مخاطر التبرج عنده المرأة
ماذا يحصل عندما نهدم جدران بيت ؟
يغدو مكشوفاً وعرضة لنظرات الرائحين والغادين بحيث تسقط حرمته فلا يستطيع أهله أو سكّانه منع الناس من التفرّج عليهم .
وماذا يحصـل لو أ نّنا فتحنا شـبابيك بيت جمـيل ، وقلنا للمارّة : لا تنظروا من خلالها ، ولا تلقوا إلى داخل الدار ولو نظرات عابرة ؟ ألا يمكن أن يثير ذلك اعتراضهم فيقولون : اغلقوا شبابيك البيت قبل أن تطلبوا منّا إغلاق عيوننا ؟!
هذان المثالان كثيرا الشبه بالفتاة أو المرأة التي تخرج سافرة متبرِّجة كاسـية عارية تلبس أبهى زينتها وأجمل ملابسها وتضع المساحيق والعطور المثيرة ، ثمّ تقول للشبّان الذين تفور غرائزهم : لا تُستثاروا !! غضّوا أبصاركم !! لا تلتفتوا إليَّ .. دعوني وشأني !!
وهل هناك يا ترى متبرِّجة تقول ذلك ؟ أليست تخرج كذلك لتلفت الأنظار إليها وكأنّها شاشة تلفاز تبيح للجميع التطلّع إليها ؟! وعلى ضوء ذلك ، ما هي انعكاسات التبرّج على الفتاة المتبرِّجة ذاتها ، وعلى المجتمع ؟
على الفـتاة ، يبدو انعكاس ذلك من خلال النظر إليها من زاوية واحدة فقط ، أي أنّها اُنثى ، وأنّها جسد يطمع به الطامعون ، كما يتركّز هذا المعـنى في ذهنيّـتها أيضاً ، فلا تلتفـت إلى الجـوانب الاُخرى في شخصيّتها ، وإنّما تصبّ اهتمامها على الشكل دون المضمون ، فتغرق في اقتناء الملابس الثمينة والزينة الغالية ، وتتفنّن في الظهور بمظهر اللاّفت للأنظار ممّا يُسبِّب لها متاعب مالية واجتماعية ونفسية كثيرة .
فهي لا بدّ وأن تُغيِّر ملابسها التي سبقَ أن ارتدتها وإن لم يمضِ على شرائها وقت طويل ، ولابدّ أن تنافس قريناتها من الفتيات في التسابق على الموضات والصرعات والصيحات الجديدة ، وإذا مرّ عليها وقت لم تجد فيه ذلك كلّـه ، فإنّها سـوف تعاني من أزمة نفسـية ظنّاً منها أنّ الخروج إلى الشارع أو المعهد أو مكان العمل في نفس ملابسها يجعلها صغيرة وفقيرة وحقيرة في نظر صاحـباتها ، وفي نظر مَن تتوقّـع من الشبّان والرجال أن ينظروا إليها .
وقد تضطرّ بعض الفتـيات للعمل أو للاقتراض ، أو الضـغط على عائلتها ذات الدخل المحدود من أجل أن تبقى في حالة تغيير دائم في الشكل وإلاّ سقطت في السِّباق المحموم .
وكم فعلت هذه المنافسة فعلها السيِّئ في نفوس فتيات تعقّدن من اللّهاث وراء الموضـات ، وربّما شـعرن بالغـيرة والحقد والحسـد من الفتيات الاُخريات اللّواتي يفقنها في تسريحة الشعر ، أو موضة الملابس الباهضة التكاليف قماشاً وخياطة ، أو ما يضعنه من زينة ويلبسنه من ذهب ومجوهرات .
وكم أكلت هذه المنافسة التي ليس فيها فائزة واحدة ، من أوقات الفتيات والنساء في الأحاديث التي يسـتغرقن فيها حول ما لبسن وما سـيلبسن ، والمقارنات التي يعقدنها حول ما تلبسـه فلانة والزينـة التي تتزيّن بها الاُخرى ، حتى امتدّت المنافسـة إلى تقليد الفنّانات ، وصاحبات الثراء ، وعارضات الأزياء .
إنّ فتاةً تلهث خلف الاهتمام الوحيد بمظهرها .. فتاة مسكينة تبعث على الشفقة .. وربّما احتاجت إلى وقت طويل حتى تُدرِك أنّها كانت ضحيّة التجّار والسماسرة ومروِّجي الاعلانات وأصحاب النزوات والشهوات .
أمّا على صعيد المجتمع ، فالانعكاسات أشدّ سوءاً :
فالشبّان الذين يريدون أن يتحصّنوا أو يتعفّفوا لأنّهم لا يجدون ما يؤمِّن لهم نفقات الزواج ، وهم يشاهدون في الصباح والمساء مشاهد فاضحة تجعل غرائزهم تستعر وهم لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً .
والرجال الذين في قلوبهم مرض الذين يمدّون أعينهم إلى هذه وإلى تلك في عملية التقاط للصور المثيرة ، وأخرى للمقارنة بين ما أنعم الله به عليهم من الحلال الطيِّـب وبين ما هو في حكم المُشـاع من اللّحم العاري والنصف العاري ، أو المُغطّى الذي يصف ملامح الجسد فيثير أكثر من المكشوف ، كلّ ذلك ممّا يُربك حياتهم ويُعقِّد أوضاعهم النفسية والاُسرية ، بحيث يتسبّب في حالات شجار وعراك بينهم وبين زوجاتهم إن لم يتسبّب في الأسوأ وهو الطّلاق وخراب البيوت .
وبالتالي فإنّ المتبرِّجات وأنصاف العاريات والسافرات اللاّبسات من الملابس أكثرها إثارة يُحـدِثن حالة من الطوارئ الجنسـية بحيث يتحوّل الشارع أو أماكن العمل أو وسائط النقل إلى أشبه شيء بغرف النوم .
فأيّة جرائم اجتماعية وأخلاقية يتسبّبن فيها ذوات الحياء القليل سواء شعرن بذلك أم لم يشعرن . وللأسف فإنّ قانون الكثير من البلدان لا يتسامح في ذلك فقط ، بل يشجِّع عليه ويفتح له الأبواب على مصاريعها بغية إفساد الجيل بشبّانه وشابّاته