واشنطن تعرض صفقة كبرى على دمشق والأسد يرفض
النخيل-كشف خبراء إستراتيجيون أن واشنطن لن تعترف بسير سورية نحو الانتصار على الإرهاب والحملات الغربية والإقليمية التي تشنّ ضدها، قبل إجراء صفقة كبرى معها، ويجزم الخبراء بأن معركة المخاطر الإستراتيجية لإسقاط سورية فشلت، وإن كان هناك سباق بين الأعمال الإرهابية والتفجيرات وإعلان الرئيس الأسد عن النصر المؤزر من جهة ثانية.
ونقلت صحيفة "الثبات" في مقال نشرته أول أمس أن خبراء إستراتيجيين يؤكدون أن سورية تسير نحو حسم المعركة، التي قد لا تنتهي بين ليلة وضحاها، ولا في أسابيع، لأن دمشق في هذه المعركة مع حلفائها ترسي معادلة وتوازناً دولييْن جديديْن، فمعركة سورية الآن هي معركة آسيا الجديدة، وفيها تحدّد ملامح أوراسيا التي تحدث عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم تنصيبه.
ونقلت صحيفة "الثبات" عن الخبراء تحديدهم لملامح التسوية الكبرى، فيؤكدون أن عرضاً أميركياً قُدّم للرئيس الأسد لإعلان نصره يقوم على تسليمه الورقة اللبنانية بالكامل، مع قسم أساسي ورئيسي من ورقة العراق، مقابل ضمان أمن إسرائيل، لكن الرئيس الأسد، كما رفض إغراءات وتهديدات كولن باول عام 2003، رفض مجرد البحث في هذا الأمر، خصوصاً وأن حلف المقاومة والممانعة قويّ إلى درجة أنه استعمل بعض الأوراق في عز الأزمة السورية، فهزت أوصال حلف أعداء سورية ومنها:
- ضرب المفاصل الأساسية في المؤامرة على سورية.
- إجراء دمشق مناورات عسكرية وصاروخية أذهلت المراقبين.
- فرض الانسحاب الأميركي من العراق نهاية 2011.
- مناورات عسكرية إيرانية نوعية في مضيق هرمز، وأسر طهران لأحدث طائرات الاستطلاع الأميركية التي كانت تحوم في أفغانستان، وليس قرب إيران كما ذكر، والاطلاع على أسرارها، وبدء تصنيع مثيلات لها بخبرات إيرانية صرفة.
- جهوزية فائقة واستعداد المقاومة الإسلامية في لبنان، وإعلان السيد حسن نصرالله عن معادلات جديدة في أي معركة مع العدو الصهيوني.
وذكرت "الثبات" أن الوقائع والتطورات الميدانية والسياسية في سورية، تثبت اليأس الذي بات يتملك الحلف المعادي لدمشق، التي استطاعت أن تكسر الحلقات التآمرية، وسيطرتها على الجغرافيا السياسية، بفعل الحسم الذي مارسته في مناطق تواجد المجموعات الإرهابية المسلحة، كحال إدلب وحماة وحمص.
ومما يوضح هذا الحسم هو أن أعداء سورية حشدوا آلاف الإرهابيين المسلحين في هذه المنطقة، مزوّدين بأحدث التجهيزات القتالية، لكن أقل من 700 جندي سوري استطاعوا حسم المعركة وتطهير بابا عمرو، وهو ما جعل الخبراء العسكريين الإستراتيجيين يصفون معركة "بابا عمرو" بأنها فتح عسكري نموذجي ونوعي يسجَّل للجيش العربي السوري، وتجعل من هذه التجربة مادة تدرَّس في الأكاديميات والكليات العسكرية.. وكان لهذا النصر أثره في ارتفاع وتيرة الإجرام بحق الشعب السوري، من خلال استنفار أعداء سورية كل احتياطاتهم، وأبرزها استحضار عقيدة المجرم الأميركي جون نيغروبونتي، الذي يرتبط بعلاقات خاصة وصداقة قوية مع عرّاب تنظيم القاعدة بندر بن سلطان، ناهيك عن أحد أبرز مساعدي نيغروبونتي سابقاً؛ السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد، الذي كان المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية عن تشكيل "فرق موت" من أشخاص مرتبطين بتنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق، واليمن والشيشان، وتوظيفهم للقيام بعمليات ضد الجيش وقوات الأمن السورية.
ويقول الخبراء: إن استنفاراً شاملاً تقوده الولايات المتحدة باستحضار كل أدواتها دفعة واحدة في مواجهة سورية، بدءاً من الحشد الخليجي، إلى أدواتها في الأردن ولبنان، من مجموعات التطرف التكفيري، وعلى رأسها القاعدة، وتوريط السوريين بالفوضى والعنف، بالإضافة إلى عصابات ما يسمّى "الجيش الحر" والذين يحافظون على دورهم بمجاراة حراك المسلحين الآخرين، ويتصدرون الإعلام بلا وجود حقيقي، تضاف إلى ذلك شبكات المخابرات القطرية والسعودية والتركية، التي تموّل وتسلح، بعد يأس حكوماتها من أي دور في المستقبل السوري، وقناعتها بأن نهاية الأزمة في سورية، بداية التأزم في أوضاعهم.
وبرأي الخبراء الإستراتيجيين، فإن الأحداث التي تجري في الشمال، سواء لجهة استهداف الجيش اللبناني، أم دعم المخربين ضد سورية، وتوفير الملاذ الآمن للمجموعات الإرهابية المسلحة، من دون أن ننسى ما يحضَّر لعرسال في البقاع الشمالي، يراد منه نوعاً من المحاصرة للمقاومة جنوباً من خلال العدو الصهيوني، وشمالاً من خلال ما يجري على ساحة طرابلس.
وفي سياق متصل تؤكد الصحيفة اللبنانية أنه بعد إفشال "عرب أميركا" مهمة بعثة المراقبين العرب، ثمة توقعات كثيرة بأن ينهوا، بالتعاون مع الأميركي والغرب، وبتواطؤ مفضوح مع صاحب المبادرة الأممية كوفي أنان، مهمة المراقبين الدوليين الذين يتلمسون مباشرة الأعمال الإجرامية للعصابات المسلحة، خصوصاً وأن أنان يولي اهتماماً كبيراً بقضية دفع وتمويل قطري لتوحيد المعارضات السورية ضد دمشق، وكان لافتاً تركيز ناصر القدوة؛ نائب أنان، على اجتماعات إعادة هيكلة "مجلس اسطنبول"، مما يُعتبر ابتعاداً عن خطة أنان ذاتها!!.
وبرأي المراقبين فإن المعركة الآن هي معركة فاصلة سيطرح فيها مصير بقاء الأُسر الحاكمة في الخليج، خصوصاً في السعودية وقطر، وبالتالي فإن السعودي والقطري يخوضون الآن معركة بقائهم واستمرارهم، على أن الخطير في الأمر هو التخطيط لجعل الأردن ولبنان وطنيْن افتراضييْن لهما.. ومن هنا يلفت المتابعون الإستراتيجيون إلى تصاعد وتيرة تملّك حكام الخليج في لبنان في السنوات الأخيرة، كما يوضع التصعيد المشبوه بتوقيته في الشمال، وفي طرابلس على وجه التحديد، مع ما يترافق ذلك من حملة ضد الجيش اللبناني، بالتزامن مع تجفيف تمويله ودعمه، والذي تلعب دوراً بارزاً فيه مراجع كبيرة؟!!
النخيل