتاح للباحث التاريخي، أن يضع إصبعه على عدد من الحالات
التاريخية، التي اقترن فيها ظهور الدولة بمصلحة اقتصادية معينة، ويحشد
عدداً من الأمثلة التي وجد فيها الدولة والمصلحة الاقتصادية معاً (وهذا
ما يسمى في المنطق التجريبي أو العلمي بطريقة التعداد البسيط
__________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:24

ومن الواضح أن طريقة التعداد البسيط هذه، لا تبرهن علمياً على أن
المصلحة الاقتصادية الطبقية هي السبب الأساسي الوحيد، لظهور الدولة
إذ من الجائز أن يكون للعوامل الأخرى أثرها الخاص، في تكوين الدولة،
وحيث إن الباحث لا يستطيع أن يغير الواقع التاريخي_ كما يغير الفيزيائي
الظواهر الطبيعية بتجاربه_ فهو لا يتمكن من إفراز وعزل سائر العوامل
الأخرى، عن واقع المجتمع ليدرس نتيجة هذا العزل. ويتبين: ما إذا
كانت الدولة_ كظاهرة اجتماعية_ ستزول بعزل تلك العوامل، أولا.
ويستخلص مما سبق أن البحث التاريخي يختلف عادة عن البحوث العلمية
الطبيعية! من ناحية المادة التي يقوم على أساسها الإستنتاج، أولاً. ومن
ناحية الدليل الذي يدعم ذلك الإستنتاج، ثانياً.
وإذا استبعدنا الدليل التجريبي الدقيق، عن نطاق البحث التاريخي،
لم يبق لدى مفسري التاريخ إلا الملاحظة المنظمة، التي تحاول أن تستوعب
أكبر مقدرا ممكن، من أحداث التاريخ وظواهره، حيث يأخذها الباحث
التاريخي كما هي، ويحاول أن يفسرها، ويضع لها مفاهيمها العامة، على
طريقة التعداد البسيط.
وعلى هذا الأساس نعرف: أن الماركسية لم تكن تملك_ حين وضعت
مفهومها الخاص عن التاريخ_ سنداً علمياً لها، سوى الملاحظة، التي رأتها
الماركسية كافية، للتدليل على وجهة نظرها المعينة إلى التاريخ. وأكثر من
هذا، أنها زعمت: أن الملاحظة المحدودة في نطاق تاريخي ضيق، تكفي
وحدها لإستكشاف قوانين التاريخ كلها، واليقين العلمي بها. فقد قال أنجلز:
((ولكن فيما كان البحث عن هذه الأسباب المحركة في التاريخ مستحيلاً تقريباً، في سائر المراحل السابقة،
بسبب تعثر علاقتها وتخفيها مع ردود الفعل، التي تؤثر
بها، فإن عصرنا قد بسط هذه العلائق كثيراً، بحيث
أمكن حل اللغز. فمنذ انتصار الصناعة الكبرى، لم يعد
خافياً على أحد في إنكلترا، بأن النضال السياسي كله
يدور فيها حول طموح طبقتين إلى السلطة، ألا وهما: الأرستقراطية العقارية، البرجوازية ))( ).
ومعني هذا: أن ملاحظة الوضع الإجتماعي، في فترة معينة من حياة
أوروبا أو انكلترا خاصة، كانت كافية في رأي المفكر الماركسي الكبير
انجلز، لليقين العلمي، بأن العامل الاقتصادي، والتناقض الطبقي، هو
العامل الأساسي في التاريخ الإنساني كله، بالرغم من أن فترات التاريخ
الأخرى، لا تكشف عن ذلك لأنها غائمة معقدة، كما اعترف بذلك
(انجلز) نفسه، فمشهد واحد من مشاهد التاريخ في القرن الثامن عشر أو
التاسع عشر، استطاع أن يقنع الماركسية بأن القوى المحركة للتاريخ،
عبر عشرات الآلاف من السنين، هي قوى العامل الاقتصادي، يقنعها
بذلك لا لشيء، إلا لأن هذا العامل، هو الذي بدا لها أنه مسيطر على ذلك
المشهد التاريخي الخاص، مشهد انكلترا في تلك الفترة المحدودة من تاريخها.

مع أن سيطرة عامل معين، على مجتمع في فترة خاصة، لا تكفي للتدليل
على سيطرته الرئيسية، في كل أدوار التاريخ، وفي كل المجتمعات، إذ
قد يكون لهذه السيطرة نفسها أسبابها وعواملها الخاصة. فيجب قبل إصدار
الأحكام النهائية في حق التاريخ، أن يقارن المجتمع الذي بدا العامل الإقتصادي
مسيطراً عليه، بالمجتمعات الأخرى، حتى يبحث عما إذا كان لهذه السيطرة،
ظروفها وأسبابها الخاصة؟.
ومن الجدير بنا بهذا الصدد أن نلاحظ كلاماً آخر لأنجلز، ساقه في
مناسبة أخرى، وهو يعتذر عن أخطاء وقع فيها، من جراء تطبيق الديالكتيك
على غير المجتمع، من مجالات الكون والحياة، قائلاً:
((وغني عن البيان، بأنني كنت قد عمدت إلى
سرد المواضيع في الرياضيات والعلوم الطبيعية، سرداَ
عاجلاً وملخصاً، بغية أن أطمئن تفصيلاً إلى ما لم أكن
في شك منه بصورة عامة، إلى أن نفس القوانين
الديالكتيكية للحركة، التي تسيطر على العفوية الظاهرة للحوادث في التاريخ، تشق طريقها في الطبيعة... ))( ).
ونحن إذا قارنا هذا الكلام بالكلام السابق لأنجلز، استطعنا أن نعرف
كيف أتيح لمفكر ماركسي مثل أنجلز، أن يكون مفهومه العام عن التاريخ،
وبالتالي مفهومه الفلسفي عن الكون والحياة وكل ظواهرها، من خلال
الضوء الذي يلقيه مشهد تاريخي واحد لمجتمع خاص من المجتمعات البشرية.
في فترة محدودة من الزمن بطريقة سهلة جداً. فما دام هذا المشهد التاريخي
المعين، يكشف عن صراع بين جماعتين في المجتمع، فيجب أن يكون
التاريخ كله صراعاً بين المتناقضات. وإذا كان التناقض هو الذي يسود

التاريخ، فيكفي هذا ليؤمن أنجلز بأن نفس قوانين التناقض هذه، تشق
طريقها في الطبيعة، على حد تعبيره، وأن الكون كله صراع بين مختلف
التناقضات الداخلية.
___________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:26

ثانياً_ هل يوجد مقياس أعلى؟
إن المقياس الأعلى في رأي الماركسية، لاختبار صحة كل نظرية، هو
مدى نجاحها في مجال التطبيق. فالنظرية عند الماركسيين لا يمكن أن تنفصل
عن التطبيق وهذا ما يسمى في الديالكتيك بوحدة النظرية والتطبيق. قال
ماوتسي تونغ:
((إن نظرية المعرفة في المادية الديالكتيكية تضع التطبيق في المقام الأول. فهي ترى أن اكتساب الناس للمعرفة يجب أن لا ينفصل بأية درجة كانت عن التطبيق وتشن نضالاً ضد كل النظريات الخاطئة التي تنكر أهمية التطبيق، أو تسمح بانفصال المعرفة عن التطبيق ))( ).
وقال جورج بولتزير:
((فمن المهم إذن أن نفهم معنى وحدة النظرية والتطبيق، ومعنى ذلك: أن من يهمل النظرية يقع في
فلسفة الممارسة. فيسلك كما يسلك الأعمى ويتخبط في الظلام، أما ذلك الذي يهمل التطبيق فيقع في الجمود
المذهبي ))( ).
على هذا الأساس نريد أن ندرس المادية التاريخية، وبكلمة أخرى:
ندرس النظرية الماركسية العامة عن التاريخ، لنتعرف على نصيبها من النجاح،
في مجال التطبيق الثوري الذي خاضه الماركسيون.
ومن الواضح، أن الماركسيين إنما أتيحت لهم محاولة تطبيق النظرية،
بالنسبة إلى جزء خاص منها، وهو الجزء الذي يتصل بتطوير المجتمع
الرأسمالي إلى مجتمع إشتراكي، وإما الجوانب الأخرى من النظرية، فهي
تتعلق بقوانين لمجتمعات تاريخية، وجدت في حياة الإنسان وانصرمت،
ولم تعاصرها الماركسية ولا ساهمت في إيجادها.
فلنأخذ الجزء الخاص من النظرية، الذي يتصل بتطوير المجتمع الرأسمالي
ونشوء الإشتراكية، والذي مارست الماركسية تطبيقه، لنتبين وحدة النظرية
والتطبيق أو تناقضهما، وبالتالي لنحكم على النظرية، وفقاً لمقدار نجاحها
أو فشلها في مجال التطبيق ما دام التطبيق في رأي الماركسية هو المعيار الأساسي
لتقويم النظريات، والعنصر الضروري للنظرية العلمية الصحيحة.
وبهذا الصدد، يمكننا أن نقسم البلاد الاشتراكية، التي مارست تطبيق
النظرية الماركسية جزئياً أو كلياً، إلى قسمين، جاء التطبيق في كل منهما
بعيداً عن النظرية ونبوءاتها العلمية وما حددته من قوانين لمجرى التاريخ
وتياراته الاجتماعية.
فالقسم الأول هو: البلاد الاشتراكية، التي فرض عليها النظام
الاشتراكي فرضاً، بقوة الجيش الأحمر، كعدة من أقطار أوروبا الشرقية،
مثل: بولونيا وتشيكوسلوفاكيا والمجر، ففي هذه الأقطار ونظائرها،
لم يحصل التحول الاشتراكي بحكم ضرورة من الضرورات التي تحددها
النظرية، ولم تنبثق الثورة عن تناقضات المجتمع الداخلية، وإنما فرضت من
الخارج ومن الأعلى بواسطة الحرب الأجنبية والغزو العسكري المسلح وإلا
فأي قانون من قوانين التاريخ شق ألمانيا نصفين وأدرج جزءها الشرقي ضمن
العالم الاشتراكي، وجزءها الآخر ضمن العالم الرأسمالي؟ أهو قانون القوى
المنتجة؟ أو حكم الجيش الفاتح، الذي فرض على البقعة التي ملكها نظامه
وأفكاره؟!.
وأما القسم الثاني من البلاد الاشتراكية: فقد أقيمت فيها الأنظمة
الاشتراكية بقوة الثورات الداخلية، ولكن هذه الثورات الداخلية لم تتجسد
فيها قوانين الماركسية، ولم تجيء طبقاً للنظرية التي حل بها الماركسيون كل
ألغاز التاريخ.
فروسيا_ وهي البلد الأول في العالم الذي سيطر عليه النظام الاشتراكي
بفعل الثورات الداخلية_قد كانت في مؤخرة الدول الأوروبية، من
الناحية الصناعية، ولم يكن نمو القوى المنتجة فيها، قد بلغ الدرجة التي
تحددها النظرية لإمكانية التحول، واندلاع الثورة الاشتراكية. فلم يلعب
تزايد القوى المنتجة دوره الرئيسي في تقرير شكل النظام، وتكوين جوهر
المجتمع وفقاً للنظرية، بل لعب دوراً معكوساً، إذ نمت القوى المنتجة في
بلاد كفرنسا وبريطانيا وألمانيا نمواً هائلاً، ودخلت تلك البلاد في درجة
عالية من التصنيع، وبمقدار ارتقائها في هذا المضار، كان بعدها عن
الثورة، ونجاتها من الانفجار الثوري الشيوعي المحتوم، في مفاهيم المادية
التاريخية.
وأما روسيا فقد كانت الحركة التصنيعية فيها منخفضة جداً، وكان
الرأسمال المحلي عاجزاً تماماً عن حل مشاكل التصنيع السريع، في ظل
ظروفها السياسية والاجتماعية، ولم يكن هناك موضع للقياس: بين الرأسمالية
الصناعية في تلك البلاد المتخلفة، وبين قوى الصناعة وضخامة الرأسمال
الصناعي في الغرب الأوروبي، ومع ذلك أخصب الاتجاه الثوري فيها
وتفجر، وجاءت الثورة الصناعية، كنتيجة للثورة السياسية، فكان الجهاز
الانقلابي في الدولة، هو الأداة الفعالة لتصنيع البلاد، وتطوير قواها
المنتجة، ولم يكن التصنيع وتطور قوى البلاد المنتجة، هو السبب في خلق
ذلك الجهاز وإنشاء تلك الأداة
___________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:27

وإذا كان من الضروري، أن نربط بين الثورة من ناحية، وحركة
التصنيع والقوى المنتجة من ناحية أخرى، فالشيء المعقول أن نعكس العلاقة
الماركسية المفترضة بين الثورة والتصنيع، فنعتبر أن انخفاض المستوى الصناعي
والإنتاج، من العوامل المهمة، التي أدت إلى دق أجراس الثورة في بلد
كروسيا، على العكس تماماً من افتراض النظرية الماركسية، القائل: إن
الثورة الاشتراكية، بموجب القوانين المادية للتاريخ، لا تكون إلا نتاجاً
لنمو الرأسمالية الصناعية وبلوغها الذروة. فروسيا مثلاً_ لم يدفعها نمو
قوى الإنتاج إلى الثورة، بمقدار ما دفعها انخفاض تلك القوٍ وتخلفها الخطر،
عن ركب الدول الصناعية، التي قفزت بخطوات العمالقة في مضمار
الصناعة والإنتاج، فكان لا بد لكي تحتفظ روسيا بوجودها الحقيقي في
الأسرة الدولية، أن تنشيء الجهاز السياسي و الاجتماعي، الذي يحل
مشاكل التصنيع حلاً سريعاً، ويدفع بها إلى الأمام، في حلبات التصنيع
ومجالات السباق الدولي الهائل، وبدون خلق الجهاز القادر على حل هذه
المشاكل تقع روسيا حتماً فريسة الإحتكارات، التي تقيمها الدول السباقة،
وينتهي وجودها كدولة حرة على مسرح التاريخ.
وهكذا نجد_ إذا نظرنا إلى روسيا من زاوية القوى المنتجة، والحالة
الصناعية_ كما تنظر الماركسية دائماً_ أن المشكلة الرئيسية هي: مشكلة إيجاد
التصنيع، لا تناقض نمو التصنيع مع كيانات المجتمع السياسية والاقتصادية.
وقد تسلمت الثورة الاشتراكية الحكم واستطاعت بطبيعة كيانها السياسي
(القائم على سلطة مطلقة لا حدود لها) وطبيعة كيانها الاقتصادي (القائم
على تركيز كل عمليات الإنتاج في وجهة واحـدة هي الدولة) أن تخطو
خطوات جبارة في تصنيع البلاد. فكانت الحكومة الاشتراكية هي التي
تخلق أسباب وجودها، والمبررات الماركسية لنشوئها، وتنشيء الطبقة التي
تزعم أنها تمثلها، وتنقل القوى المنتجة في البلد إلى المرحلة التي أعدها
(ماركس) لاشتراكيتة العلمية.
ومن حقنا بعد هذا أن نتساءل عما إذا كانت تقوم حكومة ثورية في
روسيا تحمل الطابع السياسي والاقتصادي للإشتراكية، لو أن روسيا لم
تكن متأخرة صناعياً وسياسياً وفكرياً، عن مستوى الدول الصناعية الكبرى؟!.
والصين_ وهي البلد الآخر الذي ساد فيه النظام الإشتراكي بالثورة_
نجد فيها_ كما وجدنا في روسيا_ التناقض الواضح بين النظرية والتطبيق.
فلم تكن الثورة الصناعية هي العامل الأساسي في تكوين الصين الجديدة،
وقلب نظام الحكم فيها، ولم يكن لوسائل الإنتاج، وفائض القيمة،
وتناقضات رأس المال، التي تقررها قوانين المادية التاريخية، أي دور
رئيسي في المعترك السياسي.
وشيء آخر جدير بالملاحظة هو: أن الثورات الداخلية، التي مارست
عملية تطبيق الإشتراكية الماركيسة، لم تكن تعتمد في انتصارها على الصراع
الطبقي، وانهيار الطبقة الحاكمة أمام الطبقة المحكومة، بسبب شدة التناقضات
الطبقية بينهما، بمقدار ما اعتمدت على انهيار الجهاز الحاكم، انهياراً
عسكرياً، في ظروف حربية قاسية، كانهيار الحكم القيصري في روسيا
عسكرياً، بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى، الأمر الذي مكن للقوى
المعارضة_ وعلى رأسها الحزب الشيوعي_ من الإنتصار السياسي،بشكل
ثوري، أدى إلى امتلاك الحزب الشيوعي لأزمة الحكم، بصفته أبرع
القوى المعارضة تنظيماً وتكتلاً، وأقواها وحدة من الناحية الفكرية القيادية،
وكذلك الثورة الشيوعية في الصين، فإنما وإن بدأت قبل الغزو الياباني،
ولكنها ظلت لمدة عقد كامل، تنتشر وتتوسع، لتخرج نهائياً منتصرة
بانتهاء الحرب. فلم يستطع التطبيق مرة واحدة حتى الآن أن يحقق النصر
عن طريق التناقض الداخلي فحسب، أو أن يحطم جهاز الدولة ما لم تحطم
الجهاز ظروف حربية وخارجية، تدعو إلى زعزعته وانهياره.
فملامح النظرية وسماتها العامة، لم تبد على التطبيق، وإنما كل ما بدا
من خلال التطبيق، إن مجتمعاً حدثت فيه ثورة قلبت نظامه، وعصفت
بالجهاز الحاكم فيه، بعد أن تصدع هذا الجهاز لظروف عسكرية وخارجية
واجتاح الناس شعور قوي بالحاجة إلى لون جديد من الحياة السياسية والإجتماعية.
ونفس هذه العوامل التي أنجحت الثورة في روسيا، أو هيأت لها،
كانت موجودة_ كلياً أو جزئياً_ في عدة أقطار أخرى، شهدت نفس
ما شاهدته روسيا من ظروف عسكرية، وتمخضت على أثر الحرب العالمية
الأولى بثورات مماثلة، لعب فيها تصدع السلطات الحاكمة، والشعور
القوي بعدم كفاءتها، والاحساس بالحاجة المتزايدة إلى التقدم السريع،
للإلتحاق بالركب الأمامي للعالم. دوراً خطيراً، غير أن الثورة الوحيدة
التي اتخذت الطابع الإشتراكي، هي الثورة الروسية. ولا يمكننا أن نجد
سبب ذلك في اختلاف قوى الإنتاج، التي كانت متشابهة إلى حد ما في
تلك الأقطار، وإنما نجده في الظروف الفكرية التي كانت تمر بها تلك
الأقطار، والتيارات المتناقضة التي كانت تعمل في الحقل السياسي، والمجال
الثوري هنا وهناك.
فإذا كان من الحق ما يزعمه المنطق الديالكتيكي للماركسية، من وحدة
النظرية والتطبيق، وإن التطبيق هو الأساس الوحيد لتدعيم النظرية، فمن
الحق أيضاً أن المادية التاريخية، لا تزال تفقد حتى الآن هذا الدليل، لأن
التطبيق الذي حققته الماركسية، لم يحمل خصائص النظرية، ولم تنعكس
عليه ملامحها. حتى أن لينين_ وهو الثوري الروسي الأول، الذي كان
يخوض معركة التطبيق ويقودها_ لم يستطع أن يتنبأ بموعد وبشكل اندلاع
الثورة، إلا بعد أن أصبحت الثورة على قاب قوسين أو أدنى
______ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:28

وليس ذلكإلا لأن دلائل المجتمع وأحداثه، لم تكن لتنطبق على الدلائل والأحداث،
التي تحدد النظرية على أساسها، سمات المجتمع، المشرف على العمل الثوري
الاشتراكي. فقد خطب لينين في اجتماع للشباب الاشتراكي السويسري،
قبل شهر واحد من ثورة شباط وقبل عشرة أشهر من ثورة أكتوبر الشيوعية،
فقال في خطابه:
((لعلنا نحن أبناء الجيل الذي يكبركم، لن نعيش لنرى المعارك الحاسمة للثورة الإشتراكية، الموشكة على الاندلاع، ولكن يبدو لي، أنني أستطيع أن أعرب
بأقصى ثقة، عن الأمل بأن يتاح للشبان العاملين في
الحركة الإشتراكية الرائعة في سويسرا، وبقية أنحاء
العالم، الحظ الطيب، ليس فحسب بالمساهمة في القتال
أثناء الثورة البروليتارية الوشيكة، بل كذلك في الخروج ظافرين منها)).
قال لينين هذا، وبعد عشرة أشهر فقط، تزعم الثورة الإشتراكية التي
انفجرت في روسيا، وجاءت به إلى الحكم. وأما الشبان العاملون في الحركة
الاشتراكية الرائعة في سويسرا، على حد تعبيره، فلا يزالون حتى اليوم،
لم يتح فهم الحظ الطيب، الذي تمناه لهم بالمساهمة في الثورة البروليتارية،
والخروج منها ظافرين.
______ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:29

ثالثاً_ هل استطاعت الماركسية إستيعاب التاريخ؟
المادية التاريخية(الماركسية)_ كما سبق_ مجموعة من الإفتراضات
العلمية يختص كل واحد منها بمرحلة محدودة من مراحل التاريخ، وتتكون
من مجموعها الفرضية العامة في تفسير التاريخ، القائلة: بأن المجتمع دائماً

وليد الوضع الاقتصادي الذي تحدده وتفرضه قوى الإنتاج.
والواقع أن أروع ما في الماركسية، وأكثر قواها التحليلية إغراءً
وإستهواءً إنما هو قوة هذا الشمول والاستيعاب، الذي تتميز به على أكثر
التفاسير الأخرى، للعمليات الإجتماعية أو الإقتصادية، وتعبر من خلاله
عن ترابط وثيق محدد، بين مختلف تلك العمليات، في كل الميادين الإنسانية.
فليست الماركسية فكرة نظرية محدودة، أو تحليلاً اجتماعياً أو اقتصادياً
فحسب، وإنما هي تعبير تحليلي شامل عن كل العمليات الاجتماعية
والاقتصادية والسياسية كما تجري منذ آلاف السنين في مجراها التاريخي الطويل، لتتكون منها في كل لحظة تاريخية حاسمة، حالة معينة، تحدد بنفسها
وبطريقة جدلية ما يعقبها من حالات متلاحقة على مدار المزمن، تتتابع في
لحظات تاريخية فاصلة.
ومن الطبيعي أن تستأثر مثل هذه النظرية بتقدير الناس، وتوحي إليهم
بالإعجاب أكثر من أي نظرية أخرى ما دامت قد زعمت لهم أنها وضعت
في أيديهم كل أسرار الإنسانية، وألغاز التاريخ، وما دامت قد تفوقت
على كل النظريات العلمية، عن الاجتماع والاقتصاد، في نقطة ذات وزن
جماهيري كبير، وهي: أنها استطاعت أن تمزج آمال الناس بالتحليل
العلمي، وأن تقدم إليهم أمانيهم التقليدية في إطار تحليلي، قائم على أسس
مادية ومنطقية، بالمقدار الذي أتيح لماركس أن يصل إليه، بينما لم تكن
النظريات العلمية الأخرى في الاجتماع والاقتصاد، تظفر_ على أفضل
تقدير_ إلا بعناية حفنة من العلماء والأخصائيين.
والمادية التاريخية، بوصفها فرضية عامة، تقرر_ كما عرفنا سابقاً_:
أن جميع الأوضاع والظواهر الاجتماعية، نابعة من الوضع الاقتصادي،
وهو بدوره يتكون نتيجة لوضع القوى المنتجة. فالوضع الاقتصادي هو
همزة الوصل، بين قوة الإنتاج الرئيسية، وجميع الظواهر والأوضاع
الاجتماعية، كما قال بليخانوف:
((إن الوضع الاقتصادي لشعب ما، هو الذي يحدد وضعه الاجتماعي، والوضع الاجتماعي لهذا الشعب، يحدد بدوره وضعه السياسي والديني، وهكذا دواليك.
ولكنكم ستتساءلون عما إذا لم يكن للوضع الاقتصادي
من سبب أيضاً؟.. لا ريب إن لهذا الوضع سببه الخاص
به، ككل شيء في هذه الدنيا، وهذا السبب...هو
الصراع الذي يخوضه الإنسان مع الطبيعة ))( ).
((إن علاقات الإنتاج، تحدد جميع العلاقات
الأخرى التي توحد بين الناس في حياتهم الاجتماعية. وأما علاقات الإنتاج فيحددها وضع القوى المنتجة ))( ).
فالقوى المنتجة هي التي تخلق الوضع الاقتصادي، وتطوره تبعاً
لتطورها، والوضع الاقتصادي هو الأساس العام لهيكل البناء الاجتماعي،
وما فيه من ظواهر وأوضاع. هذه هي الوجهة العامة للمادية التاريخية.
* * *
وتتردد في أوساط الكتاب المناهضين للأفكار الماركسية، مناقشتان
للماركسية التاريخية، بوصفها نظرة عامة عن التاريخ:
الأولى: إن التاريخ إذا كان محكوماً للعامل الاقتصادي، وللقوى
المنتجة، وفقاً لقوانين طبيعية تسير به من الإقطاع إلى الرأسمالية مثلاً، ومنها
إلى الاشتراكية، فماذا تبذل هذه الجهود الجبارة من الماركسيين، في سبيل
تكتيل أكبر عدد ممكن، لشن ثورة فاصلة على الرأسمالية؟! ولم يدع
الماركسيون قوانين التاريخ تعمل، فتكفيهم هذه المهمة الشاقة؟!.
الثانية: أن كل إنسان يحس_ بالضرورة_ أن له دوافع أخرى،
لا تمت إلى الطابع الاقتصادي بصلة، بل قد يضحي في سبيلها بمصالحه
الاقتصادية وبحياته كلها في بعض الأحايين، فكيف يعتبر العامل الاقتصادي
هو المحرك للتاريخ؟!.
ومن البحث العلمي الموضوعي، أن نسجل رأينا في هاتين المناقشتين
بوضوح. فهما تعبران عن عدم استيعاب المفهوم الماركسي للتاريخ، أكثر
مما تعبران عن خطأ المفهوم نفسه.
ففيما يتصل بالمناقشة الأولى، يجب أن نعرف موقف الماركسية من
الثورة. فإنها لا تعتبر الثورة والجهود التمهيدية التي تبذل في سبيلها، شيئاً
منفصلاً عن قوانين التاريخ، بل هي جزء من تلك القوانين، التي يجب
_ علمياً_ أن توجد كي ينتقل التاريخ من مرحلة أخرى.
فالثوريون حين يتجمعون في سبيل الثورة، إنما يعبرون بذلك عن الحتمية
التاريخية.
_______ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:29

ونحن حين نقرر هذا، نعلم أن الماركسية_ نفسها_ لم تستطع أحياناً،
أن تتفهم_ بوضوح_ متطلبات مفهومها العلمي عن التاريخ ومستلزماته،
حتى لقد كتب ستالين يقول:
((إن المجتمع غير عاجز إمام القوانين. وإن في
وسعه عن طريق معرفة القوانين الاقتصادية، وبالاستناد
إليها، إن يحد من دائرة فعلها، وإن يستخدمها في مصلحة

المجتمع، وأن يروضها،مثلما يجري حيال قوى الطبيعة وقوانينها)) ( ).
وكتب بولتزير_ نظير هذا_ قائلاً:
((إن المادية الجدلية، في تأكيدها للطابع الموضوعي لقوانين المجتمع، تؤكد_ في نفس الوقت_ الدور الموضوعي الذي تلعبه الأفكار، يعني النشاطات العلمية الواعية، مما يتيح للناس أن يؤخروا أو يقدموا، وأن يشجعوا أو يعرقلوا، تأثير قوانين المجتمع)) ( ).
ومن الواضح، أن هذا الاعتراف الماركسي، بسيطرة الإنسان عن
طريق أفكاره ونشاطاته الواعية، على تأثير قوانين المجتمع، وعلى تقديمه
وتأخيره لا يتفق مع الفكرة العلمية عن التاريخ لأن التاريخ إذا كان مسيراً
وفق قوانين طبيعية عامة، فوعي الإنسان وعلمه بقوانين التاريخ، إنما يعبر
عن جزء من الحقل الذي تحكمه تلك القوانين. فكل ما يقوم به هذا الوعي
والنشاط الإنساني من أدوار، فهو تعبير حتمي عن تلك القوانين، وعن
تأثيرها المحتوم، وليس تقديماً لهذا التأثير أو تأخيراً له. فالماركسيون حينما
يمعنون_مثلاً_ في خلق الفتن، لتعميق التناقضات ومضاعفاتها، ينفذون
قوانين التاريخ. لأن نشاطهم الواعي جزء من الكل التاريخي، لا أنهم
يستعجلون تلك القوانين. وليس موقف الفئات التي تعمل بوعي سياسي،
من قوانين التاريخ، كموقف العالم الطبيعي من قوانين الطبيعة، التي يجرب
عليها في مختبر، فإن العالم الطبيعي، يستطيع أن يقدم أو يؤخر من تأثير
قوانين الطبيعة، بما يحدث من تغيرات في وضع الطبيعة التي يجربها. لأن
قوانين الطبيعة التي يجربها، لا تتحكم في عمله، فهو يستطيع أن يسيطر
على تأثيرها، بما يهيء للتجربة من شروط. وأما العاملون في الحقل السياسي،
فلا يمكنهم أن يتحرروا من قوانين التاريخ، وأن يسيطروا على تأثيرها.
لأنهم دائماً يعبرون عن جزء من العملية التاريخية، التي تتحكم فيها تلك
القوانين.
فمن الخطأ_ إذن_ أن تقول الماركسية شيئاً عن السيطرة على قوانين
المجتمع، كما أن من الخطأ أيضاً أن توجه إليها المناقشة السابقة، التي ترمي
إلى اعتبار النشاط العملي لغواً لا مبرر له، ما دمنا عرفنا أن النشاط العملي
بما فيه الثورة جزء من قوانين التاريخ.
ولنأخذ الآن المناقشة الثانية: إن هذه المناقشة تسرد_ عادة_ قائمة من
الدوافع، التي لا تمت إلى الاقتصاد بصلة، لتنفيذ القول بالعامل الاقتصادي، كعامل رئيسي. وليست هذه المناقشة بأذنى إلى التوفيق من المناقشة الأولى. فإن الماركسية
لا تعني: أن العامل الإقتصادي هو الدافع الشعوري، لكل أعمال الإنسان،
على مر التاريخ، وإنما ترتكز على القول: بأنه هو القوة التي تعبر عن نفسها،
في وعي الناس، بمختلف التعبيرات. فالسلوك الواعي للإنسان. يصدر عن
غايات ودوافع إيديولوجية مختلفة، قد لا تمت إلى الاقتصاد بصلة، إلا
أنها في الحقيقة تعبيرات سطحية عن قوة أعمق لأنها ليست إلا أدوات
يستخدمها العامل الاقتصادي، يحرك بها الناس، في الاتجاه التاريخي المحتوم.
ويجب أن نتجاوز بهذا الصدد عن بعض النصوص الماركسية، التي لم
تقتصر على هذا القول، بل جنحت إلى التأكيد على إعتبار الاقتصاد غاية
عامة للنشاط الاجتماعي، وليس قوة محركة من الخلف فحسب. فقد
كتب انجلز يقول:
((إن القوة ليست سوى وسيلة، وان الغاية هي المنفعة الاقتصادية. ولما كانت الغاية أكثر جوهرية من

الوسيلة، التي تستخدم لضمانها، فإن الجانب الاقتصادي
من المسألة، هو أكثر جوهرية في التاريخ، من الجانب السياسي. في جميع قضايا السيطرة والإخضاع، حتى
يومنا الحاضر، كان الإخضاع دوماً وكالة لإملاء
المعدة، بأوسع ما في إملاء المعدة من مدلول))( ).
ولا شك عندنا في أن هذا النص، قد كتبه انجلز على عجل وبقلة أناة
فجاء يسابق الماركسية_نفسها_ في غلوها بالعامل الاقتصادي، ويناقض
الواقع الذي يمكننا أن نلمسه في كل حين. فكثيراً ما نجد أن المعدة قد تمتليء
بأوسع ما في إملاء المعدة من مدلول_ على حد تعبير انجلز_ ولا يمنع ذلك
هؤلاء الممتلئين، عن القيام بنشاطات مهمة في الحقل الإجتماعي، لأجل
تحقيق مثل أعلى، أو إشباع نزعة نفسية.
* * *
ولنترك هذا، إلى درس المشاكل الحقيقية، التي تثيرها المادية التاريخية،
وتعترض سبيلها، ولا يمكن للماركسية أن توفق في حلها. فهي لا تستطيع
أن تفسر_في ضوء المادية التاريخية_ عدة نقاط جوهرية في التاريخ،
لا بد من دراستها بشيء من التفصيل.
______________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:31

مع الرأسمالية

1_ الرأسمالية المذهبية في خطوطها الرئيسية
2_ الرأسمالية المذهبية ليست نتاجاً للقوانين العلمية
3_ القوانين العلمية في الإقتصاد الرأسمالي ذات إطار مذهبي
4_ دراسة الرأسمالية المذهبية في أفكارها وقيمها الأساسية

كما يقسم الإقتصاد الماركسي إلى علم ومذهب، كذلك ينقسم الإقتصاد
الرأسمالي إلى هذين القسمين. ففيه الجانب العلمي، الذي تحاول الرأسمالية
فيه أن تفسر مجرى الحياة الإقتصادية وأحداثها تفسيراً موضوعياً، قائماً على
أساس الاستقرار والتحليل. وفيه أيضاً الجانب المذهبي، الذي تدعو
الرأسمالية إلى تطبيقه وتتبنى الدعوة إليه.
وقد اختلط هذان الجانبان أو الوجهان للاقتصاد الرأسمالي، في كثير
من البحوث والأفكار، مع أنهما وجهان مختلفان، ولكل منهما طبيعة
الخاصة وأسسة ومقاييسه. فإذا حاولنا أن نسبغ على أحد الوجهين الطابع
المميز للآخر، فنعتبر القوانين العلمية مذهباً خالصاً، أو نضفي الطابع العلمي
على المذهب، فسوف نقع في خطأ كبير كما سنرى.
والرأسمالية وإن اتفقت مع الماركسية، في تشعبها إلى جانب علمي
وجانب مذهبي ولكن العلاقة بين علم الاقتصاد الرأسمالي، والمذهب
الرأسمالي في الاقتصاد، تختلف اختلافاً جوهرياً عن العلاقة بين الجانب العلمي
من الماركسية، والجانب المذهبي منها، أي بين المادية التاريخية من ناحية،
والإشتراكية والشيوعية من ناحية أخرى وهذا الاختلاف هو الذي سيجعل
طريقة بحثنا مع الرأسمالية، تختلف عن طريقة دراستنا للماركسية، كما
ينضح خلال هذا الفصل(مع الماركسية).
وسوف نستعرض فيما يلي: الإقتصاد الرأسمالي في خطوطه الرئيسية،
ونعالج بعد ذلك علاقة المذهب الرأسمالي بالجانب العلمي من الرأسمالية،
وندرس أخيراً الرأسمالية في ضوء أفكارها المذهبية التي ترتكز عليها.
الرأسمالية المذهبية في خطوطها الرئيسية
يرتكز المذهب الرأسمالي على أركان رئيسية ثلاثة، يتألف منها كيانه
العضوي الخاص، الذي يميزه عن الكيانات المذهبية الأخرى. وهذه
الأركان هي:
أولاً: الأخذ بمبدأ الملكية الخاصة بشكل غير محدود. فبينما كانت
القاعدة العامة في المذهب الماركسي، هي: الملكية الاشتراكية التي لا يجوز
الخروج عنها إلا بصورة استثنائية.. تنعكس المسألة في المذهب الرأسمالي
تماماً. فالملكية الخاصة في هذا المذهب، هي القاعدة العامة التي تمتد إلى كل
المجالات وميادين الثروة المتنوعة ولا يمكن الخروج عنها إلا بحكم ظروف
استثنائية، تضطر أحياناً إلى تأميم هذا المشروع أو ذاك، وجعله ملكاً للدولة.
فما لم تبرهن التجربة الاجتماعية على ضرورة تأميم أي مشروع، تبقى الملكية
الخاصة هي القاعدة النافذة المفعول.
وعلى هذا الأساس تؤمن الرأسمالية بحرية التملك، وتسمح للملكية
الخاصة بغزو جميع عناصر الإنتاج من: الأرض والآلات والمباني والمعادن،
وغير ذلك من ألوان الثروة. ويتكفل القانون في المجتمع الرأسمالي بحماية
الملكية الخاصة، وتمكين المالك من الاحتفاظ بها
____________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:32

ثانياً: فسح المجال أمام كل فرد لاستغلال ملكية وامكاناته على الوجه
الذي يروق له، والسماح له بتنمية ثروته بمختلف الوسائل والأساليب التي
يتمكن منها. فإن كان بتملك أرضاً زراعية مثلاً، فله أن يستغلها بنفسه
في أي وجه من وجوه الاستغلال، وله أن يؤجرها للغير، وأن يفرض على
الغير شروطه التي تهمه، كما له أن يترك الأرض دون استغلال.
وتستهدف هذه الحرية الرأسمالية التي يمنحها المذهب الرأسمالي للمالك:
أن تجعل الفرد هو العامل الوحيد في الحركة الاقتصادية، إذ ما من أحد
أعرف منه بمنافعه الحقيقة، ولا أقدر منه على اكتسابها. ولا يتأتى للفرد
أن يصبح كذلك ما لم يزود بالحرية في مجال استغلال المال وتهيئته ويستبعد
من طريقه التدخل الخارجي من جانب الدولة وغيرها. فبذلك يصبح لكل
فرد الفرصة الكافية، لاختيار نوع الاستغلال الذي يستغل به ماله، والمهنة
التي يتخذها، والأساليب التي يتبعها لتحقيق أكبر مقدار ممكن من الثروة.
وثالثاً: ضمان حرية الاستهلاك، كما تضمن حرية الاستغلال. فلكل
شخص الحرية في الإنفاق من ماله كما يشاء على حاجاته ورغباته، وهو
الذي يختار نوع السلع التي يستهلكها، ولا يمنع عن ذلك قيام الدولة أحياناً
بتحريم استهلاك بعض السلع، لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة، كاستهلاك المخدرات.
فهذه هي المعالم الرئيسية في المذهب الرأسمالي التي يمكن تلخيصها في
حريات ثلاث: حرية التملك، والاستغلال، والاستهلاك.
ويظهر منذ النظرة الأولى: التناقض الصارخ بين المذهب الرأسمالي
والمذهب الماركسي، الذي يضع الملكية الاشتراكية مبدءاً بدلاً عن الملكية
الفردية، ويقضي على الحريات الرأسمالية التي ترتكز على أساس الملكية
الخاصة، ويستبدلها بسيطرة الدولة على جميع مرافق الحياة الإقتصادية.
ومن القول الشائع: أن اختلاف المذهبين الرأسمالي والماركسي في
معالمهما، يعكس اختلافهما في طبيعة نظرتهما إلى الفرد والمجتمع لأن المذهب
الرأسمالي مذهب فردي، يقدس الدوافع الذاتية، ويعتبر الفرد هو المحور
الذي يجب على المذهب أن يعمل لحسابه، ويضمن مصالحه الخاصة. وأما
المذهب الماركسي فهو مذهب جماعي، يرفض الدوافع الذاتية والأنانية،
ويفني الفرد في المجتمع، ويتخذ المجتمع محوراً له. وهو لأجل هذا لا يعترف
بالحريات الفردية، بل يهدرها في سبيل القضية الأساسية، قضية المجتمع
بكاملة.
والواقع: أن كلا المذهبين يرتكز على نظرة فردية، ويعتمد على
الدوافع الذاتية والأنانية. فالرأسمالية تحترم في الفرد السعيد الحظ أنانيته،
فتضمن له حرية الاستغلال والنشاط في مختلف الميادين، مستهترة بما سوف
يصيب الآخرين من حيف وظلم نتيجة لتلك الحرية التي أطلقتها لذلك الفرد
ما دام الآخرون يتمتعون بالحرية مبدئياً، كما يتمتع بها الفرد المستغل.
وبينما توفر الرأسمالية للمحظوظين إشباع دوافعهم الذاتية، وتنمّى نزعتهم
الفردية.. تتجه الماركسية إلى غيرهم من الأفراد الذين لم تتهيأ لهم تلك
الفرص، فتركز دعوتها المذهبية على أساس إثارة الدوافع الذاتية والأنانية
فيهم، والتأكيد على ضرورة إشباعها. وتسعى بمختلف الأساليب إلى تنمية
هذه الدوافع، بوصفها القوة التي يستخدمها التاريخ في تطوير نفسه، حتى
تتمكن من تفجيرها تفجيراً ثورياً. وتشرح لأولئك الذين تتصل بهم:
أن الآخرين يسرقون جهودهم وثروتهم، فلا يمكن لهم أن يقروا هذه
السرقة بحال، لأنها اعتداء صارخ على كيانهم الخاص.
وهكذا نجد أن الوقود الذي يعتمد عليه المذهب الماركسي، هو نفس
الدوافع الذاتية والفردية التي تتبناها الرأسمالية. فكل من المذهبين يتبنى إشباع
الدوافع الذاتية وينميها، وإنما يختلفان في نوع الأفراد، الذين تتجاوب
دوافعهم الذاتية والأنانية مع هذا المذهب أو ذاك.
وأما المذهب الجدير بصفة المذهب الجماعي، فهو المذهب الذي يعتمد
على وقود من نوع آخر، على قوى غير الأنانية والدوافع الذاتية.
إن المذهب الجماعي هو: المذهب الذي يربي في كل فرد شعوراً
عميقاً بالمسؤولية تجاه المجتمع ومصالحه، ويفرض عليه لذلك أن يتنازل عن
شيء من ثمار أعماله وجهوده وأمواله الخاصة، في سبيل المجتمع وفي سبيل
الآخرين، لا لأنه سرق الآخرين وقد ثاروا عليه لاسترداد حقوقهم الخاصة،
بل لأنه يحس بأن ذلك جزء من واجبه، وتعبير عن القيم التي يؤمن بها.
إن المذهب الجماعي هو: المذهب الذي يحفظ حقوق الآخرين وسعادتهم
لا بإثارة دوافعهم الذاتية، بل بإثارة الدوافع الجماعية في الجميع، وتفجير
منابع الخير في نفوسهم. وسوف نرى في بحوث مقبلة ما هو هذا المذهب؟.
____ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:35

الرأسمالية المذهبية ليست نتاجاً للقوانين العلمية
في فجر التاريخ العلمي للاقتصاد، حين كان يضع أقطاب الاقتصاد
الطبيعي الكلاسيكي بذور هذا العلم وبنياته الأولية، سادت الفكر الإقتصادي
يومذاك فكرتان.
إحدهما: أن الحياة الاقتصادية تسير وفقاً لقوى طبيعة محددة، تتحكم
في كل الكيان الاقتصادي للمجتمع. كما تسير شتى مناحي الكون طبقاً لقوى
الطبيعة المتنوعة. والواجب العلمي تجاه تلك القوى التي تسيطر على الحياة
الإقتصادية. هو استكشاف قوانينها العامة وقواعدها الأساسية، التي تصلح
لتفسير مختلف الظواهر والأحداث الاقتصادية.
والفكرة الأخرى: هي أن تلك القوانين الطبيعية، التي يجب على علم
الاقتصاد استكشافها، كفيلة بضمان السعادة البشرية إذا عملت في جو حر،
وأتيح لجميع أفراد المجتمع التمتع بالحريات الرأسمالية، حريات: التملك.
والاستغلال، والاستهلاك.
وقد وضعت الفكرة الأولى البذرة العلمية للاقتصاد الرأسمالي، ووضعت
الفكرة الثانية بذرته المذهبية، غير أن الفكرتين أو البذرتين ارتبطتا في باديء
الأمر ارتباطاً وثيقاً، حتى خيل للمفكرين الاقتصاديين يومئذ: أن تقييد
حرية الأفراد والتدخل في الشؤون الاقتصادية من الدولة، يعني الوقوف
في وجه الطبيعة وقوانينها، التي كفلت للإنسانية رخاءها وحل جميع
مشاكلها... فكل محاولة لإهدار شيء من الحريات الرأسمالية، تعتبر
جريمة في حق القوانين الطبيعية العادلة.. وهكذا انتهى بهم هذا القول:
بأن تلك القوانين الخيرة تفرض بنفسها المذهب الرأسمالي، وتحتم على المجتمع
ضمان الحريات الرأسمالية.
غير أن هذا اللون من التفكير يبدو الآن مضحكاً وطفولياً إلى حد كبير،
لأن الخروج على قانون طبيعي علمي لا يعني أن هناك جريمة ارتكبت في
حق هذا القانون، وإنما يبرهن على خطأ القانون نفسه، وينزع عنه وصفه
العلمي الموضوعي. لأن القوانين الطبيعية لا تتخلف في ظل الشروط والظروف
اللازمة لها، وإنما قد تتغير الشروط والظروف، فمن الخطأ أن تعتبر الحريات
الرأسمالية، تعبيراً عن قوانين طبيعية، وتعتبر مخالفتها جريمة في حق تلك
القوانين. فقوانين الاقتصاد الطبيعية تعمل ولا تكف عن العمل، في جميع
الأحوال ومهما اختلفت درجة الحرية التي يتمتع بها الأفراد في حقول
التملك والاستغلال والاستهلاك.. وإنما قد يحدث أن يختلف مفعول تلك
القوانين. تبعاً لاختلاف الشروط والظروف التي تعمل في ظلها، كما
تختلف قوانين الفيزياء في آثارها ونتائجها، طبقاً لاختلاف شروطها وظروفها.
فيجب إذن أن تدرس الحريات الرأسمالية، لا بوصفها ضرورات علمية
تحتمها القوانين الطبيعية من وجهة رأي الرأسماليين، حتى تكتسب بذلك
الطابع العلمي.. وإنما تدرس على أساس مدى ما تتيح للإنسان من سعادة
وكرامة، وللمجتمع من قيم ومثل. وهذا هو الأساس الذي اتبعه بعد ذلك
علماء الاقتصاد الرأسمالي، في دراسة الرأسمالية المذهبية.
وفي ضوء ذلك نستطيع أن نفهم الفرق الجوهري_ الذي ألمعنا إليه في
مستهل هذا الفصل_ بين الماركسية والرأسمالية، إذ تختلف العلاقة بين
الجانب العلمي والجانب المذهبي من الماركسية اختلافاً أساسياً، عن العلاقة
بين الاقتصاد العلمي والاقتصاد المذهبي للرأسمالية. فإن الماركسية المذهبية
التي تتمثل في الاشتراكية والشيوعية، تعتبر نتيجة حتمية لقوانين المادية
التاريخية التي تعبر عن القوانين الطبيعية للتاريخ، من وجهة رأي الماركسية.
فإذا كانت المادية التاريخية على صواب في تفسير التاريخ، فهي تبرهن على
الجانب المذهبي من الماركسية. ولذلك يعتبر درس الجانب العلمي من
الماركسية، أساساً لدرس الجانب المذهبي منها، وشرطاً ضرورياً للحكم
في صالح المذهب الماركسي أو ضده. ولا يمكن لباحث مذهبي أن ينقد
الاشتراكية والشيوعية، بصورة مستقلة عن أساسها العلمي، عن المادية
التاريخية.
أما الرأسمالية المذهبية، فليست هي نتيجة لعلم الاقتصاد الذي شاده
الرأسماليون، ولا يرتبط مصيرها بمدى نجاح الجانب العلمي للرأسمالية في
تفسير الواقع الموضوعي.. وإنما ترتكز الرأسمالية المذهبية، على قيم وأفكار
خلقية وعملية معينة، يجب أن تعتبر هي المقياس للحكم في حق المذهب
الرأسمالي.
وهكذا يتضح أن موقفنا_ بوصفنا نؤمن بمذهب اقتصادي يتميز عن
الرأسمالية والماركسية_ تجاه الماركسية، يختلف عن موقفنا من الرأسمالية.
فنحن تجاه الماركسية أمام مذهب اقتصادي، يزعم: أنه يرتكز على قوانين
علم التاريخ (المادية التاريخية). فمن الضروري لنقد هذا المذهب، أن
نتناول تلك القوانين العلمية المزعومة، بالدرس والتمحيص. ولأجل ذلك
عرضنا المادية التاريخية بمفاهيمها، ومراحلها، تمهيداً إلى إصدار الحكم
في حق المذهب الماركسي نفسه. وأما بالنسبة إلى موقفنا تجاه الرأسمالية
المذهبية، أي الحريات الرأسمالية.. فنحن نواجه مذهباً لا يستمد كيانه من
القوانين العلمية، ليكون المنهج الضروري لدراسته هو بحث تلك القوانين
وتدقيقها.. وإنما نواجه مذهباً يستمد كيانه من تقديرات خلقية وعملية معينة.
ولهذا فسوف لن نتحدث عن الجانب العلمي من الرأسمالية، إلا بالقدر الذي
يوضح: أن الجانب المذهبي ليس نتيجة حتمية له، ولا يحمل طابعه العلمي،
ثم ندرس المذهب الرأسمالي في ضوء الأفكار العملية والقيم الخلقية التي يرتكز
عليها. لأن بحوث هذا الكتاب تحمل كلها الطابع المذهبي، ولا تتسع
للجوانب العلمية إلا بمقدار ما يتطلبه الموقف المذهبي.
___________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:37

ودراسة المذهب الرأسمالي على هذا الأساس، وإن كانت تتوقف أيضاً
على شيء من البحث العلمي، غير أن دور البحث العلمي في هذه الدراسة،
يختلف كل الاختلاف عن دوره في دراسة المذهب الماركسي. فإن البحث
العلمي في قوانين المادية التاريخية، كان وحده هو الذي يستطيع أن يصدر
الحكم النهائي في حق الماركسية المذهبية، كما سبق. وأما البحث العلمي في
مجال نقد الرأسمالية المذهبية، فليس هو المرجع الأعلى للحكم في حقها،
لأنها لا تدّعى لنفسها طابعاً علمياً.
وإنما يستعان بالبحث العلمي، لتكوين فكرة كاملة عن النتائج الواقعية (الموضوعية)، التي تتمخض عنها الرأسمالية على الصعيد الاجتماعي،
ونوعية الاتجاهات التي تتجها قوانين الحركة الاقتصادية في ظل الرأسمالية،
لكي تقاس تلك النتائج والاتجاهات التي يسفر عنها تطبيق المذهب بالمقاييس
الخلقية والأفكار العملية التي يؤمن بها الباحث. فوظيفة البحث العلمي في
دراسة المذهب الرأسمالي، إعطاء صورة كاملة عن واقع المجتمع الرأسمالي
لنقيس تلك الصورة بالمقاييس العملية الخاصة. وليست وضيفته تقديم البرهان
على حتمية المذهب الرأسمالي أو خطأه.
فكم يخطيء الباحث_ على هذا الأساس الذي قدمناه_ إذا تلقى المذهب
الرأسمالي من العلماء الرأسماليين، بوصفه حقيقة علمية، أو جزءاً من علم
الاقتصاد السياسي، ولم يميز بين الصفة العلمية والصفة المذهبية لأولئك
الاقتصاديين. فيخيل له مثلاً، حين يحكم هؤلاء بأن توفير الحريات
الرأسمالية خير وسعادة للجميع: إن هذا رأي علمي أو قائم على أساس علمي
كالقانون الاقتصادي القائل مثلاًSadإذا زاد العرض انخفض الثمن)،
مع أن هذا القانون تفسير علمي لحركة الثمن كما توجد في السوق. وأما
الحكم السابق بشأن الحريات الرأسمالية، فهو حكم مذهبي يصدره أنصاره
بوصفهم المذهبي، ويستمدونه من القيم والأفكار الخلقية والعلمية التي
يؤمنون بها. فلا تعني صحة ذلك القانون العلمي أو غيره من القوانين العلمية:
أن يكون هذا الحكم المذهبي صحيحاً وإنما يتوقف هذا الحكم على صحة
القيم والأفكار التي أقيم على أساسها.
_______ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:40


القوانين العلمية الإقتصاد الرأسمالي ذات إطار مذهبي
عرفنا فيما سبق: أن المذهب الرأسمالي ليس له طابع علمي، ولا
يستمد مبرراته ووجوده من القوانين العلمية في الاقتصاد. ونريد هنا أن
نصل إلى نقطة أعمق في تحليل العلاقة، بين الجانب المذهبي والجانب العلمي
من الرأسمالية، لنرى: كيف أن المذهب الرأسمالي يحدد إطار القوانين
العلمية في الاقتصاد الرأسمالي، ويؤثر عليها في اتجاهها ومجراها؟. ومعنى
هذا أن القوانين العلمية في الاقتصاد الرأسمالي، قوانين علمية في إطار مذهبي
خاص، وليست قوانين مطلقة تنطبق على كل مجتمع وفي كل زمان ومكان،
كالقوانين الطبيعية في الفيزياء والكيمياء.. وإنما يعتبر كثير من تلك القوانين
حقائق موضوعية، في الظروف الاجتماعية التي تسيطر عليها الرأسمالية،
بجوانبها الاقتصادية وأفكارها ومفاهيمها، فلا تنطبق على مجتمع لا تسيطر
عليه الرأسمالية ولا تسوده أفكارها.
ولكي يتضح هذا، يجب أن نلقي ضوءاً على طبيعة القوانين الاقتصادية
التي يدرسها الاقتصاد الرأسمالي، لكي نعرف: كيف وإلى أي درجة يمكن
الاعتراف لها بصفة القانون العلمي؟.
إن القوانين العلمية للاقتصاد تنقسم إلى فئتين:
إحداهما: القوانين الطبيعية التي تنبثق ضرورتها من الطبيعة نفسها
_ لا من الإرادة الإنسانية_ كقانون التحديد الكلي القائل: إن كل إنتاج كان
يتوقف على الأرض وما تشتمل عليه من مواد أولية، محدود طبقاً للكمية
المحدودة للأرض وموادها الأولية. أو قانون الغلة المتزايدة، القائل: إن
كل زيادة في الإنتاج تعوض على المنتج تعويضاً أكبر نسبياً مما زاده في
الإنفاق، حتى تبلغ الزيادة إلى درجة خاصة، فتخضع عندئذ لقانون
معاكس، وهو قانون الغلة المتناقصة، الذي ينص على أن زيادة الغلة تبدأ
بالتناقص النسبي عند درجة معينة.
وهذا القوانين لا تختلف في طبيعتها وجانبها الموضوعي عن سائر
القوانين الكونية التي تكشف عنها العلوم الطبيعية، ولذلك فهي لا تحمل
شيئاً من الطابع المذهبي، ولا تتوقف على ظروف اجتماعية أو فكرية معينة،
بل لا تختلف في شأنها أبعاد الزمان والمكان، ما دامت الطبيعة التي يتعلق
بها الإنتاج هي الطبيعة في كل زمان ومكان.
والفئة الأخرى: من القوانين العلمية للاقتصاد السياسي، تحتوي على
قوانين للحياة الاقتصادية ذات صلة بإرادة الإنسان نفسه، نظراً إلى أن الحياة
الاقتصادية ليست إلا مظهراً من مظاهر الحياة الإنسانية العامة، التي تلعب
فيها الإرادة دوراً إيجابياً فعالاً، في مختلف شعبها ومناحيها. فقانون العرض
والطلب مثلاً_ القائل: إن الطلب على سلعة إذا زاد، ولم يكن في المقدور
زيادة الكميات المعروضة استجابة للزيادة في الطلب،فإن ثمن السلعة لا بد
وأن يرتفع_ ليس قانوناً موضوعياً، يعمل بصورة منفصلة عن وعي
الإنسان، كما تعمل قوانين الفيزياء والفلك، وكما تعمل القوانين الطبيعية
في الإنتاج التي عرضناها في الفئة الأولى.. وإنما يمثل قانون العرض والطلب
ظواهر الحياة الواعية للإنسان. فهو يوضح أن المشتري سيقدم_ في الحالة
التي ينص عليها القانون الآنف الذكر_ على شراء السلعة بثمن أكبر
من ثمنها في حالة مساواة الطلب للعرض. وإن البائع سيمتنع في تلك الحالة
عن البيع إلا بذلك الثمن.
وتدخل الإرادة الإنسانية في مجرى الحياة الاقتصادية، لا يعني إبعاد
الحياة الاقتصادية عن مجال القوانين العلمية، واستحالة البحث العلمي فيها،
كما ذهب إلى ذلك وهم بعض المفكرين، في بداية ولادة الاقتصاد السياسي،
إذ اعتقدوا: أن طابع الحتمية والضرورة للقوانين العلمية، يتنافى مع طبيعة
الحرية التي تعكسها الإرادة الإنسانية. فإذا أخضعت الحياة الإنسانية لقوانين
علمية صارمة، كان ذلك مناقضاً لما يتمتع به الإنسان في حياته من حرية
وانطلاق، إذ يصبح لدى خضوعه لتلك القوانين آلة جامدة، تسير وتتكيف
ميكانيكياً، طبقاً للقوانين الطبيعية التي تتحكم في مجرى حياته الاقتصادية.
وهذا الوهم يرتكز على مفهوم خاطىء عن الحرية الإنسانية، وإدراك
معكوس للعلاقة بين الحرية والإرادة، وبين تلك القوانين. فإن وجود
قوانين طبيعية لحياة الإنسان الاقتصادية، لا يعني أن الإنسان يفقد حريته
وإرادته، وإنما هي قوانين للإرادة البشرية تفسر: كيف يستعمل الإنسان
حريته في المجال الاقتصادي، فلا يمكن أن تعتبر إلغاء لإرادة الإنسان
وحريته.
_____ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:44


ولكن هذه القوانين الاقتصادية، تختلف عن القوانين العلمية في مناحي
الكون الأخرى في نقطة، وهي: أن هذه القوانين نظراً إلى علاقتها بإرادة
الإنسان تتأثر بكل المؤثرات التي تطرأ على الوعي الإنساني، وبكل العوامل
التي تتدخل في إرادة الإنسان وميوله. وبدهي أن إرادة الإنسان التي تعالجها
تلك القوانين تتحدد وتتكيف وفقاً لأفكار الإنسان ومفاهيمه، ولنوعية
المذهب السائد في المجتمع. ولون التشريعات التي تقيد سلوك الأفراد. فهذه
العوامل هي التي تملي على الإنسان إرادته وموقفه العملي، وحين تتغير تلك
العوامل يختلف إتجاه الإنسان وإرادته، وبالتالي تختلف القوانين العلمية العامة
التي تفسر مجرى الحياة الإقتصادية، فلا يمكن في كثير من الأحيان، إعطاء
قانون عام للإنسانية في الحياة الاقتصادية، بمختلف إطاراته الفكرية
والمذهبية والروحية. وليس من الصحيح علمياً أن نترقب من الإرادة
الإنسانية في مجرى الحياة الاقتصادية أن تسير وتنشط_ دائما وفي كل
مجتمع_ كما تسير وتنشط في المجتمع الرأسمالي، الذي درسه الاقتصاديون
الرأسماليون، ووضعوا قوانين الاقتصاد السياسي في ضوئه. ما دامت
المجتمعات قد تختلف في إطاراتها الفكرية والمذهبية والروحية، بل يجب
أن تؤخذ هذه الإطارات كمدلولات ثابتة في مجال البحث العلمي. ومن
الطبيعي أن تتكشف نتائج البحث حينئذ عن القوانين الجارية ضمن تلك
الإطارات خاصة.
وعلى سبيل المثال نذكر القاعدة الرئيسية، التي وضع في ضوئها كثير
من قوانين الاقتصاد الكلاسيكي، وهي: القاعدة التي تجرد من الإنسان
الاجتماعي المحسوس: إنساناً اقتصادياً، يؤمن بالمصلحة الشخصية كهدف
أعلى له في كل ميادين النشاط الاقتصادي. فقد افترض الاقتصاديون_ منذ
البدء_ أن كل فرد في المجتمع يستوحي اتجاهه العملي في نشاطه الاقتصادي،
من مصلحته المادية الخاصة دائماً، وأخذوا يستكشفون القوانين العلمية التي
تتحكم في مثل هذا المجتمع. وقد كان افتراضهم هذا على نصيب كبير
من الواقع، بالنسبة إلى المجتمع الرأسمالي الأوروبي، وطابعة الفكري
والروحي ومقاييسه الخلقية والعملية. غير أن من الممكن أن يحدث
تحول أساسي في القوانين الاقتصادية لحياة المجتمع، بمجرد تغيير هذا
الأساس، ومواجهة مجتمع يختلف عن المجتمع الرأسمالي، في القاعدة العامة
لسلوك أفراده، وفي الأفكار والقيم التي يؤمنون بها. وليس هذا افترضاً
نفترضه، وإنما هو واقع نتحدث عنه. فإن المجتمعات تختلف في العوامل
التي تحدد لها دوافع السلوك، والقيم العملية في الحياة.
ولنأخذ مثلاً لذلك، المجتمع الرأسمالي، والمجتمع الذي دعا إليه
الإسلام، وتمكن من إخراجه إلى حيز الوجود. فقد عاش في ظل الإسلام
مجتمع بشري من لحم ودم، تختلف القاعدة العامة لسلوكه ومقاييسه العملية،
ومحتوياته الروحية والفكرية.. عن المجتمع الرأسمالي كل الاختلاف.
فإن الإسلام_ بوصفه ديناً و مذهباً خاصاً في الحياة_ وإن كان لا يعالج أحداث الاقتصاد معاجلة علمية، ولكنه يؤثر على هذه الأحداث ومجراها الاجتماعي
تأثيراً كبيراً، بوصفه يعالج محور تلك الأحداث، وهو الإنسان في مفاهيمه
عن الحياة ودوافعه وغاياته، يصهره في قالبه الخاص، ويصوغه في إطاره
الروحي والفكري، وبالرغم من أن التجربة التي خاضها الإسلام في سبيل
إيجاد هذا المجتمع كانت قصيرة، فقد أسفرت عن أروع النتائج التي
شهدتها حياة الإنسان، وبرهنت على إمكان التحليق بالإنسان إلى آفاق،
لم يستطع أن يتطلع إليها أفراد المجتمع الرأسمالي، الغارقون في ضرورات
المادة ومفاهيمها إلى رؤوسهم. وفي النزر اليسير مما يحدثنا به التاريخ عن
نتائج التجربة الإسلامية وروائعها، ما يلقي ضوءاً على إمكانات الخير
المكتنزة في نفس الإنسان، ويكشف عن الطاقة الرسالية في الإسلام، التي
استطاع بها أن يجند تلك الإمكانات، ويستثمرها لصالح القضية الإنسانية
الكبرى. فقد ورد في تاريخ تلك التجربة الذهبية: إن جماعة من غير ذوي
اليسار والثروة جاءوا إلى رسول الله(ص) قائلين)يا رسول الله ذهب
الأغنياء بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون
بفضول أموالهم. فأجاب النبي قائلاً: أو ليس قد جعل الله لكم
ما تصدقون به، إن لكم بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة،
وأمر بالمعروف صدفة ونهي عن المنكر صدقة). فهؤلاء المسلمون الذين
احتجوا بين يدي الرسول(ص) على واقعهم، لم يكونوا يريدون الثروة،
بوصفها أداة من أدوات المنعة والقوة أو ضماناً لإشباع الرغبات الشخصية،
وإنما عز عليهم أن يسبقهم الأغنياء في المقاييس المعنوية، بألوان البر والإحسان وبالمساهمة في المصالح العامة على الصعيد الاجتماعي. وهذا يعكس مفهوم
الثروة وطبيعة الإنسان المسلم، في ظل تجربة إسلامية كاملة للحياة.
وجاء في وصف الإجارات والتجارات في المجتمع الإسلامي، ما حدث
به الشاطبي، إذ كتب يقول:
((نجدهم في الإجارات والتجارب لا يأخذون إلا بأقل ما يكون من الربح أو الأجرة، حتى يكون ما حاول أحدهم من ذلك كسباً لغيره لاله. ولذلك بالغوا في
النصيحة فوق ما يلزمهم، كأنهم وكلاء للناس لا لأنفسهم
بل كانوا يرون المحاباة لأنفسهم_ وإن جازت_
كالغش لغيرهم)).
وتحدث محمد بن زياد عن شيء من مظاهر التعاون والتكافل في المجتمع
الإسلامي فقال: (ربما نزل على بعضهم الضيف، وقدر أحدهم على النار،
فيأخذ صاحب الضيف لضيفه، فيفقد القدر صاحبها، فيقول: من أخذ
القدر، فيقول صاحب الضيف: نحن أخذناها لضيفنا، فيقول صاحب
القدر: بارك الله لكم فيها).
وهكذا ندرك الدور الإيجابي الفعال للإسلام، في تغيير مجرى الحياة
الاقتصادية وقوانينها الطبيعية، بتغيير الإنسان نفسه وخلق شروط روحية
وفكرية جديدة له. وكذلك نعرف مدى الخطأ في إخضاع مجتمع، يتمتع
بهذه الخصائص والمقومات، لنفس القوانين التي يخضع لها مجتمع رأسمالي،
زاخر بالأنانية والمفاهيم المادية.
____________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:46

ويمكننا أن نأخذ على سبيل المثال أيضاً، قوانين توزيع الدخل وقوانين
العرض والطلب. فقوانين توزيع الدخل في الإقتصاد الرأسمالي كما يشرحها
(ريكاردو) وغيره من الأقطاب الكلاسيكيين تقضي: بتخصيص جزء
منه أجراً للعامل، يحدد وفقاً لقيمة المواد الغذائية، القادرة على إعاشة العامل
والاحتفاظ بقواه، ويقسم الباقي على شكل ربح وفائدة وريع. وقد استخلص
الاقتصاد الرأسمالي من ذلك: أن للأجور قانوناً حديدياً، لا يمكن بموجبه
أن تزيد وتنقص وإن زادت أو انخفضت كمية النقد التي يتسلم بها العامل
أجره، تبعاً لارتفاع قيمة المواد الغذائية وهبوطها. ويتلخص هذا القانون
الحديدي: في أن العمال إذا ازدادت أجورهم لسبب ما، فسوف تتحسن
حالتهم المعيشية ويقدمون بصورة أكثر على الزواج والتناسل، فتكثر الأيدي
العاملة، ويتضاعف العرض، وتنخفض الأجور إلى الحد الطبيعي. وإذا
حدث العكس، فهبط الأجر عن مستواه الطبيعي، أدى ذلك إلى انتشار
البؤس والمرض في صفوف العمال، فيقل عددهم وتنخفض كمية العرض،
فترتفع الأجور.
يتقدم إلينا بهذا الاقتصاديون الكلاسيكيون، بوصفه تفسيراً علمياً
للواقع، وقانوناً طبيعياً للحياة الاقتصادية، وهو في الحقيقة لا ينطبق إلا
ضمن حدود خاصة، وفي مجتمعات رأسمالية لا يوجد فيها ضمان اجتماعي
عام، ويعتمد التسعير فيها على جهاز السوق. وأما في مجتمع يسود فيه مبدأ
الضمان العام لمستوى كريم من المعيشة، كالمجتمع الإسلامي، أو في
مجتمع يلغى فيه جهاز السوق، ويجرد عن وظيفته في تحديد الأسعار تبعاً
لنسبة العرض إلى الطلب، كالمجتمع الاشتراكي.. فلا تتحكم فيه تلك
القوانين، بالشكل الذي تعمل به في المجتمع الرأسمالي.
وهكذا يتضح أن الهيكل العلمي العام للإقتصاد الرأسمالي، ذو إطار
مذهبي خاص، وليس له قدسية القوانين العلمية المطلقة.
__________________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:47

دراسة الرأسمالية المذهبية في أفكارها وقيمتها الأساسية
إن المقومات الأساسية للمذهب الرأسمالي_ التي استعرضناها سابقاً_
تدل على أن حجر الزاوية في المذهب، هو: حرية الإنسان في الحقل
الإقتصادي بمختلف مجالاته، من تملك واستغلال واستهلاك. فالحرية
_ بأشكالها المتنوعة_ هي الأساس الذي تنبثق منه كل الحقوق والقيم المذهبية،
التي تنادي بها الرأسمالية، بل إن القوانين العلمية للإقتصاد الرأسمالي نفسها،
ليست إلا تفسيراً للواقع الموضوعي المتجمد في إطار هذه الحرية كما مر بنا.
وإذا كانت فكرة الحرية هي الجوهر والمحتوى الأساسي للرأسمالية
المذهبية فيجب عند دراسة المذهب الرأسمالي، نقد هذه الفكرة وتحليلها،
ودرس بذورها الفكرية، وما ترتكز عليه من أفكار وقيم.
أول سؤال يقفز إلى مجال البحث: لماذا يجب أن يقام المجتمع على
أساس الحرية الاقتصادية؟. وكيف نشأ حق الإنسان فيها، الأمر الذي
تؤكد عليه الرأسمالية المذهبية، وترفض الاعتراف بأي تحديد أساسي له؟.
ويجب أن نعرف في سبيل الإجابة على هذا السؤال: أن الحرية في
التفكير الرأسمالي ترتبط عادة بعدة أفكار وقيم، تستمد منها وجودها
المركزي في المذهب وصفتها كضرورة اجتماعية أو إنسانية للكيان البشري.
فهي تارة: ترتبط بالفكرة القائلة: بالتوافق بين مصالح الفرد التي
يندفع إلى تحقيقها بدوافعه الذاتية، ومصالح المجتمع التي يتوقف عليها
كيانه العام. فإن مصالح الفرد والمجتمع إذا كانت متوافقة، فليس على
المذهب الاجتماعي الذي يستهدف ضمان الصالح الاجتماعي، إلا أن
يطلق الحرية للفرد، ويفسح المجال لدوافعه الذاتية أن تقوده إلى تحقيق
مصالحه الخاصة، التي تؤدي بصورة آلية توفير المصالح العامة. فالحرية
على أساس هذه الفكرة، ليست إلا أداة لتوفير تلك المصالح العامة وضمان
ما يتطلبه المجتمع من خير ورفاه، وبصفتها أداة لذلك تكون جديرة بمركزها
القاعدي في المذهب.
وهي تارة أخرى: ترتبط بفكرة تنمية الإنتاج، وترتكز على الرأي
القائل: أن الحرية الاقتصادية هي أفضل قوة دافعة للقوى المنتجة، وأكفأ
وسيلة لتفجير كل الطاقات والإمكانات وتجنيدها للإنتاج العام، وبالتالي
لمضاعفة الثروة الاجتماعية في البلاد. ومرد هذا في الحقيقة إلى الفكرة
الأولى، لأنه يعبر عن جانب من جوانب الصالح العام، وهو توفير الإنتاج
الاجتماعي الذي يمكن تحقيقه عن طريق الحرية.
وهناك فكرة ثالثة: يرتبط بها مفهوم الحرية الرأسمالية، وهي فكرة
ذات طابع خلقي خالص، يستعمل الرأسماليون عادة في التعبير عنها عبارات
غائمة، أو غير واضحة كل الوضوح. فيكررون القول:بأن الحرية بوجه
عام حق إنساني أصيل، وتعبير عملي عن الكرامة البشرية، وعن شعور
الإنسان بها. فليست هي مجرد أداة للرفاه الاجتماعي أو لتنمية الإنتاج،
وإنما هي تحقيق لإنسانية الإنسان، ووجوده الطبيعي الصحيح.
ومن الواضح أن القيمة المذهبية للحرية الاقتصادية، على أساس الفكرتين
الأوليتين، قيمة موضوعية، مردها إلى النتائج والآثار التي تؤدي إليها
في واقع الحياة. وأما على أساس الفكرة الثالثة، فللحرية بوجه عام_ التي
تعتبر الحرية الاقتصادية جانباً منها_ قيمة ذاتية يمليها شعور الإنسان بكرامته
وإنسانيته.
هذه هي الأفكار التي تبرر الرأسمالية عادة عن طريقها مفهومها عن
الحرية، وضرورة اعتبارها قاعدة في التصميم الاجتماعي الذي يدعو إليه
المذهبيون.
فهي: وسيلة لتحقيق المصالح العامة.
وهي: سبب لتنمية الإنتاج والثروة العامة.
وهي: تعبير أصيل عن الكرامة الإنسانية وحق الإنسان في الحياة
__________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:50


مسؤوليّة الدولة
في الاقتصاد الإسلامي


1_ الضمان الاجتماعي
فرض الإسلام على الدولة ضمان معيشة أفراد المجتمع الإسلامي ضماناً
كاملاً. وهي عادة تقوم بهذه المهمة على مرحلتين: ففي المرحلة الأولى
تهيء الدولة للفرد وسائل العمل، وفرصة المساهمة الكريمة في النشاط
الاقتصادي المثمر، ليعيش على أساس عمله وجهده. فإذا كان الفرد عاجزاً
عن العمل وكسب معيشته بنفسه كسباً كاملاً، أو كانت الدولة في ظرف
استثنائي لا يمكنها منحه فرصة العمل، جاء دور المرحلة الثانية، التي تمارس
فيها الدولة تطبيق مبدأ الضمان، عن طريق تهيئة المال الكافي، لسد حاجات
الفرد، وتوفير حد خاص من المعيشة له.
ومبدأ الضمان الاجتماعي هذا يرتكز في المذهب الاقتصادي للإسلام
على أساسين، ويستمد مبرراته المذهبية منهما:
أحدهما: التكافل العام. والآخر: حق الجماعة في موارد الدولة العامة.
ولكل من الأساسين حدوده ومقتضياته، في تحديد نوع الحاجات التي يجب
أن يضمن إشباعها، وتعيين الحد الأدنى من المعيشة التي يوفرها مبدأ الضمان
الاجتماعي للأفراد.
فالأساس الأول للضمان لا يقتضي أكثر من ضمان إشباع الحاجات
الحياتية والملحّة للفرد، بينما يزيد الأساس الثاني على ذلك، ويفرض إشباعاً
أوسع ومستوى أرفع من الحياة.
والدولة يجب أن تمارس الضمان الاجتماعي في حدود امكاناتها على
مستوى كل من الأساسين.
ولكي نحدد فكرة الضمان في الإسلام يجب أن نشرح هذين الأساسين
ومقتضياتهما وأدلتهما الشرعية.
الأساس الأول للضمان الاجتماعي:
فالأساس الأول للضمان الاجتماعي: هو التكافل العام. والتكافل العام
هو المبدأ الذي يفرض فيه الإسلام على المسلمين كفاية، كفالة بعضهم
لبعض ويجعل من هذه الكفالة فريضة على المسلم في حدود ظروفه وإمكاناته،
يجب عليه أن يؤديها على أي حال كما يؤدي سائر فرائضه.
والضمان الاجتماعي الذي تمارسه الدولة على أساس هذا المبدأ للتكافل
العام بين المسلمين، يعبر في الحقيقة عن دور الدولة في إلزام رعاياها بامتثال
ما يكلفون به شرعاً، ورعايتها لتطبيق المسلمين أحكام الإسلام على أنفسهم.
فهي بوصفها الأمينة على تطبيق أحكام الإسلام، والقادرة على الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، مسؤولة عن أمانتها، ومخوّلة حق إكراه كل
فرد على أداء واجباته الشرعية، وامتثال التكاليف التي كلفه الله بها. فكما
يكون لها حق إكراه المسلمين على الخروج إلى الجهاد لدى وجوبه عليهم،
كذلك لها حق إكراههم على القيام بواجباتهم في كفالة العاجزين، إذا
امتنعوا عن القيام بها. وبموجب هذا الحق يتاح لها أن تضمن حياة العاجزين
وكالة عن المسلمين، وتفرض عليهم في حدود صلاحياتها مد هذا الضمان
بالقدر الكافي من المال، الذي يجعلهم قد أدوا الفريضة وامتثلوا أمر الله تعالى.
ولأجل أن نعرف حدود الضمان الاجتماعي، الذي تمارسه الدولة
على أساس مبدا التكافل، ونوع الحاجات التي يضمن إشباعها.. يجب أن
نستعرض بعض النصوص التشريعية التي أشارت إلى مبدأ التكافل، لنحدد
في ضوئها القدر الواجب من الكفالة على المسلمين، وبالتالي حدود الضمان
الذي تمارسه الدولة على هذا الأساس
_______ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:50

فقد جاء في الحديث الصحيح عن سماعة: (( أنه سأل الأمام جعفر بن
محمد عن قوم عندهم فضل، وبإخوانهم حاجة شديدة، وليس يسعهم
الزكاة أيسعهم أن يشبعوا ويجوع إخوانهم؟، فإن الزمان شديد. فرد
الإمام عليه قائلاً: إن المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحرمه،
فيحق على المسلمين الاجتهاد فيه والتواصل والتعاون عليه، والمواساة لأهل
الحاجة )) ( ).
وفي حديث آخر: أن الإمام جعفر قال: (( أيما مؤمن منع مؤمناً شيئاً
مما يحتاج إليه، وهو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره، أقامه الله يوم
القيامة مسوداً وجهه، مزرقة عيناه، مغلولة يداه إلى عنقه، فيقال: هذا
الخائن الذي خان الله ورسوله، ثم يؤمر به إلى النار)) ( ). وواضح أن الأمر
به إلى النار يدل على: أن المؤمن يجب عليه إشباع حاجة أخيه المؤمن، في
حدود قدرته، لأن الشخص لا يدخل النار إذا ترك شيئاً لا يجب عليه.
والحاجة في هذا الحديث وإن جاءت مطلقة ولكن المقصود منها هو
الحاجة الشديدة التي ورد الحديث الأول بشأنها، لأن غير الحاجات الشديدة
لا يجب على المسلمين كفالتها وضمان إشباعها إجماعاً
وينتج عن ذلك: أن الكفالة هي في حدود الحاجات الشديدة.
فالمسلمون إذا كان لديهم فضل عن مؤونتهم، فلا يسعهم_ على حد تعبير
النص في الحديث الأول_ أن يتركوا أخاهم في حاجة شديدة، بل يجب
عليهم إشباع تلك الحاجة وسدها.
وقد ربط الإسلام بين هذه الكفالة ومبدأ الأخوة العامة بين المسلمين
ليدلل على أنها ليست ضريبة التفوق في الدخل فحسب، وإنما هي التعبير
العملي عن الأخوة العامة، سيراً منه على طريقة في إعطاء الأحكام إطاراً
خلقياً يتفق مع مفاهيمه وقيمه، فحق الإنسان في كفالة الآخر له مستمد في
مفهوم الإسلام من أخوته له، واندراجه معه في الأسرة البشرية الصالحة.
والدولة تمارس في حدود صلاحياتها حماية هذا الحق وضمانه. والحاجات
التي يضمن هذا الحق إشباعها هي الحاجات الشديدة، وشدة الحاجة تعني
كون الحاجة حياتية، وعسر الحياة بدون إشباعها.
وهكذا نعرف: أن الضمان الاجتماعي، الذي يقوم على أساس
التكافل يتحدد_ وفقاً له_ بحدود الحاجات الحياتية للأفراد، التي يعسر
عليهم الحياة بدون إشباعها.
الأساس الثاني للضمان الاجتماعي:
ولكن الدولة لا تستمد مبررات الضمان الاجتماعي الذي تمارسه من
مبدأ التكافل العام فحسب، بل قد يمكن إبراز أساس آخر للضمان الاجتماعي
كما عرفنا سابقاً، وهو حق الجماعة في مصادر الثروة. وعلى أساس هذا
الحق تكون الدولة مسؤولة بصورة مباشرة عن ضمان معيشة المعوزين
والعاجزين، بقطع النظر عن الكفالة الواجبة على أفراد المسلمين أنفسهم.
وسوف نتحدث أولاً عن هذه المسؤولية المباشرة للضمان وحدودها
وفقاً لنصوصها التشريعية، ثم عن الأساس النظري الذي ترتكز عليه فكرة
هذا الضمان. وهو حق الجماعة في ثروات الطبيعة.
أما عن المسؤولية المباشرة للضمان: فإن حدود هذه المسؤولية تختلف
عن حدود الضمان، الذي تمارسه الدولة على أساس مبدأ التكافل العام.
فإن هذه المسؤولية لا تفرض على الدولة ضمان الفرد في حدود حاجاته الحياتية
فحسب،بل تفرض عليها أن تضمن للفرد مستوى الكفاية من المعيشة الذي
يحياه أفراد المجتمع الإسلامي، لأن ضمان الدولة هنا ضمان إعالة. وإعالة
الفرد هي القيام بمعيشته وإمداده بكفايته. والكفاية من المفاهيم المرنة، التي
يتسع مضمونها كلما ازدادت الحياة العامة في المجتمع الإسلامي يسراً ورخاء
وعلى هذا الأساس يجب على الدولة أن تشبع الحاجات الأساسية للفرد، من
غذاء ومسكن ولباس، وإن يكون إشباعها لهذه الحاجات من الناحية النوعية
والكمية، وفي مستوى الكفاية بالنسبة إلى ظروف المجتمع الإسلامي. كما
يجب على الدولة إشباع غير الحاجات الأساسية من ساير الحاجات، التي
تدخل في مفهوم المجتمع الإسلامي عن الكفاية تبعاً لمدى ارتفاع مستوى
المعيشة فيه.
والنصوص التشريعية التي تدل على المسؤولية المباشرة للدولة في الضمان
الاجتماعي، واضحة كل الوضوح، في التأكيد على هذه المسؤولية، وعلى
أن الضمان هنا ضمان إعالة، أي ضمان مستوى الكفاية من المعيشة.
ففي الحديث عن الإمام جعفر: ((أن رسول الله (ص) كان يقول في
خطبته: مَن ترك ضياعه فعليَّ ضياعه ومن ترك ديناً فَعَليَّ دينُه، ومَن
ترك ماله فأكله)).
وفي حديث آخر أن الإمام موسى بن جعفر قال:_ محدداً ما للإمام
وما عليه_: ((أنه وارث من لا وارث له، ويعول من لاحيلة له)).
وفي خبر موسى بن بكر: أن الإمام موسى قال له: ((من طلب هذا
الرزق من حله ليعود به على نفسه وعياله، كان كالمجاهد في سبيل الله،
فإن غلب عليه، فليستدن على الله وعلى رسوله ما يقوت به عياله. فان مات
ولم يقضه كان على الإمام قضاؤه. فإن لم يقضه، كان عليه وزره. إن الله
عز وجل يقول: ((إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها…)).
الخ، فهو فقير مسكين مغرم
___________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:51

وجاء في كتاب الإمام على إلى واليه على مصر: ((ثم الله الله في الطبقة
السفلى من الذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين، وأهل البؤس
والزمنى فان في هذه الطبقة قانعاً ومعتراً: واحفظ لله ما استحفظك من حقه
فيهم، واجعل لهم قسماً من بيت مالك، وقسماً من غلات صوافي الإسلام
في كل بلد.فإن للأقصى منهم مثل الذي للادنى، وكل قد استرعيت حقه،
فلا يشغلنك عنهم بطر، فإنك لا تعذر بتضييعك التافه لأحكامك الكثير المهم
فلا تشخص همك عنهم، ولا تصعّر خدك لهم.
وتفقّد أمور من لا يصل إليك منهم، ممن تقتحمه العيون وتحقره الرجال
ففرّغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع، فليرفع إليك أمورهم، ثم
أعمل فيهم بالاعذار إلى الله يوم تلقاه. فإن هؤلاء من بين الرعية أحوج إلى
الانصاف من غيرهم. وكل فاعذر إلى الله في تأدية حقه إليه. وعهد أهل
اليتم، وذوي الرقة في السن ممن لا حيلة ولا ينصب للمسألة نفسه
فهذه النصوص تقرر بكل وضوح مبدأ الضمان الاجتماعي، وتشرح
المسؤولية المباشرة للدولة في إعالة الفرد وتوفير حد الكفاية له.
هذا هو مبدأ الضمان الاجتماعي، الذي تعتبر الدولة مسؤولة بصورة
مباشرة عن تطبيقه، وممارسته في المجتمع الإسلامي.
وأما الإسلام النظري الذي ترتكز فكرة الضمان في هذا المبدأ عليه،
فمن الممكن أن يكون إيمان الإسلام بحق الجماعة كلها في موارد الثروة،
لأن هذه الموارد الطبيعية قد خلقت للجماعة كافة، لا لفئة دون فئة(خلق
لكم ما في الأرض جميعاً) وهذا الحق يعين أن كل فرد من الجماعه له
الحق في الانتفاع بثروات الطبيعة والعيش الكريم منها. فمن كان من الجماعة
قادراً على العمل في حد القطاعات العامة والخاصة، كان من وظيفة الدولة
أن تهيء له فرصة العمل في حدود صلاحيتها. ومن لم تتح له فرصة العمل،
أو كان عاجزاً عنه.. فعلى الدولة أن تضمن حقه في الإستفادة من ثروات
الطبيعة، بتوفير مستوى الكفاية من العيش الكريم.
فالمسؤولية المباشرة للدولة في الضمان، ترتكز على أساس الحق العام
للجماعة في الإستفادة من ثروات الطبيعة، وثبوت هذا الحق للعاجزين عن
العمل من أفراد الجماعة.
وأما الطريقة التي اتخذها المذهب لتمكين الدولة من ضمان هذا الحق
وحمايته للجماعة كلها بما تضم من العاجزين.. فهي إيجاد بعض القطاعات
العامة في الاقتصاد الإسلامي، التي تتكون من موارد الملكية العامة، وملكية
الدولة، لكي تكون هذه القطاعات_ إلى صف فريضة الزكاة_ ضماناً
لحق الضعفاء من أفراد الجماعة، وحائلاً دون احتكار الأقوياء للثروة
كلها ورصيداً للدولة يمدها بالنفقات اللازمة لممارسة الضمان الاجتماعي،
ومنح كل فرد حقه في العيش الكريم من ثروات الطبيعة.
______________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:52

فالأساس على هذا الضوء هو: حق الجماعة كلها في الانتفاع بثروات
الطبيعة.
والفكرة التي ترتكز على هذا الأساس هي المسؤولية المباشرة للدولة،
في ضمان مستوى الكفاية من العيش الكريم، لجميع الأفراد العاجزين
والمعوزين.
والطريقة المذهبية وضعت لتنفيذ هذه الفكرة هي: القطاع العام،
الذي أنشأه الاقتصاد الإسلامي ضماناً لتحقيق هذه الفكرة، في جملة
ما يحقق من أهداف.
وقد يكون أروع نص تشريعي في اشعاعه المحتوى المذهبي للأساس
والفكرة، والطريقة جميعاً، هو المقطع القرآني في سورة الحشر، الذي
يحدد وظيفة الفيء، ودوره في المجتمع الإسلامي بوصفه قطاعاً عاماً.
وإليكم النص:
((وما أفاء الله على رسوله منهم، فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب،
ولكن الله يسلط رسله على من يشاء، والله على كل شيء قدير. ما أفاء
الله على رسوله من أهل القرى، فلله، وللرسول، ولذي القربى، واليتامى،
والمساكين، وابن السبيل، كي لا يكون دولة، بين الأغنياء منكم.. )).
ففي هذا النص القرآني قد نجد إشعاعاً بالأساس الذي تقوم عليه فكرة
الضمان. وهو حق الجماعة كلها في الثروة. (كي لا يكون دولة بين
الأغنياء منكم)، وتفسيراً لتشريع القطاع العام في الفيء، بكونه طريقة
لضمان هذا الحق، والمنع عن احتكار بعض أفراد الجماعة للثروة وتأكيداً
على وجوب تسخير القطاع العام لمصلحة اليتامى والمساكين وابن سبيل،

ليظفر جميع أفراد الجماعة بحقهم في الانتفاع بالطبيعة، التي خلقها الله
لخدمة الإنسان( ).
فالأساس والفكرة والطريقة كلها واضحة، في هذا الضوء القرآني.
وقد أفتى بعض الفقهاء كالشيخ الحر: بأن ضمان الدولة لا يختص
بالمسلم. فالذمي الذي يعيش في كنف الدولة الإسلامية إذا كبر وعجز عن
الكسب، كانت نفقته من بيت المال. وقد نقل الشيخ الحر حديثاً عن
الإمام على: أنه مر بشيخ مكفوف كبير يسأل، فقال أمير المؤمنين ما هذا؟
فقيل له: يا أمير المؤمنين أنه نصراني. فقال الإمام: استعملتوه حتى إذا
كبر وعجز منعتموه!!. انفقوا عليه من بيت المال.
_______________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:53


2_ التوازن الاجتماعي
حين عالج الإسلام قضية التوازن الاجتماعي، ليضع منه مبدءاً للدولة
في سياستها الاقتصادية، انطلق من حقيقتين أحداهما كونية. والأخرى
مذهبية.
أما الحقيقة الكونية فهي: تفاوت أفراد النوع البشري في مختلف
الخصائص والصفات، النفسية والفكرية والجسدية. فهم يختلفون في الصبر
والشجاعة، وفي قوة العزيمة والأمل ويختلفون في حدة الذكاء وسرعة
البديهة وفي القدرة على الإبداع والاختراع. ويختلفون في قوة العضلات،
وفي ثبات الأعصاب، إلى غير ذلك من مقومات الشخصية الإنسانية التي
وزعت بدرجات متفاوتة على الأفراد.
وهذه التناقضات ليست في رأي الإسلام ناتجة عن أحداث عرضية في
تاريخ الإنسان، كما يزعم هواة العامل الاقتصادي، الذين يحاولون أن
يجدوا فيه التعليل النهائي لكل ظواهر التاريخ الإنساني. فإن من الخطأ محاولة
تفسير تلك التناقضات والفروق بين الأفراد، على أساس ظرف اجتماعي
معين، أو عامل اقتصادي خاص. لأن هذا العامل أو ذلك الظرف، لئن
أمكن أن تفسر على ضوئه الحالة الاجتماعية ككل، فيقال: إن التركيب
الطبقي الاقطاعي أو أن نظام الرقيق كان وليد هذا العامل الاقتصادي،
كما يصنع أنصار التفسير المادي للتاريخ.. فلا يمكن بحال من الأحوال أن
يكون العامل الاقتصادي، أو أي وضع اجتماعي، كافياً لتفسير ظهور
تلك الاختلافات والتناقضات الخاصة بين الأفراد. وإلا فلماذا اتخذ هذا
الفرد دور الرقيق، وذلك الفرد دور السيد المالك؟! وأصبح هذا الفرد
ذكياً قادراً على الإبداع، والآخر خاملاً عاجزاً عن الإجادة؟! ولماذا
لم يتبادل هذان الفردان دور هما ضمن إطار النظام العام؟!.
ولا جواب على هذا السؤال بدون افتراض الأفراد مختلفين في مواهبهم
وإمكاناتهم الخاصة، قبل كل تفاوت اجتماعي بينهم في التركيب الطبقي
للمجتمع، لكي يفسر تفاوت الأفراد في التركيب الطبقي، واختصاص
كل فرد بدوره الخاص في هذا التركيب، على أساس الاختلاف في
مواهبهم وإمكاناتهم فمن الخطأ القول: بأن هذا الفرد أصبح ذكياً لأنه
احتل دور السيد في التركيب الطبقي وذاك أصبح خاملا لأنه قام بدور
العبد في هذا التركيب، لأنه لا بد لكي يحتل هذا دور العبد، ويحضى ذاك
بدور السيد أن يوجد فارق بينهما مكن السيد باقناع العبد بتوزيع الأدوار على
هذا الشكل. وهكذا ننتهي حتماً في التعليل إلى العوامل الطبيعية السيكولوجية
التي تنبع منها الاختلافات الشخصية، في مختلف الخصائص والصفات.
فالاختلاف بين الأفراد حقيقة مطلقة وليس نتيجة إطار اجتماعي معين
فلا يمكن لنظرة واقعية تجاهلها، ولا لنظام اجتماعي الغاؤه في تشريع،
أو في عملية تغيير لنوع العلاقات الاجتماعية.
هذه هي الحقيقة الأولى.
وأما الحقيقة الأخرى في المنطق الإسلامي لمعالجة قضية التوازن فهي:
القاعدة المذهبية للتوزيع القائلة: بأن العمل هو أساس الملكية وما لها من
حقوق وقد مرت بنا هذه القاعدة، ودرسنا محتواها المذهبي بكل تفصل
في بحوث التوزيع.
لنجمع الآن هاتين الحقيقتين، لنعرف كيف انطلق الإسلام منهما
لمعالجة قضية التوازن؟
إن نتيجة الإيمان بهاتين الحقيقتين هي: السماح بظهور التفاوت بين
الأفراد في الثروة، فإذا افترضنا جماعة استوطنوا أرضاً وعمروها، وأنشأوا
عليها مجتمعاً، وأقاموا علاقاتهم على أساس أن العمل هو مصدر الملكية،
ولم يمارس أحدهم أي لون من ألوان الاستغلال للآخر.. فسوف نجد أن
هؤلاء يختلفون بعد برهة من الزمن في ثرواتهم، تبعاً لاختلافهم في
الخصائص الفكرية والروحية والجسدية.. وهذا التفاوت يقره الإسلام،
لأنه وليد الحقيقتين اللتين يؤمن بهما معاًً. ولا يرى فيه خطراً على التوازن
الاجتماعي ولا تناقضاً معه. وعلى هذا الأساس يقرر الإسلام أن التوازن
الاجتماعي يجب أن يفهم في حدود الاعتراف بهاتين الحقيقتين.
ويخلص الإسلام من ذلك إلى القول: بأن التوازن الاجتماعي هو
التوازن بين أفراد المجتمع في مستوى المعيشة، لا في مستوى الدخل
والتوازن في مستوى المعيشة معناه: أن يكون المال موجوداً لدى أفراد
المجتمع ومتداولاً بينهم، إلى درجة تتيح لكل فرد العيش في المستوى العام،
أي أن يحيا جميع الأفراد مستوى واحداً من المعيشة، مع الاحتفاظ
بدرجات داخل هذا المستوى الواحد تتفاوت بموجبها المعيشة، ولكنه تفاوت
درجة، وليس تناقضاً كلياً في المستوى، كالتناقضات الصارخة بين
مستويات المعيشة في المجتمع الرأسمالي.
وهذا لا يعني أن الإسلام يفرض إيجاد هذه الحالة من التوازن في لحظة.
وإنما يعني جعل التوازن الاجتماعي في مستوى المعيشة، هدفاً تسعى الدولة
في حدود صلاحياتها إلى تحقيقه والوصول إليه، بمختلف الطرق والأساليب
المشروعة التي تدخل ضمن صلاحياتها.
____________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناصر الحق
 
 
ناصر الحق


بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Agq4110
العمر : 40
ذكر
عدد المساهمات : 535
الدولة : سعودية
المهنة : 6
مزاجي : مضبوط
يالله ياجبار انصر شعب البحرين المظلوم على الظالمين وانت تعلم من الظالمين ومن المظلومين امين رب العالمين
صورة mms : الله-محمد-علي-فاطمة-الحسن-الحسين

بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية   بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية - صفحة 2 I_icon_minitimeالسبت 6 أكتوبر 2012 - 21:55

وقد قام الإسلام من ناحيته بالعمل لتحقيق هذا الهدف، بضغط مستوى
المعيشة من أعلى بتحريم الإسراف، وبضغط المستوى من أسفل، بالارتفاع
بالأفراد الذين يحيون مستوى منخفضاً من المعيشة إلى مستوى أرفع. وبذلك
تتقارب المستويات حتى تندمج أخيراً في مستوى واحد، قد يضم درجات
ولكنه لا يحتوي على التناقضات الرأسمالية الصارخة في مستويات المعيشة.
وفهمنا هذا لمبدأ التوازن الاجتماعي في الإسلام يقوم على أساس
التدقيق في النصوص الإسلامية، الذي يكشف عن إيمان هذه النصوص
بالتوازن الاجتماعي كهدف، وإعطائها لهذا الهدف نفس المضمون الذي
شرحناه وتأكيدها على توجيه الدولة إلى رفع معيشة الأفراد الذين يحيون
حياة منخفضة، تقريباً للمستويات بعضها من بعض، بقصد الوصول
أخيراً إلى حالة التوازن العام في مستوى المعيشة.
فقد جاء في الحديث: أن الإمام موسى بن جعفر ذكر بشأن تحديد
مسؤولية الوالي في أموال الزكاة: ((إن الوالي يأخذ المال فيوجهه الوجه
الذي وجهه الله له، على ثمانية أسهم، للفقراء والمساكين. يقسمها بينهم
بقدر ما يستغنون في سنتهم، بلا ضيق ولا تقية. فان فضل من ذلك شيء،
رد إلى الوالي. وإن نقص من ذلك شيء ولم يكتفوا به، كان على الوالي
أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا)).
وهذا النص يحدد بوضوح: أن الهدف النهائي الذي يحاول الإسلام
تحقيقه، ويلقي مسؤولية ذلك على ولي الأمر، هو أغناء كل فرد في المجتمع
الإسلامي.
وهذا ما نجده في كلام الشيباني، على ما حدّث عنه شمس الدين
السرخسي في المبسوط إذ يقول: ((على الإمام أن يتقي الله في صرف
الأموال إلى المصارف فلا يدع فقيراً إلا أعطاه حقه من الصدقات حتى يغنيه
وعياله. وإن احتاج بعض المسلمين، وليس في بيت المال من الصدقات
شيء، اعطى الإمام ما يحتاجون إليه من بيت مال الخراج، ولا يكون
ذلك ديناً على بيت مال الصدقة لما بينا أن الخراج وما في معناه يصرف إلى
حاجة المسلمين)).
فتعميم الغنى هو الهدف الذي تضعه النصوص أمام ولي الأمر. ولكي
نعرف المفهوم الإسلامي للغنى، يجب أن نحدد ذلك على ضوء النصوص
أيضاً وإذا رجعنا إليها، وجدنا أن النصوص جعلت من الغنى الحد النهائي
لتناول الزكاة، فسمحت باعطاء الزكاة للفقير حتى يصبح غنياً، ومنعت
إعطاءه بعد ذلك، كما جاء في الخبر عن الإمام جعفر ((تعطيه من الزكاة
حتى تغنيه)). فالغنى الذي يهدف الإسلام إلى توفيره لدى جميع الأفراد،
هو هذا الغنى الذي جعله حداً فاصلاً بين إعطاء الزكاة ومنعها.
ومرة أخرى يجب أن نرجع إلى النصوص، ونفتش عن طبيعة هذا
الحد الذي يفصل بين إعطاء الزكاة ومنعها، لنعرف بذلك مفهوم الغنى
في الإسلام.
وفي هذه المرحلة من الاستنتاج يمكن الكشف عن طبيعة ذلك الحد،
في ضوء حديث أبي بصير، الذي جاء فيه: ((إنه سأل الإمام جعفر
الصادق عن رجل له ثمانمائة درهم، وهو رجل خفّاف، وله عيال كثير،
أله أن يأخذ من الزكاة؟ فقال له الإمام: يا أبا محمد أيربح من دراهمه
ما يقوت به عياله ويفضل؟. فقال أبو بصير: نعم. فقال الإمام: إن
كان يفضل عن قوته مقدار نصف القوت، فلا يأخذ الزكاة. وإن كان
أقل من نصف القوت، أخذ الزكاة. وما أخذه منها فضّه على عياله حتى
يلحقهم بالناس)).
ففي ضوء هذا النص نعرف أن الغنى في الإسلام هو انفاق الفرد على
نفسه وعائلته، حتى يلحق بالناس. وتصبح معيشته في المستوى المتعارف
الذي لا ضيق فيه ولا تقية.
___________ يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بحث شامل عن الاقتصاد الاسلامي و الرأس ماليه والاشتراكية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 3انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» قوانين القسم الاسلامي
» اقتراح يخص القسم الاسلامي
» بيان حركة احرار البحرين الاسلامي
» دورة تطوير العمل المصرفي الاسلامي
» قشرة الرأس بحث متكامل الاسباب والعلاج ونصائح مهمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أحلى السلوات  :: منتدى طلبة الجامعات والمدارس :: منتدى البحوث والتقارير-
انتقل الى:  
حقوق النشر
الساعة الأن بتوقيت (العراق)
جميع الحقوق محفوظة لـمنتديات أحلى السلوات
 Powered by ahlaalsalawat ®https://ahlaalsalawat.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2012 - 2011