الزلزال
رقم العضوية : 298 العمر : 45 عدد المساهمات : 538 الدولة : المهنة : مزاجي : صورة mms :
| موضوع: مفهوم عدالة الصحابة عند السنة الثلاثاء 23 أغسطس 2011 - 16:16 | |
| مفهوم عدالة الصحابة عند السنة :-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن العدالة التي يقول بها أهل السنة لجميع الصحابة ذكر وصفها إمام الجرح والتعديل أبو حاتم الرازي حيث قال: ((أما أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلاما وقدوة فحفظوا عنه صلى الله عليه وآله ما بلغهم عن الله عز وجل وما سن وشرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وحظر وأدب ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله بما من عليهم وأكرمهم به من وضعه أياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والفخر واللمز وسماهم عدول الأمة)). ومن هذه الصفات التي ذكرها الرازي يكون معنى العدالة قريب من العصمة إنْ لم يكن مطابقاً لها ولذا قال ابن الأثير: ((والصحابة يشاركون كافة الرواة... إلا في الجرح والتعديل فانهم عدول لا يتطرق إليهم الجرح)) والذي لا يتطرق إليه الجرح لابد أن يكون معصوماً أو قريباً منه.
الكلام في عدالة الصحابة في النقل:-
لابدّ وأن يكون لكلّ دعوى دليل ، وإلاّ لابتعدنا عن المباني العلمية ، وهذا المدّعى لا يتمّ إلاّ بإثبات الدليل ، بل الدليل على خلافه . وهنا أسئلة نطرحها حول المدّعى : 1- هل كل ماورد في الصحاح صحيح ؟! بالأخصّ عند البحث في الاسانيد الواردة في الصحاح ، ففيها من الرواة الوضاعين والكذابين والمدلّسين ، ولأجل هذا اعترف قسم كبير من علماء أهل السنة مؤخراً بعدم صحة كل ما ورد في الصحاح . 2- هل الصحابة كلّهم عدول ؟ سواء في ذلك العدالة المطلقة أو في نقل الحديث ؟ بالأخصّ عند مراجعة سيرة حياة بعضهم المليئة : بمخالفة سنّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والنفاق ، وتكفير بعضهم بعضاً ، وتكذيب بعضهم بعضاً ، والجهل !!! 3- إذا ثبت بالدليل عدم عدالة جميع الصحابة ، أيّ دليل يوجد في الفرق بين العدالة المطلقة والعدالة في النقل ؟! بالأخصّ إذا لاحظنا أن بعض الصحابة حارب السنّة ومنع من تدوينها وقال : (( حسبنا كتاب الله )) .
آية بيعة الرضوان لا تدل على عدالة الصحابة جميعا:-
1- هذه الآية لا يمكن الاستدلال بها على عدالة جميع الصحابة, لان الآية مختصة بأهل بيعة الرضوان (بيعة الشجرة) ولا علاقة لها بسائر الصحابة, والنزاع الأساسي هو في مسألة عدالة جميع الصحابة-لا بعضهم- الذي يقول به أهل السنة, والشيعة لا تقول بعدالة جميع الصحابة مادام لم تثبت.
2- في الآية المباركة قيود, في الآية رضي الله سبحانه وتعالى عن المؤمنين الذين بايعوا, وليس كل من بايع كان مؤمناً, الآية ليست في صدد إثبات أن كل من بايع فهو مؤمن, هي في صدد بيان شمول رضوان الله ونزول السكينة على المؤمنين منهم لا كلهم .
3- ثمّ إن هناك شرطاً آخر, وهو موجود في القرآن الكريم أيضا : (( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد الله … )). فالآية لا تدلّ على الأصل الذي انتم قائلون به وهو (عدالة جميع الصحابة) ولابد من توفر الشروط والقيود المذكورة فيها لمن نريد تزكيته منهم . وان المزكّى منهم لابدّ وأن لا يكون ممن بايع ونكث البيعة فيما بعد . فمسألة الصحابة مسألة مهمّة جدّاً لابد من التأمل فيها ودراسة النصوص القرآنية دراسة معمّقة والبحث في السنة النبوية من ناحية السند والدلالة في هذا الموضوع, ومن ثمّ تحكيم العقل بعيداً عن التعصب … واتّخاذ القرار الحاسم والعقيدة الصحيحة : في أن الصحابة كلهم عدول ؟ ام يجوز اجراء قواعد الجرح والتعديل عليهم و تمييز العدول منهم ؟
امور حول الصحابة : بعضهم تخلف عن جيش اسامة (السيرة الحلبية 3 / 34) وأيضاً : (( قالت الاَعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلَمنا ولمّا يَدخل الايمان في قلوبكم... إنّما المؤمنونَ الَّذينَ آمنوا بالله وَرَسوله ثمَّ لم يَرتابوا وجَاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئكَ هم الصادقونَ )) (الحجرات:14-15) . ويلحق بهم المؤلّفة قلوبهم من الصحابة, فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعطيهم الأموال ليتألفهم على الاسلام, ومنهم أبو سفيان وأولاده (ربيع الاَبرار 1 : 788 . ومختصر تاريخ دمشق 11 : 64 . وسير أعلام النبلاء 2 : 106 وهذا كله وتقولون كلهم عدول) . وأيضاً الآية : (( أَفمَن كانَ مؤمناً كَمَن كانَ فاسقاً لايَستَوونَ )) (السجدة:18) . قال عبدالله بن عباس : ( يعني بالمؤمن عليّاً, وبالفاسق الوليد بن عقبة ) (أسباب نزول القرآن, للواحدي 363) .
وأيضا : (( يا أيّها الَّذينَ آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنَبأ فتَبَيَّنوا أن تصيبوا قَوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعَلتم نادمينَ )) (الحجرات:6) . وسبب النزول أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله بعث الوليد بن عقبة لجمع صدقات بني المصطلق, فلمّا شارف ديارهم ركبوا مستقبلين له فحسبهم مقاتليه, فرجع لرسول الله صلى الله عليه وآله, وقال له إنّهم قد ارتدّوا ومنعوا الزكاة, فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبروه بعدم صحة قول الوليد, فنزلت الآية . وهي محل اتّفاق بين المفسرين والمؤرخين في نزولها في الوليد بن عقبة, وفي تسميته فاسقاً،،،، (السيرة النبوية, لابن هشام 3 : 309 . وأسباب نزول القرآن, للواحدي : 407 . والكشّاف 3 : 559 . وتفسير القرآن العظيم 4 : 224 . والافصابة 6 : 321 . وأسباب النزول, للسيوطي : 347) .
وعن عطاء قال : كانوا مؤمنين, وكانوا في أنفسهم أن يزنوا و... (الدر المنثور 6 : 662 ـ 663) . عمر بن الخطاب قال لحفصة : ( أتغاضبنَّ إحداكنَّ رسول الله يوماً إلى الليل ؟) قالت : نعم, قال : ( أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسوله فيهلكك ؟) (الطبقات الكبرى, لابن سعد 8 : 182 . وبنحوه في المعجم الكبير 23 : 209).
اعترافات الصحابة من كتب السنة المعتبرة:-
عن أبي سعيد الخُدري قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلّى, فأوّل شيء يبدأ به الصلاة, ثمّ ينصرف فيقوم مقابل الناس, والناس جلوس على صفوفهم, فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم, فإن كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه أو يأمر بشيء أمر به ثمّ ينصرف. قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتّى خرجت مع مروان ـ وهو أمير المدينة ـ في أضحى أو فطر, فلمّا أتينا المصلّى إذا منبر بناه كثير بن الصلت, فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلّي, فجذبت بثوبه, فجذبني, فارتفع, فخطب قبل أن يصلّي, فقلت له: غيّرتم والله؟! فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم. فقلت: ما أعلم والله خير ممّا لا أعلم. فقال: إنّ الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة - صحيح البخاري 1:134, كتاب مواقيت الصلاة, الصلوات الخمس, تعليق التعليق 2:250 التعديل والتجريح 2:1016, البداية والنهاية 9:106. قال أنس بن مالك: ما عرفت شيئاً ممّا كان على عهد النبي (صلى الله عليه وآله)! قيل: الصلاة, قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها. وقال الزهري: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي, فقلت: ما يبكيك؟ فقال: لا أعرف شيئاً ممّا أدركت إلاّ هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيّعت وحتى لا يتوهّم أحد أنّ التابعين هم الذين غيّروا ما غيروا بعد تلك الفتن والحروب أود أن أذكّر بأنّ أوّل من غيّر سنّة الرسول في الصلاة هو خليفة المسلمين نفسه عثمان بن عفّان, وكذلك أم المؤمنين عائشة, فقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله), صلّى بمنى ركعتين, وأبو بكر بعده, وعمر بعد أبي بكر, وعثمان صدراً من خلافته, ثمّ إنّ عثمان صلى بعد أربعاً صحيح البخاري 2:4, كتاب العيدين, باب الخروج إلى المصلّى بغير منبر, المصنف للصنعاني 3:284, الاستذكار 2:383, إرواء الغليل 3:98, الاصابة في تمييز الصحابة 6: 203, وكذلك ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمته, وأثبتا له الرؤية والصحبة وهناك اكثر واكثرانظر الى هذا:
وعن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: لقيت البراء بن عازب ـ رضي الله عنهما ـ فقلت: طوبى لك, صحبت النبي (صلى الله عليه وآله) وبايعته تحت الشجرة, فقال: يا ابن أخي إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده صحيح البخاري 5: 56 باب غزوة الحديبية, وفي الاصابة 3: 67, وتاريخ دمشق 20: 391, عن أبي سعيد الخدري. وإذا كان هذا الصحابي من السابقين الأوّلين الذين بايعوا النبي (صلى الله عليه وآله)تحت الشجرة, ورضي الله عنهم وعلم ما في قلوبهم فأثابهم فتحاً قريباً, يشهد على نفسه وعلى أصحابه بأنّهم أحدثوا بعد النبي, وهذه الشهادة هي مصداق ما أخبر به (صلى الله عليه وآله) وتنبأ به من أنّ أصحابه سيحدثون بعده ويرتدون على أدبارهم, فهل يمكن لعاقل بعد هذا أن يصدّق بعدالة الصحابة كُلّهم أجمعين ـ أكتعين أبصعين ـ على ما يقول به أهل السنّة والجماعة؟ والذي يقول هذا القول, فإنّه يخالف العقل والنقل, ولا يبقى للباحث أيّ مقاييس فكريّة يعتمدها للوصول إلى الحقيقة. وكذلك: روى أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال للأنصار: (( إنكم سترون بعدي إثرة شديدة, فاصبروا حتّى تلقوا الله ورسوله على الحوض )). قال أنس: فلم نصبر
نحن لا نتهم أحدا بالفسوق إلا إذا ثبت ذلك بدليل فإذا اطلعنا على أعمال الصحابة من خلال الروايات الصحيحة نجد بعضهم يقتل بعضاً، وبعضهم يشرب الخمر وبعضهم يرتكب الفواحش وتقام عليه الحدود، فكيف نحكم بعدالة هؤلاء؟! ونحن إذ نحب عليّاً والحسن والحسين (عليهم السلام) نحب أيضاً أصحابه الرسول(صلى الله عليه وآله) الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وثبتوا على العهد والميثاق الذي أخذ عليهم من أتباع وصي الرسول وطاعته.
وأما ارتداد بعض الصحابة أو عدم انصياعهم لتعاليم الرسول(صلى الله عليه وآله فهو ليس لنقص في الرسول بل لعدم قابليتهم للهداية ولنقص فيهم لا فيه (صلوات الله عليه وآله). وأما ما نقلته من رواية فيها فضيلة لأبي بكر وعمر فإنها لم يثبت عندنا صحتها و لا يثبت عندكم أيضاً صحتها.
قال الله تعالى في أول هذه الآيات: (( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِاليَومِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤمِنِينَ )) (البقرة:. ومن الواضح أن هؤلاء الناس هم المنافقون الذين يظهرون الإيمان ويسترون الكفر, فهذا هو النفاق والمنافق ظاهراً داخل في عموم المسلمين لأنه يستر الكفر ويظهر الإيمان والإسلام. ويؤيده ما قاله تعالى: (( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا )) أي في العلن: (( وَإِذَا خَلَوا إِلَى شَيَاطِينِهِم قَالُوا إِنَّا مَعَكم إِنَّمَا نَحنُ مُستَهزِئُونَ )) (البقرة:14). أي في الخفاء, وهذا هو حال المنافقين وهم جزء من جمهور المسلمين كما هو معلوم وقد صرح كافة المفسرين بذلك في تفاسيرهم. روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبن عباس في تفسير الآية: يعني المنافقين من الأوس والخزرج ومن كان على أمرهم (تفسير ابن أبي حاتم: تفسير سورة البقرة: ج102) ثم ما بعده إلى عدة روايات, وتفسير مقاتل (32:1), والكشاف للزمخشري (1: 54), وابن كثير في تفسيره (صفحة90), وزاد الميسر (صفحة 40), وتفسير البغوي (صفحة 17), وفتح القدير للشوكاني (صفحة 61), وروح المعاني للآلوسي (1: 181) قال: وقد سيقت هذه الآية إلى ثلاثة عشر آية لنعي المنافقين الذين ستروا الكفر وأظهروا الإيمان, انتهى. وفي جواب الآلوسي عليك الكفاية.
العدالة لا تحصل من آية التوبة:- التوبة معناها التجاوز عن فعل غير مرضي منه تعالى صدر من العبد بعدم المحاسبة عليه، فالتوبة إذن لا تعطي تزكية لذلك الشخص في الماضي والمستقبل، فحتى لو كانت التوبة عامة لجميع ما صدر من ذنوب ومخالفة من قبل الصحابة فهي لا تعطي ضمانة للمستقبل، بعدم المخالفة، وكيف تعطي هكذا ضمانة وصريح الحديث النبوي أن بعض الصحابة سوف يرتدون بعد رحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ودمتم في رعاية الله
لا دلالة لقول رسول الله(صلى الله عليه و آله): (الا فليبلغ منكم الشاهد الغائب) على عدالة الصحابة:-
إن قول الرسول (صلى الله عليه وآله) : (فليبلغ الشاهد الغائب) لا يدل على عدالة الصحابة ، لأنه مراده لا يدل على الأخذ بقول كل مخبر، بل على السامع أن يأخذ بالخبر الذي يولد عنده العلم، وقد يحصل ذلك من إجماع مجموعة من المخبرين الذين يمتنع اجتماعهم على الكذب، فيحصل التواتر، فلعله (صلى الله عليه وآله) بقوله ذاك أراد تحقيق التواتر. ثم إنه لم يثبت عندنا أنه أرسل أحداً من الصحابة ممن لا يثق به أو بدينه لتعليم الناس معالم الدين، وأيضاً حتى لو أرسل أحداً في تبليغ آية أو رواية فأن حدود الثقة تكون بمقدار أداء تلك الآية أو الرواية دون غيرها، فلا تتحقق العدالة عند شخص بمجرد إرسال الرسول (صلى الله عليه وآله) له في آية أو رواية. وعلى كل حال أمر النبي (صلى الله عليه وآله ) تشريعي، وهناك المطيع للأمر والعاصي له، فمن عصى يقع عليه وبال عصيانه، فهل يا ترى بلغوا ما أراد الرسول(صلى الله عليه وآله) أم منعوا من الحديث كما فعل عمر!!
((((لا طعن بالنبي لعدم عدالة صحابته)))) ==========================
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بالنسبة لقولك بأن هناك تلازماً بين الصحابة ورسول الله (ص)، فهذا من أوضح الباطل! لأن بني إسرائيل مثلاً كانوا يقتلون الأنبياء لمجرد ظهور نبي للدعوة والكلام مع الناس، وقد قال رسول الله (ص) عن بعض الأنبياء بأنه يحشر لوحده ومنهم من يحشر ومعه الفرد الواحد والفردان ممن آمن به، فهل هؤلاء الأنبياء فاشلون؟ وهل بعث الله لهم كان لغواً أو عبثاً أو لعباً أو عدم علم أو عدم وجود مصلحة أو فشل لله ولأنبيائه ورسله؟ فما لكم كيف تحكمون؟! ثم إن الله تعالى أوضح في كتابه وبيّن بأن رسول الله (ص) عليه البلاغ والهادي هو الله تعالى، والنبي (ص) لا يستطيع هداية حتى من أحب وحرص على هدايته، فالأمر لا علاقة له بالبيان والفشل والعجز وإنما الهداية والضلال بيد الله تعالى فافهم أخي وتأمل: قال تعالى: (( مَن يَهد اللَّه فهوَ المهتَدي وَمَن يضلل فأولَئكَ هم الخَاسرونَ )) (الأعراف:178), وقوله عز وجل: (( إنَّكَ لا تَهدي مَن أَحبَبتَ وَلَكنَّ اللَّهَ يَهدي مَن يَشَاء )) (القصص: من الآية56), وقوله تعالى: (( وَمَا أَكثَر النَّاس وَلَو حَرَصتَ بمؤمنينَ )) (يوسف:103), وقوله عز وجلّ: ((إنَّ اللَّهَ يضلّ مَن يَشَاء وَيَهدي مَن يَشَاء فلا تَذهَب نَفسكَ عَلَيهم حَسَرَات إنَّ اللَّهَ عَليمٌ بمَا يَصنَعونَ )) (فاطر: من الآية، وقال تعالى: (( مَن يَهد اللَّه فهوَ المهتَد وَمَن يضلل فلَن تَجدَ لَه وَليّاً مرشداً )) (الكهف: من الآية17)، وقوله تعالى: (( يَا أَيّهَا الَّذينَ آمَنوا عَلَيكم أَنفسَكم لا يَضرّكم مَن ضَلَّ إذَا اهتَدَيتم )) (المائدة: من الآية105)، وقوله تعالى: (( فَإنَّمَا عَلَيكَ البَلاغ وَعَلَينَا الحسَاب )) (الرعد: من الآية40)، وقوله تعالى لنبيّه (ص) : (( إنّما أنت منذر ولكل قوم هاد )). فأين هذا التلازم الذي تدعونه بين النبي أو الرسول وبين أصحابه أو الناس الذين في زمانه، فأمامكم الأمم السالفة وكل الأنبياء تقريباً لم يحصلوا على أصحاب خلص وأتباع صادقين مخلصين يحملون الدين بصدق واخلاص وتفان إلا نقل القليل، فلماذا تطالبون الإسلام ونبي الإسلام بما لم يتحقق لأحد من أنبياء الله ورسله (ع) فإن كانوا معلمين فاشلين فمنبعهم واحد وحجتهم واحدة ومدرسهم واحد ومصطفيهم ومجتبيهم واحد لا غير! وإن كانوا أنبياء الله حقاً وبلغوا أممهم وبذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس ولم يقصروا في واجبهم شيئاً بل حرصوا على هداية الناس أجمع، ولكن المشكلة في الناس لا فيهم فالأمر واحد والأنبياء أنبياء والأصحاب أصحاب حتى وصف الله تعالى أصحاب عيسى من بعده بقوله عزوجل: (( وَآتَينَا عيسَى ابنَ مَريَمَ البَيّنَات وَأَيَّدنَاه بروح القدس وَلَو شَاءَ اللَّه مَا اقتَتَلَ الَّذينَ من بَعدهم من بَعد مَا جَاءَتهم البَيّنَات وَلَكن اختَلَوا فمنهم مَن آمَنَ وَمنهم مَن كََفرَ وَلَو شَاءَ اللَّه مَا اقتَتَلوا وَلَكنَّ اللَّهَ يَفعَل مَا يريد )) (البقرة: من الآية 253) . أما بالنسبة إلى الصحابة فإنهم كما هو معلوم بشر وغير معصومين بالاتفاق، وأنهم يخطئون ويصيبون، وفيهم الصالحون، وفيهم العصاة، وفيهم المنافقون، ومنهم المرتدون، ومنهم من نزلت فيه آية الفسق، ومنهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم، ومنهم من حذرهم الله تعالى وأنذرهم من الردة، فقال لهم تعالى وهو يخاطبهم: (( وَمَا محَمَّدٌ إلاّ رَسولٌ قَد خَلَت من قَبله الرّسل أََفإن مَاتَ أَو قتلَ انقَلَبتم عَلَى أَعقَابكم وَمَن يَنقَلب عَلَى عَقبَيه فلَن يَضرَّ اللَّهَ شَيئاً وَسَيَجزي اللَّه الشَّاكرينَ )) (آل عمران:144)، فإمكانية الردة أيضاً موجودة وممكنة عند الجميع، وإلا فخطاب الله تعالى إلى من متوجه وإلى من يحذر وينذر؟! فالله تعالى قد مدح المؤمنين سواء الصحابة أو من قبلهم من الأمم السالفة ومن جاء بعدهم إلى يوم القيامة من دون تمييز ووعد الجميع بالقبول والجنة والنعيم، وكذا حذر الجميع جميع خلقه من مخالفته تعالى ومعصيته والكفر به كائناً من كان، فلا فرق عند الله تعالى بين الصحابة وغيرهم فإنهم مكلفون حالهم حال أي مكلف وهم غير معصومين، فيجب أن يكون فيهم الصالح وفيهم الطالح قطعاً وإلاً قلنا بعصمتهم جميعاً أو قلنا بالمعجزة، وهذا الأمر غير ثابت بأي دليل قط ! فافهم وتأمل لأن الله تعالى عاملهم وخاطبهم وكذلك رسوله (ص) وكذلك عامل بعضهم بعضاً بالوضع الاعتيادي وإمكان صدور الخطأ والمعصية منهم بل النفاق والكفر والردة أيضاً فيجب الإنصاف واتباع الدليل بدلاً من الانجراف وراء تهريج المهرجين وعواطف المنفعلين والمتعصبين أو المغرضين لأن الله تعالى أقام علينا الحجج وأعطانا عقلاً نميز به بين الحق والباطل، وأمرنا باتباع الحق واجتناب الباطل، وأقام علينا الحجة البالغة، فلم نَرَه تعالى يثبت عصمة الصحابة أو وقوع المعجزة عليهم أو رفع التكليف عنهم، بل أخذنا نحن نفس التكليف الذي وجه لهم ونزلت الأحكام عليهم فلا ندري وجه جعلهم عدولاً كلهم مع مخالفة الواقع لذلك. خذ على سبيل المثال سؤال عمر لحذيفة حافظ سرّ رسول الله (ص) في المنافقين وقوله له: ((يا حذيفة بالله هل أنا منهم؟)) ، وقوله كما في البخاري: ((ليتني خرجت منها كفافاً لا لي ولا عليَّ))، فأقواله هذه وأفعاله هل تدل على اعتقاده بنفسه العدالة واستحقاق الجنة وأنه مبشر بالجنة وأنه شهيد؟ بالله عليكم أجيبونا بانصاف بعد أن تتفكروا لعلكم تتفكّرون؟! أما أبو الغادية قاتل عمار فهو صحابي ومع ذلك هو مبشر بالنار من قبل رسول الله(ص)، وكذلك بعض الخوارج، وكذلك معاوية وعمرو بن العاص فإن النبي أخبرهم بأنهم دعاة إلى النار، فلا ندري هل يوجد دعاة إلى النار عدولاً معصومين مأجورين من أهل الجنة والنعيم ؟!
لا ندري كيف يفسر القوم (أهل السنة) أحاديثهم, فهذا المستشكل يقول ان الوارد في أحاديث الحوض من قوله (صلى الله عليه وآله): (أصحابي أصحابي), دليل على أنهم ألصق الناس به. وفي نفس الوقت يغض الطرف عما ورد في نفس هذه الأحاديث من أقوال مثل: (فأقول إنهم مني فيقال أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك), ومثل: (فيؤخذ بهم ذات الشمال) (وما أدراك ماذات الشمال), ومثل: (أن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم), ومثل: (إن تعذبهم فإنهم عبادك, ومثل: حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني), ومثلليردن عليَّ أقـوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم), ومثل: (سحقاً سحقاً لمن غير بعدي), ومثل: (إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى), ومثل: (فقال هلم فقلت أبن قال إلى النار), ومثل: (فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم).. وكل هذه الفقرات هي من مرويات البخاري حصراً دون غيره.. وكل واحد منها تدل على مرادها بشكل واضح وظاهر بأن هناك جمعاً كبيراً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله), الذين هم ألصق الناس به (حسب هذا التفسير الذي أفاده صاحب التعليق وكأن صاحبه أصاب المحز ببيانه هذا) سيؤخذ بهم إلى النار, وأنهم أحدثوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وغيرّوا في الدين, وانهم يستحقون الدعاء عليهم بالسحق والبعد من الرحمة.
والنتيجة ان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يرى الناجين منهم إلا عدد ضئيل جداً شبهه بهمل النعم التي يفسرّها الشرّاح بان المراد اما الإبل الضالّة وهي عادة تكون قليلة جداً أو المتساقط من مائدة الطعام وهو أيضاً قليل جداً فتكون النتيجة ان الأصحاب الناجين من النار هم قليلون جداً. هذا هو التفسير والبيان المستفاد من هذه الاحاديث الواردة من طرف أهل السنة وفي أصح كتبهم فماذا يريد المستشكل بقوله: ((ان هذا الحديث الذي ذكرتموه من عندنا فلا يحق لكم ان تفسروه إلا بما عندنا أو بكلام علمائنا المعتبرين))؟!! فماذا تراه يفسر علماءه هذه الكلمات العربية الواضحة المعنى والدلالة؟ وهو نفسه - أي المستشكل - قد فسر كلمة (أصحابي أصحابي) الواردة في هذا الحديث بأنهم ألصق الناس.. فعلى تفسيره هو دون غيره يكون الصق أصحابه (صلى الله عليه وآله) هم المخاطبون بالإحداث في الدين بعد وفاته (صلى الله عليه وآله), وهم المدعوّ عليهم بالسحق والبعد من النار, وهم الذين يؤخذ بهم إلى ذات الشمال, وهم الذين سيقادون إلى النار, وهم الذين لا يرى النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سيخلص منهم الإ مثل همل النعم. أي القليل جداً.. فليتدبر هذا المستشكل أمره.!!
فأحاديث الحوض تتحدث عن الصحابة فعلاً كما يفسر المعنى هو بنفسه, وهذا هو التفسير الصحيح لهذه الأحاديث, وعليه أن يجد مخرجاً من هذه الورطة التي أوقعها سلفه فيها - ونعني بها القول بعدالة الصحابة - وظهور هذه الأحاديث بدخول أكثرهم إلى النار.. أم تراه سيوكل أمر هذه الأحاديث إلى قائلها ويرميها بالتشابه والإجمال كما فعل غيره مع أنها من أوضح الواضحات بل الأحاديث المحكمة التي ينبغي إرجاع كل الأحاديث المدعاة في عدالة الصحابة إليها.
جواب الوجه الثاني: نقول علي (عليه السلام) والحسنين (عليهما السلام) وأبي ذر وسلمان والمقداد(رضوان الله عليهم)عدول عندنا وعندكم ولا محيص لكم في هذا, وأما البقية ممن ذكرت فأمرهم مشكوك حتى عندكم (راجع موقعنا في خصوص كل من ادعيت لتجد المناقشة في فضائله ومآل أمره).
وان ادعيت سلامة موقفهم وحسن عاقبتهم بادلتك خاصة فهذا هو الدور الذي لا يمكنك في مجال الحوار مع الآخر أن تلزم به أحداً,بل حتى لا يمكنك الاطمئنان إلى صحة هذه العقيدة والركون إليها عقلاً بعد العلم بوجود الخلاف فيها, فالعقل عند وجود الضرر المحتمل يوجب البحث والفحص والعمل بالاحتياط لضمان سلامة الآخرة.. فتدبر ما نقول. جواب الوجه الثالث: في هذا الوجه ترى المستشكل كمن يلطم وجهه بيده!فهو يريد أن يثبت تهافت استدلال الشيعة في عدم ثبوت العدالة لجميع الأصحاب, مع أن كل الأدلة التي جاء بها الشيعة إنما هي أدلة سنية واضحة المعنى والدلالة, فإن قال ان هذه الأدلة يضرب بعضها بعضاً, فهي إنما أدلته وصار حالة كمن يضرب بعضه بعضاً. فالخطاب بعدالة الأصحاب الذي يدعي استفادته من آية الرضوان (ان دلت على كما يدعيه) يعارضه حديث (لا ترجعوا بعدي كفار) (الذي رواه البخاري وغيره) ويقف عائقاً أمامه في تمامية الدعوى المذكورة, فإن كان هناك ضير في هذا الاستدلال فإنما هو الضير في ذكرهم لهذه الأحاديث في متونهم الحديثية. والمستشكل هنا - إن أراد البقاء على دعواه بعدالة جميع الأصحاب - أمامه أحد أمرين: إما أن يبقى على دعواه بظهور آية الرضوان في عدالة الأصحاب, وهذا لازمه أن يضرب صحيحه (البخاري) ولا يعتد بما جاء فيه فيخالف قومه وأهل مذهبه في هذه المسألة! أو أن يقول بصحة هذه الرواية وصحة مضمونها فيضرب بذلك الظهور المدعى في الآية المذكورة. ونحن نترك عملية الاستدلال المذكورة له ليختار له مخرجاً من هذه المشكلة.
وأما نحن فالمسألة عندنا واضحة بعد التفسير الصحيح الذي نتبناه لهذه الآية الشريفة والذي ذكرناه على موقعنا في أكثر من مورد (راجع حرف الصاد: الصحابة). وملخص الرد عليه: (( لَقَد رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبَايِعُونَكَ تَحتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِم فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيهِم وَأَثَابَهُم فَتحًا قَرِيبًا )) (الفتح: 18) أنّ الاية اولا رضت عن المؤمنين. فلابد من اثبات ايمان الصحابي لتشمله الاية إذ أنّ الاية لم تقل من بايعك فقد رضيت عنه أو انه مؤمن بل قالت الاية رضي الله عن المؤمنين, هذا هو القيد الاول. القيد الثاني أن الرضا ليس مطلقا عن المؤمن الى يوم القيامة او عن افعاله ليدل على عصمته بل الاية تدل على الرضا في ظرف خاص وهو اذ يبايعونك فإن هذا الظرف كان الله راضيا عنه. القيد الثالث بينه الله في اية اخرى من نفس هذه السورة: (( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوقَ أَيدِيهِم فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفسِهِ وَمَن أَوفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيهُ اللَّهَ فَسَيُؤتِيهِ أَجرًا عَظِيمًا )) (الفتح: 10). فان الاية قسمتهم الى قسمين من يفي بالبيعة فوعده الله بالاجر العظيم, ومن لا يفي وينكث فانما ينكث على نفسه ولا يضر الله .
وأما استشهاده بقصة فرعون وموسى (عليه السلام) فنقول له : ان ذلك يتم على حسب تفسيرك للآية الكريمة والذي خيرناك قبل قليل بين الأخذ به وضرب صحيحك (البخاري), أو الأخذ بما في صحيح البخاري وضرب هذا الظهور المدعى للآية.. وعلى أية حال هو تفسير لا يستفاد من الآية الكريمة, وقد أجبنا عليه في موقعنا المشار إليه سابقاً, فراجع ثمة.
قوله: ((لماذا لم يخبر الله بنبية عن اعدائه الملتصقين به كما يزعم الروافض..). نقول: قد أخبره المولى سبحانه اجمالاً وتفصيلاً.. ولكن عمى البصائر يحجب البعض عن رؤية هذه الحقيقة.. فمن حيث الإجمال أخبره سبحانه ان في أصحابة جملة من المنافقين, قال تعالى: (( وَمِن أَهلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعلَمُهُم نَحنُ نَعلَمُهُم )) (التوبة:101), فهؤلاء صحابة موجودون في المدينة يعيشون مع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يراهم ويرونه وهم منافقون قد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بنفاقهم ووجودهم الاجمالي بين صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) وان اخفى عنه شخوصهم ومعرفتهم التفصيلية لأسباب يعلمها المولى سبحانه. ومع ذلك فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) قائلاً: (في أصحابي أثنا عشر منافقاً, فيهم ثمانية لا يدخلون الجنّة حتى يلج الجمل في سم الخياط, ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة, وأربعة لم أحفظ ما قاله شعبة فيهم) (صحيح مسلم 8: 122 الحديث 9, كتاب صفات المنافقين وأحكامهم) والمراد بالدبيلة: خرّاج ودمّل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالباً. فأنت تلاحظ العلم الإجمالي وكذلك العلم التفصيلي عند النبي (صلى الله عليه وآله), ولم يقتصر النبي (صلى الله عليه وآله) هذا العلم على نفسه بل منحه لبعض الصحابة الذين يثق بهم كحذيفة بن اليمان الذي أطلعه على اسماء المنافقين وأحوالهم (انظر صحيح البخاري 4: 251 باب مناقب عمار وحذيفة, مسند أحمد 6: 449, سير أعلام النبلاء 2: 362).. ولعلمه (رضي الله عنه) تراه يقبل عليه مثل عمر بن الخطاب ليسأل: ((يا حذيفة بالله أنا من المنافقين؟!)) (انظر:مقدمة فتح الباري 402 وعدّه ابن حجر من الأحاديث الصحيحة). ولدينا سؤال من أهل السنّة وهو اذا كان عمر مطمئنا من ايمانه فلماذا يسأل؟ فالمولى سبحانه قد أخبر نبيه (صلى الله عليه وآله) بأصحابه وشأنهم وهو(صلى الله عليه وآله) قد أخبر الأمة بذلك.. فما بال القوم لا يفقهون حديثاً!!
قوله ((لماذا لم يبشره الله بالجنة....الخ)). نقول: أحاديث التبشير بالجنة احاديث سنية بحته والاستدلال بها لإلزام الآخرين بها في مقام الاحتجاج يلزم الدور كما لا يخفى ذلك على الطلبة المبتدئين الذين يدرسون علم المنطق والأصول في دوراتهم الأولى.. وهذه الأحاديث على أية حال لم يصح شيئاً منها (راجع موقعنا على الإنترنيت وتحت العنوان : - حرف الحاء, الحديث, حديث العشرة المبشرة ـ).
قوله: ((... هل الرسول (صلى الله عليه وآله) يغضب ويدعو للقتال والبيعة انتقاماً على قتل منافق..)) نقول: كان عثمان في هذه الحادثة مرسلاً من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) وكانت الدعوة إلى القتال والبيعة على محاربة المشركين لم تكن للخبر المزعوم لمقتل عثمان وانما لما بلغه (صلى الله عليه وآله) بأن المشركين عازمون على حربه, فحارب حينئذٍ المسلمين على دفعهم لا على الابتداء بقتالهم (راجع تفسير القرطبي 3: 43).
قوله: ((... فإن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) استأمنه فكيف تتهمونه بالنفاق..)). نقول: أفعال النبي (صلى الله عليه وآله) في تلك الحقبة من تاريخ الرسالة لم تكن بالشكل الذي يتصوره البعض بأنه (صلى الله عليه وآله) كان لا يتعامل في إرسال الوفود أو تأمير القادة للجيش إلا مع خصوص المؤمنين الصادقين من الصحابة . كلا, فقد كانت للظروف احكامها التي فرضت عليه (صلى الله عليه وآله) ان يتعامل وفق حسابات اجتماعية كان الهدف منها هو توسيع رقعة الدين وزيادته الكمية فحسب, وإلا ما الدافع له بأن يدعو للدخول في الإسلام وان يطالب الناس بأن يقولوا - فقط مجرد القول - قولوا لا إله إلا الله تفلحوا.. وهل ترى الفلاح والفوز بالجنة منوط بالتلفظ بكلمة الشهادة هذه فحسب.. ان المسألة ليست كذلك حتماً, وانما الظروف والاوضاع التي كانت تعيشها الدعوة في ذلك الوقت حتمت عليه (صلى الله عليه وآله) ان يبتدأ بالمشروع الكمّي للدعوة بغية التجذر في الأرض وترسيخ الأسس ومن ثم بعد ذلك يبدأ بعملية التهذيب والتشذيب لما هو غير نافع وضار على الإسلام وإلا ما تقول من فعل خالد بن الوليد في بني حذيمة حين وترهم بثارات جاهليته وكان أميراً على سرية بعثها رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم, فشهدوا على أنفسهم بالإسلام فاستأمنهم ثم شن عليهم الخيل فقتلهم, وعند ما بلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) بكى ورفع يديه إلى السماء, وقال: ((اللهمَّ أني ابرء إليك مما فعل خالد)). (انظر صحيح البخاري 5: 203 كتاب المغازي, وسيرة ابن هشام 4: 70, ودلائل النبوة للبيهقي 5: 114). نقول: وأما بقية الكلام فهو يدور حول قضية يسلم هو بها - وهي غير مسلّمة - حاصلها : الإستدلال بآية الرضوان على تعديل الأصحاب, ونحن نقول له ان في هذا الاستدلال دور يجب الأنتباه إليه, ويمكن معرفة هذا الدور بالرجوع إلى موقعنا على الإنترنيت وتحت العنوان (حرف الصاد, الصحابة, الأسئلة التي تتعلق بآية الرضوان). ومع ذلك نحن ندعوه للاجابة على الأشكال التالي: ان هناك جملة من الذين بايعوا تحت الشجرة وزعمتم ان النبي (صلى الله عليه وآله) قد شهد لهم بالجنة قد شارك في قتال عثمان.. فهل تراه يحكم برضوان الله عليهم لأنهم من أهل بيعة الرضوان أم يحكم بكفرهم لأنهم قتلوا (الخليفة)؟! (انظر احوال: عبد الرحمن بن عديس البلوي).
وأيضاً هناك ممن بايع تحت الشجرة وقد ثبت أنه قتل عمار بن ياسر وقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث صحيح صريح بان قاتل عمار بن ياسر وسالبه في النار (المستدرك على الصحيحين 3: 437 في حديث يصححه الحاكم والذهبي, معجم الزوائد 7: 297 قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ) فهل تراه يحكم برضوان الله على هذا القاتل لعمار أم يذعن للحديث الصحيح بأنه من أهل النار؟ (انظر أحوال أبي الغادية).. نترك الإجابة للمستشكل نفسه. | |
|