شبهة رواية زيد ابن علي حقيقة كون ان زيد اول من سمى الشيعة روافضرواية ضعيفة سخيفة يرويها المخالفون ، وهي التي وجدها في مقدّمة مسند زيد بن علي في الصفحة 46 ضمن فتوى مفتي مصر وشيخ الأزهر، ولو أنه تفحّص ما قبل ذلك، أعني الصفحة 11 لوجد أن كاتب المقدّمة ذكر مصادر هذه الرواية، وكلّها من رواية اهل سنة جماعة، فقد قال: ”وفي تاريخ اليافعي: لما خرج زيد أتته طائفة كبيرة قالوا له: تبرّأ من أبي بكر وعمر حتى نبايعك. فقال: لا أتبرأ منهما. فقالوا: إذن نرفضك. قال: اذهبوا فأنتم الرافضة، فمن ذلك الوقت سُمُّوا رافضة. وتبعته التي تولّت أبا بكر وعمر وسُمِّيَت الزيدية. ومثل هذا مع تطويل ذكره ابن الأثير في الجزء الثاني والحافظ ابن عساكر في حرف الزاي والذهبي في تهذيب التهذيب في الجزء الرابع في حرف الزاي“. (مسند زيد ص11).
ويبدو انكم توهّمتم أن هذه الرواية يرويها الزيدية لمجرّد أنه وجدها في مقدّمة طبعة مسند إمامه، والحال أنها من رواية البكرية ليس إلا، فاليافعي وابن الأثير والذهبي وابن عساكر كلهم بكريّون، ولم يروِ هذه الرواية زيدي، فما أدراكم أن هذه الرواية صحيحة وأن الحادثة حقيقية؟!
ولو أن هذه الحادثة كانت حقيقية لكان ينبغي أن يكون أوّل من يرويها هم أتباع زيد نفسه، فهم أقرب إليه من غيرهم على الفرض.
ويكفيك تكذيبا للحادثة؛ أن مختلِقها يزعم أن اسم (الرافضة) تكوّن منها ابتداءً، أي حينما قال زيد لرافضي إمامة أبي بكر وعمر لعنهما الله: ”اذهبوا فأنتم الرافضة“ حيث يقول الراوي الكذاب: ”فمن ذلك الوقت سُمُّوا رافضة“.
إلا أننا عندما نراجع مصادر التأريخ المتقدّمة على مصادر هذه الحادثة بمئات الأعوام، نجد أن الروايات تذكر أن اسم (الرافضة) كان متداولا قبل هذه الحادثة المزعومة بعشرات السنين! فقد كان نعتا لشيعة أمير المؤمنين علي صلوات الله وسلامه عليه.
ومن ذلك ما رواه ابن أعثم في فتوحه من رسالة معاوية بن أبي سفيان إلى عمرو بن العاص (لعنة الله عليهم) وقد جاء فيها: ”إن علي بن أبي طالب قد اجتمع إليه رافضة أهل الحجاز وأهل اليمن والبصرة والكوفة“. (الفتوح لابن أعثم ج2 ص382).
فكيف يُزعمون أن الشيعة سُمُّوا (الرافضة) بسبب ما جرى بين زيد وأهل الكوفة في ما بعد القرن الهجري الأول في حين أن معاوية قد سمّاهم بهذا الاسم في رسالته قبل أكثر من ثمانين عاما؟! ثم إن هذا المصدر (فتوح ابن أعثم) أقدم من المصادر التي ذكرت الحادثة المزعومة بين زيد وأهل الكوفة بمئات الأعوام!
إن هذا يثبت بطلان الحادثة المزعومة لسبق هذا الاسم والوصف على الشيعة، وهم - للعلم - يفخرون باسم (الرافضة) حيث دعاهم أئمتهم (صلوات الله عليهم) إلى ذلك كون هذا الاسم قد نحلهم الله إياه أصلا، فهم رافضة الظلم والظالمين.
هذا والشيعة يروون عن زيد بن علي حديثا يبيّن موقفه من أبي بكر وعمر (لعنهما الله) ضمن موقفه من (البترية) وهم جماعة من مدّعي التشيع خلطوا ولاية علي (صلوات الله عليه) بولاية أبي بكر وعمر. فقد روى الكشّي عن سُدير قال: ”دخلت على أبي جعفر (الباقر) عليه السلام معي سلمة بن كهيل وجماعة، وعند أبي جعفر عليه السلام أخوه زيد بن علي، فقالوا لأبي جعفر عليه السلام: نتولّى عليا وحسنا وحسينا ونتبرّأ من أعدائهم؟ قال: نعم. قالوا: نتولى أبا بكر وعمر ونتبرّأ من أعدائهم؟ قال: فالتفت إليهم زيد بن علي فقال لهم: أتتبرؤون من فاطمة؟! بترتم أمرنا بتركم الله! فيومئد سُمُّوا البترية“. (رجال الكشي ص236).
فلمَ لا يعتمد طالبين الحق والصدق على هذه الرواية التي يرويها أصحاب آل محمد (عليهم السلام) دون تلك التي يرويها أصحاب أبي بكر وعمر؟!
ولا أقلّ من أن موالاة زيد لأبي بكر وعمر لم تثبت، فتكون النتائج التي ذكرها الوهابية منتفية أصلا، لأنها مبنية على ما لم يثبت، فاللبيب يعلم بأن أتباع أبي بكر وعمر هم من أكذب خلق الله تعالى، ومثل هذه الروايات المختلقة ليست ببعيدة عنهم، فإنهم قد نسبوا في كتبهم إلى مثل الباقر والصادق (صلوات الله عليهما) بل إلى مثل أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) الترحّم والترضّي على أبي بكر وعمر! مع أن ذلك معلوم البطلان عند القاصي والداني وكل من لديه عقل ، وعليه فإن ما نسبوه إلى زيد بن علي لا يبعد أنه يجري هذا المجرى، حرصا منهم على تدعيم دينهم الباطل ومذهبهم الفاسد في موالاة الطغاة والمنافقين والمرتدّين