هل سينقذ النفط حكام الخليج من السقوط ؟
من بلد نزل فيه الوحي والقران , فيه كعبة المسلمين , بلد علقت فيه المعلقات الشعرية على جدران الكعبة , تبارى فيه الشعراء وأقاموا مهرجانات للشعر والخطابة, بلد أهدى البشرية دين الإسلام الحنيف , وأهدى العرب الفصاحة ومدارس اللغة ,بلد سوق عكاظ حيث تفاخرت القبائل بالشعر والشعراء والنحو والبلاغة.
بلد لا يملك زراعة ولا صناعة ,ولا يملك غير تاريخ الإسلام واللغة العربية وآدابها وشعرها في تاريخيه القديم , من هذا البلد يخرج بين آونة وأخرى, ملك يحكم بلد الوحي والفصاحة , لكنه يلقي خطبه بلغة لاهي عربية فصحى ولاهي باللهجة البدوية .لا يستطيع ان يكمل جملة مفيدة من مبتدأ وخبر دون أخطاء نحوية , متعثر في الإلقاء . لا ادري لماذا اربط بين الملك عبد الله وهو يقرأ خطبه , وبين المرحوم سليم البصري (الحاج راضي), وهو يقرأ الرسالة في تمثيلية تحت موس , يبدو ان كلاهما يجيد القراءة باللغة الهندية !.
عبوسي كان ينقذ الموقف ويترجم لنا ما يريد قوله أستاذه الحاج راضي , في السعودية لا احد يترجم لنا خطابات طويل العمر(أبو متعب) !.
لا ادري لماذا يصير على الظهور وهو بهذه الحالة التي لا تليق بحاكم ؟.
فوق كل هذا نراه يتدخل في قرارات بلدان قريبة وبعيدة منه , ربما بسبب ما يملكه من أموال وثروات نفطية. الأغرب من كل هذا ان مستوى تفكيره وطريقة ممارسته لسلطاته ما زالت تتم وفق صيغ القرون الوسطى . مثلما يحكم الحاكم بأمره في تلك العصور يوزع على الرعية الأموال والطعام , ولسان حاله يقول: هذا النزرالقليل لكم والباقي لي!
لم يدرك حركة التاريخ وصيرورته بعد . يدرك ان حملته ورفاقه من قادة التخلف في مجلس التعاون في رشوة شعوبهم لا تجدي نفعا , ولا توقف مطالب المواطنين بالحرية , وممارسة العمل السياسي , والاشتراك في القرار , ومحاسبة الأسر الحاكمة عن حق الشعب في ثرواته المسروقة .
لماذا لا يريدوا ان يدركوا ان شعوبهم تتطلع إلى العيش بكرامة و حرية ؟.
شعوب الخليج , تريد العيش كبشر يعيش في هذا القرن , لا يقمعون بفتاوى وعاظ السلاطين , ولا يخافون لحى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !.
الخليجيون يؤثرون ويتأثرون بمن حولهم , ليسوا قطيع أبقار , أو خراف , ليقرر راعي القطيع ومن معه من الحاشية زيادة نسبة أعلافهم .يريدون استغفالهم برشا و بعطايا لا تنفع مع الحر الكريم في شيء , لأنها لا ترد له حريته وكرامته .
في خطابه الأخيرة الذي وزع فيه الرشاوى على المواطنين .أشاد بدور رجال الدين ورجال الأمن ودورهم بالتصدي لما سماه (الفتن) . مشكلة كل الطغاة إنهم لا يتعظون من دروس التاريخ , ولا يربطون بين مصير طاغية تهاوى وآخر ينتظر . يدرك ان كل محاولاته , وإعلامه المضلل , واستثمار علاقاته بالقادة الغربيين باءت بالفشل في الحفاظ على نظام زميليه وصديقيه المقربين حسني مبارك وابن على , وستفشل محاولات إنقاذ خادمه المطيع حاكم اليمن. حسني وبن علي كانوا مثل طويل العمر يملكون مؤسسة دينية مؤثرة , ما زلنا نتذكر خطب شيخ الأزهر والبابا شنودة المساندة لمبارك , كل هذه الخطب والتوصيات لم تمنع الثوار من الاستمرار في ثورتهم التي إطاحة في مبارك ونظامه . ابن علي سخر رجال دين يفتون بحرمة الخروج على الحاكم المسلم وان جار , لكن ثوار تونس وضعوا تلك الفتاوى المشبوهة وراء ظهورهم .
كان مبارك وبن علي يملكان مؤسسة أمنية , أكثر عددا , وعتادا , وخبرة , وقمع اشد فتكا من مؤسسة طويل العمر(أبو متعب ) وجماعته , لكنهم ذهبوا إلى مزابل التاريخ.
من يمسك في سلطات دول الخليج حاليا هو النفط , وتأثيره في السياسة الدولية , والمال وتأثيراته في العلاقات مع الشركات والشخصيات المؤثرة في السياسة الدولية .
هذه المزايا وغيرها الكثير , لم تمنع نظام صدام من السقوط , على الرغم من ان صدام عرض قبل سقوطه بأيام , عرضا جاء على لسان طه الجزراوي قال فيه: (ان حكومة مستعدة لان تحافظ على مصالح أمريكا في العراق والمنطقة, ومنها النفط , ومستعدة للتصدي ومواجهة إيران) .لم ينفع القذافي نفطه وأمواله , التي وهبها للغرب بسخاء من اجل إطالة أمد حكمه . قال القذافي (لقد تعرضت للخيانة), وقبله قال صدام حينما ابتدأت عمليات حرب تحرير الكويت(لقد غدر الغادرون) .
هل يتعظ الطواغيت العرب من مصير صدام ومبارك وابن علي والقذافي؟.
لقد تنكر للقذافي كل من حوله من القادة الغربيين , الذين شاركوه في استثماراته بأموال الشعب الليبي المسروقة .
جميع محاولات(ابو متعب) , في الحفاظ على كرسيه , أو كرسي من يحميهم الآن ستبوء بالفشل , لان تسونامي الشعوب العربية الثائرة أقوى من دسائس الحكام الطغاة وعلاقاتهم. حكام الخليج دخلوا على أجندة التغيير , ما هي إلا فترة يتوفر فيها بديل عن النفط الخليجي, سواء ان كان من حقول العراق , أو ليبيا بعد تحريرها من سلطة المجنون وتطوير حقولها بعدها ستتم إطاحة أنظمة الحكم في دول الخليج وستغادر معهم مؤسساتهم الدينية والأمنية .
أمريكا تتذكر جيدا ولن تنسى دماء من قتلوا في (غزوات) 11سبتمبر 2001, ولن تنسى سقوط أبراجها التجارية وهيبتها , هي تعرف جيدا إلى أي بلد ينتمي المنفذون ,ومن يمد تنظيم القاعدة بالمال والرجال
لا يمكن للشعوب ان تقبل رغيف الخبز المدهون بذل الرشاوى بديلا عن الديمقراطية
بقلم: حسن الخفاجي
المصدر موقع شبابيك