بسم الله الرحمن الرحيم
في
البداية إليكم جانبا من مقدمة الكتاب :
{ في حوادث مختلفة الأسباب أنزله مفرقاً
نجوماً وأودعه أحكاماً وعلوماً قال عز من قائل: {وَقُرآَناً فَرَقناهُ
لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلاً} أخبرنا الشيخ أبو بكر
أحمد بن محمد الأصفهاني قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن حيان قال: حدثنا أبو
يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال: حدثنا يزيد بن زريع قال:
حدثنا أبو رجاء قال: سمعت الحسن يقول في قوله تعالى {وَقُرآناً فَرَقناهُ
لِتَقرَأَهُ عَلى الناسِ عَلى مُكث} ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره ثماني عشرة
سنة أنزل عليه بمكة ثماني سنين قبل أن يهاجر وبالمدينة عشر سنين.
وعن
داود عن الشعبي قال: فرق الله تنزيله فكان بين أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين
سنة أنزله قرآناً عظيماً وذكراً حكيماً وحبلاً ممدوداً وعهداً معهوداً وظلاً عميماً
وصراطاً مستقيماً فيه معجزات باهرة وآيات ظاهرة وحجج صادقة ودلالات ناطقة دحض به
حجج المبطلين ورد به كيد الكائدين وأيد به الإسلام والدين فلمع منهاجه وثقب سراجه
وشملت بركته ولمعت حكمته على خاتم الرسالة
ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب
إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وجدوا
في الطلاب وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار في هذا العلم بالنار.
أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: أخبرنا أبو الحسين
محمد بن أحمد بن حامد العطار قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال:
حدثنا ليث بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الحديث إلا ما علمتم
فإنه من كذب علي متعمداً فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم
فليتبوأ مقعده من النار) والسلف الماضون رحمهم الله كانوا من أبعد الغاية
احترازاً عن القول في نزول الآية.
وأما اليوم فكل أحد يخترع شيئاً ويختلق
إفكاً وكذباً ملقياً زمامه إلى الجهالة غير مفكر في الوعيد للجاهل بسبب الآية وذلك
الذي حدا بي إلى إملاء هذا الكتاب الجامع للأسباب لينتهي إليه طالبوا هذا الشأن
والمتكلمون في نزول القرآن فيعرفوا الصدق ويستغنوا عن التمويه والكذب ويجدوا في
تحفظه بعد السماع والطلب ولا بد من القول أولاً في مبادئ الوحي وكيفية نزول القرآن
ابتداء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعهد جبريل إياه بالتنزيل والكشف عن تلك
الأحوال والقول فيها على طريق الإجمال ثم نفرع القول مفصلاً في سبب نزول كل آية روى
لها سبب مقول مروي منقول والله تعالى الموفق للصواب والسداد والآخذ بنا عن العاثور
إلى الجدد 0 }
نبدأ وإياكم في الحلقة القادمة مع سورة البقرة
ونبحث معا في
أسباب نزولها