السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان في اصفهان (عاصمة ايران القديمه) ملك جليل في الفتره التي عاش فيها الشيخ الداماد**وصدفه مره ان خرجت ابنة الملك ذات الجمال الفريد تتنزه في غابه قرب البلد *فلما امسى المساء وهمت بالرجوع *حدثت عاصفه مفاجئه وارعدت السماء بالامطار وهبت الرياح والعواصف *وتيقنت الفتاة بالهلاك ولم تجد امامها غير كوخ خشبي قديم تلوذ به *ففتحت باب الكوخ لتلتجئ فيه واذ بها تشا هد داخل الكوخ عالما شابا في سن الفتوة *تتورد خدوده من ميعة الصبا *ومن نور الشمعه التي اوقدها في كوخه المظلم وقد تكدست على طاولته اكداس الكتب من كل جانب وهو جالس وراء طاولته يطالع في كتبه ويراجع بعض دروسه *
وما لبثت الفتاة الجميله الساحره ان اوصدت الباب من ورائها *وقد شعرت بالامان من خطر العاصفه حينا من الزمن *لينتابها الخوف مما يمكن ان يصادفها داخل الكوخ الموحش *ولم تفتأ ان التجأت الىزايويه من زوايا الكوخ قابعه فيه *وهي ترتعش من البرد كما ترتعش من الخوف والقلق *
وبدأت تفكر فيما يمكن ان يفعله معها هذا الشاب الوسيم *
وهي لوحدها معه في مكان مغلق ومعزول *
وبقدر ما جاشت في خلدها الافكار والاحاسيس بقدر ما اختلجت في نفس الشاب الخواطر والهواجس *
لقد بدأ الشيطان يصور للشاب فتنة تلك الفتاة *وقد نظر الشاب من خلال كتبه وشمعته ليرى فتاة ناضره كزر الورد صاغها الله في قالب الكمال *
وقد خطرت الى غرفته بغتة تتثنى في جلباب الاغراء والدلال *وهو الذي ما زال في عزلة كوخه السنين الطوال *
وبدأت نفسه تحدثه باغتنام الفرص السانحه قيل فوات الاوان *واصبحت نفسه في ثوره عارمه من الشهوه تحاكي الثوره السماويه التي احتدمت خارج الكوخ لكن شيئا واحدا كان يمنعه من الاقدام على السوء واقتراف الحرام*
ذلك هو الخوف من الله فالله شاهد على كل شئ والنار موعد كل خائن شرير*
وحانت منه التفاتة الى الشمعه الموقده**فرأى فيها الانذار الخطير من الرب القدير *
واراد قبل الاقدام على الحرام ان يختبر قدرته على تحمل العذاب والالام فمد اصبعه الى شمعته الصغيره ليتحسس فعل نارها والم لهبها فلم يلبث ان نزعها متألما من وطأة حريقها مقرا بضعفه امامها وهي الشمعه اللطيفه التي لا يؤبه لها وكلما عاوده وسواس الشيطان لارتكاب الفحشاء مد اصبعه الى الشمعه فلم يطق لهيبها فيجذبها حتى شابهت اصبعه في سوادها ليله الدامس *
وظلت الفتاة الحائره في زاويتها ترقب من بعد ما يفعله الشاب القابع وراء كتبه حتى خيله اليها انه مجنون او ذو اختلال فزادها خوفا منه وفزعا وظلت ترقب خيوط الليل حتى اذا ما طاردتها اول سهام الفجر وقد كانت العاصفه قد هدأت خرجت من قفص امانها وفزعها *
اما الملك والد الفتاة فما ان امسى المساء ولم ترجع البنت الى قصره حتى جن جنونه وبعث الحرس والعسس في كل مكان يبحثون عنها ويقتفون اثرها ولكن دون جدوى وما ان طلع الصباح وخرجت البنت من الكوخ حتى قبض عليها الحرس وسألوها عن حالها فقالت : لقد داهمتني العاصفه في الليل فلجأت الى هذا الكوخ فوجدت فيه رجل مجنونا وجدته يضع يده على نار الشمعه ليحرقها ثم يجذبها ثم يضعها ويجذبها فخفت منه ولم استطع النوم خوفا منه وما زال يفعل ذلك حتى الصباح فخرجت من الكوخ فلما علم الملك بالامر استدعى الشاب وامر بقتله فتوسل الشاب الى الملك ان يسمح له بالتكلم فقال له : تكلم فقال : ايها الملك الرشيد ذو الرأي السديد *كنت في كوخي ادرس حين دخلت علي هذه البنت الجميله فراودتني نفسي في تلك الخلوه ان اهم بها فلما عرفت انها بنت بكر*والبنت لايجوز الدخول بها الا بأ ذن ابيها وعلمت ان اباها لا يمكن الوصول اليه في تلك الحاله تيقنت ان لا سبيل للوصول اليها الا بالحرام عند ذلك تذكرت عذاب النار وغضب الجبار *
فكنت اجرب لهب الشمعه على اصبعي فلا اطيقها فاجذبها وكلما حدثتني نفسي بالحرام *
كنت اجرب لهب الشمعه فلا اقدر عليه***وهكذا حتى طلع الفجر وانا في مكاني لم اقترب منها شبرا ولم المس منها جسما فخرجت من الكوخ بحمد الله وقد انتصرت على نفسي وعلى شيطان الشهوات الذي يسري في عروقي** فأكبر الملك هذا الشاب بعد ان سأل ابنته عن صحة كلامه واعظم فيه ايمانه وخوفه من الله الذي منعه من ارتكاب اكبر الكبائر في احرج الظروف وعفا عنه *
ثم التفت الى حاشيته وقال : والله ان كنت اريد لابنتي زوجا كفأ فلم اجد لها خيرا من هذا الشاب فشاهدوا اني سازوجه من ابنتي بالحلال جزاء تعففه من ان ياتيها بالحرام وسمي ذلك العالم منذ ذلك الحين (( بالداماد)) وتعني باللغه الفارسيه : صهر الملك *
ثم قال الملك : ولو كنت ابحث في كل مملكتي لاجد رجلا اكثر علما وامانة ودينا فلن اجد مثل هذا الشاب لذلك اشهد وا اني قد جعلته رئيسا لوزرائي وقال له هذه مملكتي بين يديك فقؤم امرها انت تقومها بعلمك وورعك وانا اقومها بقوتي وسلطاني*
جد