المهدي الحسني والمهدي الحسيني
منقول من موسوعة القائم (ج1)
الداعي حسني النسب
إن صاحب دعوة الإمام المهدي (عليه السلام) والقائم بها والداعي إلى الإسلام الجديد اليماني الموعود هو من ذرية أمير المؤمنين وسيد الموحدين (عليه السلام) وهذا ما نراه واضحاً من خلال جملة من الأحاديث والروايات الشريفة الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) .
فقد ورد في اليماني أنه: ( يماني قريشي وهو أمير الغضب )( الفتن لأبن حماد ج1 ص401 ، بحار الأنوار ج21 ص372).
وهذا ما أشار إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بقوله:
(يا معشر اليمن تقولون إن المنصور منكم، والذي نفسي بيده إنه لقرشي وأبوه ولو أشاء أن اسميه إلى اقصر جد هو له لفعلت )( الفتن لابن حماد ج1 ص382).
وجاء في ذكر الإمام المهدي (عليه السلام) عن سعيد بن المسيب قال: (المهدي حق هو، قال حق، قال قلت: فمن هو؟ قال: من قريش قلت: من أي قريش ؟ قال:من بني هاشم، قلت: من أي بني هاشم ؟ قال: من بني عبد المطلب، قلت من أي عبد المطلب؟ قال: من ولد فاطمة )( الفتن لأبن حماد ج1 ص382، السنن الواردة في الفتن ج5 ص1057).
وهناك طائفتان من الروايات التي تتحدث عن الإمام المهدي (عليه السلام).
فطائفة تذكره بلفظ ( من ولد علي ) وتثبت له الشبه بينه وبين عيسى (عليه السلام)، في حين إن طائفة أخرى تذكره بلفظ ( من ولد فاطمة ) وتعطي وصفاً يناقض الوصف الأول، وبعض يثبت له شبهاً بجده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما)، وهذا ما سوف نشير إليه في حديثنا عن صفة الداعي إن شاء الله تعالى.
وهذا مما يوقع الباحث أو القارئ في تناقض وحيرة، فهل المهدي من ولد فاطمة أم من ولد علي ( عليهما السلام ) وما هو السبب في ذكر هذين اللفظين
وللإجابة عن هذه الأسئلة تباعاً وغيرها من التساؤلات الأخرى التي تأتي فيما بعد، سيتضح لنا إن المهدي الذي تذكره الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) وتتكلم عنه، إنما هما مهديان وليس مهدياً واحداً كما يتصور البعض، وهذا ما يتضح لك أخي القارئ في الصفحات اللاحقة من هذا البحث.
ونأتي الآن إلى الطائفة الأولى من الروايات التي تذكر إن المهدي (عليه السلام) من ولد علي (عليه السلام)، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( خروج المهدي وهو رجل من ولد هذا وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام))( بحار الأنوار ج51 ص75، غيبة الطوسي ص 185).
وفي الرواية الثانية: (...إن القائم من ولد علي له غيبة كغيبة يوسف ورجعة كرجعة عيسى بن مريم...)( بحار الأنوار ج52 ص225، غيبة النعماني ص145).
أما الطائفة الثانية من الروايات التي تذكر إن المهدي من ولد فاطمة (عليها السلام) فقد ورد فيها عن أم سلمة قالت: ( سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يقول المهدي من عترتي من ولد فاطمة )( بحار الأنوار ج51 ص75، غيبة الطوسي ص185، السنن الواردة في الفتن ج5 ص1057).
كما ورد عن أحمد بن إدريس، عن ابن قتيبة، عن الفضل، عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان، عن المنهل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (المهدي رجل من ولد فاطمة )( بحار الأنوار ج 51 - ص 43).
وفي رواية عن جابر عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( المهدي من ولد فاطمة...)( بحار الأنوار ج51 ص43، غيبة الطوسي ص187).
وفي رواية أخرى عن أبن حمران عن كعب قال: ( المهدي من ولد فاطمة )( الفتن لأبن حماد ج1 ص374).
أما الروايات التي تثبت إن للمهدي (عليه السلام) شبه من عيسى بن مريم (عليه السلام) فسنذكر منها رواية واحدة وهي: ( إن القائم المهدي من نسل علي أشبه الناس بعيسى بن مريم...)( بحار الأنوار ج52 ص225 ، غيبة النعماني ص145).
أما الروايات التي تذكره بوصف آخر مناقض لما هو عليه في الطائفة الأولى من الروايات فنذكر منها ما ورد عن جابر الأنصاري عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( المهدي رجل من ولد فاطمة وهو رجل آدم )( بحار الأنوار ج51 ص43، غيبة الطوسي ص187).
وهذا يعني وجود مهديين أثنين أحدهما شبيه عيسى بن مريم (عليه السلام) والآخر شبيه موسى بن عمران (عليه السلام).
أما الروايات التي تذكره (عليه السلام) مرة بأنه من ولد علي وأخرى من ولد فاطمة فهي ما ورد في الحديث المروي عن معاذ بن جبل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال:
( إن الله خلقني وعلي وفاطمة والحسن والحسين من قبل أن يخلق الدنيا بسبعة ألاف عام قلت فأين كنتم يا رسول الله ؟ قال قدام العرش نسبح الله ونحمده ونقدسه ونمجده. قلت على أي مثال ؟ قال: أشباح نور، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يخلق صورنا صيرنا عمود نور ثم قذفنا في صلب آدم ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ولا يصيبنا نجس الشرك ولا سفاح الكفر يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون، فلما صيرنا في صلب عبد المطلب أخرج ذلك النور وشقه نصفين فجعل نصفه في عبد الله ونصفه في أبي طالب، ثم أخرج الذي لي إلى آمنة والنصف إلى فاطمة بنت أسد فأخرجتني آمنة وأخرجت فاطمة علياً، ثم أعاد الله عز وجل العمود إلي فخرجت مني فاطمة ثم أعاده عز وجل إلى علي فخرج منه الحسن والحسين يعني من النصفين جميعاً فما كان من نور علي فصار في ولد الحسن وما كان من نوري صار في ولد الحسين فهو ينتقل في الأئمة من ولده إلى يوم القيامة )( بحار الأنوار ج51 ص7).
وعليه فالمعبر عنه في الروايات (بابن فاطمة ) هو الإمام المهدي الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الآدم اللون وذلك لأن نور النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) الذي هو نور فاطمة ( عليها السلام ) انتقل إلى الإمام الحسين (عليه السلام).
أما المعبر عنه في الروايات بأنه ( من ولد علي ) وفي أخرى ( من ذريتي ) والذي يكون شبيه عيسى (عليه السلام) فهو اليماني الموعود، لأن نور الإمام علي (عليه السلام) أنتقل إلى الإمام الحسن (عليه السلام).
وهذا يعني إن الإمام المهدي (عليه السلام) ووزيره اليماني كلاهما ينتسبان إلى الإمام علي وإلى فاطمة الزهراء ( عليهما السلام)، وبالتالي فإنهما ينتسبان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعبر عن الأول بابن فاطمة لوجود نور الزهراء (عليها السلام ) الذي هو نور الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في صلب أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) وعبر عن الثاني ( من ولد علي ) لوجود نور الإمام علي (عليه السلام) في صلب أبيه الإمام الحسن (عليه السلام).
وعليه فإن الإمام المهدي (عليه السلام) وهو المهدي الأول هو من نسل الإمام الحسين (عليه السلام)، أما المهدي الثاني وهو اليماني الموعود فهو من نسل الإمام الحسن (عليه السلام)، وهذا ما نستشفه من عدة روايات منها ما ورد عن الطفيل عامر بن وائلة عن سلمان الفارسي في حديث طويل جاء في آخره:
( والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ومن ذريتهما المهدي يملأ الله عز وجل به الأرض عدلاً كما ملئت قبله جوراً )( فاطمة والمفضلات من النساء –عبد اللطيف البغدادي ص191).
وكذلك ما ورد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما):
:كاني بالحسني والحسيني قد قاداها فيسلمها الحسني للحسيني(بحار الأنوار ج52 ص330، غيبة الطوسي ص468، منتخب الأنوار ص191).
فمن الحسن والحسين ( عليهما السلام ) المهدي (عليه السلام) وهذا ما لا يمكن تطبيقه إلا إذا كان المقصود بالمهدي مهديان المهدي الحسيني وهو الإمام المهدي الحجة بن الحسن العسكري ( عليهما السلام ) والمهدي الحسني وهو وزير الإمام المهدي (عليه السلام).
ولرب سائل يسأل لماذا يكون الإمام المهدي (عليه السلام) حسيني ويكون السيد اليماني حسني فما الحكمة والعلة من ذلك