السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد لا اعي الحياة ولا اتذكر ايامها قبل ان يكون عمري ثلاث سنوات ولكنني اتذكر جيدا عندما كان ابي يحملني على ظهره وتتدلى رجلي على صدره واحتضن رأسه وكم كنت اشعر بالراحة عندما يحملني ابي لانني كنت في غاية السعادة وبلغت السادسة من عمري ودخلت المدرسة ولا زال ابي يحملني على ظهره خصوصا عندما يسقط المطر لان الطريق الى المدرسة غير معبد فيتحول الى برك من الماء ووحل فكان يحملني ليوصلني الى المدرسة كي لا تتسخ ملابسي بل وحتى حذائي وكان دائما ينتظرني في باب المدرسة قبل نهاية الدوام ليعيدني الى المنزل وبقي على هذا الحال حتى عندما بلغت الثامنة ، وان كان بشكل اقل ، لا يتوانى عن تلبية اي طلب لي وضمن المعقول بدأ حب الفضول والسؤال لدي حيث انني لاحظت ان ابي يختلف في هيئته عن غيره من الرجال بوجود تقوس في ظهره نحو الاعلى فسألته لم يا ابي يختلف شكل ظهرك عن غيرك من الرجال ؟ فتأنى قليلا ونظر الي نظرة حنان واجابني ، ولدي ان اختلاف ظهري عن غيري هي نعمة من الله عزوجل منحها لي حتى عندما احملك على ظهري تجلس بارتياح من غير ان تحني ظهرك او قد لا ترتاح من ذلك ، اقتنعت بالجواب في بداية الامر ومع مرور السنين وحالما بلغت الرابعة عشر من عمري فاذا بي اسمع من اصدقائي عبارة ان ابي احدب ، بقيت في حيرة من امري ماذا تعني هذه الكلمة وشاء القدر ان اقرأ قصة احدب نوتردام فريت صورته ان ظهره مثل ظهر ابي ، عندها سألت ابي عن معنى كلمة احدب ، فتامل في وجهي هنيهة ثم قال لي ، هل يضرك شكلي يا ولدي ؟ احترت في الجواب ولم اجب وتركت الامر بالرغم من اني لم ار اشخاصا مثل ابي الا القلة القليلة .
وفي احد الايام حصل سوء فهم مع احد اصدقائي فاذا به يقول لي اسكت ابن الاحدب ، هنا اعتصرني الالم وعدت حزينا الى البيت فانتبهت لذلك امي فاذا بها يجن جنونها لما رأتني على هذه الحالة وبدأت تلح علي بالسؤال ولدي ماذا بك ماذا حصل لم انت حزين ؟ عندها سالتها : امي لماذا تزوجت ابي وهو احدب ؟ فاذا بها تهتز لما سمعت السؤال الا انها تمالكت اعصابها وسالتني قائلة : ولدي منذ ان وعيت على الدنيا الى الان هل قصر والدك بحقك ؟ اجبتها كلا ، هل طرق احد بابنا يشكو من ابيك ؟ اجبتها كلا ، هل ان احد من جيراننا لا يحترم اباك ؟ اجبتها بل العكس كلهم يحبونه فقالت لي ان اخلاق ابيك هي الميزان عند الله عزوجل وليس مظهره ، وعندها علمت لما كنت طفلا وهو يحملني فأراه اعظم اب ولما كبرت علمت انه اعظم مما كنت اتصوره عندما كنت جاهلا ، واذا بابي يدخل علينا فنهضت ووقفت خلفه لانظر الى حدبته فتمثلت امامي جبل ينحني لعظمة ابي فقبلتها قبلة ولاول مرة علمت كم عظيمة هي حدبة ابي وقررت مع نفسي ان اقبل حدبته قبل جبينه .
*********************************************** منقول
حبي واحترامي لكم