علي بن أبي طالب (عليه السلام) يعلم الغيب فلماذا لم يجتنب عبد الرحمن بن ملجم الخارجي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين
يسأل السائل السني : ما دام أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) يعلم الغيب فلماذا لم يجتنب عبد الرحمن بن ملجم الخارجي لعنه الله عندما قتله ؟ ولماذا لم يتراجع الحسين (عليه السلام) عن الذهاب إلى كربلاء وهو يعلم أنه سيخذل وسيقتل ؟؟
الجواب :
إن علم الغيب المطلق من مختصات ربّ العالمين , فلا يعلم الغيب إلا هو , نعم يطلع الله أنبياءه ورسله وأولياءه على الغيب , وذلك كاحياء الموتى الذي هو من مختصات الله جل جلاله الا من اذن له ، هذا أولاً .
وثانياً : أن الأنبياء والمرسلين والأولياء الذين يطلعهم الله على الغيب , وظيفتهم العملية ترتيب الأثر على الظاهر .
توضيح ذلك : أن النبي (صلى الله عليه وآله) ما كان يقيم الحدّ إلا بعد أن تتمّ
البينة , مع أننا نجزم بأن في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) كان الناس يعصون في خلواتهم , ونجزم بأن النبي كان يعلم بأفعالهم , ولكن ما كان يقيم الحدّ إلا إذا تمت البينة .
مثال آخر , قوله تعالى : ( ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) التحريم : 10 .
فهنا يرد سؤال : كيف تزوج نوح ولوط بامرأتين طالحتين , مع علمهما بحالهما ؟
الجواب : أنّ نوح ولوط وجميع الأنبياء والمرسلين والاولياء لم تكن وظيفتهم ترتيب الأثر إلا على الظاهر , إلا في موارد نادرة , وذلك لئلا يبطل الاختيار وسنة الحياة التي سنها الله تعالى .
هذا , وفي المسألة أقوال أخرى , نشير إلى بعضها :
1 ـ أنّ الأنبياء والمرسلين والاولياء إذا شاءوا علموا , وهذه الموارد من الموارد التي لم تتعلق مشيئتهم بالعلم بها .
2 ـ أنّ الله سبحانه وتعالى ينسيهم ما كانوا يعلمون في هذه الموارد .
3 ـ أن من عظمة المعصومين أن يعلموا ويسلموا التسليم المطلق لإرادة الله سبحانه في هذه الموارد .
وختاماً ننبّهكم بأنّ مسألة علم الإمام فرع لمسألة الإمامة , لا يمكن أن نبحثها قبل البحث في مسألة الإمامة والتسليم بها