السيرة التاريخية للشهادة الثالثة في الاذان
=======================
في كتاب الشهادة الثالثة للشيخ محمد السند قال:
المحطة الأولى: إن من اقدم الشهادات التاريخية على السيرة في ذكر الشهادة الثالثة هي ما ذكره العامة في كتب التراجم في ترجمة كدير الضبي وهو احد صحابة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأنه ذكرها في تشهد الصلاة حيث صلى على النبي وعلى الوصي بلفظ الوصي وهو ينبئ عن السيرة الموجودة لدى صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ممن كان يتشيع لأمير المؤمنين عليه السلام ويظهر من التراجم المشار اليها معروفية تضعيفه لاجل ذلك.
وروى محمد بن سليمان الكوفي القاضي المتوفى بعد الثلاثمائة هجري قمري في كتابه مناقب أمير المؤمنين قال: ((حدثنا محمد بن منصور عن عثمان بن ابي شيبة عن جرير عن المغيرة عن سماك بن سلمة قال: دخلت على كدير الضبي حين صليت الغداة فقالت لي امرأته: ادنو منه فإنه يصلي فسمعته يقول: سلام على النبي والوصي فقلت لا والله لا يراني عائد اليك)).
بل ان هناك روايات اخرى تعد اقدم من ذلك عن جماعة كثيرة من الصحابة وهي ما روي عن ابن عباس في عدة روايات بسند متصل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيأتي ذكرها في الفصل الثاني في الطوائف الروائية العامة, كالطائفة الاولى حيث قرن فيها الشهادات الثلاث وقريب منه ما رواه الصدوق عن ابن عباس بسند متصل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الاصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام - والاصبغ من أوائل التابعين - وهذه يدلل على ان السيرة متقادمة في الصحابة والتابعين وكذلك ما رواه الفضل بن شاذان عن الأعمش عن جابر عن مجاهد عن عبد الله بن العباس وسنأتي في الفصل الثاني في الطائفة الاولى من طوائف روايات العامة وكذلك ما رواه الفضل بن شاذان عن عبد الله بن مسعود وكذلك روى عنه الفضل بن شاذان حديث المعراج من اقتران الشهادات الثلاث.
اقول: فيظهر من هذه الروايات وغيرها ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرض على اقتران الشهادات الثلاث في عدة مواطن لدفع المسلمين على الاعتياد على ذكر الشهادة الثالثة كلما ذكروا الشهادتين وجعلها شعارا لهم في كل المواطن والشعائر العبادية ومنها الاذان, وقد روى الصدوق بإسناده في كمال الدين عن ابي الطفيل عامر بن واثلة اقتران الشهادات الثلاث وهناك روايات اخرى في الفصل الثاني رواها الطبراني والحافظ ابن عساكر والسيوطي وابن عدي وغيرهم عن انس بن مالك وجابر بن عبد الله الانصاري وأبي الحمراء خادم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم من الصحابة في اقتران الشهادات الثلاث وكلها من كتب ومصادر العامة.
المحطة الثانية: ما يظهر من سيرة الطالبيين في حلب والشام ومصر من التأذين بالشهادة الثالثة عندما تسلموا سدة الحكم في اواخر القرن الثالث الهجري وأوائل القرن الرابع وطواله واليك هذه النصوص:
1- ما ذكره ابن العديم في كتابه بغية الطلب في تاريخ حلب روى بسنده عن ابي بكر الصولي انه لما جلس احمد بن عبد الله (وهو الخارج بالشام في أيام المكتفي بالله وكان ينتمي الى الطالبيين وهو المعروف بصاحب الخال وقتل في الدكة في سنة احدى وتسعين ومائتين (291هجري قمري)) على سدة الحكم سار احمد بن عبد الله الى حمص ودعي له بها وبكورها وامرهم بأن يصلوا الجمعة اربعة ركعات وأن يخطبوا بعد الظهر ويكون اذانهم أشهد ان محمدا رسول الله, أشهد ان عليا ولي المؤمنين, حي على خير العمل, وضرب الدراهم والدنانير وكتب عليها (الهادي المهدي لا اله إلا الله محمد رسول الله جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا وعل الجانب الاخر قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى).
2- ما ذكره ابو عبد الله محمد بن علي بن حماد في كتابه (أخبار ملوك بني عبيد) في ترجمة عبيد الله بن محمد الطالبي المتوفى سنة (322هجري قمري) مؤسس الدولة العبيدية في مصر قال (وكان مما احدث عبيد الله ان قطع صلاة التراويح في شهر رمضان وأمر بالصيام يومين قبله وقنت قبل صلاة الجمعة قبل الركوع وجهر بالبسملة في الصلاة المكتوبة وأسقط من صلاة (الصبح الصلاة خير من النوم) وزاد (( حي على خير العمل)), ((محمد وعلي خير البشر مرتين لا اله إلا الله مرة).
3- ما رواه القاضي التنوخي (أبي الحسن بن أبي القاسم التنوخي (المتوفى 384هجرية قمرية) عن ابي الفرج الاصفهاني المتوفى سنة(356هـ) قال: سمعت رجلا من القطعية يؤذن: الله اكبر, أشهد ان لا اله إلا الله, اشهد ان محمدا رسول الله, اشهد ان عليا ولي الله محمد وعلي خير البشر فمن أبى فقد كفر ومن رضي فقد شكر, حي على الصلاة حي على الفلاح حي على خير العمل, الله اكبر, الله اكبر, لا اله إلا الله).
4- قال المقريزي في (المواعظ والاعتبار): ((... وأول من قال في الاذان في الليل ((محمد وعلي خير البشر)) الحسين المعروف بابن شكنبة, ويقال اشكنبة, وهو اسم اعجمي معناه الكرش, وهو: علي بن محمد بن علي بن اسماعيل بن الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن ابي طالب, وكان أول تأذينه بذلك في ايام سيف الدولة بن حمدان بحلب في سنة سبعة واربعين وثلاثمائة (347هجرية قمرية), قاله الشريف محمد بن اسعد الجوباني النسابة ولم يزل الاذان بحلب يزاد فيه (حي على خير العمل محمد وعلي خير البشر)) الى ايام نور الدين محمود).
5- ما ذكره المقريزي في حوادث سنة (356) ستة وخمسين وثلاثمائة في مصر, قال: ( لما دخل جوهر القائد لعساكر المعز لدين الله وقد بنى القاهرة واظهر مذهب الشيعة, وأذن في جميع المساجد الجامعة بـ ((حي على خير العمل)) وأعلن بتفضيل علي بن ابي طالب على غيره وجهر بالصلاة عليه وعلى الحسن والحسين وفاطمة الزهراء رضوان الله عليهم...).
وذكر ابن العديم في كتابه زبدة الحلب من تاريخ حلب قال: (واستقر أمر سعد الدولة بحلب, وزادوا في عمارة الاسوار في سنة سبع وستين وثلاثمائة (367هـ) وغير سعد الاذان بحلب وزاد فيه ((حي على خير العمل ومحمد وعلي خير البشر)).
وذكر ابو الفداء في (اليواقيت والضرب في تاريخ حلب) نظير ذلك.
6- وقال ناصر خسرو في كتابه (سفر نامه) قال في عنوان اليمامة التي زارها أثر مدن سابقة ذكرها سنة (433هـ) قال ان امراؤها علويون منذ القديم ولم ينتزع احد الولاية منهم إذ ليس في جوارهم سلطان او ملك قاهر وهؤلاء العلويون ذو شوكة فلديهم ثلاثمائة او اربعمائة فارس ومذهبهم الزيدية وهم يقولون في الإقامة محمد وعلي خير البشر وحي على خير العمل وقيل إن سكان هذه المدينة شريفية خاضعون للاشراف...)
7- ماذكره المؤرخون من حوادث كثير في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس في بغداد بين سنة جماعة الخلاف والشيعة ومن مظاهر تلك الخلافات الحاصلة بين الطرفين التأذين بحي على خير العمل بالأذان من قبل الشيعة وبالصلاة خير من النوم في أذان سنة الجماعة والخلافة وبالكتابة على ابواب المساجد والدور والدروب ممحمد وعلي خير البشر فلاحظ المصادر التاريخية في ذلك.
ودمتم برعاية الله