تصريح الشيخ محمد الحسين حول ثورة الغضب في السعودية
قال الشيخ محمد الحسين رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في شبه الجزيرة العربية في تصريح له حول ثورة الغضب التي تعم الدول العربية وبالخصوص في شبه الجزيرة العربية التي بدأ فيها مواطنو القطيف بالخروج في مسيرات عبرت عن سخطهم تجاه سياسة الكيان السعودي القائمة على التمييز الطائفي والقمع السياسي , والتي أجبرت حكومة الكيان بإطلاق سراح عدد من المعتقلين الشيعة الذين مضى على بعضهم ثلاث سنوات بدون توجيه تهمة أو محاكمة , كما ومن المقرر ان تخرج مسيرات احتجاجية تطالب باطلاق سراح المعتقلون المنسيون الذين مضى على اعتقالهم اكثر من خمسة عشر عاماً .
ولقد سخر الشيخ الحسين من مهزلة الهبات المادية التي أعلن الكيان السعودي عن منحها من قبل رئيس الكيان بعد عودته السريعة إلى البلاد لتدارك ما تخبأه الأيام القادمة , ولقد اعتبر هذه الهبات هي محاولة من حكومة الكيان السعودي لامتصاص نقمة المواطنين الذين أنذروا الكيان بالخروج في مظاهرات عارمة تهدف الى تغيير النظام السياسي في شبه الجزيرة العربية الذي أصبح حكراً على عائلة بني سعود , وبين بأن ما يبحث عنه المواطنون هي العزة والكرامة في ظل حكومة وطنية تستمد سلطاتها من الشعب .
بسم الله الرحمن الرحيم
أجل شعبنا العزيز الشريف من أن يكون عند ظن طاغية الجزيرة به فيرضى أن يكون شيطانا تخرسه حزمة الفتات الحقيرة التي قدمها ممزوجة بذل المكرمات .
إن شرف أمتنا و عزة و كرامة شعوب شبه الجزيرة العربية يأبى أن يصيره عبد الله بن عبد العزيز قطيعا يرضى بإسكاته و اشباعه بما يقدم له من منح و مزايا مادية على أطباق المنن و المكرمات المذلة والمهينة.
شعبنا أكثر وعيا من أن تنطلي عليه هذه القرارات الباهتة التي لم تأت لولا نصائح أسياده بمبادرة عاجلة تقطع الطريق بظنهم على أي تحرك محتمل للشارع الذي يغلي بفعل الظلم والقهر .
إن شعبنا لا يبحث عن بعض الهبات المادية التي هي أصلا جزء من حقوقه ، بل يبحث عن العيش بعزة و كرامة في ظل نظام وطني منتخب ينعم فيه بالعدل و المساواة و الحرية التي حرم منها طيلة العقود الماضية .
إن الاصلاحات الموعودة التي تأتي على كرسي المقعدين بأفكار هرمة وبالية من نظام أكل عليه الدهر وشرب ، من نظام تلطخت يداه بالقتل و الاعتقال و الملاحقة و التنكيل بشعبه ، و ملئت خزائن ملوكه و أمرائه حتى أتخمت بأموال الشعب و خيراته ، إن هذه الاصلاحات لن تكون إلا فاسدة بالية من سنخ النظام الذي لا تزيده كثرة الاصلاحات إلا فسادا .
لقد نادى الشعب منذ أمد بعيد عبر علماءه و ووجهائه و مثقفيه و نخبه فطالب بإصلاحات و مطالب علها تصلح ما فسد في هذا البلد على أيدي حكامه على المستوى الاقتصادي و السياسي و الديني و الحريات العامة ، ولكن لم يلقو سوى الصمت و الصدود و التقريع و الاستهانة ، بل دفع بعض المصلحين في هذا البلد حياته وبعضهم دفع جزءا من حياته بالسجن و التعذيب و التنكيل ثمنا لذلك ، أما الان فقد تغير كل شيئ ، فبلادنا جزء من هذا العالم العربي الثائر و جزء من هذا البحر الهائج الذي لا يمكن فصله عن محيطه ، فلن تكون أي إصلاحات أو أي تغيير في هذا البلد كما يريده و يقرره النظام وفقا لمصالحه و مصالح أسياده و بالطريقة التي ترضي رغباته و تمكنه من الاستمرار في الهيمنة والسيطرة على مصير هذا الشعب و الاستحواذ على مقدراته و خيراته و مقدساته ، بل سيكون شعبنا سيد نفسه ، وسيكون صاحب الكلمة الفصل التي سترسم وجها آخر لهذا البلد أكثر قوة و اقتدارا و إشراقا بعزمه و صلابته و ووعيه و وحدته و تماسكه ، و استعلائه على المؤامرات الطائفية البغيضة التي مزقت صفه و أثرت على صفوه واستقراره .
إن الظلم و الفساد و الطغيان السعودي قد ضرب بجرانه حتى أوغل عميقا فطال كل أوصال هذا البلد و مرافقه و دمر كل مناطقه ، فلم يميز بين قبيلة و أخرى أو بين منطقة وغيرها أو بين أهل مذهب و آخر لأن الظلم و الطغيان و الفساد و الاستبداد لا وطن و لا قبيلة و لا مذهب له .
لقد عاش شعبنا لعقود خلت و مازال في ظل حكومة و نظام هش و مفرغ من أي محتوى و معنى للدولة العصرية القادرة و المقتدرة على تحقيق طموحات شعبها ، فلا بنى تحتية و لا دستور و لا مؤسسات مدنية و لا أمن و لا جيش وطني مقتدر يمثل الشعب ، و لا حياة في هذا البلد لسوى الملك و أبناءه و العائلة الحاكمة و أذنابهم الذين استأثروا بالسلطة و استحوذوا على مقدرات البلاد وخيراتها و سرقوا أراضيها و خربوا ثرواتها البحرية والزراعية ودمروا بيئتها ، و أفرغوا البلاد من الكنوز المدخرة لمستقبل الوطن و أجياله القادمة .
و من هذا المنطلق و لأجل كل هذه الحيثيات فإن ألسنة ثورة الغضب الشعبية و الجماهيرية المقدسة التي ستنطلق من هذا البلد لن يكون عنوانها مناطقيا او قبليا أو مذهبيا بل ستكون إسلامية الدين وطنية الانتماء لا هدف لها سوى انقاذ هذا البلد المقدس و تحقيق المطالب التي يدعو لها و يريدها الشعب و لا أحد غير الشعب .
فإن مطالب شعبنا و آماله و طموحاته في حياة عزيزة و كريمة لن تتحقق إلا بثورة غضب تزلزل أركان النظام المرعوب و المتخبط و الضعيف عبر صرخات المحرومين المسحوقين المعذبين ، وهذا درس فهمه شعبنا و وعى كل تفاصيله و فصوله من مدارس البطولة و الفداء في مصر و تونس و ليبيا و البحرين و اليمن ، و عاشه بروحه وقلبه و وجدانه قبل كل ذلك من مدرسة الثوار الأولى على يد معلمها و ملهما و قائدها وسيد شهدائها و ثوارها أبي عبد الله الحسين عليه السلام .
المصدر// وكالة براثا