اقبض حسابك من القرضاوي
النخيل-قبل فترة طرق محتالون باب دار عمتي المسنة.. احدهم ملتحي يرتدي
ثياب قصيرة والآخرون يرتدون الزي الباكستاني.. أوهم الملتحي عمتي حين قال
لها :انه فاعل خير خرج للتو من المسجد القريب وصادف هؤلاء الأجانب الذين
يريدون تصريف ما معهم من دولارات بنصف القيمة يريدون بدلها نقود عراقية !.
اخرجوا ما بحوزتهم من دولارات وأعطتهم عمتي ما بحوزتها من نقود عراقية
وذهب بعد عودة ولدها من عمله كصاحب محل صرافة كانت المفاجئة ان دولارات
الملتحي وعصابته كانت عبارة عن عملة بولونية ساقطة (زلوتيات) لا تساوي شيئا
(وراحت فلوسك يصابر)!.
قصة عمتي التي أرادت الثراء السريع فوقعت بأيدي نصابين تشبه قصة الشعوب
العربية الثائرة التي أعطت أصواتها للأحزاب الإسلامية المتشددة التي وعدت
الناخبين بالجنة في الحياة الأخرى وجاءتهم ببرامج انتخابية لم تغادر باب
الحلال والحرام لا برامج سياسية ولا برامج اقتصادية ولا خطط مستقبلية .
قصة عمتي وقصة الشعوب العربية تشبه تجارب بعض شعوب الدول الاشتراكية
السابقة التي خرجت من رحم أنظمة شمولية فسقطت تلك الشعوب ضحية الأحزاب
والشخصيات التي باعتهم معسول الكلام.. وعدوهم بالحرية والرخاء والشبع لكن
النتيجة بانت بعد أول سنة من التغيير تظاهر الكثير من أبناء تلك الشعوب
يطالبون بعودة الأحزاب الشيوعية التي سبق وان وصفوها بالشمولية والحكم
الدكتاتوري.. قالوا ان مرارة الشيوعية أحلى بأفواههم من عسل ووعود
النصابين.
اشترت عمتي الوهم فخسرت المال والصحة راهنت شعوب المغرب وتونس ومصر على
الإسلاميين متوهمين ان إسلاميهم سينقلونهم مثلما طوّر إسلاميو تركيا
الاقتصاد التركي .تناست هذه الشعوب ان الإسلاميين في تركيا فازو
بالانتخابات لان برامجهم للتنمية والتطور تلامس الواقع التركي ولن يكتب
الإسلاميون في تركيا في برنامجهم الانتخابي عن حلال وحرام وسنة نبوية
وصحاح ولم يقولوا إنهم سيطورون الاقتصاد بعدما يغزوا بلاد الكفار!.
لم يناقش من فازوا في الانتخابات المصرية مستقبل مصر السياسي
والاقتصادي قدر دخولهم صراعا مفتوحا حول ملابس النساء الداخلية.. هل
سيسمحون للسائحات الغربيات بارتداء المايوه أم يسبحن في الجبة الشرعية
والنقاب!؟ .
هؤلاء لا يختلفون عن صدام وعدنا بتطبيق الاشتراكية ومزيدا من الحريات في
خطابه المسائي المعتاد نمنا وصحونا على مفارز خاله طلفاح وهي تطاردنا
لأننا من ذوي الشعر الطويل (خنافس) وبعضنا يرتدي سراويل عريضة الحجل تسمى
(جارلس).. هؤلاء جميعا نتاج تربية سلطة تشغل الناس في القشور أمور الدين في
الحلال والحرام وتلهيهم عن مطالبهم الحياتية المشروعة وينفذ أجندات هذه
السياسة ويبشر بها رجال دين وعاظ سلاطين همم الأول بقاء أولياء نعمهم من
الحكام على سدة الحكم.
بالأمس أفتى اغلب مشايخ التيار السلفي في مصر بحرمة الخروج على حسني
مبارك باعتباره ولي الأمر بإيعاز من السعودية واليوم يحتل التيار السلفي
20% من مقاعد البرلمان المصري وذهبت دماء الشباب المصريين الذين فجروا
الثورة دون مكافئة لرفاقهم.
سمعنا من القرضاوي مرات كثيرة قبل الربيع العربي تحذيره من انتشار
التشيع في مصر.. حذر القرضاوي من "هجمة شيعية".. ضجت الصحف العربية
والفضائيات وحذروا من "مخاطر انتشار التشيع" ..في مصر وتونس والمغرب
والجزائر جاءت الانتخابات التي أعقبت الثورات المصرية والتونسية لتثبت كذب
القرضاوي .
لم نسمع عن شيعي واحد فاز بمقعد انتخابي.. لم نسمع عن مرشح شيعي بل
سمعنا العكس.. سمعنا عن فوز كاسح للوهابيين في مصر.. بعد هذا الفوز عرفنا
سر تصريحات القرضاوي الكاذبة تلك كانت للتغطية على غزو الوهابية وانتشارها
في بلدان المغرب العربي وكانوا جميعا يفتون بحرمة الخروج على رؤساء دولهم
!!.
لقد كانت المطربة العراقية الكبيرة زكية جورج محقة حينما غنت أغنيتها
الرائعة
يامن تعب يامن شكَه يامن على الحاضر لكَه).. وهي تنطبق على
منافقي الثورة المصرية من السلفيين قبل غيرهم.
لمن انخدعوا بتصريحات القرضاوي وانتخبوا المتشددين نقول: (اقبضوا حسابكم
من القرضاوي).. (ألف ضربة لقطع أغصان شجرة الشر لا تعادل ضربة واحدة لقطع
جذورها) هنري ديفد
عندما تتضخم زلوتيات عمتي وتصبح من أصحاب الثروة يمكن للسلفيين ان
يكونوا اشتراكيين إسلاميين وحتى ديمقراطيين للكشر.. يبنوا دولة قوامها لحى
طويلة وثياب قصيرة ويفكرون بغزو بلاد الكفار ساعتها سيربح من انتخبهم !!.
حسن الخفاجي
وكالة انباء النخيل