لماذا تجاهلت "الجزيرة" الحدث وتكتمت على حريق الدوحة
النخيل-رأى الكاتب والإعلامي حسن عصفور في مقال له، أنها المرة النادرة التي تُلحق قناة "الجزيرة" ضرراً سياسياً وأمنياً كبيراً بدويلة قطر، مالكة القناة الشهيرة، ضررٌ أتى من حيث لا تريد القناة، وبالطبع القائمين عليها والعاملين فيها، مضيفاً: الضرر هو إغفال القناة الإشارة لساعات طويلة لحريق أحد أشهر مراكز التسوق في الدوحة، وعدم الانتقال لنقل صور الحريق وتطوراته، في حين اكتسبت قناة عربية إخبارية ناشئة شهرة مضاعفة "سكاي عربية" بنقلها الحصري للحريق وتطوراته؟!.
وقال عصفور: إغفال قناة "الجزيرة" النقل المباشر لحدث كبير وخطير أيضاً، وهي التي لا تترك أحداثاً أقل أهمية من حريق الدوحة إلا وتنقلها، خاصة وأنها تمتلك أكثر من قناة تعمل بشكل مباشر، إلى جانب قناتها العامة.. لا يمكن لمواطن عربي أو أجنبي أن يصدّقه، ويصدّق بأن الخبر لم يصل إلى مسامع "أركان حرب" القناة الإخبارية، أو أنهم لم يشاهدوا الخبر على إحدى القنوات الحديثة، والتي تراقب بالطبع من مركز القناة، ولو من باب "الغيرة الإعلامية"، لذلك كان التجاهل الإعلامي، ومع أنه كشف زيف الحياد والموضوعية والمهنية التي اختفت وراءه سنوات سياسة القناة، لكن الأهم أنه وضع الحريق في خانة أنه حريق كأي حريق، أو أنه حدث بسبب إهمال تقني أو ماس كهربائي.
وتساءل عصفور: غياب "الجزيرة" عن تغطية حريق، فتح كل الأسئلة في مسبباته، والبداية هل جاء الحريق في إطار "رد فعل" على التدخلات القطرية المسلحة والأمنية والمالية والإعلامية التحريضية ضد سورية، أي هل الحريق بداية جديدة لمطاردة قطر من داخلها، وأرادت سورية أو تحالفها السياسي– الأمني أن يبدأ برسالة مؤثرة تبدأ بحريق مركز تجاري، وهل الحريق يكون نقلة نوعية في صراع ملتبس مع الدور القطري، ونقل المعركة من أروقة سياسية وإعلامية إلى مناطق في الداخل القطري، رسالة لو كانت بفعل فاعل يعلم ما فعل، فهي حتماً ستكون مساراً جديداً ليس لما يحدث في سورية فحسب، بل للدور القطري برمته في المنطقة؟!!.
وأضاف: وقد يكون الفاعل قطرياً محلياً من طرف تضرّر بشكل كبير من الانقلاب الذي حدث عام 1995، خاصة وأن الشائعات ومواقع إخبارية عديدة نقلت عن مصادر أمنية عربية قبل أشهر عن تعرّض موكب الأمير حمد لمحاولة اغتيال، استدعى نقل جزء كبير من صلاحياته لولده تميم من زوجته الشيخة موزة، صلاحيات جعلت منه ليس ولياً للعهد فحسب بل حاكماً شريكاً في إدارة البلاد، مقابل تقليم أضافر حمد بن جاسم السياسية وتحجيم دوره إلى الحد الأدنى، مع إرضاء رغباته في المجال المالي.
وتابع عصفور:معارضة قطرية للدور القطري في المنطقة العربية، ومعارضة قطرية للوجود الأمني العسكري الأمريكي وبعض الإسرائيلي في أكبر وأخطر قواعد أمريكية خارج أمريكا.. معارضة قطرية تسأل عن أموال قطر واستثمارتها التي لا يعلمون مقدارها ومن يديرها، وهل غالبيتهم من "اليهود" بحجة أنهم الأخبر والأقدر؟!!.. معارضة قطرية تبحث عن حقها في الحريات السياسية والديمقراطية وحقها في العمل العام تحت ضوء الشمس ضمن أطر شرعية والسماح بحرية الإعلام.. معارضة قطرية تلفظ القمع والاستبداد الأمني– السياسي لحكم يتدخل في الواقع العربي بطريقة أثارت العرب وما سيكون له من نتائج سلبية وكارثية على مستقبل البلاد.
وقال عصفور:خبر تجاهلته "الجزيرة" فتح عشرات الأسئلة حتى لو كانت أسئلة "غير مشروعة"، لكن لا يمكن لسياسي إلا أن يقف أمامها، بأن الحريق لم يكن حريقاً كغيره من الحرائق، فلن يصدّق إنسان، أي كان مستوى الذكاء لديه، بأن قناة تنقل لساعات حريقاً يحدث في قرية سورية أو بلدة أمريكية أو مقتل مواطن مصري، تتغافل عن حريق استمر لساعات وقتل فيه وفقاً للبيان الرسمي أكثر من عشرين وأُصيب من أُصيب بجراح.
وأضاف أيام مرّت على الحريق ولا تزال دولة قطر لم تعلن سببه، حتى لو كان مساً كهربائياً، هل ستعلن الحكومة السبب الحقيقي في وقت لاحق وفقاً للجنة التحقيق التي شكلها ولي العهد وليس رئيس الوزراء، أم أنه سيقيد ضد مجهول أو ضد "ماس كهربائي" كما هي الأفلام المصرية القديمة والظريفة أيضاً؟!!.
وختم عصفور :"الجزيرة" التي خدمت قطر كما لم يتخيّل صانعوها يوماً، كانت سبباً لإثارة أسئلة عن "مجهول" ينتظر دولة لا تترك أحداً في حاله!!