مهاجمة أبي بكر وعمر بيت فاطمة وعلي(عليهما السلام)
قال ابن قتيبة في الامامة والسياسة :1/18: « وإن أبا بكر تفقد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها، فقيل له يا أبا حفص إن فيها فاطمة ؟ فقال وإن، فخرجوا فبايعوا إلا علياً فإنه زعم أنه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن، فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضراً منكم! تركتم رسول الله (صلى الله عليه و آله)جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقاً !
فأتى عمر أبا بكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفد وهو مولى له: إذهب فادع لي علياً، قال فذهب إلى علي فقال له: ما حاجتك؟ فقال يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي: لسريع ما كذبتم على رسول الله ! فرجع فأبلغ الرسالة، قال: فبكى أبو بكر طويلا . فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة، فقال أبو بكر لقنفد: عد إليه فقل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع، فجاءه قنفد، فأدى ما أمر به، فرفع علي صوته فقال سبحان الله ؟ لقد ادعى ما ليس له، فرجع قنفد، فأبلغ الرسالة، فبكى أبو بكر طويلاً، ثم قام عمر فمشى معه جماعة، حتى أتوا باب فاطمة، فدقوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة، فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر، وبقي عمر ومعه قوم، فأخرجوا علياً، فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك، فقال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله، قال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسوله فلا، وأبو بكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك ؟ فقال: لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه، فلحق علي بقبر رسول الله (صلى الله عليه و آله)يصيح ويبكي وينادي: ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي».
الأسئلة:
س1: اعترف أبو بكر بأنه أمر بمهاجمة بيت علي وفاطمة(عليهما السلام) وتهديدهم بحرق البيت عليهم إن لم يبايعوه، ثم أعلن ندمه على ذلك قبيل موته !
فقد روى الطبري في تاريخه:2/619، عن أبي بكر قوله: «لا آسى على شئ من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت أنى تركتهن وثلاث تركتهن وددت أنى فعلتهن وثلاث وددت أنى سألت عنهن رسول الله.. فأما الثلاث اللاتي وددت أني تركتهن، فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شئ وإن كانوا غلقوه على حرب»
قال الخطيب التبريزي في الإكمال/21: «وأخرج ابن جرير الطبري والطبراني عن عبد الرحمن بن عوف.. والخبر صحيح . وقال الطرابلسي في فضائل الصحابة إنه حديث حسن، كذا في منتخب كنز العمال:2/172» ورواه الطبراني في الكبير:1/62 وأبو نعيم في حلية الأولياء:1/34، وأبو عبيد في الأموال:1/387، والضياء المقدسي في المختارة:1/88، وقد شرط في كتابه الصحة كما في تدريب الراوي للسيوطي:1/144،ونقل تحسينه عن سعيد بن منصور.
ومع ذلك كابر ابن تيمية وزعم أنه لايصح إسناده ولا متنه! قال في منهاج السنة:8/29 : «قال الرافضي: (يقصد العلامة الحلي (قدس سره) في منهاج الكرامة:1/181): الثامن: قوله في مرض موته:ليتني كنت تركت بيت فاطمة لم أكبسه، وليتني كنت في ظلة بني ساعدة ضربت على يد أحد الرجلين وكان هو الأمير وكنت الوزير ! وهذا يدل على إقدامه علي بيت فاطمة عند اجتماع أمير المؤمنين والزبير وغيرهما فيه !
والجواب: أن القدح لا يقبل حتى يثبت اللفظ بإسناد صحيح، ويكون دالاً دلالة ظاهرة على القدح، فإذا انتفت إحداهما انتفى القدح، فكيف إذا انتفى كل منهما، ونحن نعلم يقيناً أن أبا بكر لم يقدم على علي والزبير بشئ من الأذى، بل ولا على سعد بن عبادة المتخلف عن بيعته أولاً وآخراً، وغاية ما يقال إنه كبس البيت لينظر هل فيه شئ من مال الله الذي يقسمه وأن يعطيه لمستحقه ! ثم رأى أنه لو تركه لهم لجاز، فإنه يجوز أن يعطيهم من مال الفئ !
وأما إقدامه عليهم أنفسهم بأذى، فهذا ما وقع فيه قط باتفاق أهل العلم والدين، وإنما ينقل مثل هذا جهال الكذابين ويصدقه حمقى العالمين الذين يقولون إن الصحابة هدموا بيت فاطمة وضربوا بطنها حتى أسقطت، وهذا كله دعوى مختلق وإفك مفترى، باتفاق أهل الإسلام، ولا يروج إلا على من هو من جنس الأنعام » !
أقول: لاحظ أنه أنكر وثار، ولف ودار، وسب وشتم، وابتكر عذراً أقبح من ذنب فزعم أن أبا بكر وعمر هاجما بيت فاطمة(عليهما السلام) يبحثان عن أموال رسول الله(صلى الله عليه و آله) التي ربما خباها علي وفاطمة(عليهما السلام) ! ليعطوها الى مستحقيها ! فهل تقبلون هذا الهذيان ؟
س2: كيف تفسرون قول عمر وأبي بكر « فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك ؟ فقال: لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه » !
وهل تقبلون تفسيره بأن عمر أراد من أبي بكر أن يأمر بقتل علي(عليه السلام) ، فقال له لا أقتله مادامت فاطمة عنده ! وبما أن فاطمة(عليها السلام) كانت شابة ولم تكن مريضة، فمعناه: أقتلوا فاطمة أولاً، تمهيداً لقتل علي(عليهما السلام) !
س3: ألا ترون غرابة هذا الوضع الذي حدث مباشرة بعد وفاة النبي(صلى الله عليه و آله) كل الغرابة عن الإسلام الذي جاء به النبي(صلى الله عليه و آله) من احترام الإنسان وحقوقه وإدارة الأمور، وكشف عن قرار قريش المسبق برفض عترة النبي(صلى الله عليه و آله) وحتى كتابته لعهده، وغصب خلافته ومصادرة حريات المسلمين وإجبارهم على بيعة (خليفتها) والعودة الى جبروت القبيلة والملوك والطغاة ؟!
س4: ما هو الوجه الفقهي عندكم لمهاجمة بيت عترة النبي(صلى الله عليه و آله) ، وإجبارهم على البيعة ؟! وتهديدهم بالقتل إن لم يبايعوا ؟!